ما حكم الفتح على الإمام ممن هو خارج الصلاة؟ فكنت أجلس في المسجد لقراءة الأذكار بعد المغرب وبجواري جماعة من المصلين جاؤوا متأخرين بعد انتهاء الجماعة الأولى، وأثناء صلاتهم أخطأ الإمام في قراءته وتلعثم ولم يفتح عليه أحد من المأمومين خلفه، فهل يجوز لي تصحيح القراءة له والفتح عليه مع كوني خارج الصلاة؟
يجوز لمن هو خارج الصلاة أن يفتحَ على الإمامِ إذا أخطأ في قراءته ولم يفتح عليه أحد من المأمومين خلفه ولا تبطل الصلاة حينئذٍ، مع مراعاة عدم المبادرة إلى ذلك ولا ابتداؤه بالرد، إلا إذا توقف الإمام عن القراءة وطلب الفتح عليه.
جاء في حديث المُسَوَّر بن يزيد رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَّا أَذْكَرْتَنِيها» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه" واللفظ له، والإمام أحمد في "مسنده".
وجاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى صَلَاةً فَأُلْبِسَ عَلَيْهِ فِيهَا، فلما انصرف قال لِأُبَيِّ بنِ كَعب: «أصليت معنا؟» قال: نعم، قال: «فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَيَّ» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه"، والإمام الطبراني في "المعجم الكبير" واللفظ له.
فالحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام وهما الأصل في هذا الباب.
المحتويات
الفتح على الإمام هو تنبيهه إلى ما يقرؤه وتلقينه الآية عند التوقف فيها، والأصل أنه لا يُفتح على الإمام إلا إذا طلب الفتح أو التلقين من المأمومين كأن يقف في القراءة أو يتردد فيها، فلا يبتدئه المأموم بالرد، ولا يقاطعه أثناء القراءة؛ لأن مصلحة انتظام شأن الصلاة، والخشوع فيها مقدمة على ما عداها.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 236، ط. دار الكتب العلمية): [ولا ينبغي للمقتدي أن يُعجِّل بالفتح، ولا للإمام أن يحوجهم إلى ذلك، بل يركع أو يتجاوز إلى آية أو سورة أخرى، فإن لم يفعل الإمام ذلك وخاف المقتدي أن يجري على لسانه ما يفسد الصلاة فحينئذ يفتح عليه] اهـ.
وقال الإمام اللخمي المالكي في "التبصرة" (1/ 398، ط. وزارة الأوقاف بقطر): [وإذا تعايا المصلي في أول قراءته لم يفتح عليه في أول ذلك حتى يتردد أو يستطعم الفتح، وهو المخير بين أن يترك تلك السورة وينتقل إلى غيرها أو يركع، إذا كان ذلك في غير أم القرآن، أو يستطعم ذلك الفتح فيفتح عليه] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 356، ط. دار الكتب العلمية): [والفتح: هو تلقين الآية عند التوقف فيها، ومحله كما في "التتمة" إذا سكت فلا يفتح عليه ما دام يردد التلاوة] اهـ.
وقال العلامة منصور البهوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 98، ط. مؤسسة الرسالة): [(و) للمأموم (الفتح على إمامه) إذا أُرْتِجَ عليه] اهـ.
من المقرر شرعًا أن الفتح من المأموم على الإمام داخل الصلاة مشروع في الجملة؛ وذلك لِمَا جاء في حديث المُسَوَّر بن يزيد رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَّا أَذْكَرْتَنِيها» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه" واللفظ له، والإمام أحمد في "مسنده".
وما جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى صَلَاةً فَأُلْبِسَ عَلَيْهِ فِيهَا، فلما انصرف قال لِأُبَيِّ بنِ كَعب: «أصليت معنا؟» قال: نعم، قال: «فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَيَّ» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه"، والإمام الطبراني في "المعجم الكبير" واللفظ له.
فالحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام وهما الأصل في هذا الباب. يُنظر: "شرح سنن أبي داود" للإمام بدر الدين العيني (4/ 131، ط. مكتبة الرشد).
أما إذا كان الفاتح أو الملقن غير مصلٍّ فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز أن يفتح على الإمام ولا حرج في ذلك؛ لأنه تلقين لإصلاح أمرٍ مُتعلِّقٍ بالصلاة.
قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (1/ 179-180، ط. دار الغرب الإسلامي): [ومن المختصر: ولا بأس أن يفتح على الإمام في المكتوبة والنافلة، وأن يفتح مَنْ ليس في صلاة على مَنْ هو في صلاة] اهـ.
وقال الإمام اللخمي المالكي في "التبصرة" (1/ 398): [ويجوز لمن هو في غير صلاة أن يفتح على من هو في صلاة] اهـ.
ونقل الإمام الإسنوي الشافعي في "الهداية إلى أوهام الكفاية" (20/ 123، ط. دار الكتب العلمية) عن القاضي الحسين في "فتاويه" ما نصُّه: [مسألةٌ: إذا كان لا يحسن الفاتحة، فشرع في الصلاة، فجاء رجل، فجعل يلقنه الفاتحة حرفًا حرفًا، فصلى- صحت صلاته، ولكن لا يلزم ذلك] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 45، ط. مكتبة القاهرة): [ولا بأس أن يفتح على المصلي من ليس معه في الصلاة. وقد روى النَّجَّاد بإسناده، قال: كنت قاعدًا بمكة، فإذا رجل عند المقام يُصلي، وإذا رجل قاعد خلفه يُلَقِّنُه، فإذا هو عثمان رضي الله عنه] اهـ.
