ما مدى وجوب الدية أو الكفارة بالإجهاض؟ فزوجتي كانت حاملًا في الشهر الخامس، وحدثت لها بعض المشكلات الصحية، وقرر الأطباء -وفقًا للتقرير الطبي المرفق- أن في بقاء الجنين خطرًا محققًا على حياتها، وتمت بالفعل عملية الإجهاض، ثم قرأنا على الإنترنت ما فهمنا منه أنَّ عليها في هذه الحالة ديةً وكفارةً، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان صحيحًا فما قيمةُ الدية؟ وما الكفارة؟
لا تجب الدِّيَّة (الغُرَّة) ولا الكفَّارة على الزوجة بإجهاض الجنين الذي بلغ مائةً وعشرين يومًا فما بعدها ما دام كان لضرورةٍ حقيقية قررها الأطباء المتخصصون.
المحتويات
الإجهاض: عبارة عن إلقاء المرأة جنينها قبل استكمال مدة حمله، وبعد استبانة بعض خِلْقته حيًّا أو ميتًا، بفعلٍ منها أو من غيرها. ينظر: "تكملة البحر الرائق" للإمام الطوري (8/ 389، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الشرح الكبیر" للإمام الدردیر و"حاشیة الدسوقي" علیه (4/ 268، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للعلامة الخطيب الشربیني (5/ 369، ط. دار الكتب العلمية)، و"أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل طبية عن الأمراض النسائية والصحة الإنجابية" للإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق (ص: ١٣٥، ط. المركز الدولي الإسلامي).
الجنين هو مبدأ النفس البشرية ومشروع النسل الإنساني، وذلك منذ بداية استقرار مادته في الرحم وتطورها في مراحل التخليق المختلفة، كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» متفق عليه.
قال الإمام زين الدين المناوي في "فيض القدير" (2/ 413، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«إِنَّ أَحَدَكُمْ» معشر الآدميين «يُجْمَعُ خَلْقُهُ» أي: مادة خلق أحدكم أو ما يخلق منه أحدكم... ويجمع من الإجماع لا من الجمع، يقال: أجمعت الشيء أو جعلته جميعًا، والمراد: يجوز ويقرر مادة خلقه «فِي بَطْنِ» يعني رحم «أُمِّهِ»، وهو من قبيل ذكر الكل وإرادة البعض، وهو سبحانه وتعالى يجعل ماء الرجل والمرأة جميعًا «أَرْبَعِينَ يَوْمًا» لتتخمَّر فيها حتى يتهيأ للخلق وهو فيها (نطفة)] اهـ.
فمنذ أن يستقر الحمل في بدن المرأة ينبغي احترامه، واحترامه بعد نفخ الروح أولى وآكد، لما تقرر أنَّ حفظ النسل من أعظم مقاصد الشرع الشريف، ويتعلق به كثيرٌ من الأحكام الشَّرعية؛ كالأحكام المتعلقة بالنكاح والعِدَد والاستبراء، والأحكام المتعلقة بالاستحقاقات المادية: كالإرث والوصية والهبة بشروطها، إلى غير ذلك من الأحكام.
ولذلك حرَّم الشرع الشريف إسقاط الجنين لغير ضرورة إذا بلغ عمره في بطن أمه مائةً وعشرين يومًا -وهي مدة نفخ الروح فيه- فما بعدها؛ لأنه يعتبر قتلًا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ [الأنعام: 151]، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الإسراء: 33].
قال العلامة ابن جُزي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 141، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا قبض الرحم المني: لم يجز التعرُّض له، وأشد من ذلك: إذا تخلق، وأشد من ذلك: إذا نُفخ فيه الروح، فإنه قتل نفس] اهـ.
