حكم الحج من تركة الميت إذا كان مستطيعًا للحج فلم يحج حتى مات

تاريخ الفتوى: 27 يونيو 2023 م
رقم الفتوى: 7804
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الميراث
حكم الحج من تركة الميت إذا كان مستطيعًا للحج فلم يحج حتى مات

ما حكم الحج من تركة الميت إذا كان مستطيعًا للحج فلم يحج حتى مات؟ فقد وجَبَ على والدي فريضةُ الحج، إلا أنه قد مات قبل أن يَحُجَّ، فهل يَلزم أن يُحَجَّ عنه مِن تَرِكَتِهِ؟

من وجبت عليه فريضة الحج فلم يحج حتى مات، لا يَلزم ورثته شرعًا الحجُّ عنه مِن تَرِكتِهِ إلا إذا كان قد أوصى بذلك، فإنْ أوصى ولَم يُنازِع الورثةُ في ثبوت الوصية، فإنَّ تكاليف الحج تُستوفى مِن التركة قبل التقسيم في حدود ثُلُثِها وجوبًا، ولا تنفذ فيما يَزيد على الثلث إلا بموافقة الورثة، وذلك في حقِّ مَن كان منهم مِن أهل التبرع عالِمًا بما يُجيزُه.

المحتويات

وجوب الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة

الحج ركنٌ مِن أركان الإسلام، وهو فرضٌ على كلِّ مكلَّفٍ مستطيعٍ في العُمر مرةً واحدةً؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

ولا يَستقر وجوبُ فريضة الحج في ذمة المكلَّف إلا "أنْ يُمْكِنَهُ بَعدَ وجوب الحج عليه المَسِيرُ مِن بلده على عادة الناس في سَيْرِهم، فيُوَافِي الحجَّ في عامه، فإذا مضَت عليه مدةٌ مِثلُ هذه المدة بعد وجوب الحج عليه، فقد استقَرَّ الفرضُ في ذمته؛ لإمكان الأداء... وإنْ لم يُمْكِنْهُ المَسِيرُ في عامِهِ؛ لِبُعْدِ دَارِهِ ودُنُوِّ الحج منه، أو أمكَنَه بمفارقة عادة الناس في سَيْرِهم، ففَرْض الحج غير مستقِرٍّ في ذمته؛ لتعذُّر الأداء، فإنْ مات في عامِهِ لم يلزمه القضاء"؛ كما قال الإمام المَاوَرْدِي في "الحاوي الكبير" (4/ 16، ط. دار الكتب العلمية).

المختار للفتوى في حكم الحج من تركة الميت إذا كان مستطيعًا للحج فلم يحج حتى مات

المختار للفتوى: أنَّ مَن استقرَّ في حقه وجوب فريضة الحج فمات دُون أن يُؤَدِّيَهُ، فإنَّ الحج يَسقط عنه بالموت في أحكام الدنيا، ولا يلزم في تركته شيءٌ إلا إذا أوصى بذلك، وتنفذ الوصية حينئذٍ -إذا ثبَتَت بما تَثبُت به الحقوق قضاءً- في حدود ثلث التركة وجوبًا، سواءٌ قيَّد الموصي وصيَّتَه بالثلث أو لم يُقيِّد، ويجوز تنفيذها في أكثر مِن الثلث بموافقة الورثة إذا كانوا مِن أهل التبرع عالِمِين بما يُجيزونه؛ إذ قد "أجمع فقهاءُ الأمصار أن الوصية بأكثر من الثلث إذا أجازها الورثة جازت، وإن لم تُجِزها الورثةُ لم يجز منها إلا الثلث"؛ كما قال بدر الدين العَيْنِي في "عمدة القاري" (8/ 91، ط. دار إحياء التراث)، وهو مذهب الحنفية والمالكية.

قال الإمام أبو الحُسين القُدُورِي الحنفي في "التجريد" (4/ 1641، ط. دار السلام): [قال أصحابنا: الحج يسقط بالموت، وإن أوصى به لَزِمَ الورثةَ إخراجُه مِن الثلث، وإن لم يُوصِ به لَم يَلزمهم] اهـ.

وقال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (27/ 146، ط. دار المعرفة): [نَقُول فيما يَجب حقًّا لله تعالى خالصًا كالزكاة والحج: لا يَصير دينًا في التركة بعد الموت مقدَّمًا على الميراث، ولكنه ينفذُ مِن الثلث إن أوصى به كما يَنفُذُ بسائرِ التبرُّعات، وإن لم يوصِ به فهو يَسقطُ بالموت في أحكام الدنيا، وإنْ كان مُؤاخَذًا في الآخرة بالتفريط في الأداء بعد التمكُّن منه] اهـ.

وقال شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 474، ط. دار الفكر): [قال سند... إن مات سَقَطَ الوجوبُ بموته، ولا يَلزَمُ ورثَتَهُ ولا مَالَهُ إذا لَم يُوصِ بِهِ] اهـ.

ووَجْهُ عدم الحج عنه مِن تركته إلا إذا أوصى به: أنَّ ديون الله تعالى "تَسقُط بالموت، فلا يَلزم الورثةَ أداؤها إلا إذا أوصى بها، أو تبرَّعوا بها هُم مِن عِندِهم؛ لأنَّ الركنَ في العبادات نيةُ المكلَّف وفِعْلُهُ، وقد فات بموته، فلا يُتَصَوَّر بقاءُ الواجب.

