نسبه:
هو الإمام الكبير شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل أبو بكر السرخسي (نسبة إلى سَرَخْس بلد عظيم بخراسان) ولد بها ثم انتقل إلى أوزجند.
أحد الأئمة الفحول الكبار أصحاب الفنون، كان إماما، علامة، حجة، متكلما، فقيها، أصوليًّا، مناظرًا، لزم الإمام شمس الأئمة أبا محمد عبد العزيز الحلواني حتى تخرج به وصار أنظر أهل زمانه، وأخذ في التصنيف وناظر الأقران فظهر اسمه وشاع خبره.
شيوخه:
تذكر المصادر شيخين لشمس الأئمة: هما عبد العزيز الحلواني، والقاضي أبو الحسين علي بن الحسين بن محمد السغدي.
تلاميذه:
تفقه عليه أبو بكر محمد بن إبراهيم الحصيري، وأبو حفص عمر بن حبيب جد صاحب الهداية لأمِّه، وعبد العزيز بن مازه، ومحمود بن عبد العزيز الأوزجندي، وركن الدين مسعود ابن الحسن بن عثمان بن علي بن محمد البيكندي.
مصنفاته:
لشمس الأئمة عدد من المؤلفات الهامة، منها: كتاب في أصول الفقه، وشرح السير الكبير، وشرح مختصر الطحاوي، وشرح كتاب الكسب لمحمد بن الحسن، وشرح الجامع الكبير، وشرح الجامع الصغير، وشرح كتاب النفقات للخصاف، وشرح أدب القاضي للخصاف أيضًا، وأشراط الساعة، والفوائد الفقهية، وكتاب الحيض.
ومن أهم كتبه وأشهرها (المبسوط) أملاه في نحو خمسة عشر مجلدا وهو في السجن بأوزجند محبوس، بسبب كلمة كان فيها من الناصحين، سالكا فيها طريق الراسخين، ليكون له ذخيرة إلى يوم الدين، حيث أفتى بأن زواج الخاقان (لقب لحكام الترك) لعتيقته أم ولده دون أن تنقضي عدتها حرام، فقضى بسبب ذلك في السجن بأوزجند أكثر من عشر سنوات.
وقد شاع عنه أنه أملى المبسوط من حفظه قال في المسالك: حُكى أنه كان جالسا في حليقة الاشتغال فقيل له: حُكى عن الشافعي أنه كان يحفظ ثلاثمائة كراس، فقال: حفظ الشافعي زكوة ما أحفظ، فحسبت حفظه فكان اثني عشر ألف كراس من غير مراجعة إلى شيء من الكتب، وكان يملي عليهم من الجب وهم على أعلى الجب يكتبون ما يملي عليهم.
وحين خرج من السجن في آخر عمره ذهب إلى فرغانة فأنزله الأمير حسن بمنزله فوصل إليه الطلبة فأكمل الإملاء في دهليز الأمير.
مكانته في المذهب الحنفي:
وللسرخسي عند الحنفية مكانة عظيمة جدًّا، ومعدود عندهم في الطبقة الثالثة، أو طبقة المجتهدين في المسائل التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب كالخصاف وأبي جعفر الطحاوي وأبي الحسن الكرخي وشمس الأئمة الحلواني وشمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام البزدوي وفخر الدين قاضيخان وأمثالهم، فإنهم لا يقدرون على المخالفة للشيخ لا في الأصول ولا في الفروع، لكنهم يستنبطون الأحكام في مسألة لا نص فيها على حسب أصول قررها ومقتضى قواعد بسطها.
يقول ابن عابدين في حاشيته: واعلم أن من كتب مسائل الأصول كتاب الكافي للحاكم الشهيد، وهو كتاب معتمد في نقل المذهب، شرحه جماعة من المشايخ، منهم الإمام شمس الأئمة السرخسي وهو المشهور بمبسوط السرخسي، قال العلامة الطرسوسي: مبسوط السرخسي لا يُعمل بما يخالفه، ولا يركن إلا إليه، ولا يفتى ولا يعول إلا عليه.
وفاته:
توفي - رحمه الله - فى أواخر القرن الخامس الهجري نحو سنة 483 هـ أو بعدها على اختلاف بين المؤرخين.
المراجع:
الجواهر المضية في طبقات الحنفية لمحيي الدين الحنفي: 1/558، 2/28-29، ط مير محمد كتب خانه ـ كراتشي.
تاج التراجم في طبقات الحنفية لابن قطلوبغا: 2/44-45، ط دار القلم ـ دمشق.
حاشية ابن عابدين: 1/69، ط دار الفكر.
تخريج أحاديث وآثار أصول السرخسي لعبد الرحمن الحداد (رسالة ماجستير) 1/9 وما بعدها.