حكم تفويض المرأة في الطلاق الثلاث، ومدى جواز اشتراط ذلك في العقد

تاريخ الفتوى: 24 نوفمبر 2024 م
رقم الفتوى: 21653
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الطلاق
حكم تفويض المرأة في الطلاق الثلاث، ومدى جواز اشتراط ذلك في العقد

ما حكم تفويض المرأة في الطلاق الثلاث، وذلك بأن يفوضها زوجها في تطليق نفسها الثلاث طلقات متفرقات (واحدة بعد واحدة)؟ وهل يجوز لها أن تشترط ذلك في عقد الزواج؟

يجوز اشتراط المرأة عند الزواج أن يفوضها زوجها في تطليق نفسها الطلقات الثلاث متفرقات بلفظ "كلما" الذي يفيد التكرار، لا فرق في ذلك بين أن يكون الاشتراط سابقًا على العقد، أو في صلب العقد أو بعده.

ويستمر جواز أن تطلق المرأة نفسها مرة بعد مرة بالتفويض بلفظ "كلما شئت" ما لم تتزوج بآخر ويدخل بها قبل استكمالها الطلقات الثلاث بذلك التفويض، فلو أنها طلقت رجعيًّا ممن فوضها ثم راجعها، أو بائنًا بينونة صغرى وأعادها بزواج جديد قبل أن تتزوج بآخر، أو بعد زواجها بآخر ولم يكن قد دخل بها: استمر جواز أن تطلق المرأة نفسها مرة بعد مرة بذلك التفويض.

بخلاف ما لو طلقت ثلاثًا، فتزوجت بآخر ودخل بها ثم عادت إلى الأول، أو طلقت بائنًا طلقة أولى أو ثانية، وتزوجت بآخر ودخل بها، ثم عادت إلى الأول فتعود بلا تفويض؛ لهدم التفويض بالدخول في زواج آخر.

المحتويات

 

الطلاق حق من حقوق الزوج

الطَّلاقُ تَصَرُّفٌ شَرعيٌّ جعله الشرعُ الشريفُ حقًّا من حقوق الزوج، بموجبه يُطَلِّقُ زوجته بنفسه، أو يفوضها في تطليق نفسها بإسناد مشيئة الطلاق إليها، أو أن يُوكِّلَ غيره في تطليقها، ويتنزَّل ذلك كله منزلة طلاقه بنفسه؛ بائنًا أو رجعيًّا، صريحًا أو كنايةً، إلَّا ما اشترطه الزوجان أو اتفقا عليه فيُعمَلُ به بشرطه.

معنى تفويض الزوجة في الطلاق وحكمه

تفويضُ الزوجة في الطلاق معناه: جعل أمر الطلاق بيدها؛ تخييرًا أو تمليكًا، صريحًا أو كناية؛ كما أفاده العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (4/ 56، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة شطا الدمياطي في "إعانة الطالبين" (4/ 13، ط. دار الفكر).

والتفويض جائز شرعًا أثناء قيام الزوجية، دلَّ على جوازه تخيير النبي صلى الله عليه وآله وسلم زوجاته بين المقام معه وبين مفارقته؛ في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: 28].

وفي الحديث: عن أم المؤمنين عائشة رَضِيَ الله عنها قالت: "خَيَّرَنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاختَرْنا اللهَ ورَسولَه، فلم يَعُدَّ ذلك علينا شَيئًا" متفق عليه.

وقد حُكي الإجماع على جواز تفويض الزوجة في طلاق نفسها بعد عقد الزواج وأثناء الحياة الزوجية؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/ 278، ط. دار الكتاب الإسلامي): [التفويض للطلاق وهو جائز بالإجماع، واحتجوا له أيضًا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم خيَّر نساءَه بين المقام معه وبين مفارقته لما نزل قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ إلى آخره، فلو لم يكن لاختيارهن الفرقة أثر لم يكن لتخييرهن معنى] اهـ.

وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (7/ 403، ط. مكتبة القاهرة): [الزوجُ مخيَّرٌ بين أن يطلق بنفسه، وبين أن يوكل فيه، وبين أن يفوضه إلى المرأة، ويجعله إلى اختيارها؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم خيَّر نساءه، فاخترنه... ولا نعرف له في الصحابة مخالفًا، فيكون إجماعًا] اهـ.