يُحَقِّقُهُ: أنَّ الدنيا دارُ التكليف، والآخرة دارُ الجزاء، والعبادة اختيارية وليست بجبرية، فلا يُتَصَوَّر بقاءُ الواجب؛ لأنَّ الآخرة ليست بدار الِابتِلاء حتى يَلزمه الفِعلُ فيها، ولا العبادةَ جبريةٌ حتى يُجتزأ بفِعلِ غيرِه مِن غيرِ اختيارِه، فلم يَبْقَ إلا جزاءُ الفعلِ أو تَرْكِهِ ضرورةً، بخلاف دَين العباد؛ لأن فِعله ليس بمقصودٍ فيه ولا نيَّته، ألَا تَرَى أنَّ صاحب الدَّين لو ظَفر بجنسِ حقِّه أَخَذَه ويَجتزئ بذلك، ولا كذلك حقُّ الله تعالى؛ لأن المقصودَ فيها فِعلُهُ ونيَّتُهُ ابتلاءً، والله غنيٌّ عن مَالِهِ وعن العالمين جميعًا، غير أنَّ الله تعالى تَصَدَّق على العبد بثلث مَالِهِ في آخِر عُمره يَضَعها فيما فرَّط فيه تفضُّلًا منه مِن غير حاجةٍ إليه، فإنْ أوصى به قام فِعلُ الورثة مقامَ فِعلِهِ؛ لوُجُود اختياره بالإيصاء، وإلا فلا"؛ كما قال فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي في "تبيين الحقائق" (6/ 230، ط. الأميرية).

وهذا ما عليه القانون المصري، حيث نصت المادة الرابعة مِن القانون رقم 77 لسنة 1943م على أنه: [يؤدَّى مِن التركة بحسب الترتيب الآتي: أولًا: ما يكفي لتجهيز الميت ومن تلزمه نفقته من الموت إلى الدفن. ثانيًا: ديون الميت. ثالثًا: ما أوصى به في الحد الذي تنفذ فيه الوصية] اهـ.

جاء في المذكرة التفسيرية: [المراد بالديون في المادة: الديون التي لها مطالب مِن العباد، وأما ديون الله تعالى فلا تطالَب التركة بها؛ أخذًا بمذهب الحنفية] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن وُجوب فريضة الحج قد سَقَط عن والدكم بموته، ولا يَلزمكم شرعًا الحجُّ عنه مِن تَرِكتِهِ إلا إذا كان قد أوصى بذلك، فإنْ أوصى ولَم يُنازِع الورثةُ في ثبوت الوصية، فإنَّ تكاليف الحج تُستوفى مِن التركة قبل التقسيم في حدود ثُلُثِها وجوبًا، ولا تنفذ فيما يَزيد على الثلث إلا بموافقة الورثة، وذلك في حقِّ مَن كان منهم مِن أهل التبرع عالِمًا بما يُجيزُه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

أولًا: توفي رجل عن أربعة أبناء وبنت.

ثانيًا: ثم توفي ابنه الأول عن زوجة، وأولاده منها: ستة أبناء وبنت وبقية المذكورين.

ثالثًا: ثم توفي ابنه الثاني عن زوجة، وبنتين وبقية المذكورين.
رابعًا: ثم توفي ابنه الثالث عن زوجة، وابن وثلاث بنات وبقية المذكورين.

خامسًا: ثم توفي ابنه الرابع عن زوجة، وأربعة أبناء وبنتين وبقية المذكورين.

سادسًا: ثم توفيت بنته عن ابن وخمس بنات وبقية المذكورين.
سابعًا: ثم توفي حفيده الأول من ابنه الأول عن زوجة، وبقية المذكورين.

ثامنًا: ثم توفي حفيده الثاني من ابنه الأول عن ثلاثة أبناء وثلاث بنات وبقية المذكورين.

تاسعًا: ثم توفي حفيده الثالث من ابنه الأول عن زوجة، وابنين وبنت وبقية المذكورين.
فمن يرث؟


طلبت حكمدارية بوليس مصر تقسيم تركة متوفى عن زوجة وأم وابن وحمل مستكن.


ما حكم من توفي عن زوجة وأم وولدين ثم توفى الابن عن أم وأخت لأب وأخت لأم وجدة لأب وابنى عم شقيق؟ ففي سنة 1915م توفي رجل عن ورثائه الشرعيين، وهم: والدته، وزوجته، وابنه، وبنته. وفي سنة 1916م توفي الابن عن أمه، وجدته لأبيه، وأخته لأبيه، وابني عم شقيق، وأخت لأم فقط. فما بيان نصيب كل وارث من المذكورين؟


رجل توفي عن زوجة، وابنة من زوجة أخرى متوفاة، وعليه ديون كثيرة نشأت في حال صحته بأسباب التجارة، منها ما هو ثمن بضائع، ومنها ما هو فوائظ، وترك عقارات وأموالًا، وقد صدرت منه قبل وفاته وصية بيَّن فيها ديونه وما له وما عليه، واعترف فيها بأن كل صداق زوجته التي خلفها على عصمته بعد موته لم يدفع لها.
فهل هذا الصداق يعتبر دَينًا ممتازًا عن الديون الأخرى المذكورة يدفع من تركة المتوفى قبل أي دين سواه، أم يكون مثل باقي الديون ويدفع معها؟ وهل للزوجة الحقُّ في الاستيلاء عليه من التَّرِكة؟ نرجو التكرم بالإفادة، وتفضلوا بقبول فائق احتراماتي.


توفي رجلٌ عن والدته، وإخوة أشقاء، وأخوين لأم، وإخوة لأب. وطلب السائل الإفادة عمن يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث.


ما حكم بيع بعض الممتلكات للزوجة بقصد حرمان الورثة؛ حيث يوجد رجلٌ له أربع بنات، باع لزوجته نصف منزله بقصد حرمان باقي الورثة من الميراث؛ فما حكم الشرع في ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54