13 سبتمبر 2017 م

«سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ»

«سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ»

جاء عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ أنه قال: «سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ». أخرجه الطبراني، والحاكم في "مستدركه"، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصَّحابة"، والبيهقي في "دلائل النبوة".
أما عن سبب الحديث الشريف؛ فقد ورد في "دلائل النبوة" للإمام البيهقي (3/ 482) عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ : خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ وَقُرَيْشٌ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، مَعَهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَاسْتَمَدُّوا عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، فَأَقْبَلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَبَنُو أَبِي الْحُقَيْقِ كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، سَعَى فِي غَطَفَانَ وَحَضَّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ عَلَى أَنَّ لَهُمْ نِصْفَ ثَمَرِ خَيْبَرَ، فَزَعَمُوا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عَوْفٍ أَخَا بَنِي مُرَّةَ، قَالَ لِعُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ وَغَطَفَانَ: يَا قَوْمِ أَطِيعُونِي وَدَعُوا قِتَالَ هَذَا الرَّجُلِ، وَخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ مِنَ الْعَرَبِ، فَغَلَبَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ وَقَطَعَ أَعْنَاقَهُمُ الطَّمَعُ، فَانْقَادُوا لأَمْرِ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، وَكَتَبُوا إِلَى حُلَفَائِهِمْ مِنْ أَسَدٍ، فَأَقْبَلَ طُلَيْحَةُ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَهُمَا حَلِيفَانِ: أَسَدٌ وَغَطَفَانُ، وَكَتَبَتْ قُرَيْشٌ إِلَى رِجَالٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَشْرَافٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ، فَأَقْبَلَ أَبُو الأَعْوَرِ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مَدَدًا لِقُرَيْشٍ ، فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي آخِرِ السَّنَتَيْنِ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَأَبُو الأَعْوَرِ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ، فَهُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللهُ الأَحْزَابَ، فَلَمَّا بَلَغَ خُرُوجُهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ أَخَذَ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَخَرَجَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَدَهُ فِي الْعَمَلِ مَعَهُمْ، فَعَمِلُوا مُسْتَعْجِلِينَ يُبَادِرُونَ قُدُومَ الْعَدُوِّ، وَرَأَى الْمُسْلِمُونَ إِنَّمَا بَطَشَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ مَعَهُمْ فِي الْعَمَلِ لِيَكُونَ أَجَدَّ لَهُمْ وَأَقْوَى لَهُمْ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَضْحَكُ مِنْ صَاحِبِهِ إِذَا رَأَى مِنْهُ فَتْرَةً، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «لا يَغْضَبِ الْيَوْمَ أَحَدٌ مِنْ شَيْءٍ ارْتُجِزَ بِهِ مَا لَمْ يَقُلْ قَوْلَ كَعْبٍ أَوْ حَسَّانَ، فَإِنَّهُمَا يَجِدَانِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا كَثِيرًا»، وَنَهَاهُمَا أَنْ يَقُولا شَيْئًا يُحْفِظَانِ بِهِ أَحَدًا، فَذَكَرُوا أَنَّهُ عَرَضَ لَهُمْ حَجَرٌ فِي مَحْفَرِهِمْ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ مِعْوَلًا مِنْ أَحَدِهِمْ فَضَرَبَهُ بِهِ ثَلاثًا، فَكُسِرَ الْحَجَرُ فِي الثَّالِثَةِ، فَزَعَمُوا أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ رضي الله عنه أَبْصَرَ عِنْدَ كُلِّ ضَرْبَةٍ بُرْقَةً ذَهَبَتْ فِي ثَلاثِ وُجُوهٍ، كُلَّ مَرَّةٍ يُتْبِعُهَا سَلْمَانُ بَصَرَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ سَلْمَانُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَهَيْئَةِ الْبَرْقِ، أَوْ مَوْجِ الْمَاءِ، عَنْ ضَرْبَةٍ ضَرَبْتَهَا يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَتْ إِحْدَاهُنَّ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالأُخْرَى نَحْوَ الشَّامِ، وَالأُخْرَى نَحْوَ الْيَمَنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «وَقَدْ رَأَيْتَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «فَإِنَّهُ أُبِيضَ لِي فِي إِحْدَاهنَّ مَدَائِنُ كِسْرَى وَمَدَائِنُ مِنْ تِلْكَ الْبِلادِ، وَفِي الأُخْرَى مَدِينَةُ الرُّومِ وَالشَّامِ، وَفِي الأُخْرَى مَدِينَةُ الْيَمَنِ وَقُصُورُهَا، وَالَّذِي رَأَيْتَ النَّصْرُ يَبْلُغُهُنَّ إِنْ شَاءَ اللهُ»، وَكَانَ سَلْمَانُ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ.
