هل الأضحية أفضل أو التصدق بثمنها؟
الأضحية في وقتها أفضل من التصدق بثمنها، أمَّا في غير وقتها فتكون تبعا للحال التي تراعى، فقد تكون الصدقة أفضل، وقد تكون الأضحية أفضل، وتكون الصدقة أفضل إن كانت أعمَّ نفعًا وأعودَ على الفقراء؛ إذ لا معنى من حبس المال عن الفقير من أجل شراء أضحية، خاصة إن كان محتاجًا للطعام والمأوى وما يلزمه.
المحتويات
الأضحية في اللغة: مشتقة من الضحوة، وتطلق على ما يذبح من الأضاحي، حيث سميت بأول زمان فعلها وهو الضحى، وتُضم همزتها وتُكسر، وفيها لغات أخرى. ينظر: "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للفيومي (2/ 358، ط. المكتبة العلمية).
والأضحية في اصطلاح الفقهاء هي: اسم لما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى بشروط مخصوصة. يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (6/ 122، ط. دار الكتب العلمية).
والنَّعم هي: الإبل والبقر والغنم، فلا تصح إلَّا من هذه الثلاثة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 34].
واختلف الفقهاء في حكم الأضحية، فذهب الحنفيَّة إلى وجوبها على المقيم المستطيع، وذهب المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة إلى أنَّها سنة مؤكدة على المستطيع. يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني الحنفي (4/ 355، ط. دار إحياء التراث العربي) و"حاشية الباجوري الشافعي على ابن القاسم" (2/ 296، ط. فيصل عيسى الحلبي) و"حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني" للعدوي المالكي (1/ 566، ط. دار الفكر) و"الروض المربع بشرح زاد المستقنع" للبهوتي الحنبلي (2/ 168، ط. الركائز).
اختلف الفقهاء في الأفضلية بين الأضحية والصدقة: فذهب الحنفيَّة والشافعيَّة إلى أَنَّ الأضحية في وقتها يوم النحر أفضل من الصدقة؛ لما فيها من الجمع بين إراقة الدم والتصدق، ولأنَّ معنى القربة في إراقة الدم في هذه الأيام أظهر، أمَّا في غير وقتها فقد تكون الصدقة أفضل إذا كانت أعمَّ نفعًا وأعود على الفقراء.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (12/ 13-14، ط. دار المعرفة): [(والأضحية أحب إليَّ من التصدق بمثل ثمنها) والمراد في أيام النحر؛ لأن الواجب التقرب بإراقة الدم، ولا يحصل ذلك بالتصدق بالقيمة، ففي حقِّ الموسر الذي يلزمه ذلك لا إشكال أنه لا يلزمه التصدق بقيمته، وهذا لأنه لا قيمة لإراقة الدم، وإقامة المتقوم مقام ما ليس بمتقوم لا تجوز، وإراقة الدم خالص حقِّ الله تعالى، ولا وجه للتعليل فيما هو خالص حق الله تعالى وأشرنا بهذا إلى الفرق بين هذا والزكاة وصدقة الفطر، وأما في حق الفقير التضحية أفضل؛ لما فيه من الجمع بين التقرب بإراقة الدم والتصدق، ولأنه متمكن من التقرب بالتصدق في سائر الأوقات، ولا يتمكن من التقرب بإراقة الدم إلا في هذه الأيام فكان أفضل، وأَمَّا بعد مضي أيام النحر فقد سقط معنى التقرب بإراقة الدم؛ لأنها لا تكون قربة إلا في مكان مخصوص وهو الحرم، وفي زمان مخصوص وهو أيام النحر، ولكن يلزمه التصدق بقيمة الأضحية إذا كان ممن تجب عليه الأضحية] اهـ.
وقال الإمام الرملي الكبير الشافعي في "حاشيته على أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 534، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: وهي سنة مؤكدة) بل هي أفضل من صدقة التطوع، قاله النووي في "مجموعه"، قال الأذرعي: ويشبه أن يقال: الأفضل ما كان أعم نفعًا وأعود على الفقراء، وحينئذ فقد تكون التضحية أفضل في وقت من الصدقة وبالعكس، وأقول: لو كان معه ما يتصدق به من أول العشر مثلًا ووجد محتاجين إلى الصدقة لِعُرْي أو جوع أو غُرم قد حبسوا عليه مثلًا أن البِدار إلى الصدقة عليهم أفضل من التأخير للتضحية به، وإنما ينقدح تفضيلها لو كان في وقتها، ولم يظهر ما يدل على أن الصدقة أعظم نفعًا منها] اهـ.
