حكم دفع الزكاة لجمعية تقوم بصرفها في إطعام الطعام والتأهيل العلمي والرد على الشبهات

تاريخ الفتوى: 05 فبراير 2025 م
رقم الفتوى: 8569
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الزكاة
حكم دفع الزكاة لجمعية تقوم بصرفها في إطعام الطعام والتأهيل العلمي والرد على الشبهات

ما حكم دفع الزكاة لجمعية تقوم بصرفها في إطعام الطعام والتأهيل العلمي والرد على الشبهات؟ فهناك جمعية رائدة في العمل الخيري ومنفردة في مجال الرد على الشبهات المثارة حول الإعجاز العلمي والطبي في القرآن والسُّنة النبوية المطهرة.
فضلًا عن مساهمتها في تعليم ودراسة القرآن الكريم وعمل المؤتمرات العلمية والدورات التثقيفية للدعوة إلى دِين الله تعالى ببيان مظاهر الإعجاز الرباني والنبوي، وإعداد باحثين في الإعجاز العلمي.

كما تقوم بعمل وجبات إطعام للفقراء في القُرى طول العام، وغيرها من أنشطة الجمعية التي تساهم في الدعوة إلى دِين الله تعالى.

فهل يجوز الإنفاق على أنشطة الجمعية من أموال الزكاة تحت بند (في سبيل الله)؟ علمًا بأن هذه الخدمات تقدم بالمجان.

لا مانع شرعًا من صرف من أموال الزكاة في عمل وجبات إطعام للفقراء في القُرى طول العام.

أما ما يتعلق بالمساهمة في تعليم ودراسة القرآن الكريم وعمل المؤتمرات العلمية والدورات التثقيفية للدعوة إلى دِين الله تعالى ببيان مظاهر الإعجاز الرباني والنبوي، وكذا إعداد باحثين في الإعجاز العلمي -فالإنفاق في ذلك كلِّه إنما يكون مِن الصدقات العامة والجارية التي يخصِّصها المتبرِّعون بها لهذه الأنشطة، لا من الزكاة، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظِّمة لهذا الشأن.

المحتويات:

 

الحكمة من مشروعية الزكاة

الزكاة ركنٌ مِن أركان الإسلام، نظَّم الشرعُ الشريفُ كيفية أدائها بتحديد مصارفها في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

وقد اشترط جمهورُ الفقهاء فيها التمليكَ، فأوجَبُوا تمليكَها للفقير أو المسكين؛ حتى يتصرف فيها كما يشاء، وينفقها في حاجته التي هو أدرى بها وأعلَمُ مِن غيره، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (2/ 202، ط. دار المعرفة)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (4/ 173، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام موفَّق الدين بن قُدَامَة الحنبلي (2/ 500، ط. مكتبة القاهرة).

ومِن ثَمَّ كان مقصودُ الزكاة كِفايةَ الفقراء والمساكين وإغناءَهم، وإقامة حياتِهم ومَعاشِهم، أي أنها لِبِناء الإنسان قبل البُنيان، فكِفاية الفقراء والمحتاجين مِن المَلْبَسِ والمَأكلِ والمَسْكَنِ والمعيشةِ والتعليمِ والعلاجِ وسائرِ أمورِ حياتِهم يجب أن تكون مَحَطَّ الاهتمام في المقام الأول؛ تحقيقًا لحكمة الزكاة الأساسية، والتي عبر عنها العلماء بـ"سَدِّ خَلَّةِ المُسلِمِينَ" -كما في "جامع البيان" للإمام الطبري (14/ 316، ط. مؤسسة الرسالة)-، ولذلك خَصَّهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بالذِّكر في حديث مُعَاذٍ رضي الله عنه لَمَّا أرسَلَه إلى اليمن وقال له: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» متفق عليه، وهذا يَدخل فيه تعليم الفقراء والمساكين، وإطعامهم، وعلاجهم، والإنفاق عليهم في كافة ما يحتاجون إليه في معيشتهم دخولًا أوَّليًّا.