وذهب الحنفية إلى فساد صلاة المستفتَح عليه إذا فتح عليه من هو خارج الصلاة فتبعه في ذلك؛ لأن ذلك تعليم وتعلم، والصلاة ليست مقامًا للتعليم والتعلم.
قال العلَّامة فخر الدين الزيلعي في "تبيين الحقائق" بـ"حاشية الشِّلْبِيّ" (1/ 156، ط. المطبعة الأميرية الكبرى) في بيان ما يُفسد الصلاة: [(وفتحه على غير إمامه) لأنه تعليم وتعلم من غير ضرورة فكان من كلام الناس، ثم شرط في الأصل التكرار؛ لأنه ليس من أفعال الصلاة فيعفى القليل منه، ولم يشترطه في "الجامع الصغير" وهو الصحيح؛ لأنه من قبيل الكلام فلا يعفى القليل منه بخلاف العمل والفرق قد تقدم، وقوله على غير إمامه يشمل فتح المقتدي على المقتدى وعلى غير المصلي وعلى المصلي وحده وفتح الإمام والمنفرد على أي شخص كان، وكل ذلك مفسدٌ] اهـ.
المختار للفتوى أنَّ الفتحَ على المصلِّي ممن هو خارج الصلاة أمرٌ جائز شرعًا ولا تبطل صلاته بذلك؛ كما هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، مع ضرورة مراعاة عدم التسرع في الفتح، حتى لا يتحيَّر المصلِّي ولا يختلط عليه الأمر فيزيد تردده.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز لمن هو خارج الصلاة أن يفتحَ على الإمامِ إذا أخطأ في قراءته ولم يفتح عليه أحد من المأمومين خلفه ولا تبطل الصلاة حينئذٍ، مع مراعاة عدم المبادرة إلى ذلك ولا ابتداؤه بالرد، إلا إذا توقف عن القراءة وطلب الفتح عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم المرور بين المصلين يوم الجمعة في زمن الكورونا؟ في ظل الإجراءات الاحترازية من عدوى كورونا، والتزام المصلين بالتباعد بينهم في الصفوف؛ تحرزًا من الوباء، وخوفًا من انتقال عدواه؛ فهل والحالة هذه يجوز للمصلي المرور بين الجالسين يوم الجمعة في وقت الخطبة، إذا وجد مكانًا خاليًا في الأمام يريد أن يجلس فيه؟ وهل حكم الجمعة كغيرها من صلوات الجماعة؟
سائل يسأل عن كيفية أداء صلاة العيد.
ما حكم إهداء ثواب الأعمال الصالحة للأحياء والأموات؟ وهل ذلك يجوز شرعًا؟
ما هي المسافة المسموح بها في التباعد بين الصفوف في صلاة الجماعة، إذا لم يكن بين الصفوف فاصل؟
ما حكم صلاة الفريضة على الكرسي؟ حيث يقول السائل: إن ظاهرة صلاة الفريضة جماعة في المسجد على الكرسي هي من الأمور المحدثة التي تفتقد الشرط الثاني للعبادة، وهو الموافقة للشرع وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن ظهور بعض الفتاوى بصحَّة صلاة الجماعة على الكرسي، مستندةً إلى حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسافرًا على الدابة لصلاة النافلة، وليس الفريضة، في حين أن هذا لا ينطبق على صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا نفلًا ولا فرضًا ولا مقيمًا ولا مسافرًا، فلم يثبت عنه ذلك الأمر ألبتة، كل ذلك دفعني إلى أن أبيِّن أدلة عدم صحة الصلاة للجالس على الكرسي؛ فالكرسي كان موجودًا فعلًا في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كرسي يستعمله في غير الصلاة، ولم يستعملْه ألبتة هو وأصحابه في الصلاة حال الصحَّة أو المرض ولا في الفريضة ولا في النافلة ولا في السفر ولا في الحضر، وحين مرض الرسول مرضًا شديدًا أعجزه عن الصلاة قائمًا قَعَدَ على الأرض ولم يجلسْ على كرسي أو غيره، وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى النافلة مسافرًا على الدابة، فإذا حضرت الفريضة نَزَلَ واستقبل القبلة وصلَّى قائمًا، ولم يستعمل كرسيًّا ولا غيره. كما أن الصلاة بالجلوس على الكرسي تؤدِّي إلى مفاسدَ كثيرةٍ، منها:
إسراف العوام والمقلدين من الأمة في استعمال الكرسي في الصلاة دون ضوابطَ شرعيةٍ.
عدم استواء الصف وما له من أثر في قبول الصلاة.
تضييق المجال على الصف خلف الكرسي في السجود.
إسراف بعض المصلين في بعض البلدان باستخدام أرائكَ طويلةٍ مثل التي في الكنائس، مما يؤدِّي إلى تحوُّل المساجد في مظهرها إلى كنائسَ، وهذا محظورٌ شرعًا بلا جدال؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].
أنها تمنع من السجود على الأرض الواجب لصحة الصلاة لمن يقدر عليه.
فعدمُ استعمال النبي للكرسي في الصلاة وعدمُ ترخيصه بذلك لصحابته، بالإضافة إلى المفاسد الناجمة عن استعمال الكرسي في الصلاة، كلُّ هذا يشير إلى أن من يجيز استعمالَه فإنه يتعدَّى بذلك تعدِّيًا عقديًّا عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو على خطرٍ عظيم وحافة هاوية يكاد يقع فيها مَن يتبنى مثلَ هذا الرأي.
ما حكم الصلاة خلف إمام يقوم ببعض السلوكيات غير المنضبطة شرعًا في تعامله مع الناس؟ وهل تكون صحيحة؟