حكم استعمال المرضع الحليب الصناعي لطفلها من أجل الصيام

تاريخ الفتوى: 23 مارس 2025 م
رقم الفتوى: 8585
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الرضاع
حكم استعمال المرضع الحليب الصناعي لطفلها من أجل الصيام

ما حكم استعمال المرضع الحليب الصناعي لطفلها من أجل الصيام؟ فأنا أرضع طفلي البالغ من العمر ثلاثة أشهر رضاعة طبيعية، وأريد صيام شهر رمضان. فهل يجوز لي إعطاء طفلي حليبًا صناعيًّا خلال شهر رمضان حتى أتمكن من الصيام؟

الأم مطالبة ديانة بإرضاع الصغير ويتعين عليها الإرضاع حال الضرورة، ويجوز لها العدول عن الرضاعة الطبيعية إلى استخدام اللبن الصناعي لتتمكن من الصيام خلال شهر رمضان بشرط أن يقرر أهل الاختصاص عدم وقوع ضرر على الولد من استخدام هذا اللبن، فإذا قرَّر الأطباء ضرورة الرضاعة الطبيعية للصغير وجب على الأم فعل ذلك حال عدم وجود غيرها لإرضاعه فإذا خشيت وقوع ضرر عليها أو على رضيعها بسبب الصوم  رخص لها في الفطر وعليها القضاء بعد فطام طفلها.

المحتويات:

 

حكم إرضاع الأم لولدها

أوجبت الشريعة الإسلامية على الآباء رعاية أبنائهم، تقويةً للوَازع الفِطْري بالوَازع الديني، بغرض حفظ حياة الأولاد وصلاحهم، والوليد يحتاج بجانب النفقة والحضانة إلى الرضاعة، وقد أقرَّ الإسلام حقه فيها حتى تشتد بنيته ويستغني عن اللبن، قال تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: 233].

والأم مطالبة شرعًا بإرضاعه، وإلى ذلك ذهب أصحاب المذاهب الفقهية المعتبرة على تفصيل بينهم، حيث اتفقوا جميعًا على وجوب إرضاعه إذا كان لا يوجد إلا هي، أو كان الطفل لا يقبل غيرها، أو كان الأب معسرًا، والصغير لا مال له، واختلفوا في غير هذه الأحوال، فذهب الحنفية إلى أن الأم يجب عليها إرضاع ولدها ديانة مطلقًا، وكذا المالكية إلا أن يكون مثلها لا ترضع لعلو قدرها، وأوجبه الشافعية في اللبأ -اللبن النازل عقب الولادة- فقط، ولم يوجبه الحنابلة في غير الضرورة.

قال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 422، ط. دار الفكر): [(قوله: أو مرضع)... (قوله: أمًّا كانت أو ظئرًا) أما الظئر فلأن الإرضاع واجب عليها بالعقد، وأما الأم فلوجوبه ديانة مطلقًا، وقضاءً إذا كان الأب معسرًا أو كان الولد لا يرضع من غيرها] اهـ.

وقال الإمام أبو الحسن علي بن خلف المنوفي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 128 ط. دار الفكر  بيروت، معه "حاشية العدوي"): [(والمرأة ترضع) أي يجب عليها أن ترضع (ولدها) إذا كانت (في العصمة) أي عصمة أبيه، أو كانت مطلقة طلاقًا رجعيًّا، وهي في العدة... (إلا أن يكون مثلها لا ترضع) لعلو قدرها، فإنه لا يلزمها إرضاع ولدها إلا أن لا يقبل الصبي غيرها، فإنه يلزمها إرضاعه، كان الأب مليًّا، أو معدمًا، أو يقبل غيرها إلا أن الأب فقير، أو ميت، والولد فقير] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (5/ 187-188، ط. دار الكتب العلمية): [(وعليها) أي الأم (إرضاع ولدها اللبأ) وهو بهمز وقصر: اللبن النازل أول الولادة؛ لأن الولد لا يعيش بدونه غالبًا... (ثم بعده) أي بعد إرضاع اللبأ (إن لم يوجد إلا هي) أي الأم (أو أجنبية وجب) على الموجود منهما (إرضاعه) إبقاء للولد] اهـ.