حكم صرف أموال الزكاة في مجال الرد على الشبهات المثارة حول الإعجاز العلمي

بخصوص ما يتعلق بصرف أموال الزكاة في مجال الرد على الشبهات المثارة حول الإعجاز العلمي والطبي في القرآن الكريم والسُّنة النبوية المطهرة، وعمل المؤتمرات العلمية والدورات التثقيفية للدعوة إلى الله سبحانه، ونحو ذلك: فالإنفاق على ذلك كلِّه إنما يكون مِن التبرعات والصدقات العامة والجارية التي تُخصَّص بإذن أصحابها لتلك المجالات، لا من الزكاة، فإنَّ الصدقةَ أمرُها أوسعُ مِن الزكاة، حيث إنها تَجُوز للفقيرِ وغيرِه، ولا يُشتَرَطُ فيها التمليك، أمَّا الزكاة فإنها مخصصة للفقيرِ وكفايته، ويُشترط فيها التمليك، وهو غير متحقق في تلك الأنشطة المذكورة.

وأما مصرف ﴿وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ فإنما هو الجهاد والغزو في سبيل الله عَزَّ وَجَلَّ بالسِّنان لردِّ البغي والعدوان، وهذا هو المعنى المستعمَل الغالب عرفًا وشرعًا. ينظر: "اللباب في شرح الكتاب" للإمام المَيْدَانِي الحنفي (1/ 154، ط. المكتبة العلمية)، و"القوانين الفقهية" للإمام ابن جُزَي المالكي (ص: 201، ط. دار ابن حزم)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (4/ 181، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام أَبِي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 325- 326، ط. دار الكتب العلمية).

وقد حث الشرع على الإنفاقِ والتصدقِ في سبيل نشر العلم وتَعليمِ العلوم النافعة التي تعود على الأفراد والمجتمعات بالنفعِ والصلاحِ والتقدم والازدهار، وعَدَّ ذلك من أفضل أنواع الخير وأعظم أنواع البر والصدقات التي يدوم أجرها ولا ينقطع ثوابها، فعن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا تَصَدَّقَ النَّاسُ بِصَدَقَةٍ مِثْلَ عِلْمٍ يُنْشَرُ» أخرجه الإمام الطبراني.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الإمام مسلم.

والصدقة الجارية: هي كُلُّ صدقةٍ يجري نفعُها وأجرُها ويدوم، كما عرَّفها القاضي عياض في "مشارق الأنوار" (1/ 145، ط. دار التراث).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز الصرف من أموال الزكاة في عمل وجبات إطعام للفقراء في القُرى طول العام، أما ما يتعلق بالمساهمة في تعليم ودراسة القرآن الكريم وعمل المؤتمرات العلمية والدورات التثقيفية للدعوة إلى دِين الله تعالى ببيان مظاهر الإعجاز الرباني والنبوي، وكذا إعداد باحثين في الإعجاز العلمي -فالإنفاق في ذلك كلِّه إنما يكون مِن الصدقات العامة والجارية التي يخصِّصها المتبرِّعون بها لهذه الأنشطة، لا من الزكاة، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظِّمة لهذا الشأن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل هناك فرق بين الرؤيا والحُلم وحديث النفس؟ وهل يُخْبِر الإنسانُ أحدًا برؤياه أو لا؟


هل يجوز دفع زكاة المال أو الزروع أو المواشي كلها إلى قريب نزلت به كارثة أو كان مدينًا أو كان محتاجًا لزواج أو غيره مما يعجز عن القيام بتكاليفه؟


سائل طلب بيان الرأي الشرعي فيما يأتي:
أولًا: متى تجب زكاة الفطر على الصائم؟ ومتى تسقط عنه؟
ثانيًا: هل يجوز للفقير الاتفاق مع فقير آخر لتبادل إخراج زكاة الفطر بينهما؟
ثالثًا: هل يجوز صرف زكاة الفطر لدور الأيتام وإنشاء مستشفيات العلاج المجانية؟


هل يجوز للعامي أن يأخذ الأحكام الشرعية من الكتب دون الرجوع إلى أهل العلم والفتوى المتخصصين؟


هل يؤثر على صحة الصيام عدمُ إخرج الزكاة بتأخيرها عن وقتها دون عذر، أو عدم إخراجها أصلًا؟


يحتكر بعض التجار السلع، ويُضَلِّلون في أسعارها، ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة في السعر على الفقراء؛ فنرجو موافاتنا بالحكم الشرعي لهذا الفعل؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 أبريل 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :36
الظهر
11 : 57
العصر
3:30
المغرب
6 : 18
العشاء
7 :38