ما حكم كتابة الفواتير التجارية بأقل من السعر الحقيقي تهربًا من الضرائب؟ حيث يقوم بعض التجار عند كتابة الفاتورة بوضع ثمن غير حقيقي للبضاعة المبيعة (أقل من ثمنها الذي بيعت به)؛ بُغْيَة تقليل قيمة الضرائب على البضاعة، فما حكم الشرع في ذلك؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
ما يقوم به بعض التجار عند كتابة الفاتورة بإضافة بعض البنود غير الحقيقية، أو بوضع ثمنٍ غير حقيقي للبضاعة المبيعة؛ تهربًا من الضرائب محرم شرعًا، فهو صورة من صور الكذب والغش، وخيانة الأمانة، كما أنَّ فيه إضرارًا بالمصلحة العامَّة التي تتمثل في جمع الدولة هذه الأموال وصرفها في مشاريعها القوميَّة، ورعاية حاجة الفقراء والمساكين ومحدودي الدخل.
المحتويات
الضرائب: مقدار مُحدَّد من المال تفرضه الدولة في أموال المواطنين، دون أن يقابل ذلك نفعٌ مخصوص، فتُفْرَض على المِلك والعَمَل والدَّخْل نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح مجموع أفرادها.
وقد أقرَّ جماعة من الفقهاء الضرائب، لكنهم لم يطلقوا عليها اسم "الضرائب"، فسمَّاها الحنفية "النوائب" جمع نائبة، وهي اسم لما ينوب الفرد من جهة السلطان، بحق أو بباطل، فقال العَلَّامة ابن عابدين في "رد المحتار" (4/ 282، ط. دار الكتب العلمية) في بيان معنى النوائب: [ما يكون بحقٍّ كأجرة الحراس، وَكَرْيِ النهر المشترك، والمال الموظف لتجهيز الجيش، وفداء الأسرى إذا لم يكن في بيت المال شيء وغيرهما مما هو بحق، فالكفالة به جائزة بالاتفاق؛ لأنها واجبة على كل مسلمٍ مُوسِر بإيجاب طاعة ولي الأمر فيما فيه مصلحة المسلمين ولم يلزم بيت المال أو لزمه ولا شيء فيه] اهـ.
مِن أنواع هذه الضرائب ما يكون على المبيعات، وحساب هذه الضرائب -كما جاء في القانون رقم 11 لسنة 1991م بشأن "الضريبة العامة" في بابه الرابع، في المادة (41)- يخضع لما يُقدِّمه الشخص المخاطَب بها "الـمُموِّل" من فواتير وإيصالات أو دفاتر محاسبية.
وعَمْد إخفاء بعض هذه البيانات بالتخفيض أو التعديل غير الواقعي -كما إذا تَمَّ كتابة السِّعر في الفاتورة أقل من سِعر السلعة الحقيقي- أَمْرٌ مَحرَّمٌ شرعًا، ومُعاقَبٌ عليه قانونًا.
أَمَّا وجه التحريم الشرعي فلأنَّه من الزُّور؛ لاشتماله على معنى مخالف لصورته الحقيقية كَذِبًا وغِشًّا، فصورة الشيء الحقيقية: هو السعر الحقيقي الـمُعلَن عنه لقيمتها، وتَعَمُّد التخفيض هو الزُّور بعينه، والنصوص الشرعية دالة على حرمة الزُّور، ومنها قوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج: 30].
قال الإمام الجصاص في "أحكام القرآن" (3/ 314، ط. دار الكتب العلمية): [قال الله عز وجل: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ والزور الكذب، وذلك عام في سائر وجوه الكذب] اهـ.
وهذه الآية الكريمة قد اعتمد عليها الفقهاء في تحريم الإخبار بغير الحقيقة كذبًا وتدليسًا، فهي عمدتهم في ذلك، فقد قَرَن الله تعالى بين التزوير وعبادة الأوثان التي هي من الكبائر، فانسحب حكمها على قول الزُّور من حيث كونها كبيرة؛ وذلك بناء على ما قَرَّره جمعٌ من الأصوليين من أنَّ القِرَان بين الشيئين يقتضي التسوية بينهما في الحكم، وهو قول أبي يوسف من الحنفية، والمُزَنِيِّ من الشافعيةِ، ونقله الباجي عن جمعٍ من المالكية. ينظر: "ميزان الأصول" لعلاء الدين السمرقندي (ص: 415، ط. مطابع الدوحة الحديثة)، و"التبصرة" للشيرازي (ص: 229، ط. دار الفكر)، و"البحر المحيط" للزركشي (6/ 99، ط. دار الكتبي).
