هل الدواء الذي يؤخذ للغرغرة في الفم يبطل الصيام؟
يجوز للصائم استعمال الغرغرة العلاجية بقصد التداوي إذا احتاج الصائم لذلك، ويلزمه مع ذلك الاحتراز من وصوله إلى جوفه ما أمكنه ذلك، فإن سَبَق شيء من الغرغرة إلى جوفه فلا يفسد صومه بذلك ما دام بغير قصدٍ منه ولا تعمدٍ.
المحتويات
الغرغرة أو التغرغر: تردد الشيء المشروب في الحلق دون ابتلاعه، والغَرور: ما يتغرغر به من الأدوية، ومنه الحديث: «لا تُحدثهم بما يغرغرهم» أي: لا تحدثهم بما لا يقدرون على فهمه، فيبقى في أنفسهم لا يدخلها، كما يبقى الماء في الحلق عند الغرغرة. كما في "النهاية في غريب الحديث والأثر" للعلامة ابن الأثير (3/ 360، ط. المكتبة العلمية)، و"لسان العرب" للعلامة ابن منظور (5/ 20، ط. دار صادر).
والغرغرة طريقة شائعة تستعمل لتطهير الحلق خاصةً، وتكون بوضع المريض ماءً أو دواءً سائلًا مخصوصًا في فمه، مع إمالة رأسه إلى الخلف وإخراجه نَفَسًا من رئتيه من أجل تحريك ذلك السائل وتردده في منطقة الفم والحلق، وبحيث يتمكن المتغرغر من عدم ابتلاع السائل الذي يتغرغر به ورده إلى فمه، إلا إذا سَبق منه شيء إلى جوفه.
الغرغرة هي المبالغة في المضمضة كما نصَّ عليها فقهاء الحنفية وهو المفهوم من فقهاء المذاهب الثلاثة، وجميعهم متفقون على أنها مما يكره للصائم فعله، كي لا يصل الماء إلى جوفه، فإن كان له حاجة في ذلك كالتداوي جاز له فعلها بلا كراهة، لما قد تقرر أن "الكَرَاهَةَ تَزُولُ لِلحَاجَة" كما في "حاشية اللبدي على نيل المآرب" للعلامة عبد الغني اللَّبَدي (2/ 310، ط. دار البشائر الإسلامية)، بالإضافة إلى أن الصائم يتمكن حال الغرغرة من إطباق حلقه فيرد الماء عن وصوله إلى الداخل، كما أفاده الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (1/ 106) في توضيح الفرق بين أنَّ للصائم أنْ يُبالغ في المضمضة ولا يبالغ في الاستنشاق.
ومن ثَمَّ، فإذا احتاج المريض إلى استخدام الأدوية التي تؤخذ للغرغرة وهو صائم، جاز له ذلك وزالت الكراهة في حقِّه لوجود الحاجة المتحققة، وهي التداوي، وذلك من الأمور المعتبرة شرعًا، ويلزمه مع ذلك الاحتياط من وصول ما يتغرغر به إلى جوفه بابتلاعه، فإن ابتلعه دون قصدٍ منه، فصومه مع ذلك صحيح على أحد الوجهين عند الحنابلة، وهو مقتضى نصوص فقهاء الحنفية والشافعية، والحنابلة في الوجه الثاني.
أما الحنابلة: فقد عللوا لوجه عدم الفطر عند سبق الماء إلى الجوف عند المبالغة في المضمضة بأن ذلك إنما يحصل عن طريق الخطأ وعدم القصد والاختيار، وقد تواردت النصوص على أنَّ الخطأ مرفوعٌ عن المكلف، وأنَّه لا يحاسب إلا على ما تَعَمَّد فعله وتوجهت إليه إرادته وقصده، استدلالًا بما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
قال العَلَّامَة البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 321-322، ط. دار الفكر): [(أو تمضمض أو استنشق) في الوضوء (فدخل الماء حلقه بلا قصد أو بلع ما بقي من أجزاء الماء بعد المضمضة لم يفطر)؛ لأنه واصل بغير قصد أشبه الذباب (وكذا إن زاد على الثلاث في أحدهما) أي: الفعلين وهما المضمضة والاستنشاق (أو بالغ فيه) أي: في أحدهما بأن بالغ في المضمضة أو الاستنشاق؛ لأنه واصل بغير اختياره] اهـ.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "المبدع في شرح المقنع" (3/ 27، ط. دار الكتب العلمية): [(أو تمضمض أو استنشق) في الوضوء، (فدخل الماء حلقه)؛ لأنه واصل بغير قصد... (لم يفسد صومه)... (وإن زاد على الثلاث) في أحدهما (أو بالغ فيهما) فدخل الماء حلقه (فعلى وجهين) كذا في "الكافي" و"المحرر" و"الفروع"، أحدهما: لا يفطر، جزم به في "الوجيز"؛ لأنه واصلٌ بغيرِ اختياره] اهـ.
