ما حكم شراء السلع التي عليها خصومات ثم بيعها بسعر أعلى من سعر الشراء؟ فهناك رجلٌ يعمل في شركةٍ توفر للعاملين بها خصوماتٍ على منتجاتها، فهل يجوز له شراء السلع للحصول على تلك الخصومات ثم بيعها بالثمن الأصلي بالسُّوق المحلي؟ علمًا بأنه قد لا يكون في حاجة إليها عند شرائها، وإنما يشتريها لغرض أن يبيعها بهامش ربح.
لا مانع شرعًا من الاستفادة بالخصومات المُقدَّمة مِن بعض الشركات للعاملين بها، وذلك لا يقدح أبدًا في جواز تملُّك المشتري لهذه السلعة بعد تمام شرائها، بحيث يكون له الحق في التصرف فيها بحسب إرادته كسائر أملاكه، فيجوز للرجل المذكور بعد شرائه السلع ذات الخصومات مِن شركته أن يبيعها بثمن السوق طلبًا للربح، مع وجوب مراعاة كافة شروط التجارة الشرعية وأخلاقها المرعية مِن نحو الصدق والأمانة، والسماحة، وعدم الاحتكار وغيرها، عملًا بعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى»، وبما لا يخالف عقد عمله بالشركة ولوائحها.
المحتويات:
شرع اللهُ جَلَّ وَعَلَا البيعَ وسيلةً لدفع الضرورة عن الناس عامَّة، وقضاء حاجاتهم، وتحقيق مصالحهم، وذلك بتحقيق مصلحة البائع والمشتري في تبادل العِوَضَين بالتراضي، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه الأئمة: ابن ماجه في "السنن"، وابن حِبَّان في "الصحيح"، وأبو يَعْلَى في "المسند".
الخصومات التي تقدِّمُها بعض جهات البيع للعامَّةِ، أو لفئةٍ محدَّدةٍ مِن عملائها -كالعاملين بها كما هي مسألتنا- بما يخوِّل لهم الحصول على السِّلع أو الخدمات بثمنٍ أقل -إنما هي حطٌّ وتخفيضٌ مِن ثمن السلعة المعلَن لجمهور المستهلِكين قبل تمام عقد البيع، فيصبح الثمن بعد الخصم هو ثمن البيع لا الثمن الأول قبل الخصم؛ لأنه هو ما تراضى عليه العاقدان في ذلك البيع إيجابًا وقَبُولًا.
ومِن المقرَّر أن عقدَ البيع مِن عقود المعاوضَةِ، وهو ما "اجتمعتِ الأمة على كونه سببًا لإفادة المِلك"، كما قال حُجة الإسلام الغَزَالِي في "الوسيط" (3/ 3، ط. دار السلام).
فبتمام البيع تنتقل السلعة المشتراة بالخصم إلى مِلكِ المشتري، وتصيرُ قابلةً لكافَّةِ تصرفاتِهِ مِن نحو الاستعمالِ، والإجارة، والبيعِ، والهبةِ وغيرها، كسائر أملاكه؛ إذ مِن المقرَّر وفقًا للقواعد العامَّة للشريعة الإسلامية أنَّ مُقتضى المِلكيَّة هو حريةُ التصرف المشروع في الشيء المملوك، فمن مَلَك شيئًا أُبيح له التَّصرُّف فيه من غير شرطٍ ولا قيدٍ.
قال الإمام شهاب الدين القَرَافِي في "الفروق" (3/ 216، ط. عالم الكتب): [المِلك إباحةٌ شرعيَّةٌ في عينٍ أو منفعةٍ تقتضي تمكُّن صاحبها مِن الانتفاع بتلك العين أو المنفعة أو أخذ العِوَض عنهما] اهـ.
وقال العلامة محمد قدري باشا في "مُرشِد الحيران" (ص: 4، مادة: 11): [المِلك التام مِن شأنه أن يتصرف به المالكُ تصرفًا مطلقًا فيما يملكه عينًا ومنفعة واستغلالًا، فينتفع بالعين المملوكة وبِغَلَّتِهَا وثمارها ونِتَاجِهَا، ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة] اهـ.
وكون المشتري غيرَ محتاجٍ لاقتناء السلعة ذات الخصومات وقت شرائها، وإنما يشتريها بقصد التربح من بيعها بعد ذلك بالثمن الشائع لها في الأسواق -لا يؤثر في صحَّةِ البيع أو الشراء شرعًا ما دامت تلك العقود مستوفية لشروطها؛ إذ "لَا فَسَادَ فِي قَصدِ البَائِع، فإنَّ قَصْدَه التِّجَارَةُ بالتَّصرُّف فيما هو حلالٌ لِاكتِسَابِ الرِّبِح"، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (24/ 6، ط. دار المعرفة)؛ فحقيقة التجارة المشروعةِ: "الاسترباح بالبيع والشراء"، كما في "عقد الجواهر الثمينة" للإمام جلال الدين ابن شَاس (3/ 901، ط. دار الغرب الإسلامي).
