اسمه ومولده:
هو الشيخ الإمام أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، ولد بمدينة جرجان وهي مدينة مشهورة بين طبرستان وخراسان وإليها ينسب. ولا تُعْلَم سنة ولادته تحديدًا إلا أنه يترجح مولده في أواخر القرن الرابع أو أوائل القرن الخامس الهجري.
شيوخه:
1- أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الوارث الفارسي النحوي بن أخت أبي علي الفارسي (ت: 421هـ). درس عليه كتاب «الإيضاح» لأبي علي الفارسي.
2- القاضي علي بن عبد العزيز بن الحسن بن علي الجرجاني. (ت: 392هـ) قاضي القضاة بالري وقد ذكر ياقوت تلمذة عبد القاهر عليه وأنه كان يفتخر بالانتماء إليه ويشمخ بذلك، غير أن بعض المؤرخين يشككون في ذلك لاعتبارات زمنية ترجح عدم إمكان ذلك.
تلاميذه:
1- أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد بن الخطيب التبريزي (ت: 502هـ).
2- علي بن محمد بن علي الفصيحي (ت: 516هـ).
3- أبو نصر أحمد بن إبراهيم بن محمد الشجري (ت: 490هـ).
4- أحمد بن عبد الله المهاباذي الضرير (ت: 500هـ).
5- أبو عامر الفضل بن إسماعيل التميمي الجرجاني (ت: 467هـ). وفيه يقول
عبد القاهر:
قولا لواحد عصره | فيما يدق من الصفات |
ظرفُ ولطف شمائل | وتبيُّن للمشكلات |
هل تستطيع إذا ذهبت | بلطف سحرك في الجهات |
ألا أكون وحق فضلك | حين تلعب في الكرات |
صفاته ومكانته:
كان عبد القاهر - رحمه الله- من أكابر النحويين والبلاغيين، وقد تصدر بجرجان وذاع صيته وشدت إليه الرحال وقصده الطلاب يقرؤون عليه ويأخذون عنه وظل مقيمًا في بلدته يفيد الراحلين إليه والوافدين عليه، وكان إلى جانب علمه عظيم الخُلق ورعًا تقيًّا، ويروى أنه دخل عليه لص وهو في صلاته فأخذ جميع ما في البيت وهو ينظر إليه ولم يقطع صلاته، وكان شافعي المذهب أشعري العقيدة، قال عنه الباخرزي -وهو معاصر له- «وقد اتفقت على إمامته الألسنة وتجملت بمكانه وزمانه الأزمنة والأمكنة، وأثنى عليه طيب العناصر وثنيت به عقود الخناصر فهو فرد في علمه الغزير، بل هو العلم الفرد في الأئمة المشاهير. وقد أفادني الشيخ أبو عامر -وهو قد لقي عبد القاهر- مما ألقاه بحر الفضل على لسانه ما نطق لسان الدهر باستحسانه، وليس فيما فاتني من كريم مشاهدته واشتيار لذيذ الشهد من مذاكرته أيام أسعدتني الأيام منه بدنو الدار ولف أطناب الخيمتين قرب الجوار؛ إلا كمن ودع الماء والخضرة وتدرع الشعثة والغبرة وواصل الغربة وفارق الوطن ».
وكان له شعر حسن، ومن شعره:
خلع الناس إهابًا | وتبدوا في إهاب |
وأرى نفس تأبى | غير ما كان ثيابي |
ليس بالإقبال ما نيل | بتقبيل الكلاب |
إن باغي الربح والخسران | في باب وباب |
تاجر غير بصير | بمقادير الحساب |
ومنه:
لا تأمن النفثة من شاعر | مادام حيًّا سالما ناطقا |
فإن من يمدحكم كاذبا | يحسن أن يهجوكم صادقا |
مؤلفاته:
1- دلائل الإعجاز. طبع بعناية الشيخ محمد عبده بمطبعة المنار بالقاهرة سنة 1321هـ ثم تكرر طبعه بعد ذلك مرارًا ومن أرقى طبعاته نسخة الشيخ محمود شاكر -رحمه الله- وكان مقررًا على طلاب الجامع الأزهر.
2- أسرار البلاغة. طبع بعناية الشيخ محمد عبده بمطبعة المنار بالقاهرة سنة 1320هـ ثم تكرر طبعه بعد ذلك مرارًا، ومن أصح طبعاته نسخة الشيخ محمود شاكر -رحمه الله- وكان مقررًا على طلاب الجامع الأزهر.
