حكم استقبال مؤسسات العمل الخيري صكوك الأضاحي وتوزيعها على المستحقين لها

تاريخ الفتوى: 10 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8632
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الذبائح
حكم استقبال مؤسسات العمل الخيري صكوك الأضاحي وتوزيعها على المستحقين لها

ما حكم استقبال مؤسسات العمل الخيري صكوك الأضاحي وتوزيعها على المستحقين لها؟

صَك الأضحية هو عبارةٌ عن توكيلٍ بالشراء والذبح، وهذا أمرٌ جائزٌ شرعًا، حيث يجوز للمضحي أن يشتري ويذبح بنفسه أو ينيب عنه غيره، وأما التوزيع فإنه يكون بحسب ما يُتَّفَقُ عليه بين المؤسسة المذكورة والمضحِّي، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المقررة في هذا الشأن.

المحتويات

 

الأضحية شعيرة من شعائر الدِّين

الأضحية شعيرة من شعائر الدِّين، قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36]، وهي من العبادات التي وقَّت لها الشرع الشريف وقتًا معلومًا مختصًّا بها؛ فقال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، وقال سبحانه: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2].

التكييف الفقهي لصك الأضحية وحكمه

الصَّكُّ نوعٌ مِن أنواع الوكالة، وهي جائزة في الأضحية، حيث يجوز للإنسان أن يشتري ويُضحِّي -أي يذبح أضحيته- بنَفْسه وبغيره بإذنه؛ لأنها قُربةٌ تتعلق بالمال، فتُجزئ فيها النيابة، كأداء الزكاة وصدقة الفطر، ولأنَّ كلَّ أَحَدٍ لا يَقدر على مباشَرَة الشراء أو الذبح بنفسه، فلو لَم تَجُز الاستنابةُ لَأَدَّى إلى الحرج، ومن ثَمَّ يجوز للمضحي إقامةُ سُنَّة الأضحية بنَفْسه أو يُنيب عنه المؤسسات القائمة على شراء وذبح الأضاحي وتوزيعها عن طريقِ هذا الصَّكِّ أو نحوه، وعلى تلك المؤسسات -باعتبارها وكيلًا عن المُضَحِّي- عَمَلُ ما يَلزم لاختيار الأضاحي وذبحها طِبقًا للأحكام الشرعية، وتوزيعها وِفقًا لِمَا يتم الاتفاق عليه بينها وبين المُضحِّين.

والأصل في جواز التوكيل في شراء الأضاحي: ما روي عن عروة بن الجعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» أخرجه الإمام البخاري.

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَةً» أخرجه الأئمة: الحميدي، وأبو داود، والبيهقي.

وقد اتفق الفقهاء على جواز الوكالة في البيع والشراء، وحفظ المتاع، وقبض الحقوق من الأموال، ودفعها، ونحو ذلك، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 61، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (5/ 64، ط. مكتبة القاهرة).

حكم استقبال مؤسسات العمل الخيري صكوك الأضاحي وتوزيعها على المستحقين لها

أما عن جواز الاستنابة في ذبح الأضحية: فالأصل في ذلك ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، وَأَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ» أخرجه الأئمة: ابن ماجه، والنسائي، والبيهقي.

وهو ما عليه جماهير الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 67، ط. دار الكتب العلمية) في بيان أحكام الأضحية: [تجزئ فيها النيابة، فيجوز للإنسان أن يُضحِّي بنَفْسه وبغيره بإذنه؛ لأنها قُربةٌ تتعلق بالمال فتُجزئ فيها النيابة كأداء الزكاة وصدقة الفطر، ولأنَّ كلَّ أَحَدٍ لا يَقدر على مباشَرَة الذبح بنفسه، خصوصًا النساء، فلو لَم تَجُز الاستنابةُ لَأَدَّى إلى الحرج] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البَر المالكي في "التمهيد" (2/ 107، ط. أوقاف المغرب): [وجائزٌ أن ينحر الهديَ والضحايا غيرُ صاحبها] اهـ، ثم قال: [إذا كان صاحب الهدي أو الضحية قد أمر بنحر هديِهِ أو ذبح أضحيته فلا خلاف بين الفقهاء في إجازة ذلك، كما لو وَكَّل غيرَه بشراء هديِهِ فاشتراه جاز بإجماع] اهـ.