إلا أنَّه يجب عليه أن يراعي عند الشراء قَصدَ الشركة المانحةِ لتلك الخصومات، فإن قصَدَت بتلك الخصومات تيسير وسائل المعيشة على العاملين بها، فإنه -وإن كان واحدًا منهم- يستحبُّ له أن يَرغَب في وصول الخير والتيسير لكافة إخوانه وزملائه العاملين بالشركة، بحيث إن علم أنهم تفوتهم فرصةُ الحصول على تلك الخصومات إن أكثر مِن الشراء عن الحَدِّ المعتاد فإن عليه ألَّا يُكثِر منه؛ لكي يَعُمَّ النفعُ المراد مِن تلك الخصومات، خاصَّةً إذا كان الخصم يُطَبَّق على عدد محدود مِن السلع، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» أخرجه الشيخان.
كما ينبغي عليه عند البيع أن يكون الربح معقولًا دون جشع أو استغلال؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث جابرٍ رضي الله عنه. والسماحة: الجُود والكرم، والمسامحة: المساهَلَة، كما في "لسان العرب" للعلامة ابن مَنْظُور (2/ 489، مادة: "س م ح"، ط. دار صادر).
قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 210، ط. مكتبة الرشد) عند ذكر هذا الحديث: [فيه: الحضُّ على السماحة وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة والرقة في البيع، وذلك سببٌ إلى وجود البركةِ فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يحض أمَّته إلا على ما فيه النفع لهم في الدنيا والآخرة] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الخصومات المُقدَّمة مِن بعض الشركات للعاملين بها أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا يقدح في تملُّك المشتري للسلعة بهذا الشراء، بما يُخوِّل له التصرف فيها بعد شرائها بحسب إرادته كسائر أملاكه، فيجوز للرجل المذكور بعد شرائه السلع ذات الخصومات مِن شركته أن يبيعها بثمن السوق طلبًا للربح، مع وجوب مراعاة كافة شروط التجارة الشرعية وأخلاقها المرعية مِن نحو الصدق والأمانة، والسماحة، وعدم الاحتكار وغيرها، وبما لا يخالف عقد عمله بالشركة ولوائحها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الشرع في المضاربة على أسهم الشركات التي تعمل في الأنشطة المباحة؛ كالحديد والصلب، وكذا الاشتراك في صناديق الاستثمار المختلفة؟
سائل يقول: هل يجوز لشركتنا أن تبيع للعاملين بالقطاع العام والحكومة وأصحاب المعاشات الذهبَ المصوغ تيسيرًا عليهم مقسطًا من عندنا أو بالاتفاق مع محل صاغة غيرنا وذلك عن طريق الاتفاق مع بعض البنوك للتمويل النقدي الفوري لنا وللصاغة الأخرى ثم يُقَسِّط العميلُ المبلغ للبنك؟
ما حكم الشرع في الاستيلاء على السلع المدعومة لتحقيق أرباح بطريقة غير مشروعة؟ وما حكم الشرع في بائع السلع ومشتريها؟ وما حكم الأموال التي يكتسبها الرجل من هذه المعاملة؟ وهل توجد عقوبة شرعية محددة لمن يقوم بالاستيلاء على السلع المدعمة وبيعها؟
ما حكم بيع الأدوية المرسومة بسعر قديم بسعرها الجديد؟ فهناك رجلٌ يملِك صيدلية، وفي ظلِّ ارتفاع الأسعار تُوَرَّدُ إليه الأدوية مُسَعَّرَةً بأسعارها الجديدة، ويوجد في الصيدلية أدويةٌ أخرى بأسعارها القديمة، فهل يجوز له بيع الأدوية المُسَعَّرَة بالسِّعر القديم بسِعر التوريد الجديد مِن باب توحيد سِعر الدواء؟ علمًا بأنه يسدد ثمن الدواء القديم لشركات الأدوية بالسِّعر القديم المنقوش عليه ولو كان السداد بعد تحرُّك الأسعار.
ما حكم بيع الآثار التي يُعثر عليها، والمتاجرة فيها عمومًا؟
ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما طُلِب منه التسعير: «إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ..» إلخ الحديث؟ وهل هناك في التسعير ما هو ظلم محرّم، وما هو عدل جائز؟ وما هو رأي الشرع في مسألة السعر أو التسعيرة؟ وهل رفع السعر حرام أم جائز؟ وإذا كان في التسعير مصلحة عامة للأمة فهل يجوز شرعًا لولي الأمر أن يضبط الأسعار بنفسه؟ وما هي حدود تدخله؛ هل ذلك مطلَق له في أي وقت، أم أن تدخله في حالة الخلل فقط؟