والمعنى مِن الربط بينهما أنَّ الـمُشْرِك يزعم أنَّ الوثن يُحقِّق له ما يريد من خلال تحسينه للباطل المزعوم للناس حتى ظنوه حقًّا، فانحرف وحَرَّف غيره عن الحق المستبين، وكذلك فعل الزُّور فإنه حسَّن الباطلَ حتى يَظْهَر أنَّه حق. ولذلك ورد في تفسير قوله تعالى مدحًا في المؤمنين: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ﴾ [الفرقان: 72]، أنَّهم الذين لا يقولون الكذب، كما أورده مسندًا الطبري في "تفسيره" (17/ 522، ط. دار الكتب العلمية).
وهذا بعمومه ينطبق عليه الغش الحاصل بالتحريف في المحررات الرسمية التي منها فواتير البيع؛ تَهرُّبًا وتَخَلُّصًا من الضرائب، فهو مُناقِضٌ لهذا المدح، وداخل تحت الوعيد السابق.
يضاف لذلك أنَّ إخفاء بعض البيانات المشار إليها كما أنَّه يشتمل على قول الزور المنهي عنه، فإنه أيضًا خيانة للأمانة؛ إذ إنَّه مخالفة صريحة للالتزام الذي تَمَّ بين مُقدِّم البيانات والدولة، وتضييعها -أي: الأمانة- هو من الخيانة المنهي عنها، والخيانة فيما يضر بحق المجتمع أشد إثما وأقبح جرمًا مما يضر بحق الأفراد؛ قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ خيانة الأمانة وإخلاف الوعد من صفات المنافق؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» متفق عليه.
كما أنَّ الإخفاء الـمُتَعمَّد لهذه البيانات فيه إضرارٌ بالمصلحة العامة التي تتمثل في جمع الدولة هذه الأموال الناتجة مِن الضرائب وصرفها في مشاريعها القومية، أو رعاية حاجة الفقراء والمساكين ومحدودي الدخل، وقد جاءت الأحكام القطعية في الشريعة الإسلامية بتحريم الإضرار بالغير؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده» متفق عليه.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه أحمد في "المسند"، وابن ماجه في "السنن".
كُلُّ أوجه التحريم السابق ذكرها حَدَت بالمشرِّع المصري النَّصَّ على عقوبة التلاعب في بيانات الإقرارات الضريبية، فجاء في القانون المشار إليه سابقًا في مادته 41 التي نَصَّت على أنَّه [يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه فضلًا عن الضريبة والضريبة الإضافية المستحقتين: كُلُّ مَن خالف أحكام الإجراءات أو النظم المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية دون أن يكون عملًا من أعمال التهرب المنصوص عليها فيه، وتعد مخالفة لأحكام هذا القانون الحالات الآتية ...
2- تقديم بيانات خاطئة عن المبيعات مِن السِّلَع أو الخدمات الخاضعة للضريبة إذا ظهرت فيها زيادة لا تجاوز 10% عما ورد بالإقرار] اهـ.
وهذا أيضًا ما أَكَّده قانون رقم 91 لسنة 2005م الخاص بشأن "الضريبة على الدَّخْل"، وذلك وَفْقًا لآخر تعديلاته لسنة 2023م، حيث نَصَّ في مادته (133) على أنَّه: [يعاقب كل مموِّلٍ تَهرب من أداء الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة تعادل مثل الضريبة التي لم يتم أداؤها بموجب هذا القانون أو بإحدى هاتين العقوبتين] اهـ.
ولم تكتف المادة بذلك، بل بَيَّنت طرق هذا التَّهرُّب الـمُجرَّم، ومنها: [1- تقديم الإقرار الضريبي السنوي بالاستناد إلى دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات مصطنعة، مع علمه بذلك، أو تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بالدفاتر أو السجلات أو الحسابات أو المستندات التي أخفاها.
