ما حكم عمل " جمعية للموظفين "؟ وهل يجوز للقائم بأمر الجمعية أن يستثمر الأموال ويتاجر بها دون إذن المشتركين قبل تسليمها لمن عليه الدور؟ فقد قام مجموعة من الموظفين بعمل ما يسمى بـ"جمعية الموظفين" وذلك باشتراك كل فرد منهم بمبلغ معين يدفعه أول كل شهر، على أن يأخذ المال المجموع أحد المشتركين بالجمعية وذلك بالتناوب بينهم كل شهر حتى تنتهي الدورة كاملة، وقد تم توكيل أحد الأفراد ليقوم بجمع الأموال وإعطائها لمستحقيها على حسب الترتيب المتفق عليه.
جمعية الموظفين جائزة شرعًا، ولا يجوز لمن يقوم على إدارتها من جمع الأموال وإعطائها لمستحقيها على حسب الترتيب المتفق عليه أن يستثمر الأموال دون إذن أصحابها.
المحتويات
المعاملة المسؤول عنها والتي هي عبارةٌ عن قيام مجموعة من الموظفين بعمل ما يسمى بـ"جمعية الموظفين" وذلك باشتراك كلِّ فردٍ منهم بمبلغٍ معيَّنٍ يُدفع في وقت محدد أول كل شهر على أن يأخذ المالَ الُمجموعَ المشتركون بالجمعية، وذلك بالتناوب فيما بينهم كل شهر حتى تنتهي الدورة كاملة، مع توكيل أحد الأفراد بجمع وتسليم هذه الأموال إلى من يأتي دوره -هي من المعاملات التي جرى عليها عمل الناس منذ قرون وانتشرت في عصرنا الحاضر-، وتكيَّف شرعًا على أنها قرضٌ حسنٌ من الأفراد بعضهم لبعض.
ووجه ذلك: أنَّ كلَّ واحدٍ من المشتركين فيها يدفع المبلغ المحدد المتفق عليه في الوقت المحدد من كلَّ شهر للقائم على جمع الأموال من أجل إعطائها لصاحب الدور فيها، على أنْ يُردَّ إليه جميع ما دفعه وما سيدفعه من أقساط بعد ذلك على حسب دوره في الجمعية، وهو ما يتوافق مع طبيعة القرض الحسن؛ حيث إن حقيقته هي: دفع مالٍ على سبيل الإرفاق لمن ينتفع به على أن يرد بدله، ينظر: "رد المحتار" للعلَّامة ابن عابدين الحنفي(5/ 161، ط. دار الفكر)، و"الذخيرة" للإمام القرافي المالكي (5/ 286، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"إعانة الطالبين" للعلَّامة الدمياطي الشَّافعي (3/ 58، ط. دار الفكر)، و"شرح منتهى الإرادات" للعلَّامة البُهُوتِي الحنبلي (2/ 99، ط. عالم الكتب).
والقرض الحسن مندوبٌ إليه رغَّبَ الشَّرع الشريف فيه، لما فيه من الإرفاق والإحسان إلى المقترض والتَّبرع له؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11]، ولقوله صلى اللَّه عليه وآله وسلَّم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ ڪُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
والإجماع منعقدٌ على ندبه واستحبابه، قال العلامة بهاء الدين المقدسي في "العدة شرح العمدة" (ص: 264، ط. دار الحديث): [باب القرض: أجمع المسلمون على جوازه واستحبابه للمقرض، وهو من المرافق المندوب إليها] اهـ.
ومما يؤيد ما ذهبنا إليه من تكييف هذه المعاملة بأنها قرضٌ أن العلامة القليوبي قد نصَّ عليها في باب القرض، وصرَّح بجوازها مطلقًا من غير تقييد بضرورةٍ أو حاجةٍ تنزل منزلتها، فقال في "حاشيته على شرح المحلي" (2/ 321، ط. دار الفكر): [الْجُمُعَةُ المشهورة بين النساء: بأن تأخذ امرأة من كل واحدة من جماعة منهن قدرًا معينًا في كل جمعة أو شهر وتدفعه لواحدة بعد واحدة إلى آخرهن -جائزة؛ كما قاله الولي العراقي] اهـ.