حكم اشتراط المرأة تفويضها في الطلاق في صلب العقد

اختلف الفقهاء في جواز اشتراط المرأة ذلك في صلب العقد وحال إنشائه:
فذهب الحنفية والحنابلة -في مقتضى مذهبهم- إلى أنه يجوز للمرأة أن تشترط ذلك في صلب العقد وكذا قبل العقد، واشترط الحنفية أن تكون المرأة -أو وكيلها- بادئة بالإيجاب، كأن تقول "زوجت نفسي منك على أني طالق، أو على أن يكون الأمر بيدي أطلق نفسي "كلما شئت"، ويقع عليه قبولٌ من الزوج، بخلاف ما إذا وقع الإيجاب من الزوج مع وجود الشرط، وقبلت المرأة فإن الشرط يلغو حينئذ، ومبنى بطلانه: أنَّ الزوج قد ملَّك العصمة قبل العقد، وهو لا يملكها إلا بالعقد، فإذا قبلت الزوجة مع ذكر الشرط كأنها أعطت تلك العصمة لنفسها عند تمام العقد، وهي لا تملك ذلك بالضرورة، بينما في الحالة الأولى الذي وقع الشرط فيها بعد تمام العقد: يكون الزوج قد ملَّكها ما يملكه حقيقة فيلزم.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (3/ 242، ط. دار الفكر): [وإن ابتدأت المرأة فقالت: زوجت نفسي منك على أني طالق، أو على أن يكون الأمر بيدي أطلق نفسي "كلما شئت"، فقال الزوج: قبلت، جاز النكاح ويقع الطلاق ويكون الأمر بيدها؛ لأن البداءة إذا كانت من الزوج، كان الطلاق والتفويض قبل النكاح، فلا يصح. أما إذا كانت من المرأة يصير التفويض بعد النكاح؛ لأن الزوج لما قال بعد كلام المرأة: قبلت، والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال صار كأنه قال: قبلت على أنك طالق، أو على أن يكون الأمر بيدك، فيصير مفوضًا بعد النكاح] اهـ.

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (8/ 154، ط. دار إحياء التراث العربي): [الشروط المعتبرة في النكاح في هذا الباب محل ذكرها: صلب العقد. قاله في "المحرر"، وغيره. وجزم به في "الرعايتين"، و"الحاوي الصغير"، و"تذكرة ابن عبدوس"، و"النظم". وقاله القاضي في موضع من كلامه. وقال الشيخ تقي الدِّين رحمه الله: كذا لو اتفقَا عليه قبل العقد، في ظاهر المذهب. وقال: على هذا جواب الإمام أحمد رحمه الله في "مسائل الحيل"؛ لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك تناولًا واحدًا. قال الزَّرْكَشي: وهذا ظاهر إطلاق الخِرَقي وأبي الخطاب وأبي محمد، وغيرهم قال: وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في "فتاويه": إنه ظاهر المذهب. ومنصوص الإمام أحمد رحمه الله، وقول قدماء أصحابه، ومحققي المتأخرين. قلت: وهو الصواب الذي لا شك فيه] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 664، ط. عالم الكتب): [(باب الشروط في النكاح): أي ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر مما له فيه غرض، (ومحل المعتبر منها) أي: الشروط في النكاح (صلب العقد)، أي: عقد النكاح، (وكذا لو اتفقا عليه قبله) أي: قبل العقد في ظاهر المذهب] اهـ.

فأفاد ذلك أنه يجوز اشتراط التفويض في صلب العقد، إذ ليس فيه ما ينافي مقتضى العقد (أي مما يجب بالعقد)، وهذا راجع إلى أن الأصل عند الحنابلة هو جواز الاشتراط إلا ما استُثني مما يخالف النصَّ، كنكاح التحليل والمتعة أو يخالف مقتضى العقد، كاشتراط عدم النفقة.

وذهب المالكية والشافعية إلى عدم جواز اشتراط التفويض في صلب العقد، ومن ثمَّ يبطل النكاح بهذا الاشتراط؛ لأنه رافع لمقصود العقد من البقاء والاستدامة.

قال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (2/ 386، ط. دار المعارف) في الشروط المخلة بالعقد: [لو شرطت أن ينفق على ولدها أو على أبيها، أو على أن أمرها بيدها متى أحبت فيفسخ قبل الدخول في الجميع، ويثبت بعده بصداق المثل] اهـ.