وذهب المالكيَّة والحنابلة إلى أن الأضحية أفضل من الصدقة، وهو قول ربيعة وأبي الزناد والكوفيين وطاوس:
قال الإمام ابن رشد المالكي في "المقدمات الممهدات" (1/ 435، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال ابن حبيب: إنها من السنن التي الأخذ بها فضيلة وتركها خطيئة، وإنها أفضل من الصدقة وإن عظمت، وأفضل من العتق. ونحوه في "المدونة": فيمن اشترى أضحية ولم يضح بها حتى مضت أيام النحر: أنه آثم، فعلى هذا هي واجبة.
وتحصيل مذهب مالك: أنها من السنن التي يؤمر الناس بها ويندبون إليها ولا يرخص لهم في تركها، فقد قال: "وإن كان الرجل فقيرًا لا شيء له إلا ثمن الشاة فليُضَحِّ، وإن لم يجد فليستسلف".
وقد رُوي عنه رَحِمَهُ اللَّهُ أن الضحية أفضل من الصدقة، ورُوي عنه أن الصدقة أفضل من الضحية. فعلى هذا لم يرها واجبة ولا يأثم بتركها وإن كان موسرًا، ما لم يتركها رغبة عن إتيان السنن] اهـ.
وقال العلَّامة ابن قدامة الحنبلي في "عمدة الفقه" (ص: 51، ط. المكتبة العصرية): [والهدي والأضحية سنة لا تجب إلا بالنذر، والتضحية أفضل من الصدقة بثمنها] اهـ.
وقال العلَّامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 7، ط. مكتبة الرشد): [واختلفوا في تفضيل الصدقة على الأضحية: فقال ربيعة وأبو الزناد والكوفيون: الضحية أفضل. ورُوي عن طاوس مثله] اهـ.
وذهب بلال والشعبي وأبو ثور إلى أن الصدقة أفضل من الأضحية، وهو قول منقول عن الإمام مالك، وروي عنه أيضًا أن الصدقة أحب للحاج مِن أن يضحي؛ قال العلَّامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 7): [رُوي عن بلال أنه قال: ما أبالي أن لا أضحي إلا بديك، ولأن أضعه في فِيَّ يتيم قد ترب أحب إليَّ مِن أن أضحي به. وقال الشعبي: الصدقة أفضل، وهو قول مالك وأبي ثور، ذكره ابن المنذر، والمعروف من مذهب مالك عند أصحابه أن الضحية أفضل من الصدقة. وروى ابن وهب عن مالك أن الصدقة بثمنها أحب إلي للحاج من أن يضحي] اهـ.
بناء عليه: فالأضحية في وقتها أفضل من التصدق بثمنها، أمَّا في غير وقتها فتكون تبعا للحال التي تراعى، فقد تكون الصدقة أفضل، وقد تكون الأضحية أفضل، وتكون الصدقة أفضل إن كانت أعمَّ نفعًا وأعودَ على الفقراء؛ إذ لا معنى من حبس المال عن الفقير من أجل شراء أضحية، خاصة إن كان محتاجًا للطعام والمأوى وما يلزمه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
جمعية خيرية بصدد إنشاء مشروع تحت اسم مشروع الأضحية الذي يهدف إلى قيام الجمعية بذبح الأضاحي نيابةً عن الراغبين في ذلك من مصر ودول العالم كافة وتوزيعها على الفئات غير القادرة التي تقوم الجمعية بدراسة حالاتها والمتوافرة بقاعدة بياناتها. ولذا نرجو إفادتنا في الآتي:
1- هل يجوز توكيل شخصية معنوية للقيام بالذبح والتوزيع نيابة عن الشخص الراغب في ذلك؟
2- ما هي الصيغة الشرعية لهذا التوكيل؟
