ما حكم الشراء من ماكينات البيع الذاتي؟ حيث تُخصِّص بعض المتاجر ماكينات للبيع الذاتي، وهي ماكينات مشتملةٌ على بعض السلع المعروضة مثل المشروبات الغازية، والعصائر، والأغذية المغلفة، وتُبرمَج على تمييز ثمن كلِّ سلعةٍ وعرضه عند اختيار المشتري لها، وإخراج تلك السلع للمشتري في الدرجِ المُعد لذلك بمجرد دفع الثمن بالطريقة المتاحة بها، سواء بوضع المال نفسه فيها أو خصمه مِن البطاقة البنكيَّة للمشتري، فهل الشراء مِن تلك الماكينات بتلك الصورة الخالية مِن التعامل مع البائع مطلقًا جائزٌ شرعًا؟
الشراء من "ماكينات البيع الذاتي" المذكور بيع وشراء -جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وذلك على ما تقرَّر عند جمهور الفقهاء مِن جواز البيع بالمعاطاةِ، وأنَّ عدم وجود الصِّيغة القولية في المعاملة لا يؤثر عليها بالبطلان، ما دامت مقبولة عرفًا وجَرَت بها العادة، مع ضرورة مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذا النوع مِن المعاملات وحيازة تلك الماكينات.
المحتويات
ماكينات البيع الذَّاتي بحسب ما تم توضيحه في السؤال وكما هو مشاهَدٌ في بعض المحِلات التجارية يتم ملؤها بالسلع والمعروضات، مع تخصيص أثمان تلك السلع مِن قِبَلِ مُلَّاكِها -الثابت لهم مطلقُ التَّصرف فيها وفق ما تقرره اللوائح والقوانين- أو مَن ينوب عنهم في ذلك العمل، وهي إحدى التطبيقات المعاصرة لإدخال الآلات والتقنيَّات في التعاملات الإنسانيَّة بقصد التيسير مع زيادة الدِّقَّة وسرعة الإنجاز.
وقد تقرَّر في الشريعة الإسلامية أن البيع والشراء مِن المعاملات الجائزة متى استوفت أركانها وشروطها ولم يكن المبيع مما يَحرُم تناوله أو استعماله شرعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، فـ"هذا مِن عموم القرآن، والألف واللام للجنس لا للعهد؛ إذ لم يتقدم بيعٌ مذكورٌ يرجع إليه.. مُخَصَّصٌ بِما ذَكَرنَاه مِن الرِّبَا وغير ذلك مما نُهِي عنه ومُنِعَ العقد عليه"، كما قال الإمام شمس الدين القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 356، ط. دار الشعب).
ومِن تلك الأركان باتفاق الفقهاء رُكنُ الصِّيغة مِن إيجابٍ وقبولٍ، بحيث لو فُقِدت لم يسمَّى بيعًا بل غَصبًا، كما في "البحر الرائق" للإمام زَينِ الدِّين ابن نُجَيم الحنفي (5/ 278، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"مواهب الجليل" للإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي (4/ 228، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي الشافعي (3/ 338، ط. المكتب الإسلامي)، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 5، ط. عالم الكتب).
الصِّيغة هي الأمارة الدالة على الرِّضا المطلوب حصولُه شرعًا مِن المتبايِعَين، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه الأئمة: عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن ماجه في "سننه" واللفظ له، وابن حِبَّان في "صحيحه".
قال الإمام شهاب الدين الزِّنْجَانِي في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة): [الأصل الذي تُبْنَى عليه العقود المالية مِن المعاملات الجارية بين العباد: اتِّباع التَّرَاضي.. غير أنَّ حقيقة الرضا لَمَّا كانت أمرًا خفيًّا وضميرًا قلبيًّا، اقتضت الحكمةُ رَدَّ الخلق إلى مَرَدٍّ كُلِّيٍّ وضابِطٍ جَلِيٍّ يُستَدَلُّ به عليه، وهو الإيجاب والقبول الدَّالَّان على رضا العاقدين] اهـ.
والصيغة قد تكون قوليَّة وهو الأصل، وقد تكون فعليَّة خاليةً مِن التلفظ بالإيجاب والقبول، فيعطي البائعُ السلعةَ للمشتري ويأخذ منه الثمن، وهو ما يعبر عنه الفقهاء بـ"بيع المعاطاة" أو التعاطي.
