حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان ومدى حصول الإثم به

تاريخ الفتوى: 29 أكتوبر 2023 م
رقم الفتوى: 20218
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطب والتداوي
حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان ومدى حصول الإثم به

ما حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان ومدى حصول الإثم به؟ فقد كان أخي متعبًا جدًّا في نهار رمضان، وضغطه منخفض، فأشرتُ عليه بالفطر وأخذ الأدوية؛ خوفًا من أن يغمى عليه؛ لأنه كان قد حصل معي موقف مشابه، وقد استجاب لي وأفطر في هذا اليوم، وأرجو الإفادة عن حكم فعلي هذا.

لا مانع شرعًا من الإشارة على المريض الذي يجهده الصيام بالإفطار إذا كان المرض ممَّا يُرخّص لمثله بالفطر؛ لا سيَّما وأنها من باب التعاون على البر والتقوى المأمور بهما شرعًا، والنصيحة لله ورسوله؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].

المحتويات

 

رخصة الإفطار للمريض في رمضان

صيام رمضان ركنٌ من أركان الإسلام، وفريضةٌ من فرائضه المحكمة التي لا يجوز للمكلَّف التفريط فيها إلا لعذرٍ، ولقد فَرَضَ الله الصيام على المكلَّف بشروٍط عدة لا بد أن تتوفر فيه؛ حتى يصيرَ من جملة المكلَّفين بالصيام الذين يخاطبهم ربُّ العزة تبارك وتعالى بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وقال تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].

فإذا لم يستطع المكلَّفُ -لعذرِ معتبر شرعًا- الصومَ بالامتناع عن المفطرات من الطعام والشراب ونحوها من الفجر إلى المغرب، فإنَّ الشرع الشريف رخَّص له في الفطر، ولا سيَّما إذا كان الاستمرار في الصوم يضرُّ بصحته أو يؤخِّر من شفائه بقول الأطباء المختصين.

حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان

الأصل في رخصة الإفطار للمريض العاجز عن الصوم قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184].

وقد نقل ابن قدامة الإجماع على ذلك في "المغني" (3/ 155، ط. مكتبة القاهرة) فقال: [أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة] اهـ.

وقد تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة على تقرير هذا المعنى.

قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 123-124، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومن كان مريضًا في رمضان فخاف إن صام ازداد مرضه أفطر وقضى... ونحن نقول: إن زيادة المرض وامتداده قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين العيني في "البناية" (4/ 76، ط. دار الكتب العلمية) عن المرض المبيح للفطر: [نوعان: ما يوجب المشقة، وما لا يوجبها فوجب الفصل، فقلنا كل مرض يضره الصوم يوجب الإباحة، وما لا فلا، وكان خوف ازدياد المرض مرخصًا للفطر كخوف الهلاك. وذكر الإمام المحبوبي طريق معرفة ذلك إما باجتهاده أو بقول طبيب حاذق] اهـ.

وقال الإمام أحمد الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 535، ط. دار الفكر): [(و) جاز الفطر (بمرضٍ خاف) أي: ظنَّ لقول طبيبٍ عارف أو تجربة أو لموافق في المزاج (زيادته أو تماديه)، بأن يتأخر البُرء، وكذا إن حصل للمريض بالصوم شدة وتعب، بخلاف الصحيح، (ووجب) الفطر لمريضٍ وصحيحٍ (إن خاف) على نفسه بصومه (هلاكًا أو شديدَ أذًى)؛ كتعطيل منفعةٍ من سمعٍ أو بصرٍ أو غيرهما؛ لوجوب حفظ النفس] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 169، ط. دار الكتب العلمية): [(ويباح تركه) بنية الترخص (للمريض) بالنص والإجماع (إذا وجد به ضررًا شديدًا) وهو ما يبيح التيمم... وعبارة "المحرر" للمريض الذي يصعب عليه أو ينال به ضررًا شديدًا فاقتضى الاكتفاء بأحدهما، وهو كما قال الإسنوي الصواب... ويجب الفطر إذا خشي الهلاك كما صرح به الغزالي وغيره وجزم به الأذرعي] اهـ.

وقال العلامة الحجاوي في "الإقناع" (1/ 306، ط. دار المعرفة): [والمريض إذا خاف ضررًا بزيادة مرضه أو طوله -ولو بقول مسلم ثقة- أو كان صحيحًا فمرض في يومه أو خاف مرضًا لأجل عطش أو غيره: سن فطره وكره صومه وإتمامه، فإن صام أجزأه، ولا يفطر مريض لا يتضرر بالصوم] اهـ.

فعُلِم من ذلك أن الإشارة على المريض بالإفطار لا إثم فيها على الشخص الْـمُشير إذا كان المرض مما يرخص لمثله بالفطر؛ لا سيَّما وأنها من باب التعاون على البر والتقوى المأمور بهما شرعًا، والنصيحة لله ورسوله؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].

الخلاصة

بناءً على ذلك؛ فلا مانع شرعًا من إرشاد المريض الذي يجهده الصيام إلى الإفطار في رمضان، ولا إثم في ذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نرجو منكم بيان حكم الشرع في الرُّقْيَة بالقرآن الكريم.


ما حكم تأخير الفطر وترك السحور لكسر الشهوة؟ فأنا شابٌّ لم يمنَّ الله عليَّ بالزواج بعدُ، والصيام لا يكسر شهوتي؛ فهل يجوز لي تأخير الفطر في رمضان والصيام من غير سحور لكسر الشهوة؟


هل يجب الصيام على مريض الزهايمر، أو يجوز له أن يُفطر؟ وهل يجب عليه القضاء إذا أفاق؟


ما الحكم فيمن صام رمضان ولكنه لا يصلي، هل ذلك يُفسِد صيامه ولا ينال عليه أجرًا؟


ما حكم إجراء عملية الفحص الجيني لاختيار جنس الجنين؟


ما مدى مشروعية التداوي بالحجامة؟ فنظرًا للَّغطِ الشديد الذي نحن فيه فيما يتعلق بالتداوي بالحجامة، ونظرًا لأن هذا النوع من التداوي شاع في الفترة الأخيرة في العالم الغربي والشرقي على السواء، مما يجعلنا نفخر بأن نبينا وحبيبنا وطبيبنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى بهذا النوع من التداوي من 1400 سنة، والذي ينظر إليه العالم الآن ليس فقط بواقع طبي ولكن أيضًا نظرة مستقبلية.
وعليه: فإننا نود أن تفيدنا سيادتكم بالرؤية الإسلامية في موضوع الحجامة.
أولًا: مشروعية التداوي بها، وهل هو تداوٍ أفناه الدهر رغم استخدام الأوروبيين والأمريكان له، أم ما زال قائمًا؟
ثانيًا: هل يفضل أن يجريه العامة أم الأطباء بما لهم من مقدرة على التشخيص وإصابة الداء بالدواء المناسب ومراعاة ظروف التعقيم المناسبة؟
ثالثًا: إذا كان العالم الغربي اهتم بهذا النوع من التداوي وأصبح له مدارسه، وإذا كانت السُّنَّة واضحة فيه، فما هو حكم قيام السلطة في دولة إسلامية باستهجان هذا الأسلوب العلاجي الراقي الذي أوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وله قوانينه الحديثة المنظمة لهذا النوع من العلاج؟