مولده وشيوخه:
هو الشيخ الإمام العالم العلامة الهمام شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي القاهري الفقيه المفسر المتكلم، النحوي، ولد في شربين بمحافظة الدقهلية وإليها ينسب ثم انتقل إلى القاهرة واستوطنها حتى توفي.
أخذ - رحمه الله - عن الشيخ أحمد البرلسي الملقب بالشيخ عميرة، والشيخ نور الدين المحلي، والشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ جمال الدين السناني، والشيخ نور الدين الطهواني، وشمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن خليل النشلي الكردي، وبدر الدين المشهدي، والشيخ شهاب الدين الرملي، والشيخ ناصر الدين الطبلاوي وغيرهم، فتبحر في العلوم على أيديهم وأجازوه بالإفتاء والتدريس، فدرَّس وأفتى في حياة أشياخه، وانتفع به خلائق لا يحصون.
صفاته ومناقبه:
كان - رحمه الله - ممن أجمع أهل مصر على صلاحه وعلمه وعمله وزهده وورعه، مع كثرة النُّسكِ والعبادةِ، كثير التواضع، شديد الحياء.
وكان من عادته - رحمه الله - أن يعتكف من أول رمضان فلا يخرج من الجامع إلا بعد صلاة العيد.
وكان إذا حجَّ لا يركب إلا بعد تَعبٍ شديدٍ حيث كان يمشي كثيرًا وينزل عن الدَّابةِ، وكان أثناء طريق الحج يكثر من تعليم الناس المناسك، وآداب السفر، ويحثهم على الصلاة، ويعلمهم كيفية القصر والجمع، وكان يكثر من تلاوة القرآن في الطريق وغيره، وإذا كان بمكة أكثر من الطواف، ومع ذلك كان يصوم بمكة والسفر أكثر أيامه، وربما يعطي السائل عشاءه ويبيت تلك الليلة طاويًا، وفي غالب لياليه يكتفي بشرب ماء زمزم، وكان الشيخ الشعراني -رحمه الله- قد حجَّ معه عام 947هـ وأورد أحوال الشيخ العالية مع كونه كان في شبابه في تلك الفترة، وكان يؤثر الخمول وعدم الشهرة، ولا يكترث بأشغال الدنيا.
وكان - رحمه الله - كثير الزيارة لقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستخير ربه في الروضة الشريفة إذا همَّ بأمرٍ من الأمور، فلم يكتب حرفًا في كتابه «مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج» إلا بعد أن يذهب إلى زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصلى ركعتين بنية الاستخارة في الروضة الشريفة.
وبالجملة فقد كان - رحمه الله - آية من آيات الله تعالى، وحجة من حججه على خلقه.
مؤلفاته:
1- السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير. طبع في أربعة مجلدات ضخام بمطبعة بولاق 1285هـ ثم تكرر طبعه، ويعرف بتفسير الخطيب الشربيني. وقد كتبت دراسات عن منهج الشيخ في هذا التفسير.
2- الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع. وهو شرح مطول حافل على متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي لأبي شجاع وقد فرغ من تأليفه سنة 972هـ- طبع في مجلدين بمطبعة بولاق 1291هـ ثم تكرر طبعه. والكتاب يُدرَّس على طلاب المرحلة الثانوية الأزهرية.
3- شرح شواهد القطر. طبع على الحجر بمصر 1283هـ ثم تكرر طبعه.
4- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج. وهو شرح منهاج الطالبين للنووي في الفقه الشافعي، وهو شرح عظيم جمع فيه تحريرات شيوخه بعد شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري، ولم يكتب حرفًا فيه إلا بعد ذهابه إلى زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلاة ركعتين في الروضة الشريفة بنية الاستخارة، وقد كُتِبَ له القبول التام فأقبل الناس على قراءته وكتابته في حياته. طبع بالمطبعة الميمنية بمصر 1308هـ في أربعة مجلدات ثم تكرر طبعه.
5- شرح التنبيه. وهو شرح على كتاب التنبيه في فروع الشافعية لأبى إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الفقيه الشافعي المتوفى سنة 476 هـ.
6- شرح منهاج الدين في شعب الإيمان؛ وهو للشيخ الإمام أبي عبد الله حسين ابن الحسن الحليمي الجرجاني الشافعي المتوفى 403 هـ، وهو كتاب جليل في نحو ثلاثة مجلدات، فيه أحكام كثيرة ومسائل فقهية، وغيرها مما يتعلق بأصول الدين.
7- تقريرات على كتاب المطول في البلاغة للتفتازاني.
8- نور السجية في حل ألفاظ الآجرومية.
9- فتح الخالق المالك في حل ألفاظ ألفية ابن مالك.
10- الفتح الرباني في حل ألفاظ تصريف عز الدين الزنجاني.
11- كتاب شرح البهجة في الفقه لابن الوردي.
12- رسالة في البسملة والحمد لله.
13- مناسك الحج. طبع بمصر 1311هـ.
14- رسالة في بر الوالدين وصلة الرحم.
15- المواعظ الصفية على المنابر العليَّة.
16- سواطع الحكم؛ وهو شرح على حكم ابن عطاء الله السكندري.
وفاته:
توفي بعد العصر من يوم الخميس الثامن من شعبان سنة سبع وسبعين وتسعمائة (977هـ) الموافق 1570م - رحمه الله تعالى.
مصادر الترجمة:
- الخطط التوفيقية 12/ 127، 128.
- شذرات الذهب 10/ 561، 562.
- الكواكب السائرة 3/ 72، 73.
- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 1139/2.
- معجم المطبوعات 1108/1.