كون هذه الجمعية من قبيل عقد القرض الذي يشتمل على منفعةٍ تَحْصُل للمشتركين مقرضين ومستقرضين، لا يخرجه عن مسمَّى القرض الحسن، ولا عن حقيقته، ذلك أنَّ المنفعة الحاصلة فيه لا تتعين لمشتركٍ بعينه، بل تحصل لعموم المشتركين، وهي سِمةٌ ظاهرة في الجمعية أخرجتها من صورة القرض الذي جرَّ نفعًا للمقرض والذي نهى الشرع الشريف عنه، وأبقته في دائرة القرض الحسن المشروع.
ولا يُدرِج هذا النفعُ الحاصلُ لعموم المشتركين المعاملةَ تحت مسألة "أسلفني وأسلفك" أو "أقرضني بشرط أن أقرضك" التي تعني إعطاء القرض للشخص بشرط أن يقرضه الشخص قرضًا آخر غيره فيجرَّ القرض نفعًا مشروطًا، والتي نص الفقهاء على منعها، قال العلامة الحطاب الرعيني في "مواهب الجليل" (4/ 391): [ولا خلاف في المنع من أن يسلف الإنسان شخصًا ليسلفه بعد ذلك] اهـ.
وذلك لأن "أسلفني وأسلفك" أو "أقرضني بشرط أن أقرضك" عبارة عن دفع القرض بشرط أن يعطيه الشخص المقترض قرضًا آخر غيره، وهذا يختلف عن مسألتنا؛ إذ ليس فيها اشتراطٌ أصلًا ولا طلبٌ لقرضٍ آخر، وإنما هي عبارةٌ عن قرضٍ واحدٍ يدفع على عدة مراحلٍ على أن يتم ردُّ مثله كما هو مع تنظيم موعد الرد، دون اشتراط استقراضٍ لقرضٍ آخر، أو غير ذلك مما يجرُّ نفعًا زائدًا لأحد الأطراف دون الآخر.
لما كانت هذه المعاملة تستلزم قيام أحد أطرافها بترتيب أدوارها وجمع وتسليم المبلغ المجمَّع كلَّ شهرٍ إلى من له الدَّور، فهذا يُعدُّ من قبيل الوكالة ويكون هذا الطرف وكيلًا عن جميع أعضاء الجمعية ما دام أنه قد تم التراضي على اختياره للقيام بهذا العمل، وذلك لكون الوكالة في الشرع عبارةٌ عن "تفويض شخصٍ لغيره ما يفعله عنه حال حياته مما يقبل النيابة"، كما في "نهاية المحتاج" للإمام الرملي (5/ 15، ط. دار الفكر)، وجمع المال وتسليمه إلى من عليه الدور مما يقبل النيابة.
وأما استثمار القائم على إدارة الجمعية لأموال المشتركين دون إذنهم أو علمهم فهو تصرف غير جائز شرعًا، إذ يد الوكيل في مال الوكالة يد أمانة، وتصرفه في مال الوكالة مقيد بإذن الموكِّل وما في مصلحته.
وهو ما جرى عليه القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م وفقاً لآخر تعديل صادر في ١٣ أكتوبر عام ٢٠٢١م، حيث جاء في الفقرة الأولى من المادة رقم (703) أنَّ: [الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة] اهـ.
وجاء أيضًا في الفقرة الأولى من المادة رقم (706) أنَّه: [ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فالتعامل بالجمعية المسؤول عنها جائزٌ شرعًا، ولا يجوز لمن يقوم على إدارتها من جمع الأموال وإعطائها لمستحقيها على حسب الترتيب المتفق عليه أن يستثمر الأموال دون إذن أصحابها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما كيفية سداد الذهب المقترض؟ فإذا اقترض شخصٌ ذهبًا من آخر على أن يَرُدَّهُ بوزنه ذهبًا فكيف يكون سداده إذا قَبِلَ المُقْرِض أخذ قيمته: بقيمته وقت الاقتراض، أم وقت الأداء؟
هل يجوز لابني أن يأخذ قرضًا من البنك بهدف عمل مشروع ليعيش منه؟ فإنه لم يحصل على وظيفة حتى الآن، والقروض عليها فوائد ربوية.
