ما حكم حلق شعر المولودة الأنثى؟ وهل هناك فرق بين المولود الذكر والأنثى في حكم الحلق؟
حلق شعر المولود يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمة أحدهما لمن قدر عليه أمرٌ مستحب، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، فقد رُوِيَ أن فاطمةَ رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَزَنَتْ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".
فإذا خيف وقوع ضرر برأس المولود، أو خيف عليه الأذى فيترك الحلق حينئذ؛ رفعًا للضرر، ويُقدَّر وزن الشعر ويتصدق بزنته.
المحتويات
من نعم الله تعالى على عباده: نعمة الولد، قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: 49]، وهي نعمة عظيمة تستدعي شكر المولى سبحانه وتعالى عليها، ومن صور الشكر على هذه النعمة: العقيقة عن الولد، وحلق رأسه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمتهما؛ فعن سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ غُلامٍ رهينةٌ بعقيقته تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى» رواه أبو داود، وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مع الغلام عقيقةٌ، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى» أخرجه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 593، ط. دار المعرفة): [ووقع في حديث عائشة عند الحاكم: "وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى"، ولكن لا يتعين ذلك في حلق الرأس، فقد وقع في حديث ابن عباس عند الطبراني: "ويُماط عنه الأذى، ويُحلق رأسُه" فعطفه عليه، فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس، ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو بن شعيب: "ويماط عنه أقذاره" رواه أبو الشيخ] اهـ.
وممَّا يُفهم من الحكمة من حلق شعر المولود والتَّصدُّق بقيمة وزنه ذهبًا أو فضة أن الحلق فيه نظافة وتطهير مما يكون قد علق به من شوائب أثناء الولادة، ويرمز التَّصدُّق بزنة الشعر ذهبًا أو فضة إلى شكر نعمة الله تعالى، وإيصال الخير إلى الغير على جهة التعاون والتكافل، وكل ذلك على رجاء حصول البركة في المولود في مستقبل أيامه وحياته.
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة إلى أن حلق شعر المولود الذكر يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة لمن قَدر عليه مستحب؛ لعموم الأحاديث الواردة في هذا الشأن، وذهب الحنفية إلى أنه مستحب، وقيل: مباح، وليس بواجب ولا سنة؛ إذ السنة عندهم أعلى رتبة من المستحب؛ لمواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، بخلاف المستحب والمندوب فلم يواظب عليه وإن رغَّب فيه، وهما مترادفان عند الجمهور. ينظر: "التحرير" للكمال ابن الهمام (ص303، ط. دار الحلبي)، و "شرح جمع الجوامع" للعلامة جلال الدين المحلي مع "حاشية العطار" (1/ 126، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام محمد بن شهاب الدين البزازي الكردري في "الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية" في فقه الحنفية (6 / 371، ط. دار الفكر): [والعقيقة عن الغلام وعن الجارية، وهو ذبح شاة في سابع الولادة، وضيافة الناس، وحلق شعره مباح لا سنة ولا واجب] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 336، ط. دار الفكر): [يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضةً أو ذهبًا، ثم يَعِقُّ عند الحلق] اهـ.
وقال الشيخ محمد عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 491، ط. دار الفكر): [و) ندب حلق رأس المولود في اليوم السابع، و(التصدق بزنة شعره) ذهبًا، أو فضةً، عق عنه أم لا، قبل العق عنه، وإن لم يحلق تحرى وتصدق به] اهـ.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 549، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(فصل يستحب) لمن ولد له ولد (أن يحلق له يوم السابع) لما مر أول الباب (بعد الذبح) كما في الحاج، (و) أن (يتصدق بوزن الشعر ذهبا)] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (9/ 461، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يحلق رأس الصبي يوم السابع، ويسمى؛ لحديث سمرة. وإن تصدق بزنة شعره فضة فحسن] اهـ.
في خصوص حلق شعر المولودة الأنثى -وهو محل السؤال- اختلف الفقهاء على قولين:
الأول: أنه لا فرق في استحباب حلق شعر رأس المولود والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة بين المولود الذكر والأنثى، فكما يستحب حلق شعر الذكر يستحب كذلك حلق شعر الأنثى، وهو ما ذهب إليه الحنفية، والمالكية في المشهور والشافعية؛ لعموم حديث سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه السابق، ولما رُوِيَ أن فاطمةَ رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَزَنَتْ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".
ووجه الدلالة: أن هذه الأحاديث لم تفرق بين الذكر والأنثى، والأذى: هو شعر الرأس، وهو عامٌّ في كليهما، كما نقله الشوكاني عن ابن سيرين في "نيل الأوطار" (5/ 157، ط. دار الحديث).