وأما فقهاء الحنفية والشافعية، والحنابلة في الوجه الثاني، فيظهر من نصوصهم أنهم قد ألزموا الصائم الذي سبقه شيء إلى جوفه بالفطر والقضاء في حالة كونه قد تعدى بفعل المكروه، وهو المبالغة في المضمضة، فلم يُعذر بالخطأ الحاصل عنها من سَبْقِ الماء إلى جوفه، أمَّا في حالةِ المُبالغة الحاصلةِ مِنْ أجْلِ التَّداوي -كما في مسألتنا-، فقد زَالت الكراهة للحاجة كما سبق وبَيَّنَّا، فزال ما لَزِمَ عنها من التَّعدي الذي أناطوا به الفطر والقضاء، فشمله بذلك العذر ولم يَلْزَمْهُ الفطرُ ولا القضاءُ، والحالة هذه.
قال العَلَّامة الكَاسَاني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 91، ط. دار الكتب العلمية): [الماء لا يَسبق الحلق في المضمضة والاستنشاق عادة إلا عند المبالغة فيهما، والمبالغة مكروهة في حقِّ الصائم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للقيط بن صبرة: «بَالِغ في المَضْمَضَة وَالاسْتِنْشَاق إلَّا أنْ تَكُونَ صَائِمًا» فكان في المبالغةِ مُتَعَدِّيًا فلم يُعذر بخلاف النَّاسي] اهـ.
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (3/ 457، ط. دار الكتب العلمية): [مَنْ أراد المضمضة والاستنشاق في صومه، فالأولى له أن يرفق ولا يبالغ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر لقيطًا بذلك، فإنْ تَمضمض واستنشق فوصل الماء إلى رأسه أو جوفه فله ثلاثة أحوال:... الثانية: أن يكون ذاكرًا لصومه غير قاصدٍ إلى إيصال الماء إلى جوفه، وإنما سبقه الماء وغلبه، فهذا على ضربين: أحدهما: أن يكون قد بالغ في الاستنشاق، والثاني: لم يبالغ، فإن بالغ فقد أفطر، ولزمه القضاء؛ لأن ذلك حادث عن سبب مكروه] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 443، ط. دار الكتب العلمية): [وإن بالغ فيهما فوصل الماء ففيه وجهان:... والثاني: يفطر لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ نهى عنه لقيط بن صبرة رضي الله عنه، حفظًا للصوم، فدل على أنه يفطره؛ لأنه تولد بسببٍ منهي عنه] اهـ.
وهذا كله في حالة إذا سَبق شيء من الدواء الذي يتغرغر به الصائم إلى جوفه بابتلاعه.
أما ما قد يجده الصائم من طعم للدواء بسبب الغرغرة، فإنه يدخل دخولًا أوليًّا فيما قرره فقهاء الحنفية مِن عدم فساد صوم مَن ذاق شيئًا من الأدوية أو مصها ولو عامدًا، بجامع أن محلَّ عملِ كلٍّ الفم دون دخول شيءٍ مِن عينها في جوفه.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 67، ط. دار المعرفة): [مَن ذاق شيئًا من الأدوية المُرَّة يجد طعمه في حلقه، فهو قياسُ الغبار والدخان] اهـ.