ما حكم توظيف أموال صندوق تأمين عن طريق منح قروض؟ حيث إنني من العاملين بمصلحة الكفاية الإنتاجية والتدريب المهني، وأشترك كعضو بصندوق التأمين الخاص للعاملين، وحيث تنص اللائحة على توظيف أموال الصندوق عن طريق منح قروض للأعضاء لا تزيد عن خمسة وعشرين بالمائة من جملة أموال الصندوق وبما لا يزيد على خمسة وسبعين بالمائة من الحقوق التأمينية للعضو في حالة الاستقالة، على أن يسدد القرض خلال مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبمعدل استثماري سنوي يعادل تكلفة القرض البديلة. لذا نرجو التفضل بإعطائنا مستندًا رسميًّا يفيد مدى شرعية هذا الأمر.
ما حكم إقراض الناس بفائدة؛ فأنا أقوم بإعطاء أهل قريتي قروضًا يقومون بتسديدها على أقساط مقابل فائدة 15%. فما الحكم الشرعي لهذا العمل؟
ما حكم التعامل بالقرض مع الفائدة؟ فنودُّ التفضل بالإحاطة بأن بعض المصريين العائدين من العمل بالخارج كوَّنوا فيما بينهم شركة استثمارية، وكانت باكورة أعمالها إنشاء مطحن للدقيق الفاخر، ولأن رأس مال الشركة المدفوع من الأعضاء لا يكفي ثمنًا للآلات التي تم استيرادها من الخارج فقد اتجهت المجموعة لفتح اعتماد بأحد البنوك يتولى البنك من خلاله سداد قيمة الآلات للشركة الموردة. ولعدم الرغبة في التعامل بالفوائد مع البنك فقد التزمت المجموعة بسداد مبلغ يوازي أتعاب البنك دفعةً واحدةً، ويضاف إلى مبلغ المديونية الأصلي ويتم سدادها للبنك في المواعيد المتفق عليها؛ ونظرًا لعدم كفاية رأس المال المدفوع من الأعضاء لسداد قيمة الجمارك وبعض الالتزامات ودورة رأس المال فقد تم الاقتراض ذاتيًّا من بعض الأعضاء وبفائدةٍ تحدد بمعرفتهم غير مرتبطة بالربح والخسارة، بل وغير مرتبطة بالفائدة السارية في البنوك.
ونظرًا لظروف طارئة وخارجة عن الإرادة لم تتمكن المجموعة من سداد أقساط البنك في مواعيدها وأيضًا عدم سداد قروض الأعضاء، الأمر الذي أدَّى إلى تراكم هذه الفوائد. وتمَّ سداد قروض الأعضاء وتراكمت على المجموعة فوائد هذه القروض سنة بعد أخرى.
والمجموعة تستطلع رأي سيادتكم في الآتي:
أولًا: ما حكم التعامل بفوائد التأخير بالنسبة للمجموعة، التي أصبح لا سبيل سوى التعامل بها مع البنك رغم رفضنا السابق التعامل بها؟
ثانيًا: ما حكم التعامل بفوائد الشركاء المقترضين سواء فوائد الدَّين الأصلي على النحو الذي سبق إيضاحه أو بالنسبة لفوائد الفوائد التي تراكمت سنين عددًا؟
الاستفسار عن مدى تأثير تفاوت وزن الدنانير والدراهم في العصور الإسلامية المتفاوتة في ربوية التعامل بها -قروضًا كانت أم أثمانَ مبيعاتٍ أم غير ذلك- فإذا اقترض عمرو 1000 دينارٍ مثلًا من زيد فقد يقابلها في زمن الوفاء بها عند حلول الأجل المتفق عليه 1100 دينار بافتراض أن الدنانير المقترضة كان الواحد منها يزن مثقالًا كاملًا حالة أنه عند الوفاء كانت الدنانير المتداولة تنقص عن وزن المثقال.
والسؤال هو: هل المائة دينار التي تقاضاها زيد الدائن في المثال السابق تعتبر من قبيل الربا المحرم، أم لا؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فكيف أقر الفقهاء أسلوب حساب الدين بالوزن لا بالعدد ولم ينكره أحدٌ منهم، وجرى به عرف الأمة عالمها وعاميها بلا خلافٍ طوال قرون عديدة؟