وقال الإمام منصور البُهُوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 625، ط. مؤسسة الرسالة): [(ولا يلزمها) أي: لا يلزم الزوجة إرضاع ولدها، دنيئة كانت أو شريفة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: 6] (إلا لضرورة كخوف تلفه) أي: تلف الرضيع بأن لم يقبل ثدي غيرها ونحوه؛ لأنه إنقاذ من هلكة] اهـ.

فإرضاع الأم لوليدها مطلوب شرعًا في الجملة، يصل للوجوب إذا لم يقبل الصغير غيرها، أو كان والده معسرًا، ولا مال للصغير، ولا تطالب به على سبيل الإلزام والقطع متى وجد البديل، واستغنى به الصغير، ولو كانت مرضعة بأجر، وهي المعروفة بالظئر في كلام الفقهاء.

حكم إرضاع الطفل اللبن الصناعي

من البدائل التي يستغني بها الطفل عن لبن الأم إلى جانب الطعام: اللبن الصناعي، وهو بديل مستجد، مرد استعماله إلى الأطباء لتقييم الحالة العامة للصغير، ومناسبة هذا اللبن له من عدمها، واختيار النوع الأنسب للرضيع، وعدد الرضعات؛ لتوفير ما يحتاجه الصغير من الغذاء مما يقوي به بنيته، ويسد جوعه.

فإذا قرر الطبيب أن مصلحة الطفل في إرضاعه اللبن الصناعي ومنع الرضاعة الطبيعية، فإن الرضاعة الطبيعية تحرم، ويتعين اللبن الصناعي بديلًا، أما إذا كان الطفل يحتاج إلى الرضاعة الطبيعية؛ لرفضه اللبن الصناعي، أو لعدم توفر هذا البديل، أو لأي سبب يحول بينهم، كعدم المُرضعة بالأجر أو التبرع، فإنه يمنع إعطاء الولد اللبن الصناعي، ويجب على الأم إرضاعه، وإن كان الصغير لا يتضرر ولا أولوية للبن الصناعي على الطبيعي، فالأم بالخيار في إعطائه لرضيعها.

حكم الفطر في رمضان للمرأة المرضع

الأصل وجوب الصوم على المرأة المُرضع المكلفة الخالية من الأعذار المبيحة للفطر، ثم وضع عنها أداء الصيام ورُخِّصَ لها في الفطر، فروى أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ: شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَالصَّومَ، وَعَنِ الحَامِلِ وَالمُرْضِعِ: الصَّومَ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

وإذا ما أفطرت المُرضعة وجب عليها القضاء؛ لحديث معاذة رضي الله عنها قالت: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» أخرجه الإمام مسلم.

يراجع: "الاختيار لتعليل المختار" للإمام الموصلي الحنفي (1/ 135، ط. مطبعة الحلبي)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البركات الدرير المالكي (1/ 525، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية الدسوقي")، و"أسنى المطالب" للإمام زكريا الأنصاري (1/ 423، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الروض المربع" للإمام أبي منصور البهوتي الحنبلي (ص: 229).

الشروط الواجب توافرها لإباحة الفطر في رمضان للمرأة المرضع

اشترط الفقهاء لإباحة الفطر للمرضعة الخوف من الضرر على النفس والولد أو على أحدهما من الصيام، سواء أكانت المرضع أمًّا للرضيع، أم مرضعة بالأجر، أم متبرعة، سواء علمت بالضرر عن طريق التجربة أو بإخبار الطبيب المُختصِّ، وسواء خافت هلاكًا أو شدة ضرر.

يراجع: "الهداية" للإمام المرغيناني (1/ 127، ط. المكتبة الإسلامية)، و"الشرح الصغير" للإمام أبي البركات الدردير (1/ 720، ط. دار المعارف)، و"روضة الطالبين" للإمام النووي (2/ 383، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام منصور البُهُوتي (2/ 312- 313، ط. مكتبة النصر الحديثة).

ومتى تخلف الشرط وقدرت المرضع على الصيام، وكانت الرضاعة لا تضرها ولا تضر ولدها، بألا يُجهِدها الإرضاع بنفسِها، وكان كافيًا للطفل بحيث لا يتضرَّر، أو استغنى عنه بغيره؛ وجب عليها الصيام وحرم عليها الفطر.

