11 سبتمبر 2017 م

"جماع صفاته المعنوية" "سيرة النبي ﷺ في بيته ومع أصحابه ومع جلسائه"

"جماع صفاته المعنوية" "سيرة النبي ﷺ في بيته ومع أصحابه ومع جلسائه"

- مدخلُ رسول الله ﷺ -سيرتُه في بيته-:

يقول الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما: "سألت أبي عن مدخل رسول الله عليه الصلاة والسلام -سيرته في بيته-"؟ فقال: "كان دخوله عليه الصلاة والسلام لنفسه مأذونٌ له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزَّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله عز وجل، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم قسَّم جُزأَه بينه وبين الناس فيرُدّ بالخاصة على العامة، ولا يدّخر عنهم شيئًا.

فكان من سيرته في جزءِ الأُمَّةِ إيثار أهل الفضل بإذنه، وقَسَّمه على قدر فضلهم في الدين؛ فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج؛ فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمَّة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول عليه الصلاة والسلام : «ليبلِّغ الشاهدُ منكم الغائب، وأبلغونا حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سُلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبَّتَ اللهُ قدميه يوم القيامة»، لا يُذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبلُ من أحد غيره، يدخلون عليه رُوادًا، ولا يفترقون إلا عن ذواقٍ، ويخرجون أدلةً -يعني فقهاء-" رواه الترمذي.

- مَخرجُ رسول الله عليه الصلاة والسلام "سيرته مع أصحابه":

ويقول الإمام الحسين بن عليٍّ رضي الله عنهما: "سألت أبي عن مَخرجه عليه الصلاة والسلام كيف كان يصنعُ فيه"؟ فقال: "كان رَسُولُ الله عليه الصلاة والسلام يخزُنُ لسانَه إلا مما يعنيهم، ويؤلّفهم ولا يُنَفّرهم -وفي رواية: ولا يُفرقهم- ويكرم كَريمَ كل قوم ويولّيه عليهم، ويحذَرُ الناس ويحترسُ منهم من غير أن يطوى عن أحدٍ منهم بِشرَه ولا خُلُقَه، يتفقد أصحابه ويسأل النَّاس عما في النَّاس ويقويه ويقبِحُ القبيح ويوهيه (أي يضعفه)، معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يَمَلّوا -وفي رواية: أو يَميلُوا-".

لكلّ حال عنده عتاد، لا يقصِّر في الحق ولا يجاوزه الذين يلونهُ من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة".

- مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام وسيرته مع جلسائه:

ويقول الإمام الحسين بن علي رضى الله عنهما: "سألت أبي عن مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام كيف كان يصنع فيه؟" فقال: "كان رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يجلس ولا يقوم إلّا على ذِكْرٍ.

ولا يوطنُ الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيثُ ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك.

يعطي كل جلسائه نصيبه، لا يحسبُ جليسهُ أن أحدًا أكرم عليه منه، مَن جالسه أو فاوضه في حاجةٍ صَابَرَهُ حتى يكون هو المنصرف، ومن سأله حاجة لم يردّهُ إلا بها أو بميسور من القول.

قد وسع الناس منه بسطه وخلقه، فصار لهم أبًا، وصاروا عِنْدَهُ في الحق سواء.

مجلسُه مجلس حِلْم وحياء وصبر وأمانة، لا تُرفع فيه الأصوات ولا تؤبنُ فيه الحُرَم، ولا تُثنى فلتاته.

متعادلين، يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذَا الحاجة، ويرحمون الغريب -أو: يحفظون الغريب-".

- وسألته عن سيرته في جلسائه؟

فقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دائم البشر، سهل الخُلق، لين الجانب، ليس بفظٍّ، ولا غليظٍ، ولا سخَّابٍ، ولا فحَّاشٍ، ولا عيَّابٍ، ولا مشاح.

يتغافل عما لا يشتهيه ولا يؤيس منه راجيه ولا يجيب فيه، قد ترك نفسه من ثلاثة: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه.

وترك الناس من ثلاثة: كان لا يذم أحدًا، ولا يعيره، ولا يطلب عورته.

لا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم.

يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونه، ويقول: «إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْفِدُوهُ».

ولا يقبل الثناء إلا عن مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه، فيقطعه بنهي أو قيام".

- قال: فسألته كيف كان سكوته؟

فقال: "كان سكوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الحِلْم، والحذر، والتدبر، والتفكر.

فأما تدبره: ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس.

وأما تفكره: ففيما يبقى ويفنى.

وجمع له الحِلْم، في الصبر، وكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه.

وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالخير ليُقتدى به، وتركه القبيح ليُنتهى عنه، واجتهاده الرأي فيما يصلح أمَّته، والقيام بهم، والقيام فيما جمع لهم الدنيا والآخرة".

فاللهم صلّ وسلم وَبَارِكْ عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصادر

- "الشمائل" للترمذي.

- "شعب الإيمان" للبيهقي.

- "المعجم الكبير" للطبراني.

 

هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. كان جدُّه عبد المطلب بن هاشم سيدَ قريش، وأوسم الناس وأجملهم وأعظمهم، وكان يطعم الناس، وحَفَرَ بئرَ زمزم، وتولَّى سقاية ورفادة الحجاج، وله الموقف المشهور مع أبرهة حين أتى يهدم الكعبة، فطلب منه أن يرد عليه مائتي بعير كان قد أخذها منه في حملته للهدم، فتعجب أبرهة من طلبه، وقال له: "أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمني فيه!" قال له عبد المطلب: "إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربًّا سيمنعه".


اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتغل برعاية الغنم في مقتبل عمره الشريف، ولقد كان في هذا الأمر آثار زكية اعتنى العلماء ببيانها، تعرفًا للحكمة الكامنة وراء هذا التأهيل الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، القائل: «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم» فقال أصحابه: "وأنت؟" فقال: «نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» رواه البخاري.


للمسلمين عناية خاصة بسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم العطرة عبر تاريخهم الطويل بدءًا من اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بتسجيل أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم


كانت الإنسانية قبل مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالة من التيه والتخبط؛ فعند التأمل تجد العالم في هذه الأثناء ممزقة أوصاله متفرقة أواصره، ولتزداد الصورة وضوحًا سنلقي شيئًا من الضوء على أحوال الأمم إذ ذاك.


الجزيرة العربية جزء هام من العالم له تميز خاص بسبب موقعه الجغرافي وتاريخه الديني، ولم تكن الجزيرة بمنأًى عن التأثر بالحالة العامة التي يعيشها العالم هذه الأثناء فهي سياسيًّا قبائل متفرقة تعاني التناحر والاقتتال غالب الوقت بسبب العصبية والحرص على الزعامة ولا أشهر من حرب داعس والغبراء والبسوس دليلًا على ذلك.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 أبريل 2025 م
الفجر
4 :4
الشروق
5 :34
الظهر
11 : 56
العصر
3:30
المغرب
6 : 19
العشاء
7 :39