والكتابان من أعظم ما كتب في البلاغة، ولو لم يكن لعبد القاهر سوى هذين الكتابين لكفاه شرفًا وفخرًا. وكان للإمام الشيخ محمد عبده فضل السبق إلى العناية بهما وتدريسهما في الأزهر، وكان الأزهر هو أول معهد علمي ديني يدرس فيه هذان الكتابان، ثم أصبحا يدرسان في غيره من معاهد العلم بعد ذلك، ولا يزال تدريسهما قائمًا إلى اليوم على طلاب الدراسات العليا بكليات اللغة العربية. وقد وجد الباحثون فيهما أصول أحدث النظريات النقدية الحديثة.
3- الرسالة الشافية: وهي في إعجاز القرآن. وقد طبعت ضمن كتاب «ثلاث رسائل في إعجاز القرآن» بتحقيق: الدكتورين محمد زغلول سلام ومحمد خلف الله أحمد في دار المعارف بالقاهرة، كما طبعت في نهاية كتاب «دلائل الإعجاز» من نسخة الشيخ محمود شاكر بمكتبة الخانجي بالقاهرة.
4- إعجاز القرآن. أو المعتضد وهو شرح كبير لكتاب الشيخ الواسطي (ت: 306هـ) في إعجاز القرآن. وهو مفقود.
5- كتاب شرح الفاتحة. وهو مفقود.
6- الإيجاز مختصر الإيضاح لأبي علي الفارسي.
7- المغني شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي. وهو في نحو ثلاثين مجلدًا. وهو مفقود.
8- المقتصد شرح الإيضاح. وهو مختصر من كتابه المغني. وقد أتمه عبد القاهر في شهر رمضان سنة 454هـ وقرأه عليه كاملا قراءة ضبط وتدقيق الشيخ الشجري. وقد طبع الجزء الخاص بالنحو من الكتاب ببغداد بتحقيق كاظم بحر المرجان.
9- التكملة أو التتمة. ومنه نسخة في المتحف البريطاني.
10- العوامل المائة. كتاب مختصر متداول. وقد طبع طبعات عديدة وله مخطوطات كثيرة وعليه عدة شروح كما نظمه بعض النحاة.
11- الجمل. وهو شرح للعوامل، وقد يُسمَّى أيضًا بالجرجانية. وقد طبع عدة مرات بدأت في ليدن 1617م ثم كلكتا 1803م ثم ببولاق 1247هـ ثم تكرر طبعه بعد ذلك وطبع بتحقيق: علي حيدر بدمشق 1392هـ، وله مخطوطات كثيرة، كما شرح عدة شروح.
12- شرح الجمل (للمصنف نفسه). وقد حقق في رسالة علمية.
13- المفتاح في الصرف. وقد طبع بتحقيق: الدكتور علي توفيق الحمد بمؤسسة الرسالة ببيروت عام 1407هـ.
14- قصيدة في بيان العروض. طبعت ببغداد بتحقيق: الشيخ محمد حسن آل ياسين سنة 1379هـ = 1960م في ذيل كتاب «الإقناع في العروض وتخريج القوافي» للصاحب بن عباد.
15- المختار من دواوين المتنبي والبحتري وأبي تمام. وقد عثر عليه الشيخ عبد العزيز الميمني الراجكوتي في أحد الخزائن الخاصة وقام بتحقيقه وطبعه في مجموعة «الطرائف الأدبية» بلجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة 1937م.
وفاته:
توفي - رحمه الله - بجرجان سنة 471هـ أو 474هـ الموافق 1078م أو 1082م. رحمه الله رحمة واسعة جزاء خدمته للقرآن والعلم، وأسكنه فسيح الجنات.
مصادر الترجمة:
1- فوات الوفيات (1/612، 613).
2- إنباه الرواة (2/188، 189).
3- طبقات الشافعية للسبكي (5/150).
4- دمية القصر (2/12- 14).
5- طبقات الشافعية للإسنوي (2/492).
6- بغية الوعاة (2/106).
7- النجوم الزاهرة (5/108).
8-كتاب شرح الجمل في النحو لعبد القاهر تحقيق ودراسة - رسالة ماجستير، إعداد: خديجة محمد حسين بجامعة أم القرى (1408هـ).