قال العلامة الصاوي المالكي مُحَشِّيًا عليه: [اعلم أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ العقدُ إلَّا بالاشتراط لهذه الأشياء فِي صُلْبِ العقد، وأَمَّا إنْ حصل منها شَيْءٌ بَعدَ العقد وهِي في العِصمة: فَلَا ضرر في ذلك] اهـ.

وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (9/ 506، ط. دار الكتب العلمية): [القول في الشروط التي تبطل النكاح: فأمَّا القسم الأول: وهو ما يبطل النكاح، فهو كلُّ شرطٍ رفعَ مقصود العقد، مثل أن... الطلاق بيدها تطلق نفسها متى شاءت، فالنكاح بهذه الشروط باطل، سواء كانت هذه الشروط من جهته أو من جهتها؛ لأنها رافعة لمقصود العقد من البقاء والاستدامة] اهـ.

المختار للفتوى في حكم اشتراط المرأة تفويضها في الطلاق في صلب العقد

المختار للفتوى: هو جواز اشتراط التفويض، سواء كان ذلك في صلب العقد وحال إنشائه أو بعده؛ إذ المسلمون على شروطهم ما لم تحرم حلالًا أو تُحلُّ حرامًا، وليس في هذا الاشتراط -محل السؤال- تحليل حرام أو تحريم حلال فيكون جائزًا، كما أن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناوله ويشمله، يدل على ذلك ما جاء عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «المسلمون على شروطهم» أخرجه أبو داود والترمذي.

وعن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ؛ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبرى"، والإمام الدارقطني في "السنن"، وغيرهما.

وعن عبد الرحمن بن غَنْم قال: شهدتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أتي في امرأة جعل لها زوجها دارها، فقال عمر رضي الله عنه: "لها شرطها"، فقال رجل: إذًا يُطَلِّقْنَنَا! فقال عمر: "إنما مقاطع الحقوق عند الشروط" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، وسعيد بن منصور في "سننه".

قبول الزوج للتفويض عن طريق اللفظ أو الكتابة

ولا فرق بين أن يقعَ قبول الزوج للتفويض لفظًا أو كتابة؛ لأن الكتابة كالخطاب إثباتًا وحجَّةً؛ قال العلامة البابرتي في "العناية شرح الهداية" (7/ 291-292، ط. دار الفكر): [الكتاب كالخطاب] اهـ.

صيغ التفويض وتأثيرها في إيقاع الطلاق

ثم إنَّ هذا الاشتراط إمَّا أن يَرِد مطلقًا عند العقد دون تحديد صيغة تقيده، وإمَّا أن يُقيَّد بصيغة، وإن قُيِّدَ بصيغة: فإمَّا أن تفيد التكرار، وإمَّا أنها لا تفيده. فهو على ثلاث صور، بناء على أنَّ لكل لفظٍ منه معناه ودلالته؛ بالتأثير في إيقاع الطلاق من عدمه، وفي احتسابه واحدةً أو ثلاثًا، وفي مداه هل يصلح لمرة واحدة أو لمرات متفرقة؟

الصورة الأولى: الاشتراط المطلق بلا صيغة: وتملك فيه المرأة طلاقها مرةً واحدةً، في مجلس التفويض؛ لأنه تمليك لها بإيقاع الطلاق، وجواب التمليك يقتصر على المجلس.

قال العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (6/ 197، ط. دار المعرفة) [لو قال لها طلقي نفسك ولم يذكر فيه مشيئة: فذلك بمنزلة المشيئة، لها ذلك مادام في المجلس؛ لأنه تمليك للإيقاع منها، وجواب التمليك يقتصر على المجلس] اهـ.

وقال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 216، ط. دار الكتب العلمية): [(أو طلقي نفسك فلها أن تطلق في مجلس علمها به) مشافهة أو إخبارًا، (وإن طال) يومًا أو أكثر، ما لم يوقته ويمضي الوقت قبل علمها، (ما لم تقم)؛ لتبدل مجلسها، حقيقةً (أو) حكمًا؛ بأن (تعمل ما يقطعه) مما يدل على الإعراض، لأنه تمليك، فيتوقف على قبولها في المجلس] اهـ.

الصورة الثانية: الاشتراط المقيد بصيغة تدل على التكرار؛ وهي صيغة "كلما شاءت": فتُطَلِّقُ الزوجة نفسها كلما شاءت؛ في المجلس وغيره، طلاقًا متفرقًا مرةً بعد أخرى؛ لأنَّ "كُلَّمَا" تقتضي التكرار، وهي لعموم الأوقات والأفعال؛ عموم انفرادٍ لا عموم اجتماع، فكأنَّه فوَّضها في الطلاق كل مرة إلى أن تستوفيَ الطلقات الثلاث.

قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (6 /200): [لو قال لها: "أنت طالق إذا شئتِ"... أو "متى شئتِ"؛ كان لها أن تشاء في المجلس وبعد القيام من المجلس متى شاءت مرةً واحدةً؛ لأن كلمة "إذا" و"متى" للوقت، فكأنه قال: "أيّ وقت شئتِ"، فيكون موجب هذا الحرف تعدي المشيئة إلى ما بعد المجلس من الأوقات، لا التكرار، فكان لها المشيئة مرةً واحدةً في أيِّ وقتٍ شاءت، وكذلك قوله: "إذا ما شئتِ"، أو "متى ما شئتِ". ولو قال... "كُلَّمَا شئتِ"؛ كان لها ذلك أبدًا كلما شاءت، مرةً بعد أخرى، حتى يقع عليها ثلاث تطليقات؛ لأن كلمة "كُلَّمَا" تقتضي التكرار] اهـ.

ويستمر جواز أن تطلق المرأة نفسها بالتفويض بلفظ: "كلما شئت" ما لم تتزوج بآخر ويدخل بها، فلو طلقت رجعيًّا ثم راجعها أو بائنًا وأعادها بزواج جديد قبل أن تتزوج بآخر أو بعد زواجها بآخر ولم يكن قد دخل بها: استمر التفويض.

بخلاف ما لو طلقت ثلاثًا فتزوجت بآخر ودخل بها، ثم عادت إلى الأول، أو طلقت بائنًا طلقة أولى أو ثانية وتزوجت بآخر ودخل بها ثم عادت إلى الأول؛ فتعود بلا تفويض؛ لهدم التفويض بالدخول في زواج آخر.

قال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق" (3/ 368-369، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: ولو قالت بعد زوج آخر؛ لا يقع) أي لو قالت: "طلقت نفسي" أو "شئت طلاقي" بعدما طلقت نفسها ثلاثًا متفرقة ثم عادت إليه بعد زوج آخر، لا يقع؛ لأن التعليق إنما ينصرف إلى الملك القائم وهو الثلاث، فباستغراقه ينتهي التفويض، قيدنا بكونه بعد الطلاق الثلاث؛ لأنها لو طلقت نفسها واحدة أو ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر، فلها أن تفرق الثلاث خلافًا لمحمد، وهي مسألة الهدم] اهـ.

وقال العلامة بدر الدين العيني في "البناية" (5/ 403، ط. دار الكتب العلمية): [حتى لو عادت إليه بعد زوج آخر، فطلقت نفسها، لم يقع شيء؛ لأنه ملك مستحدث، يعني: متجدد بعد الملك القائم بالزواج الأول] اهـ.

الصورة الثالثة: الاشتراط المُقيَّد بصيغة لكنها لا تفيد التكرار؛ سواء دلَّت على مطلق الوقت: كـ"إذا شاءت"، و"إذا ما شاءت"، و"متى شاءت"، و"متى ما شاءت"، أو دلَّت على الحال والهيئة: كـ"كيف شاءت"، أو "كيفما شاءت": فهذا الشرط يقع به الطلاق مرة واحدة، سواء في مجلس التفويض أو بعده.

قال الإمام السغدي في "الفتاوى" (1/ 360، ط. دار الفرقان): [يَقُول "أنت طَالِق مَتى شِئْت" أوْ "مَتى مَا شِئْت" فإن الطَّلَاق بِيَدِهَا فِي الْمجْلس وَبعد الْمجْلس لَا يَقع على الأوقات والأزمنة، فَكَأَنَّهُ قَالَ: "فِي أي زمَان شِئْت" أوْ "حِين شِئْت"، فإن شَاءَت مرّة طلقت ثمَّ شَاءَت بعد ذَلِك لم تطلق أيضًا وإنما هُوَ على تطليقة وَاحِدَة، وَكَذَلِكَ لَو قَالَ "طَلِّقِي نَفسكِ مَتى شِئْت"، والثاني: يَقُول: "أنت طَالِق مَتى شِئْت"، أو "إذا شِئْت" فَحكم هَذَا القَوْل كَحكم الأول بِعَيْنِه] اهـ.

