نسبه:
هو الإمام العالم الفقيه الأصولي شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يلين الصنهاجي القرافي المالكي، إمام في أصول الفقه وأصول الدين عالما بالتفسير وبعلوم أخرى.
مولده ونشأته:
لا يعرف تاريخ ولادة القرافي بشكل دقيق، كما لا يعرف تاريخ انتقاله إلى مصر منفردا أو مع أبيه، وإن كان الراجح أنه هو الذي خرج إلى مصر بعد أن بلغ مبلغ الرجال يدل على ذلك أن من بين شيوخه وتلامذته مغاربة كما سيأتي.
وإن كان يمكن تقريب زمن ولادته بحوالي عام 626 هـ، كما استنتج ذلك إسماعيل البغدادي في إيضاح المكنون.
اتفق مترجموه على أنه ينسب للقرافة وأنه في الوقت ذاته لم يسكنها، وسبب شهرته بالقرافي أنه لما أراد الكاتب أن يثبت اسمه في بيت الدرس كان حينئذ غائبا فلم يعرف اسمه وكان إذا جاء للدرس يقبل من جهة القرافة فكتب القرافي فمرت عليه هذه النسبة.
ويضيف أصحاب كتب التراجم ثلاث نسب أخرى للمؤلف هي البهفشيمي والبهنسي والمصري، وقد فسر الصفدي في الوافي بالوفيات النسبة الأولى قائلا: إن أصله من قرية من قورة بوش (مركز ناصر ببني سويف حاليًا) تعرف ببهفشيم في حين تشكك فيها ابن فرحون قائلا: ولعلها قبيلة من قبائل صنهاجة، كما تشكك في كون أصله من بهنسا (من أعمال بني مزار بالمنيا) قائلا: إن ذلك مما ذكره بعضهم، تبقى إذن النسبة الأصلية المتفق عليها للمؤلف هي: الصنهاجي، وصنهاجة من أكبر قبائل البربر بجنوب المغرب الأقصى، يؤكد هذه النسبة الصنهاجية للمؤلف اسم جده الثالث يلين الذي ينطق به في اللهجة، ومما يؤكد استبعاد ولادة المؤلف في بهنسا أو بهفشيم ويبين غربته في مصر وقدومه عليها أنهم لم يكونوا يعرفون حتى اسمه بله مسقط رأسه وهو طالب نابه يدرس بإحدى المدارس الشهيرة في القاهرة ويستحق الجامكية (الراتب).
صفاته:
كان القرافي كما يقول تلميذ تلاميذه الصلاح الصفدي حسن الشكل والسمت درس بجامع مصر وبمدرسة طيبرس وبمدرسة الصالحية بعد وفاة شرف الدين السبكي إلى أن مات وهو مدرسها وألف عشرات الكتب في مختلف فروع المعرفة تشهد بمشاركته الواسعة في العلوم العقلية والنقلية فكتب في أصول الدين وأصول الفقه وفروع المذهب المالكي والفقه المقارن والفتاوى والأحكام والتوقيت والتعديل والحساب والجبر والهندسة والفرائض والديانات وقواعد اللغة وإلى جانب هذه العلوم النظرية، كان القرافي صنَاعَ اليد يحسن عمل التماثيل المتحركة في الآلات الفلكية وغيرها، وعمل شمعدانًا فيه شمعة يتغير لونها في كل ساعة وفيه أسد تتغير عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد إلى الحمرة الشديدة، في كل ساعة لها لون، فإذا طلع الفجر طلع شخص على أعلى الشمعدان وأصبعه في أذنه يشير إلى الأذان.