قَالَ: وَكَانَ سَلْمَانُ رَجُلًا قَوِيًّا، فَلَمَّا وَكَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ بِكُلِّ جَانِبٍ مِنَ الْخَنْدَقِ، قَالَ الْمُهَاجِرُونَ: يَا سَلْمَانُ، احْفُرْ مَعَنَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: لا أَحَدَ أَحَقُّ بِهِ مِنَّا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «إِنَّمَا سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ».
فهنا في هذا الحديث -كما جاء في آخره- فتوحات حصلت لسيدنا سلمان رضي الله عنه، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصدقها، ثم تأويله صلى الله عليه وآله وسلم لتلك المشاهد التي رآها يقظةً سيدُنا سلمان رضي الله عنه.
وينتهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تلك الجملة الموجزةِ الحِكمة التي تضع الأمورَ في نصابِها، وترجع الأمور إلى أصولها، وتسكن سيدنا سلمان رضي الله عنه في المكانة اللَّائقة به، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ».
وهذه سيرةٌ ذاتيَّةٌ سريعةٌ عن سيدنا سلمان رضي الله عنه قد يعلمها الكثير من القرَّاء، لكنها لا تخلو من زيادة فوائد؛ فلْنقرأها.
قال العلَّامة الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (9/ 283): [سلمان الفارسي أبو عبد الله: انتسب إلى الإسلام، فقال: سلمان بن الإسلام، سابق أهل فارس وأصبهان إلى الإسلام، وقيل: كان اسمه قبل الإسلام مابه بن بودخشان بن مورسلان بن بهبوذان بن فيروز بن شهرك، من ولد آب الملك.
وكان مجوسيًّا قاطن النار، أسلم مقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، وقيل: أسلم بمكة قبل الهجرة، وهو وهم من بعض الرواة، ومنعه الرِّقُّ عن بدر وأحد، ثم أعتق عن كتابة، وشهد الخندق فما بعده من المشاهد، كان من أصبهان من قرية جي، وقيل: من رامهرمزا.
اختلف فيه المهاجرون والأنصار يوم الخندق في حفره، وهو الذي دلهم على هذه المكيدة فقال المهاجرون: هو منا، وقالت الأنصار: هو منا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا، بَلْ سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ».
وكان أحد النجباء والرفقاء، وهو أحد من اشتاقت الجنة إليه، وأدرك العلم الأول والآخر، وقرأ الكتاب الأول والآخر.
آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي الدرداء، فقدم الشام زائرًا له.
ولَّاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدائن وكان من المعمِّرين، أدرك وصي عيسى ابن مريم عليه السلام -وهو شمعون الصفا- وعاش ثلاثمائة وخمسين سنة، وقيل: مائتين وخمسين سنة، وهو الصحيح.
كان يأكل من عمل يديه، ويتصدق بعطائه.
توفي في خلافة عثمان، وقيل: سنة ست وثلاثين قبل وقعة الجمل.
حدَّث عنه أبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وابن عباس، وأنس بن مالك، رضي الله عنهم] اهـ.
رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
 

عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ -


عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ.


جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابيّ فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، مه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزرموه دعوه»، فتركوه حتّى بال، ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: «إنّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنّما هي لذكر الله- عز وجل- والصّلاة وقراءة القرآن» ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأمر رجلا من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه (أخرجه مسلم).


تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، لقد تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا عن الفتن، حفظ من حفظ ونسي من نسي


عن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي - رضي الله عنه - قال: بَيْنَا أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ!


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 أبريل 2025 م
الفجر
4 :4
الشروق
5 :34
الظهر
11 : 56
العصر
3:30
المغرب
6 : 19
العشاء
7 :39