وهو ما قضت به محكمة النقض المصرية؛ فجاء في الطعن رقم 88 لسنة 63ق جلسة 28/ 1/ 1997م أنَّه: [إذا اشترطت الزوجة في التفويض الصادر لها أن تُطَلِّقَ نفسها "متى شاءت"، و"كيف شاءت" فلها أن تُطَلِّقَ نفسها مرة واحدة طلقة رجعية؛ لأن هذه العبارة وفقًا للمذهب الحنفي وقواعد فقه اللغة لا تفيد التكرار؛ ذلك أن كلمة "متى" تفيد تعميم الزمن فقط، فلها أن تختار أي وقت للطلاق، وعبارة "كيف شاءت" تدل على تعميم الحال التي يقع عليها الطلاق من غير أن يقتضي شيءٌ من ذلك تكرار الطلاق، مع وقوعه رَجعِيًّا على النحو سالف البيان] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي السؤال: فيجوز اشتراط المرأة عند الزواج أن يفوضها زوجها في تطليق نفسها الطلقات الثلاث متفرقات بلفظ "كلما" الذي يفيد التكرار، لا فرق في ذلك بين أن يكون الاشتراط سابقًا على العقد، أو في صلب العقد أو بعده.

ويستمر جواز أن تطلق المرأة نفسها مرة بعد مرة بالتفويض بلفظ "كلما شئت" ما لم تتزوج بآخر ويدخل بها قبل استكمالها الطلقات الثلاث بذلك التفويض، فلو أنها طلقت رجعيًّا ممن فوضها ثم راجعها، أو بائنًا بينونة صغرى وأعادها بزواج جديد قبل أن تتزوج بآخر، أو بعد زواجها بآخر ولم يكن قد دخل بها: استمر جواز أن تطلق المرأة نفسها مرة بعد مرة بذلك التفويض.

بخلاف ما لو طلقت ثلاثًا، فتزوجت بآخر ودخل بها ثم عادت إلى الأول، أو طلقت بائنًا طلقة أولى أو ثانية، وتزوجت بآخر ودخل بها، ثم عادت إلى الأول فتعود بلا تفويض؛ لهدم التفويض بالدخول في زواج آخر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

تشاجرت مع عاملٍ تحت يدي، وحلفت وأنا في العمل بقولي: عليَّ الطلاق لم تشتغل معي. وخرج من العمل. فهل إذا رددته للعمل يقع يمين الطلاق، أو لا يقع؟


ما حكم الاستيلاء على أموال غير المسلمين؟ حيث إنني أعيش في بلاد يكثر فيها غير المسلمين، وأسمع كثيرًا من المسلمين المقيمين في هذه البلاد يقولون: إن الاستيلاء على الأموال التي يتملكها غير المسلمين بالطرق المختلفة مباح أخذها؛ بحجة أنهم ليسوا على ديننا ومن كان كذلك فيجوز استحلال أموالهم، فما مدى صحة ذلك، وهل يجوز لي أخذها؟


ما مدى اعتبار الكتابة غير الموثقة في إيقاع الطلاق؟ حيث كنت في حالة غضب شديدة أنا وزوجتي، وطلقتها كتابةً بناءً على طلبها، ولم يكن لدي نية طلاق، بل فعلت ذلك لإنهاء حالة الغضب الشديدة؛ فهل تقع هذه الطلقة؟ علمًا بأني طلقها قبل ذلك طلقتين موثقتين.


سائل يقول: نرجو منكم بيان كيف حذر الشرع الشريف الإنسان القادر على العمل والكسب من سؤال الناس ومدى خطورة ذلك على المجتمع.


ما هو ميراث المطلقة طلاقًا رجعيًّا؟ فقد تزوجت بنتي ‏برجل توفي بتاريخ 10 يناير، ‏وكان قد طلق بنتي المذكورة قبل ‏وفاته طلاقًا رجعيًّا بتاريخ 10 أكتوبر، ولا زالت للآن في عدته. فهل ‏ترث بصفتها زوجةً له حيث إن عدتها لم ‏تنقض منه، وله بنت من زوجة أخرى في ‏عصمته، وأخ شقيق، وأختان شقيقتان؟ فما ‏بيان نصيب كل منهم؟


ما حكم اغتسال الحائض للإحرام بالحج؟ فعندما ذهبت أنا وزوجتي للحج، وافق الإحرام للحج عادتها الشهرية. فهل تغتسل للإحرام؟