اتفق الفقهاء على وجوب الدِّيَّة (الغُرَّة) -عشر قيمة دية الأم- حينئذ للتعدي بإسقاط الجنين ميتًا. ينظر: "تكملة الطُّوري على البحر الرائق" للعلَّامة الطُّوري (8/ 389)، و"الشرح الكبیر" للإمام الدردیر المالكي و"حاشیة الدسوقي" علیه (4/ 268)؛ لما ورد في "الصحيحين" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: "قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَحْيَانَ سَقَطَ مَيتًا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا".
واختلفوا في وجوب الكفارة -صيام شهرين متتابعين-، فذهب الحنفية والمالكية في ظاهر المذهب إلى عدم وجوبها، وذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوبها. ينظر: "المبسوط" للعلامة السرخسي الحنفي (26/ 88، ط. دار المعرفة)، و"الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب المالكي (2/ 839، ط. ابن حزم)، و"مغني المحتاج" للعلامة الخطيب الشربيني الشافعي (5/ 376)، و"العدة شرح العمدة" للعلامة أبي محمد بهاء الدين المقدسي الحنبلي (ص: 576، ط. دار الحديث).
أمَّا في حالة عدم التعدِّي، بأن كان الإجهاض ضروريًّا للحفاظ على حياة الأم؛ وذلك بأن يقرر الطبيبُ العدلُ الثقةُ أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ محققٌ على حياتها، فإسقاطُهُ حينئذٍ مأذون فيه شرعًا؛ مراعاةً لحياة الأم المحققة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة، وهذا ما يتوافق مع قواعد التشريع العامَّة التي تحكم بأن "الضَّرر يُزال"، و"أن من ابتُلِىَ ببليَّتين وهما متساويتان يأخذ بأيُّهما شاء، وإن اختلفا: يختار أهونهما"، و"إذا تعارض مفسدتان رُوعِي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما". ينظر: "تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي الحنفي (1/ 98، ط. الأميرية)، و"الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 86-87، ط. دار الكتب العلمية). وفي هذه الحالة لا تجب دية ولا كفارة.
قال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (5/ 369): [ولو دعتها ضرورة إلى شرب دواءٍ: فينبغي -كما قال الزركشي- أنها لا تضمن بسببه، وسواء كان الجنين ذكرًا أم غيره لإطلاق الخبر... وسواء كان الجنين تام الأعضاء أم ناقصها، ثابت النسب أم لا] اهـ. وينظر أيضًا: "تبيين الحقائق للعلامة الزيلعي الحنفي" (6/ 142)، و"درر الحكام للعلامة مُلَّا خسرو الحنفي" (2/ 109، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب المالكي (2/ 839).
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فلا تجب الدِّيَّة (الغُرَّة) ولا الكفَّارة على الزوجة بإجهاض الجنين الذي بلغ مائةً وعشرين يومًا فما بعدها ما دام كان لضرورةٍ حقيقية قررها الأطباء المتخصصون.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
توفيت امرأة وتركت: ابنين وبنتًا، وبنتين لبنتها المتوفاة أولًا قبلها، وأولاد بنتها المتوفاة ثانيًا قبلها: ابنين وبنتًا، وأولاد ابنها المتوفى قبلها: ابنين وبنتًا.
ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر، ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذشءكروا.
علمًا بأنه توجد وصية اختيارية موثقة بالشهر العقاري لابنتها الموجودة على قيد الحياة بثلث تركتها.