3 - بناء على دراسة الأسعار تم تحديد مبلغ ثمانمائة وخمسين جنيهًا مصريًّا أو مائة وخمسين دولارًا أمريكيًّا قيمة الأضحية شاملة الذبح والسلخ والتقطيع والتغليف والنقل والتوزيع وغيره، وذلك على أساس كبش واحد سِنُّه سنة وذلك للفرد الواحد، أو عجل سِنُّه سنة لسبعة مُضَحِّين:
أ- ففي حالة زيادة التكلفة عن هذا المبلغ: هل يجوز أن يتم تعويض زيادة التكلفة بتقليل عدد الأضاحي؟
ب- وفي حالة نقص التكلفة هل يجوز استخدام الفائض في مصاريف خيرية أخرى غير الأضحية تذهب للمستحقين في شكل طعام؟
4 - في حالة نفوق بعض الرؤوس قبل ذبحها فماذا نفعل؟
5 - ما هو موعد بداية الذبح ونهايته؟
6 - في حالة وجود فرق في التوقيت بين مكان المضحي ومكان الذبح فما هو حكم الشرع في ذلك؟
7 - هل تشترط فترة زمنية محددة للتوزيع بعد الذبح؟
8 - هل يجوز توزيع الأضحية بكاملها على الفقراء والمحتاجين دون الأكل منها أو إهداء جزء منها للأقارب والمعارف؟
ما حكم أكل الطيور التي تصاد بالبندقية وتقع في الماء؟ حيث يوجد لدى أهالي الصحراء الغربية موسم لصيد الطيور في شهرَي أغسطس وسبتمبر من كل عام، والصيادون يكونون بجوار البحر الأبيض المتوسط، فأحيانًا يضربون الطيور بالبندقية فتقع في البحر فينزل أحدهم لإخراجها من البحر فأحيانًا يجدونها لا تزال بها حياة فيذبحونها فيكون أكلها حلالًا وأحيانًا يجدونها ميِّتةً وليس بها حياة، وقد اختلفت الآراء في ذلك فبعض العلماء يقول: أكلها حلال، والبعض يحرمون أكلها بعد إخراجها من البحر ميِّتةً. وطلب السائل الإفادة عن حكم الدين فيما أُخرج من البحر ميتًا.
ما الحكم إذا زاد عدد الصكوك على عدد الذبائح أو العكس؟ فنحن جهة خيرية تقوم بتنفيذ مشروع الأضاحي، ومنذ تأسيس المشروع لا نخطو خطوة إلا بعد الرجوع إلى دار الإفتاء المصرية في أي موضوع جديد. ولِمَا حققه هذا البرنامج من نجاح في إطعام عشرات الآلاف من الفقراء والمحتاجين لحوم أضاحي سنويًّا، مما يصعب معه تحديد عدد المتبرعين المشتركين في تمويل البرنامج قبل التعاقد مع موردي الخراف والعجول داخل مصر وخارجها؛ مما يؤدي إلى بيع عدد صكوك أقل أو أكثر مما تم الاتفاق عليه مع الموردين.
فسؤالنا هو: هل يجوز في حالة زيادة أعداد الصكوك عما تم الاتفاق عليه مع موردي الخراف والعجول لموسم الأضاحي الحالي أن يتم استخدام هذه الزيادة في شراء أضاحي مع صكوك العام القادم؟ وفي حالة نقص عدد الصكوك المباعة عن العدد الذي تم التعاقد عليه فهل يمكن تحويل الفرق إلى لحوم صدقات وندفع تكلفتها؟
ما حكم العقيقة عن المولود الذي مات قبل السابع؛ حيث يوجد رجلٌ رزقه الله تعالى بمولود، ثم قدَّر الله أن مات هذا المولود بعد ولادته بيومين؛ فهل على أبيه أن يعق عنه؟
ما حكم الاقتراض للأضحية؟ فالأضحية لها فضل عظيم، فهل إذا حضر وقتها ولم يكن معي مال كاف لها، هل يجوز لي أن أقترض من غيري لكي أقوم بها؟
ما حكم صيام أيام التشريق للمتمتع؟ حيث إن هناك بعض الحجاج يحُجُّون متمتعين ولا يقدرون على شراء هدي التمتع، ويريدون أن يصوموا عِوَضًا عن الهدي ثلاثة أيام في الحج، فهل يجوز صيام هذه الأيام الثلاثة في أيام التشريق؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة؟