نسبه:
هو القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعدون بن أيوب بن وارث الباجي.
مولده ونشأته:
ولد الباجي سنة 404 أو 403 هـ، وأصل عائلته من بطليوس (مدينة إسبانية)، ثم انتقلوا إلى باجة الأندلس، ثم سكنوا قرطبة، واستقر أبو الوليد الباجي بشرقها.
وكانت أمه فقيهة، أما أبوه فكان من تجار القيروان – كما يحكي الباجي - من باجة القيروان، وكان يختلف إلى الأندلس ويجلس إلى فقيه بها يقال له أبو بكر بن شماخ، وتعجبه طريقته، فكان يقول: تُرى أرى لي ابنا مثلك؟! فلما أكثر من ذلك القول، قال له ابن شماخ: إن أحببت أن ترزق ابنا مثلي فاسكن بقرطبة، والزم أبا بكر محمد بن عبد الله القبري، واخطب إليه ابنته، فإن أنكحكها فعسى أن ترزق مثلي، فقدم قرطبة ولزم أبا بكر القبري سنة، وأظهر له الصلاح، فأعجب بطريقته، ثم خطب إليه ابنته بعد سنة فزوجه بها، فجاءه من الولد أبو الوليد الباجي وابنين آخرين.
وكان الباجي متكلما فقيها شاعرًا، ومن شعره:
إذا كنت أعلم علما يقينا * بأن جميع حـيــــاتي كساعــة
فـلـم لا أكون ضنينا عليها * وأجعلها في صلاح وطاعة
شيوخه:
أخذ بالأندلس، عن ابن الرحوي، وأبي الأصبغ ابن أبي درهم، وأبي محمد مكي، وأبي شاكر القبري، خاله، ومحمد بن إسماعيل بن فورتش، وأبي سعيد الجعفري، والقاضي يونس بن مغيث.
وسمع في الحجاز من أبي بكر المطوعي، وأبي بكر ابن سحنون، وابن صخر، وابن أبي محمود الورّاق.
ورحل إلى بغداد فأقام بها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويسمع الحديث عن أئمتها، فلقي بها جلة من الفقهاء: كأبي الفضل بن عمروس إمام المالكية، وأبي الطيب الطبري، وأبي إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي، وأبي إسحاق طاهر بن عبد الله الشيرازي الشافعي، وأبي عبد الله الدامغاني، وأبي عبد الله الحسين بن علي الصيمري رئيس الحنفية، وسمع بها من ابن العشاري، وعلي بن محمد بن قشيش النحوي، وغلام الأبهري، وأبي عبد الله الصوري، وأبي بكر الخطيب، وأبي النجيب الأرموي، وأبي الحسن العتيقي، وأبي الفتح الطناجري، وابن حمامة، وأبي علي العطار، وأبي القاسم الأزهري، وأبي القاسم التنوخي، وأبي القاسم علي بن الحسن بن أبي عثمان، وأبي الحسن ابن زوج الحرة، وأبي منصور السوَّاق، وأبا فرج الطناجيري، وأبي طالب بن غيلان، وأبي بكر محمد بن المؤمل المالكي غلام الأبهري، وأبي طالب عمر بن سليمان الزهري، وأبي الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وأبي رومة وغيرهم، وأخذ بالكوفة عن أبي القاسم سعيد بن وهب بن أحمد بن سلمان، والشريف أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن الحسني.
ودخل الشام فسمع بدمشق بها من الحسن بن السمسار، وابن عوف، وأبي القاسم بن الظهير، وبصيدا من سكن بن جميع وطبقته، وسمع بمصر من أبي محمد بن الوليد وغير واحد، ودخل الموصل فأقام بها عامًا يدرس على السمناني الأصول، وحاز علمًا كثيرًا.
ورحل سنة ست وعشرين أو نحوها - فيما قاله الجياني - فأقام بالحجاز مع أبي ذر عبد بن أحمد الهروي ثلاثة أعوام حجَّ فيها أربع حجج، كان يسكن معه بالسراة ويخدمه ويتصرف له في حوائجه.
تلاميذه:
قال الجياني: وكان مقامه بالمشرق نحو ثلاثة عشر عامًا، وجلَّ قدره بالشرق والأندلس، وسمع منه بالمشرق نحو ثلاثة عشر عامًا، وحاز الرئاسة بالأندلس، فأخذ عنه بها علم كثير وسمع منه جماعة، وتفقه عليه خلق، فممن تفقه عنده وسمع منه: الإمام أبو بكر الطرطوشي وابنه أبو القاسم، وأبو محمد بن أبي قحافة، وأبو الحسن بن مفوز وغيرهم، وشيخنا القاضي أبو عبد الله بن شبرين، وسمع منه من شيوخنا سواه، وأبو علي الحافظاني، والقاضي أبو القاسم المعافري، والفقيه أبو محمد ابن أبي جعفر، وأبو بحر سفيان بن العاصي.
وروى عنه أبو بكر الخطيب الذي هو من شيوخه، وأبو الحسن علي بن عبد الله الصقلي، وأبو عبد الله الحميدي، وأبو جعفر أحمد بن علي بن عزلون وغيرهم.
ولم يكن بالأندلس قط أتقن من الباجي لمذهب المالكية، قال ابن حزم الظاهري: لم يكن للمالكية بعد عبد الوهاب مثل أبي الوليد، رحمه الله.
مصنفاته:
ألف أبو الوليد كتبا كثيرة منها:
1- التسديد إلى معرفة طرق التوحيد.
2- المنهاج في ترتيب الحجاج.
3- إحكام الفصول في أحكام الأصول.
4- التعديل والتجريح لمن خرّج عنه البخاري في الصحيح.
5- السنن في الرقائق والزهد.
6- المنتقى مختصر الاستيفاء.
7- الإيماء مختصر المنتقى.
8- الاستيفاء شرح الموطأ.
9- المعاني في شرح الموطأ.
10- كتاب اختلاف الموطآت.
11- تفسير القرآن.
12- المقتبس من علم مالك بن أنس.
13- المهذب في اختصار المدونة.
14- مسائل الخلاف.
15- الحدود في الأصول.
16- الإشارة في الأصول.
17- فرق الفقهاء.
18- الناسخ والمنسوخ.
19- النصيحة لولده، وغير ذلك.
وفاته:
مات –ر حمه الله – بالمرية (جنوب شرق إسبانيا) سنة 494 هـ.
المصادر:
ترتيب المدارك وتقريب المسالك لأبي الفضل القاضي عياض: 8/117، ط مطبعة فضالة - المحمدية، المغرب.
تاريخ دمشق لابن عساكر: 22/224، ط دار الفكر.
معجم الأدباء للحموي: 3/1389، ط دار الغرب الإسلامي، بيروت.