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 336): [يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضةً أو ذهبًا، ثم يَعِقُّ عند الحلق] اهـ.
وقال العلامة علي أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" بحاشية العدوي (1/ 594، ط. دار الفكر): [(وإن حلق شعر المولود) ذكرًا كان أو أنثى (وتصدق بوزنه من ذهب أو فضةٍ فذلك مستحب) على المشهور؛ لما في "الترمذي" من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عَقَّ عن الحسن بكبش، وقال: «يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة، قال: فوزناه فكان درهمًا أو بعض درهم»] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 432، ط. دار الفكر): [يستحب حلق رأس المولود يوم سابعه، قال أصحابنا: ويستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبًا، فإن لم يفعل؛ ففضة، سواء فيه الذكر والأنثى، هكذا قاله أصحابنا] اهـ.
والقول الثاني: أن استحباب الحلق خاص بالمولود الذكر ولا يشمل الأنثى، وهو ما ذهب إليه الحنابلة، فلا يستحب عندهم حلق شعر الأنثى عند ولادتها، بل نصُّوا على كراهية الحلق في حقها.
قال الإمام الحجاوي الحنبلي في "متن الإقناع" (1/ 411، ط. دار المعرفة): [ويحلق رأس ذكر لا أنثى يوم سابعه، ويتصدق بوزنه وَرِقًا] اهـ.
وقال العلامة علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 111، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه ورقا يوم السابع) وهذا المذهب، وعليه الأصحاب، وقال في "الروضة": ليس في حلق رأسه ووزن شعره سنة أكيدة، وإن فعله فحسن. والعقيقة هي السنة، تنبيه: الظاهر أن مراده بالحلق: الذكر، وهو الصحيح من المذهب، وعليه الأكثر، وقدمه في "الفروع"، وقال الأزجي في "نهايته": لا فرق في استحباب الحلق بين الذكور وللإناث. قال: ولعله يختص بالذكور إلا الإناث يكره في حقهن الحلق] اهـ.
المختار للفتوى هو استحباب حلق شعر المولود يوم سابعه ذكرًا كان أو أنثى والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمة أحدهما لمن قدر عليه، إلا إذا خيف وقوع ضرر برأس المولود، أو خيف عليه الأذى، فتركه حينئذ أفضل؛ إذ الضرر ممنوع، ودفع المفسدة أولى من تحصيل المنفعة، وحينئذ يُقدَّر وزن الشعر ويُتصدق بزنته.
قال العلامة ابن النجار الحنبلي في "شرح الكوكب المنير" (4/ 681، ط. مكتبة العبيكان) [ويرجح أيضًا ما مدلوله الحظر على ما مدلوله الندب؛ لأن الندب لتحصيل المصلحة، والحظر لدفع المفسدة، ودفع المفسدة أهم من تحصيل المصلحة في نظر العقلاء] اهـ.
وقال العلامة محمد عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 491) عند بيان حكم من تعذر عليه حلق شعر المولود في اليوم السابع: [وإن لم يحلق تحرى وتصدق به] اهـ.
بناء على ذلك: فإن حلق شعر المولود يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمة أحدهما لمن قدر عليه أمرٌ مستحب، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، إلا إذا خيف وقوع ضرر برأس المولود، أو خيف عليه الأذى فيترك الحلق حينئذ؛ رفعًا للضرر، ويُقدَّر وزن الشعر ويتصدق بزنته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الطلاق المعلق؟ فهناك رجلٌ حلف على زوجته بالطلاق أنها إذا ذهبت إلى بيت أختها تكون طالقًا، فهل يجوز له التحلُّل من هذا اليمين؟ مع أنَّه كان قاصدًا نية الطلاق، مع العلم أنَّ زوجته لم تذهب حتى الآن.
هل يوجد في الشريعة الإسلامية ما يدعو إلى تعليم الأطفال وممارستهم الأنشطة البدنية والألعاب الرياضية؟
نرجو منكم بيان الحكمة من اختصاص العقيقة باليوم السابع من الولادة.
سائل يقول: سمعت أن إعطاء الزكاة للفقراء والمستحقين لها من الأقارب كالأخ والأخت أفضل من دفعها إلى غير الأقارب. فنرجو منكم بيان ما مدى صحة هذا الكلام؟
ورد في الشرع الشريف النهي عن وصف المرأة غيرها لزوجها؛ فما الحكمة من هذا النهي؟
ما حكم إجهاض الجنين بعد 120 يومًا لوجود خطر على حياة الأم؟ حيث إن زوجة ابني حامل في الشهر الخامس، وحالتها الصحية يُرثَى لها، وقد قرَّر الأطباء أن بقاء الحمل فيه خطر على حياتها.