قال الشيخ شمس الدين ابن عدلان الشافعي أخبرني خالي الحافظ شيخ الشافعية بالديار المصرية أن شهاب الدين القرافي حرَّرَ أحد عشر علمًا في ثمانية أشهر أو قال: ثمانية علوم في أحد عشر شهرًا، وذكر عن قاضي القضاة تقي الدين بن شكر قال: أجمع الشافعية والمالكية على أن أفضل أهل عصرنا بالديار المصرية ثلاثة- القرافي بمصر القديمة، والشيخ ناصر الدين بن منير بالإسكندرية، والشيخ تقي الدين بن دقيق العيد بالقاهرة المعزية، وكلهم مالكية خلا الشيخ تقي الدين فإنه جمع بين المذهبين.
درَّس القرافي بالمدرسة الصالحية بمصر بعد وفاة الشيخ شرف الدين السبكي ثم أخذت منه، فوليها قاضي القضاة نفيس الدين، ثم أعيدت إليه ومات وهو مدرسها ودرس بمدرسة طيبرس وبجامع مصر(1) .
شيوخه:
أخذ القرافي عن شيوخ كثرين أشهرهم خمسة، وهم: محمد بن عمران المعروف بالشريف الكركي الملقب بشرف الدين وهو مغربي، وشمس الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي الإدريسي وهو مغربي أيضا، وتتلمذ القرافي أيضا لأبي عمرو عثمان ابن الحاجب الشامي ثم المصري، وشمس الدين عبد الحميد بن عيسى الخسروشاهي.
على أن أعظم شيوخ القرافي بالمشرق هو سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام.
تلاميذه:
هناك عالم آخر تصنفه كتب التراجم من بين شيوخ القرافي والراجح أنه تلميذه، وهو محمد بن إبراهيم البقوري، وكانت وفاة البقوري بمراكش عام 707 هـ، ومن بين مؤلفاته حاشية على كتاب القرافي في الأصول، وذلك مما يُستدل به على أنه تلميذ له لا شيخ.
ومن تلاميذ القرافي المغاربة الذين عنوا بكتبه وشرحوها ونشروها أحمد بن عبد الرحمن التادلي الفاسي، وقاسم ابن الشاط الأنصاري السبتي، ومحمد بن عبد الله بن راشد البكري القفصي المؤلف المكثر.
مصنفاته:
صنف القرافي في العديد من العلوم والمعارف المؤلفات الهامة الأمهات، ومنها:
- كتاب أنوار البروق وأنواء الفروق.
- كتاب الذخيرة في الفقه.
- كتاب شرح التهذيب.
- كتاب شرح الجلاب.
- كتاب شرح محصول الإمام فخر الدين الرازي.
- كتاب التعليقات على المنتخب.
- كتاب التنقيح في أصول الفقه.
- كتاب الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة في الرد على أهل الكتاب.
- كتاب الأمنية في إدراك النية.
- كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء.
- كتاب الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام.
- كتاب اليواقيت في أحكام المواقيت.
- كتاب شرح الأربعين لعز الدين الرازي في أصول الدين.
- كتاب الإنفاد في الاعتقاد.
- كتاب المنجيات والموبقات في الأدعية وما يجوز منها وما يكره وما يحرم.
- كتاب الاستبصار في ما تدركه الأبصار.
- كتاب البيان في تعليق الأيمان.
- كتاب العموم ورفعه.
- كتاب الأجوبة عن الاسئلة الواردة على خطب ابن نباتة.
- كتاب الاحتمالات المرجوحة.
- كتاب البارز للكفاح في الميدان.. وغير ذلك.
وفاته:
كانت وفاته – رضي الله عنه - يوم الأحد متم جمادى الآخرة عام 684 هـ، ودفن يوم الإثنين غرة رجب بالقرافة القريبة من قبر الإمام الشافعي رضي الله عنه.
المصادر:
الوافي بالوفيات: 6/146، ط دار إحياء التراث.
الديباج المذهب: 62، ط دار الكتب العلمية.
مقدمة تحقيق الذخيرة لمحمد حجي و سعيد أعراب و محمد بو خبزة: 1/9-15، ط دار الغرب الإسلامي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- جامع عمرو بن العاص، ويسمى أيضًا بالجامع العتيق.