والشراء مِن ماكينات البيع الذاتي يندرجُ تحت هذا النوع مِن البيوع، حيث يقوم عَرْضُ البائع لسلعتِه والثَّمنِ الذي ارتضاه لها بواسطة الماكينة المذكورة، مقامَ الإيجاب الفعلي منه والإعطاء، ودفعُ المشتري للثمن مع قبض السلعة مِن الماكينة هو قبولٌ فعليٌ منه وافَقَ إيجابًا صحيحًا مِن البائع فتحقَّق الرِّضا وانعقد البيعُ.
والبيع بهذا النَّسَق الخالي عن الصيغة قد أجازه جماهير الفقهاء مِن الحنفية، والمالكية، وبعض الشافعيَّة كالإمام ابن سُرَيْجٍ وقال: "وَهذَا هُوَ المُختَار لِلفَتوَى"، والحنابلة؛ لأنَّ المقصود هو تحقُّق الرِّضا بين المتعاقدين وقد حصل بالمعاطاة على ما جَرَت به العادة في مثل تلك البيوع، فيقع العقدُ لازمًا بتمام المعاطاةِ وقَبضِ كلٍّ مِن البائع والمشتري ما تملَّكه بالعقد مِن الثمنَ، أو السلعة، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين الحنفي (4/ 513، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي (3/ 3، ط. دار الفكر، مع "حاشية الإمام الدُّسُوقِي")، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (9/ 163، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 481، ط. مكتبة القاهرة).
والمشاهَد أنَّه قد جَرَت العادةُ بين الناس على قبول تلك الطريقة في القبض والمعاطاة بينهم بواسطة تلك الماكينات أو بدونها، ولم ينكرها أحدٌ، مع كونها لا يترتب عليها نزاعٌ.
كما أن التقابض الذي يلزم به البيعُ متحققٌ في صورة الشراء مِن ماكينات البيع الذاتي، فقَبْض السلعةِ قبضًا حقيقيًّا أمرٌ ظاهرٌ ومعلومٌ، وأمَّا إقباض الثمن للبائع فإن كان بإيداعِ عينِ المال فيها فظاهرٌ كذلك، حيث إن الماكينة بما فيها مِلكٌ للبائع، فتعتبر حِرْزًا له في حِفظ تلك الأثمان المودَعةِ بها، والقبضُ الحقيقيُّ ما هو إلا حيازةُ الشيء والتمكنُ منه، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (5/ 148، ط. دار الكتب العلمية)، و"القوانين الفقهية" للعلامة ابن جُزَي المالكي (ص: 533، ط. دار ابن حزم)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (9/ 275، ط. دار الفكر)، و"الكافي" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (2/ 19، ط. دار الكتب العلمية).
وإن كان دفع الثمن في تلك الماكينة عن طريق بطاقات الخصم المباشر ونحوها، فإنه قد تقرَّر أنَّ ذلك النوع مِن الإقباض يحصل به القبض الحقيقي؛ حيث إنه يُحقِّق المعنى العام للقبض الحقيقي وهو النقل مِن حيازة وملكيَّة الدَّافع إلى حيازة وملكيَّة القابض، وهو ما يختلف باختلاف طبيعة المال المقبوض، فقَبْض كلِّ شيءٍ بحسبه، والضابط في ذلك هو العادةُ والعرف، كما في "بدائع الصنائع" للإمام عَلَاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (6/ 141)، و"عقد الجواهر الثمينة" للإمام ابن شَاس المالكي (2/ 725، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي الشافعي (3/ 518)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (4/ 85).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الشراء مما يُسمَّى بـ"ماكينات البيع الذاتي" المذكور وصفُ التعامل مِن خلالها بيعًا وشراءً -جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وذلك على ما تقرَّر عند جمهور الفقهاء مِن جواز البيع بالمعاطاةِ، وأنَّ عدم وجود الصِّيغة القولية في المعاملة لا يؤثر عليها بالبطلان، ما دامت مقبولة عرفًا وجَرَت بها العادة، مع ضرورة مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذا النوع مِن المعاملات وحيازة تلك الماكينات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الرجوع في البيع لعدم سداد باقي الثمن؟ حيث أن جمعية زراعية خصَّصت للسائل مساحةَ أرض زراعية مقدارها عشرون فدانًا، ومساحة أخرى للبناء ومقدارها سبعمائة وثمانية وعشرون مترًا مربعًا وذلك سنة 1978م، وقد باعها السائلُ لإحدى السيدات سنة 1983م مقابل مبلغ قدره ثلاثون ألف جنيه قامت بسدادها المشترية كاملة، وقامت بالتوقيع على العقد بحضور زوجها، وضمن نصوص العقد المحرر بينهما أنه على المشترية الالتزام بالتقدم للجمعية لاستكمال إجراءات تثبيت الملكية وكذلك سداد الأقساط التي تطالب بها الجمعية، إلا أنه فوجئ باستمرار الجمعية في مخاطبته كمالكٍ ومطالبته بالأقساط المتأخرة حتى بلغت اثني عشر ألفًا وثمانمائة وثلاثين جنيهًا، ثم تسلم إنذارًا من الجمعية أخيرًا بسداد المبلغ المتبقي وإلا اعتبر العقد مفسوخًا مع الالتجاء إلى القضاء، علمًا بأن المشترية قد اختفت.
