حكم مخالفة الموكِّل في نوع الأضحية

تاريخ الفتوى: 26 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8317
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
حكم مخالفة الموكِّل في نوع الأضحية

ما حكم مخالفة الموكِّل في نوع الأُضْحِيَّة؟ فقد وكَّلتُ شخصًا بذبح شاة أضحية، فهل يجوز له أن يذبح بَدَلًا مِن ذلك سُبع بقرة؟

توكيل المسلم غيره في التضحية عنه بشاةٍ تعيينًا جائزٌ شرعًا، ولا يجوز للوكيل مخالفة الموكِّل فيما وَكَّله فيه بذبح سُبُع بقرة بَدَلًا مِن ذبح شاة، فإن فعل الوكيل غير ما عيَّنَه له الموكِّل فإن ما فعله متوقف على إذن الموكِّل فإن أَذِنَ الموكِّل نَفَذ الشراء وإلَّا فلا، أمَّا إذا وكَّله بالذَّبْح من غير تعيينٍ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراءً وذبحًا.

المحتويات

 

حكم الاشتراك في الأُضْحِيَّة إذا كانت الذبيحة من الإبل أو البقر

يجوز الاشتراك في الأُضْحِيَّة إذا كانت الذبيحة من الإبل أو البقر؛ لأنَّ السُّبُع الواحد منها يجزئ عن أُضْحِيَّة، فيمكن لسبعة أفراد مختلفين أن يتشاركوا في بدنة أو بقرة، ولا يجوز الاشتراك في الشاة والماعز؛ لأنَّ الواحدة منها لا تجزئ إلا عن أُضْحِيَّة واحدة، وقد نقل الإمام محيي الدين النووي إجماعَ العلماء على ذلك في "شرح صحيح مسلم" (9/ 67، ط. دار إحياء التراث العربي)؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» رواه مسلم في "صحيحه".

حكم الإنابة في ذَبْح الأضحية

قد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز الإنابة في ذَبْح الأضحية. كما في "بدائع الصنائع" للكاساني (5/ 79، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحَطَّاب (4/ 373، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للنووي (8/ 405، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبُهُوتي (3/ 8، ط. دار الكتب العلمية).

واستدلوا على ذلك بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم نحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ بيده، ثم أعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَرَ. رواه مسلم في "صحيحه".

يقول الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (2/ 107، ط. أوقاف المغرب) بعد أَن ذَكَر هذه المسألة، وأنَّ حكمها الجواز: [وهو أمرٌ لا خلاف بين العُلَماء في إجازَتِه] اهـ.

مذاهب الفقهاء في حكم مخالفة الموكِّل في نوع الأضحية

الوكيل في شراء وذبح الأضحية إن أطلق الموكِّل له، فلم يُبَيِّن نوعًا معيَّنًا للتضحية؛ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراء وذبحًا؛ لأنَّ المقصود بالأضحية رعاية مصلحة الفقراء والمساكين.

أَمَّا إذا عَيَّن الموكِّل للوكيل نوعًا ما من الأضاحي؛ كأن قال له: "اشتر لي شاة" فيلتزم الوكيل بما عيَّنَه له الموكِّل، وقد نقل الإمام الكاساني الحنفي الإجماعَ على وجوب مراعاة ما قيَّدَهُ الموكِّل؛ فقال في "بدائع الصنائع" (6/ 29، ط. دار الكتب العلمية): [الوكيل بالشراء فالتوكيل بالشراء لا يخلو إمَّا أن كان مطلقًا أو كان مُقيَّدًا، فإن كان مُقيَّدًا يراعى فيه القيد إجماعًا] اهـ.

وقد اختلف الفقهاء في مخالفة الوكيل للموكِّل فيما عيَّنَه له، وهذا تخريجًا على خلافهم في مخالفته أي: الموكِّل- في جنس السلعة في الشراء.

فيرى الحنفية: أنَّ الشراء في هذه الحالة لا يلزم الموكِّل، وإنما هو للوكيل خاصة، وهو مذهب الشافعية وأصح الروايتين عند الحنابلة إن اشترى الموكِّل من ماله.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 29): [الأصل أنَّ الوكيل بالشراء إذا خالف يكون مشتريًا لنفسه] اهـ. وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (4/ 324، ط. المكتب الإسلامي) عند كلامه على حكم البيع والشراء المخالفَيْن أمرَ الموكِّل: [أَمَّا البيع، فإذا قال: بع هذا العبد، فباع آخر، فباطل. وأما الشراء، فإن وقع بعين مال الموكل، فباطل] اهـ.

وقال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (5 /93، ط. مكتبة القاهرة) عند الكلام على حكم مَن وُكِّل في شراء شيء فاشترى غيره: [وجملته أنَّ الوكيل في الشراء إذا خالف موكله، فاشترى غير ما وُكِّل في شرائه، مثل أن يوكله في شراء عبد فيشتري جارية، لم يخل من أن يكون اشتراه في ذمته أو بعين المال... فأَمَّا إن اشترى بعين المال، مثل أن يقول: بعني الجارية بهذه الدنانير، أو باع مال غيره بغير إذنه، فالصحيح في المذهب أَنَّ البيع باطل] اهـ.

ويرى المالكية والحنابلة في رواية: أنَّ الشراء في هذه الحالة يتوقف على إذن الموكِّل، فإن أجازه نفذ، وإلَّا بطل.

قال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (3/ 384، ط. دار الفكر): [(أو) خالف الوكيل (في بيع) بأن باع بأنقص مما سمى له أو من ثمن المثل إذا لم يُسَم، أو بفلوس، أو عروض وليس الشأن ذلك (فيُخيَّر مُوكِّلُه) في الرد والإمضاء] اهـ.

وقال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (4/ 154): [والوكيل إذا خالف فهو ضامن، إلَّا أن يرضى الآمر، فيلزمه... وإن اشترى بعين مال الآمر أو باع بغير إذنه، أو اشترى لغير مُوكله شيئًا بعين ماله، أو باع ماله بغير إذنه، ففيه روايتان... والثانية: البيع والشراء صحيحان، ويقف على إجازة المالك، فإن أجازه نفذ، ولزم البيع] اهـ.

بيان المختار للفتوى في هذه المسألة

الذي نختاره للفتوى في هذه المسألة: أنه يجب على الوكيل الالتزام بما وُكِّل فيه من شراء وذبح الأضحية المعينة، ولا يجوز له البدل بغيره، أو التَّعدِّي في غير ما وُكِّل فيه؛ لأنَّه لا يجوز مخالفة الوكيل للموكِّل فيما وَكَّله فيه، فإن تعدَّى الموكِّل وخالف، فإن أمضاه الوكيل في شرائه فلا بأس، وإلَّا فإن الشراء لا يَنْفُذ على الموكِّل في هذه الحالة، وذلك لأنَّ تعيين الموكِّل في نوع الأضحية هو مقصدٌ مراعى لا ينبغي إهداره تغييرًا أو تَعدِّيًا.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما فَعَلْتَه من توكيل غيركَ في التضحية عنك بشاةٍ تعيينًا جائزٌ شرعًا، ولا يجوز للوكيل مخالفة الموكِّل فيما وَكَّله فيه بذبح سُبُع بقرة بَدَلًا مِن ذبح شاة، فإن فعل الوكيل غير ما عيَّنَه له الموكِّل فإن ما فعله متوقف على إذن الموكِّل فإن أَذِنَ الموكِّل نَفَذ الشراء وإلَّا فلا، أمَّا إذا وكَّلتَه بالذَّبْح من غير تعيينٍ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراءً وذبحًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم رمي شيء من الأضحية؟ فمن المشاهد في هذا الزمان في بلادنا أن الجزّارين يَطرحون رؤوس الأضاحي وأرجلها في المهملات، أو يدفنونها؛ لغرض التخلص من العناء في تنظيفها، والحال أنه يوجد في رؤوسها دماغ من اللحم، وأرجلها مما يؤكل، فهل يُعد صنيعهم هذا من إضاعة المال؟


ما حكم أكل الذبيحة إذا تركت الجوزة بالرقبة المتصلة بالجسم؟ فهناك رجل ذبح ذبيحة وترك الجوزة بالرقبة المتصلة بالجسم. فهل الذبيحة حلال أم حرام؟ وما حكم مَن أكَلَها؟ وهل عليه كفارة؟


ما حكم ادِّخار جميع لحم الأضحية، وعدم توزيع جزء منها على الفقراء؟


الأفضل شرعًا في عمل العقيقة لثلاث بنات: هل هو ذبح ثلاثة خرفان أو ذبح عجل بما يوازي قيمة الذبائح الثلاث من باب أن الاستفادة منه ستكون أوفر لحمًا؟


أيهما أولى تقديم شعيرة الأضحية أم العقيقة؟ فقد رزقني الله بمولودة منذ أيام، ونحن مقدمون على شهر ذي الحجة، وأرغب في عمل عقيقة لها، وفي ذات الوقت تعودت على أن أضحي في عيد الأضحى، ولكني لا يمكنني في هذه الفترة أن أعمل الشعيرتين معًا، فأيهما يقدم؟ وهل يجوز لي الجمع بينهما؟


ما الذي يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت الأضحية قبل يوم العيد؟ فقد اشترى والدي قبل عيد الأضحى بأسبوع خروفًا لنذبحه كأضحية، وحافظنا عليه في مكان مغلق داخل فناء المنزل، لكن الخروف هرب من المنزل قبل يوم العيد، وأخذنا نبحث عنه فلم نجده، حتى تبين لنا في اليوم الثاني من عيد الأضحى أنه اصطدم بسيارة في طريق سريع فمات على إثر ذلك، فهل يجب علينا أن نضحي بغيره؟ علمًا بأن ظروف والدي المادية لا تسمح بذلك الآن.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أبريل 2025 م
الفجر
4 :5
الشروق
5 :35
الظهر
11 : 56
العصر
3:30
المغرب
6 : 19
العشاء
7 :38