الخلاصة

الخلاصة: أن الأم مطالبة ديانة بإرضاع الصغير في كل حال، ويتعين عليها الإرضاع حال الضرورة، وإن من البدائل الحديثة التي يستغني بها الوليد عن الأم: اللبن الصناعي، وهو أمر طبي يقرره الطبيب الثقة، ويُعمل بقوله في سائر الأحوال، وأن الصوم واجب على المرضع في الأصل، ويُرخَّص لها في الفطر تيسيرًا ومراعاة لها ولولدها، فإذا ما كانت الرضاعة الطبيعية متعينة عليها لعدم استغناء الصغير ببديل آخر من مرضعة أو طعام أو لبن صناعي، وعلمت عن طريق التجربة أو بإخبار الطبيب المُختصِّ أن الصوم يؤثر على صحتها وصحة الرضيع، أو على أحدهما، وخافت الضرر؛ فلها الفطر، ولا يجوز لها اللجوء إلى إعطائه اللبن الصناعي لأجل الصوم اعتبارًا لمصلحة الولد وعدم استغنائه ببديل عنها.

وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز للمرضع السائلة إعطاء الصغير الحليب الصناعي خلال شهر رمضان المبارك حتى تتمكن من الصيام، متى أقر أهل التخصص أنه لا يضر صحة الولد، أما إذا شهد الأطباء بضرورة الرضاعة الطبيعية فتجب عليها، وتتعين إن لم يوجد غيرها لإرضاعه، فإذا خشيت الضرر على نفسها أو على رضيعها بسبب الصوم فلها الفطر، وعليها القضاء.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل الرطوبات التي تخرج من فرج المرأة غير الحيض والنفاس طاهرة أم نجسة؟ وما كيفية الطهارة منها؟ وهل خروجها ينقض الوضوء؟


ما ضابط الرضاع المحرم شرعًا؟ فوالدتي أرضعت معي في سن الرضاع بنت خالتها لمدة أسبوع كامل، وقد أنجبت بنت خالة والدته بنتًا من شخص آخر، وأن له أخًا شقيقًا يريد أن يتزوج بنت بنت خالة والدته ويقول: هل هذا الزواج يجوز شرعًا؟


هل تختلف الرضاعة عن طريق غير مباشر كالببرونة عن الرضاعة من الثدي مباشرة في حكم النسب؟


ما حكم تعليق الزينة والفوانيس في رمضان؟ فأنا سمعت أحد الناس وهو يقول عندما رأى زينة وفوانيس رمضان المعلقة في الشوارع: ما يصنعه المصريون في رمضان من تعليق الزينة والفوانيس لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا أحد من أصحابه فهو إذن بدعة، وكل بدعة ضلالة، وهذه كلها مظاهر كاذبة.



ما حكم الزواج من فتاة تدعي أختها رضاع الفتاة من أم الفتى؛ فاثنان يرغبان في الزواج من بعضهما، وهناك عارض غير متحقق بسبب الرضاع، وهو أنه يوجد أخت للبنت المراد زواجها وأكبر منها باثنتي عشرة سنة تقريبًا تقول: إن أختي رضعت من أم الولد. وليس من شهود يزكون قولها مطلقًا، وأم الولد تنفي ذلك، وتؤيد قولها باليمين الشرعية أنها لم تُرضع البنت قطعيًّا، وكذلك أم البنت لا تذكر أنها أرضعت ابنتها من أم الولد، وهناك شهود، وهم خالة البنت وآخرون يقيمون معهم، يشهدون بأن البنت لم ترضع من أم الولد مطلقًا، والولد الذي يريد الزواج والبنت التي تريد الزواج منه يُكذِّبان الأخت في قولها إن أختها رضعت من أم الولد، وهي تقصد مجرد الكيد. نرجو إفتاءنا؛ هل يحل الزواج ببعضهما أم لا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 أبريل 2025 م
الفجر
4 :4
الشروق
5 :34
الظهر
11 : 56
العصر
3:30
المغرب
6 : 19
العشاء
7 :39