والسؤال الذي يطرحه السائل: هل يقع عليَّ ذنبٌ لو تصرفت ببيع الأرض لسداد مستحقات الجمعية واسترداد ما سبق سداده إلى الجمعية قبل البيع والاحتفاظ للمشترية بالمبلغ الذي سبق لها سداده عند الشراء وهو الثلاثون ألفًا يضاف إليها قيمة الأرباح المستحقة طول الفترة السابقة، أم أترك الأرض بصورتها الصحراوية للجمعية وأنهي العلاقة معها دون مسؤولية أدبية من جانبي عن ضياع أموال المشترية؟
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟
سأل أحد المحضرين بمحكمة مصر الأهلية في رجل وصِيّ على ابن أخيه القاصر، بلغ ابن الأخ المذكور سفيهًا، ثم بعد ما بلغ عمره ثماني عشرة سنة ذهب إلى المجلس الحسبي وادَّعى أنه رشيد، وأتى بشاهدين شهدا له بحسن السير واستقامته، فبناءً على ذلك أثبت المجلس الحسبي رشده -على خلاف الواقع- بشهادة الشاهدين المذكورين، ثم إن الوصيّ المذكور اشترى منه ثمانية أفدنة وكسورًا بملبغ مائتي جنيه إنكليزي باسم ولده المراهق بغبن فاحش بالنسبة لثمن مثل الأطيان المذكورة، مع غروره لابن أخيه المذكور بقوله له: إن تلك الأطيان لا تساوي أكثر من ذلك، ولم يعطه من الثمن المذكور إلا خمسة عشر جنيهًا، ثم لمَّا علم بعض أقاربه بحالته التي اتصف بها ذهب إلى المجلس الحسبيّ وأوقع الحجر عليه رسميًّا، فهل هذا البيع الصادر من الولد المذكور يكون فاسدًا ويجب فسخه حيث كان بغبن فاحش مع التغرير، خصوصًا وقد أثبت بعض أقاربه الحجر عليه بعد ذلك؟ وهل إذا علم الوصي قبل الحجر عليه بسفهه لا يجوز تسليمه أمواله؟ أفيدوا الجواب ولفضيلتكم الأجر والثواب. أفندم.
ما حكم الشرع في المضاربة على أسهم الشركات التي تعمل في الأنشطة المباحة؛ كالحديد والصلب، وكذا الاشتراك في صناديق الاستثمار المختلفة؟
سائل يقول: أنا تاجرٌ خُضَرِيٌّ أشتري محاصيل زراعية مِن الخضراوات التي تُنتِج عدة مرات خلال الموسم الواحد، كالطماطم والباذنجان والخيار، علمًا بأن التعاقد يكون على نتاج الموسم كلِّه بناءً على معاينة الثمرة في بشايرها في بداية الموسم، فما حكم هذا البيع شرعًا؟
ما حكم التجارة في أجهزة التلفاز داخل مصر، وكما تعلمون الغالب على مادة التلفاز الآن ليست من الخير النافع بل على العكس من ذلك. فهل هذا من التعاون على الإثم؟