وقال الإمام شرف الدين النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (8/ 405، ط. دار الفكر) في بيان أحكام الأضحية وما يستحب على المضحي: [(والمستحب أن يضحي بنفسه؛ لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، وَسَمَّى وَكَبَّرَ»، ويجوز أن يستنيب غيره؛ لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَنَحَرَ مَا غَبَرَ مِنْهَا»] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 383) في معرض حديثه عن ذبح الهدي: [وإن لم يكن عليه واجبٌ، فأَحَبَّ أن يضحي، اشترى ما يُضحِّي به، وينحر الإبل، ويذبح ما سواها، والمستحب أن يتولى ذلك بيده، وإن استناب غيره جاز] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ صَكَّ الأضحية هو عبارةٌ عن توكيلٍ بالشراء والذبح، وهذا أمرٌ جائزٌ شرعًا، حيث يجوز للمضحي أن يشتري ويذبح بنفسه أو ينيب عنه غيره، وأما التوزيع فإنه يكون بحسب ما يُتَّفَقُ عليه بين المؤسسة المذكورة والمضحِّي، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المقررة في هذا الشأن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إخراج زكاة المال في صورة ذبيحة للفقراء؟ حيث يوجد رجلٌ يدخر ذهبًا، وقد بلغ هذا الذهبُ النِّصاب، ويزكيه كل عام، ويريد أن يخرج زكاته هذا العام في صورة ذبيحة يوزع لحمها على الفقراء؛ فهل يجوز له ذلك شرعًا؟


ما الذي يترتب على من أراد الأضحيةِ وفاته وقتها ولم يضحّ؟ فهناك رجلٌ يتطوع بالأضحية كلَّ عام، وفي هذا العام اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه قد طرأت له بعض الظروف في يوم عيد الأضحى واليوم الذي يليه حالت بينه وبين ذبحها حتى أصبح في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة، فهل يجزئه التطوع بالأضحية بعد ذلك؟ وما الحكم لو خرج الوقت دون أن يذبح؟ هل يشرع له الذبح بعده وتكون أضحية؟


ما حكم إطعام الحيوانات من لحم الخنزير؟ فالرجل أسس حديقة حيوان مفتوحة، احتوت على كل أنواع الحيوانات المفترسة وغير المفترسة. فهل يجوز إطعام الحيوانات المفترسة من لحم الخنزير أم لا؟


متى شرعت الأضحية على الأمة المحمدية؟ وما الحكمة من مشروعيتها؟


هل يجوز شراءُ الأضحيةِ بوَزْنِها لحمًا بعد الذبح؟ -عِلمًا بأنَّ ذلك يحدُث عندنا في سريلانكا-؛ وذلك لتلاشي الغش والتدليس الذي قد يَحدُث مِن بعض التجار، كعَلْف الأضحية بالملح حتى تُكثِر مِن شرب الماء، فيزيد وَزْنُها وتبدو عند الشراء سمينةً على غير الحقيقة.


يتعذَّر علينا تحديد سن الأُضحية، علمًا بأننا نقوم بشراء العجول من الجاموس والبقر بأوزان تتراوح بين 350 كجم إلى 400 كجم، وعند سؤال التُجَّار عن ذلك أجابوا بأنَّ العجل يزيد بناءً على كمية الأكل والاهتمام به، فهل التضحية بهذه الهيئة جائزٌة شرعًا؟ نرجو منكم التفضل بالإفادة عن مدى صحة ذلك. 


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 56
العصر
4:32
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :32