ما حكم تعدد الأضحية؟
تَعدُّد الأُضحية في حقِّ أهل البيت الواحد أمر مشروعٌ حَسنٌ، وذلك بأن يُضحي كلُّ واحدٍ من أفراد البيت عن نفسهِ إن كانوا قادرين، أو يضحي العائل القادر عن كلِّ شخصٍ بأُضحيةٍ، كما يُشرع أيضًا تعدد الأُضحية في حقِّ الشخص الواحد بأن يُضحي عن نفسه بأكثر من أُضحية.
المحتويات
الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، وسُنَّة مِن السنن المؤكَّدة على المختار للفتوى، حيث قال تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36].
قال الإمام الزمخشري في "تفسيره" (3/ 158، ط. دار الكتاب العربي): [﴿مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ أي: من أعلام الشريعة التي شرعها الله] اهـ.
وقد ورد في فضل الأضحية عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملًا أحبَّ إلى الله عزَّ وجلَّ من هراقة دم، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإنَّ الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسًا» أخرجه ابن ماجه والترمذي في "سننيهما".
والأُضحية تُعَدُّ من أقرب القربات وأرجى الطاعات قبولًا في تلك الأيام، والاستكثار من القُربات والطاعات أمر مندوب إليه ومرغوب فيه.
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (5/ 458، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [قال المظهر: ومقصود الحديث أَنَّ أفضل عبادات يوم العيد إراقة دم القربان، وإنه يأتي يوم القيامة كما كان في الدنيا من غير أن ينقص منه شيء، ويعطى الرجل بكل عضو منه ثوابًا، وكل زمن يختص بعبادة، ويوم النحر مختص بعبادة فَعلَها إبراهيم من القربان والتكبير] اهـ.
قد ذهب جمهور الفقهاء إلى مشروعية تعدد الأضحية لأهل البيت الواحد والاستكثار منها؛ استدلالًا بما أخرجه البخاري في "صحيحه" من حديث أنسٍ رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُضحِّي بكبشين، وأنا أضحي بكبشين».
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 10، ط. دار المعرفة): [واستدل به على اختيار العدد في الأضحية، ومِن ثَمَّ قال الشافعية: إنَّ الأضحية بسبع شياه أفضل من البعير؛ لأنَّ الدم المراق فيها أكثر، والثواب يزيد بحسبه] اهـ.
قال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (12/ 14، ط. دار الكتب العلمية): [(قال: ويذبح عن كلِّ واحد منهم شاة) ش: أي قال القدوري: من كلِّ واحدٍ عن نفسه وأولاده شاة] اهـ.
وجاء في "المدونة" (1/ 547، ط. دار الكتب العلمية): [قال مالك:... إذا كان يقدر فأحب إليَّ أن يذبح عن كلِّ نفسٍ شاة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 422، ط. دار الفكر): [البدنة تجزئ عن سبعة، وكذلك البقرة، سواء كانوا مضحين، أو بعضهم مضحيًا وبعضهم يريد اللحم، وسواء كانوا أهل بيت أو أبيات] اهـ. أي: إنَّ البدنة تجزئ عن سبعة من أهل بيت واحد.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (9/ 437، ط. مكتبة القاهرة): [مسألة: قال: (وتجزئ البدنة عن سبعة، وكذلك البقرة) وهذا قول أكثر أهل العلم... إذا ثبت هذا، فسواء كان المشتركون من أهل بيت، أو لم يكونوا، مفترضين أو متطوعين] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 602، ط. عالم الكتب): [(و) أفضل (من المغالاة تَعَدُّدٌ في جنس) سأل ابن منصور: "بدنتان سمينتان بتسعة، وبدنة بعشرة؟ قال: بدنتان أعجب إليَّ"] اهـ، أي: ذبح أكثر من أضحية أفضل من ذبح أضحية واحدة تساوي الكل.
فإذا كان أهل البيت قادرين على الأضحية سُنَّ لكلٍّ منهم أضحية، وللعائل القادر أن يضحي عن كلِّ شخص عنده أضحية، فإن عجز فأُضحية واحدة تجزئ عن أهل البيت -كما هو مُفتى به-.
وإذا ثبت مشروعية تَعدُّد الأضحية في حقِّ أهل البيت الواحد، فمن باب أولى يُشرع تعددها في حقِّ الشخص الواحد القادر على ذلك، بأن يُضحي عن نفسه بأكثر من أُضحية على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
قال ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (6/ 101، ط. دار الكتب العلمية): [وروى الحسن عن أبي حنيفة لا بأس بالأضحية بالشاة والشاتين، وقد صَحَّ أنَّ رسول الله عليه السلام كان يضحي كلَّ سَنة بشاتين، وضحى عام الحديبية بمائة بدنة] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد الجد المالكي في "البيان والتحصيل" (3/ 344، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأحب ذلك إليَّ إذا كان موسرًا أن يذبح كلُّ إنسانٍ منهم شاةً شاةً يريد بذلك الضحايا، ولا يشترك في شيء من البدن تطوعًا ولا غيره في الهدي، وإن كان أهلُ بيتٍ واحدٍ، قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في "المدونة" من استحبابه أن يذبح عن كلِّ نفسٍ شاةً شاةً] اهـ.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (2/ 232، ط. دار الفكر): [ويجزئ بعير أو بقرة عن سبعة، وشاة عن واحد، وأفضلها بسبع شياه] اهـ.
وقال العلامة الحَجَّاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 408، ط. دار المعرفة): [ومَن أراد التضحية فدخل العشر، حرم عليه وعلى مَن يضحي عنه أخذ شيء من شعره وظفره وبشرته إلى الذبح ولو بواحدة لمن يضحي بأكثر] اهـ.
بناء على ما سبق: فإنَّ تَعدُّد الأُضحية في حقِّ أهل البيت الواحد أمر مشروعٌ حَسنٌ، وذلك بأن يُضحي كلُّ واحدٍ من أفراد البيت عن نفسهِ إن كانوا قادرين، أو يضحي العائل القادر عن كلِّ شخصٍ بأُضحيةٍ، كما يُشرع أيضًا تعدد الأُضحية في حقِّ الشخص الواحد بأن يُضحي عن نفسه بأكثر من أُضحية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ذبيحة أهل الكتاب وعدم تسميتهم عليها؟ فالسائل قرأ تفسيرًا لقول الله سبحانه في القرآن الكريم في سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ إلى آخر الآية الكريمة، وهذا التفسير باللغة الإنجليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد، والمنشور في 1979م بلندن بإنجلترا، وقد قال في (صحيفة 110) تفسيرًا لهذه الآية ما ترجمته: "اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا من طعام أهل الكتاب. كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حلٌّ لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور".
والسؤال هو: هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ محمد أحمد في تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد خنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس؟
ما أنواع الذبائح والحيوانات التي يُباح أكلها؟ وما طريقة الذبح الشرعي؟
ما حكم توجيه الحيوان إلى القبلة عند الذبح؟ حيث توجد إحدى الشركات التي تقوم بالإشراف على اللحم الحلال في نيوزيلاند في الادعاء أو الإفتاء بأن من ضمن الشروط الأساسية للذبح الحلال هو اتجاه الحيوان جهة القبلة أثناء الذبح، وحولت الماكينات التي تعلق عليها الحيوانات أثناء الذبح جهة القبلة، وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك، وهل هو من القرآن والسنة أم لا؟
ما الكيفية الصحيحة لتوزيع عقيقة المولود؟
ما حكم التضحية بالطيور؟ فإن بعضُ المتصدّرين يُرَوّج للقول بجواز التضحية بالطيور، وأن بعض الصحابة فعل هذا، فما مدى صحة هذا الكلام؟