وقال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 99): [ولو مص إهليلجة فدخل الماء حلقه، قال: لا يفسد صومه، ذكره في "الفتاوى"] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز للصائم استعمال الغرغرة العلاجية بقصد التداوي إذا احتاج الصائم لذلك، ويلزمه مع ذلك الاحتراز من وصوله إلى جوفه ما أمكنه ذلك، فإن سَبَق شيء من الغرغرة إلى جوفه فلا يفسد صومه بذلك ما دام بغير قصدٍ منه ولا تعمدٍ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم استخدام الخلايا الجذعية البالغة الحيوانية (adult stem cell) من حيوانات التجارب مثل الأرانب أو الماعز بعد تنميتها وتمييزها والتأكد من خصائصها وسلامتها، ثم إعادتها داخل الجسم الحي لنفس الحيوان لدراسة تأثيرها في مجال هندسة وتجديد الأنسجة الحية داخل نفس الحيوان؟
وفي حالة ثبوت نجاح هذه التجارب على الحيوان سيتم تطبيقها على الإنسان -بأخذ خلايا جذعية بالغة آدمية من نفس الإنسان ثم إعادتها داخل جسمه بعد اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة حيالها- بعد أخذ موافقة المريض لإجراء مثل هذه التجربة لعلاجه؟
ما حكم تعدد الصلوات بتيمم واحدٍ بالنسبة لمريض كورونا الذي يشق عليه استعمال الماء في كل فرض؟
ما حكم نقل الأعضاء البشرية من الأموات إلى الأحياء؛ فقد ورد طلب مُقدَّم من/ مجمع البحوث الإسلامية الإدارة العامة لشئون مجلس المجمع ولجانه، والمتضمن: بناء على توصية لجنة البحوث الفقهية، بجلستها التاسعة عشرة: (طارئة)، في دورتها الخامسة والخمسين، والتي عقدت يوم الثلاثاء الموافق 17 من شعبان لسنة 1440 هـ، الموافق 23 من أبريل 2019 م، بشأن: الكتاب الوارد من مكتب فضيلة الإمام الأكبر/ شيخ الأزهر، بخصوص: الطلب المقدم من أحد المواطنين، بشأن: طلب فتح باب مناقشة موضوع: [نقل الأعضاء من الميت إلى الحي]؛ حيث إن زوجة مقدم الطلب تحتاج إلى كبد، ولا يوجد من الأقارب من يصلح لذلك النقل. حيث أوصت اللجنة بإحالة هذا الموضوع إلى دار الإفتاء المصرية للاختصاص. وجاء في الطلب المرفق ما يأتي:
بداية أتقدم بالشكر لفضيلتكم لسعة صدركم للسماح لي بعرض الحالة المرضية لزوجتي: حيث إنها تعاني من تليف في الكبد، وتحتاج لزراعة كبد، وللأسف ليس هناك متبرع من الأبناء أو الأقارب، يصلح للتبرع؛ سواء من حيث العمر، أو فصيلة الدم، وخلافه، وبالتالي لا بد من متبرع من غير الأقارب، وهنا بدأت المعاناة، ووجدنا سماسرة، وتعرضنا لأكثر من حالة نصب، ونحن في هذه المعاناة من شهر أبريل لسنة 2018م، حتى الآن بمستشفى عين شمس التخصصي، والسبب في هذه المعاناة لزوجتي، وآلاف المرضى: هو أن القانون المصري يمنع نقل الأعضاء من إنسان متوفى إلى إنسان حي إلا قرنية العين فقط هي التي يجوز نقلها، وبعكس أغلب البلاد العربية الإسلامية التي تبيح نقل الأعضاء من متوفى إلى حي، وهناك بعض الفقهاء أجازوا نقل الأعضاء من متوفى إلى حي؛ بدليل أن مصر الآن تجيز نقل القرنية، فلماذا لا يتم نقل الكلى أو الكبد من متوفى إلى حي كسائر البلاد العربية والإسلامية وأيضا الأوربية؟
ولذلك أرجو من فضيلتكم فتح باب المناقشة لهذا الموضوع بين علماء الأزهر الشريف، والسادة الأطباء، وفي حالة الموافقة يعرض الأمر على مجلس الشعب لإصدار قانون ينظم عملية زرع الأعضاء، وذلك بدلاً من سماسرة تجارة الأعضاء، لإنقاذ آلاف حالات التليف الكبدي، والفشل الكلوي. وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه.
ما حكم استغلال بعض المتعافين حاجة المرضى بطلب مقابل مادي لإعطاء البلازما المستخلصة من دمه في ظل انتشار هذا الوباء الذي يهدد أمن البشرية واستقرارها؟
ما حكم تعليق الزينة والفوانيس في رمضان؟ فأنا سمعت أحد الناس وهو يقول عندما رأى زينة وفوانيس رمضان المعلقة في الشوارع: ما يصنعه المصريون في رمضان من تعليق الزينة والفوانيس لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا أحد من أصحابه فهو إذن بدعة، وكل بدعة ضلالة، وهذه كلها مظاهر كاذبة.
سائل يقول: هل ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام جواز الرقية بالقرآن الكريم؟ وما حكم طلب الرقية من الصالحين؟