2- تقديم الإقرار الضريبي السنوي على أساس عدم وجود دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات، مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت لديه من دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات أخفاها] اهـ.
بناءً على ما سَبَق وفي واقعة السؤال: فما يقوم به بعض التجار عند كتابة الفاتورة بإضافة بعض البنود غير الحقيقية، أو بوضع ثمنٍ غير حقيقي للبضاعة المبيعة؛ تهربًا من الضرائب محرم شرعًا، فهو صورة من صور الكذب والغش، وخيانة الأمانة، كما أنَّ فيه إضرارًا بالمصلحة العامَّة التي تتمثل في جمع الدولة هذه الأموال وصرفها في مشاريعها القوميَّة، ورعاية حاجة الفقراء والمساكين ومحدودي الدخل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التجارة في منتجات تجميل الثديين التي تتم بإدخال النَّهد الصناعي داخل جوف الثدي بواسطة فتحة تحت الإبط أو فتحة في الطية الموجودة أسفل الثدي، وذلك إما لغرضٍ تجميلي تحسيني؛ على سبيل المثال: تكبير حجم الثدي أو غرض طبي ضروري؛ مثل حالات سرطان الثدي حيث تتم العملية لإعادة بناء الثدي بعد إزالته بسبب مرض السرطان؟ مع العلم بأن النسبة التقريبية للعمليات التحسينية لا تقل عن سبعين بالمائة من الحالات. وهل بيع وتسويق مثل هذه المنتجات يعدُّ مشروعًا؟
هناك منتجات أخرى تستخدم عن طريق الحقْنِ لتعديل حجم الشفتين والأنف والخدود والحواجب وإزالة التجاعيد عن باقي أجزاء الوجه بغرضٍ تجميلي، وأيضًا تستعمل في بعض حالات الحروق والعيوب الخلقية بغرض طبيٍّ. فما الحكم في المتاجرة فيها؟
سأل بالآتي: هل لناظر وقف أن يبيع في شهر إبريل من السنة محصول القطن الذي سينتج من زراعة أرضي الوقف في شهر أكتوبر من تلك السنة، وأن يترك تحديد السعر للمشتري؛ كأن يذكر في عقد البيع ما نصه: وهذا القطن يقطع سعره بناءً على طلب البائع -أي: الناظر- حتى يوم كذا من شهر نوفمبر من تلك السنة أيضًا، وذلك حسب أسعار المشترى في ذلك اليوم؟ وهل له أن يقبل في ذلك العقد الخاص بهذا البيع اختصاص محكمة ابتدائية معينة للفصل في أي إخلال بتنفيذ هذا العقد على أن يكون حكمها نهائيًّا مفوتًا على جهة الوقف حق الاستئناف أم لا؟
ما حكم صناعة أو بيع أو إجارة ما يكون له استعمالان: استعمال مباح واستعمال محرم من السلع والأشياء؟ وهل يأثم من يقوم بهذا الفعل؟
ما حكم البيع مع الوعد بخفض السعر وقت التسليم؛ فرجلٌ يتاجر في الحديد، ذهب إليه رجلٌ يحتاج حديدًا، فاشترى منه قَدْرًا معينًا ودفع ثمنه، وطلب من التاجر إبقاء الحديد عنده إلى حين طلبه دون زيادة في الثمن إن زاد يوم التسليم، ثم أضاف التاجر: "وإن انخفض الثمن يوم التسليم حاسبتك بسعر يوم التسليم". فما حكم هذا التعامل؟
ما حكم استغلال بعض المتعافين حاجة المرضى بطلب مقابل مادي لإعطاء البلازما المستخلصة من دمه في ظل انتشار هذا الوباء الذي يهدد أمن البشرية واستقرارها؟
ما حكم أخذ ما تركه المستأجر بعد انتهاء عقد الإجارة ومغادرة المكان؟ فهناك إحدى الشركات استأجرَت قطعةَ أرضٍ كمخزنٍ للمعدات والمؤن، وبعد انتهاء مدة الإجارة انصرفت الشركة وغادرت المكان، لكنها تركت بعض الأدوات، ومَضَت مدةٌ ولَمْ تَطلُبها، فهل يجوز لصاحب الأرض أن يأخذها لنفسه؟