فما حكم هذه الوصية في وجود الوصية الواجبة؟
وما كيفية احتساب كل منهما في حدود ثلث التركة؟
وما نصيب كل وارث ومستحق؟
قمت بكفالة طفل، وأرجو إضافة اسم العائلة حتى لا تتأثر نفسية هذا الطفل. فما حكم الشرع؟
ما حكم نقل الأعضاء البشرية من الأموات إلى الأحياء؛ فقد ورد طلب مُقدَّم من/ مجمع البحوث الإسلامية الإدارة العامة لشئون مجلس المجمع ولجانه، والمتضمن: بناء على توصية لجنة البحوث الفقهية، بجلستها التاسعة عشرة: (طارئة)، في دورتها الخامسة والخمسين، والتي عقدت يوم الثلاثاء الموافق 17 من شعبان لسنة 1440 هـ، الموافق 23 من أبريل 2019 م، بشأن: الكتاب الوارد من مكتب فضيلة الإمام الأكبر/ شيخ الأزهر، بخصوص: الطلب المقدم من أحد المواطنين، بشأن: طلب فتح باب مناقشة موضوع: [نقل الأعضاء من الميت إلى الحي]؛ حيث إن زوجة مقدم الطلب تحتاج إلى كبد، ولا يوجد من الأقارب من يصلح لذلك النقل. حيث أوصت اللجنة بإحالة هذا الموضوع إلى دار الإفتاء المصرية للاختصاص. وجاء في الطلب المرفق ما يأتي:
بداية أتقدم بالشكر لفضيلتكم لسعة صدركم للسماح لي بعرض الحالة المرضية لزوجتي: حيث إنها تعاني من تليف في الكبد، وتحتاج لزراعة كبد، وللأسف ليس هناك متبرع من الأبناء أو الأقارب، يصلح للتبرع؛ سواء من حيث العمر، أو فصيلة الدم، وخلافه، وبالتالي لا بد من متبرع من غير الأقارب، وهنا بدأت المعاناة، ووجدنا سماسرة، وتعرضنا لأكثر من حالة نصب، ونحن في هذه المعاناة من شهر أبريل لسنة 2018م، حتى الآن بمستشفى عين شمس التخصصي، والسبب في هذه المعاناة لزوجتي، وآلاف المرضى: هو أن القانون المصري يمنع نقل الأعضاء من إنسان متوفى إلى إنسان حي إلا قرنية العين فقط هي التي يجوز نقلها، وبعكس أغلب البلاد العربية الإسلامية التي تبيح نقل الأعضاء من متوفى إلى حي، وهناك بعض الفقهاء أجازوا نقل الأعضاء من متوفى إلى حي؛ بدليل أن مصر الآن تجيز نقل القرنية، فلماذا لا يتم نقل الكلى أو الكبد من متوفى إلى حي كسائر البلاد العربية والإسلامية وأيضا الأوربية؟
ولذلك أرجو من فضيلتكم فتح باب المناقشة لهذا الموضوع بين علماء الأزهر الشريف، والسادة الأطباء، وفي حالة الموافقة يعرض الأمر على مجلس الشعب لإصدار قانون ينظم عملية زرع الأعضاء، وذلك بدلاً من سماسرة تجارة الأعضاء، لإنقاذ آلاف حالات التليف الكبدي، والفشل الكلوي. وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه.
ما الرأي الشرعي فيما يأتي:
أولًا: هل يستحق المريض عقليًّا الذي لا يستطيع الحصول على حقوقه شيئًا من الزكاة؟
ثانيًا: إذا وُجد طفل معاق في أسرة غنية، ولكنه محروم من حقوقه ومن الإنفاق عليه لرعايته وعلاجه. فهل يُصرَف له من الزكاة؟
ثالثًا: هل يجوز صرف الزكاة في شراء الأجهزة الطبية لذوي الهمم، وتوفير سيارة لنقلهم من منازلهم للمؤسسات التي ترعاهم؟
هل يحقّ للزوجة الامتناع عن زوجها إن كان مرتكبًا لشيء من المعاصي التي لا تعود عليها بالضرر؟ وهل فعله المعاصي يؤثر على حلّ العلاقة الزوجية بينهما؟
يقول السائل: توفي شقيقي الأكبر وكان قد تسلم طفلة من إحدى المراكز الطبية، وقام باستخراج شهادة ميلاد جديدة للطفلة تحمل اسمه واسم زوجته غير اسمها الحقيقي بناء على تعليمات المركز الطبي. ويطلب السائل بيان: هل ترث هذه الطفلة من هذا المتوفى؟ وحكم من يصر على ميراثها رغم علمه بالتبني؟