ما أركان العمرة؟ وما واجباتها؟ وبمَ تصح؟
أركان العمرة هي: الإحرام، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق، أو التقصير عملًا برأي الشافعية.
وواجباتها: الإحرام بها من الميقات المكاني، وعدم التلبس بمحظورٍ من محظورات الإحرام، والحلق أو التقصير عملًا برأي الجمهور.
ومَنْ أوقع العمرة على هيئة وافقت قولًا لأحد المذاهب المتبوعة صحت، ولا حرج عليه، لما تقرر أنَّ مَن ابتلي بشيء من المختلف فيه فله أن يقلد مَن أجاز.
المحتويات
العمرة مِن أفضل العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى؛ لِمَا فيها من تكفيرٍ للذنوب، واستجابة للدعوات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّة» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (9/ 117، ط. دار الفكر): [هذا ظاهر في فضيلة العمرة، وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين] اهـ.
للعمرة أركانٌ، منها ما انعقد الإجماع على ركنيته، وهو الطواف، واختلفوا في غير الطواف فذهب جمهور الفقهاء إلى ركنية الإحرام، والسعي، وانفرد الشافعية في معتمد المذهب بالقول بركنية الحلق أو التقصير، وذهب الحنفية إلى أن الإحرام شرط للعمرة.
قال أبو الحسن ابن القطان في "الإقناع" (1/ 286، ط. الفاروق الحديثة): [وأجمع العلماء أنه لا يصنع المعتمر عمل الحج كله، وإنما عليه أن يتم عمل عمرته، وذلك الطواف والسعي والحلاق] اهـ.
وقال شمس الأئمة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 227، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) ركنها فالطواف... ولإجماع الأمة عليه] اهـ.
وقال الإمام الحطَّاب الرُّعَيْنِيُّ المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 13، ط. دار الفكر): [أما الطواف، فاتفق على ركنيته الأئمة الأربعة] اهـ.
وجاء في "متن أبي شجاع" في الفقه الشافعي (ص: 20، ط. عالم الكتب): [وأركان العمرة أربعة: الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير في أحد القولين] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 596، ط. عالم الكتب): [(وأركان العمرة) ثلاثة (إحرامٌ) بها لما تقدم في الحج (و) الثاني (طوافٌ و) الثالث (سعيٌ) كالحج] اهـ.
وأما ما اتُّفِقَ عليه من الأركان عند جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة في المعتمد، فهو الإحرام، والسعي بين الصفا والمروة، وأما ما انفرد به بعضهم، فهو الحلق أو التقصير على الأظهر عند الشافعية، حيث نصوا على أن الحلق أو التقصير، إن تم اعتباره نُسُكًا فهو ركن من أركان العمرة، وفي هذه الأعمال الثلاثة عند الحنفية تفصيل باعتبارات أخرى، يأتي بيانه.
أما اتفاق جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على رُكْنِيَّة الإحرام والسعي في العمرة، فقد تواردت نصوصهم على ذلك:
قال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 13): [أركان العمرة ثلاثة: الإحرام، والطواف، والسعي] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 119، ط. المكتب الإسلامي): [أعمال الحج ثلاثة أقسام: أركان، وأبعاض، وهيئات. فالأركان خمسة: الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، والحلق إن قلنا: هو نسك. وهذه هي أركان العمرة سوى الوقوف، ولا مدخل للجبران في الأركان] اهـ.
وجاء في "شرح متن أبي شجاع" للإمام ابن قاسم الغَزِّي الشافعي (فتح القريب المجيب، ص: 147، ط. دار ابن حزم): [(وأركان العمرة ثلاثة) كما في بعض النسخ، وفي بعضها: «أربعة أشياء»: (الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير في أحد القولين). وهو الراجح... وإلا فلا يكون من أركان العمرة] اهـ.
وقال أبو السعادات البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 605، ط. دار الكتب العلمية): [(وأركان العمرة) ثلاثة (الإحرام، والطواف والسعي)] اهـ.
أما واجبات العمرة، فهي عند الشافعية: وقوع الإحرام من الميقات، واجتناب محظورات الإحرام.
قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 285، ط. دار الكتب العلمية): [وواجب العمرة شيئان: الإحرام من الميقات، واجتناب محرمات الإحرام] اهـ.
والواجب عند المالكية في العمرة الحلق، قال الإمام النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 366، ط. دار الفكر): [الحلاق من واجباتها] اهـ.
وأما عند الحنابلة فالإتيان بواجب من واجبين، أي: إذا أتى بما نص عليه الشافعية من الإحرام من الميقات، أو أتى بما نص عليه المالكية من الحلق، فقد أتى بالواجب.
قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 324، ط. عالم الكتب): [(وواجباتها) أي: العمرة شيئان (الإحرام من الحل، والحلق أو التقصير) فمن أتى بواحد منهما فقد أتى بالواجب] اهـ.
وما ذهب إليه المالكيةُ والحنابلةُ من كون الحلق واجبًا من واجبات العمرة -موافقٌ لما ذهب إليه الحنفيةُ، إلا أن الحنفية انفردوا بوجوب السعي بين الصفا والمروة لا ركنيته كما قال الجمهور، قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 227، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) واجباتها فشيئان: السعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير] اهـ.
كما أنهم نصوا على أن الإحرام شرط من شروط العمرة، ينظر: "الهداية"، للإمام برهان الدين المرْغِيناني (1/ 155، ط. دار إحياء التراث).
ومما تَحْسُنُ الإشارة إليه أن الفارق بين الركن والواجب: أن الركن لا يتم النسك إلا به، بينما الواجب يتم النسك إذا تُرك، ويُجبر بدم.
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 265، ط. دار الفكر): [فمن ترك ركنًا لم يتم نسكه، ولا تحلل حتى يأتي به، ومن ترك واجبًا لزمه الدم] اهـ.
بناءً على ذلك: فأركان العمرة هي أركان الحج نفسها عدا الوقوف بعرفة، أي هي: الإحرام، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير عملًا برأي الشافعية، وواجباتها: الإحرام بها من الميقات المكاني، وعدم التلبس بمحظورٍ من محظورات الإحرام، والحلق، أو التقصير عملًا برأي الجمهور، ومَنْ أوقع العمرة على هيئة وافقت قولًا لأحد المذاهب المتبوعة صحت، ولا حرج عليه، لما تقرر أنَّ مَن ابتلي بشيء من المختلف فيه فله أن يقلد مَن أجاز.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: أرجو من فضيلتكم بيان أهم الآداب التي يستحب للإنسان أن يراعيها عند دخول مكة المكرمة.
هل لمن سعى دون نية مخرج؟ ومن فَرَّقَ أشواط السعي على أيام، ومن مشى السبعة الأشواط لإعانة ضعيف على السعي هل يصح هذا له سعيًا مع اقتصاره على نية إعانة الغير؟
ما حكم تعيين نية الطواف في الحج؟ فرجلٌ يقول: والدتي امرأةٌ مُسِنَّةٌ، وقد أكرمها اللهُ تعالى بالحج هذا العام، وبعد عودتها سألتُها عن المناسك وكيف أدت الحج؟ فقالت: إنها كانت تفعل مثل ما يفعل غيرها، متبعة إرشادات مسؤول فَوْج الحجيج معهم، وطافت للقدوم والإفاضة والوداع مِن غير تعيين النية في كلٍّ منها. فهل يقبل منها ذلك أو كانت تحتاج إلى تعيين النية لكلِّ طواف قبل أدائه؟
هل يختص ذبح دم الفدية بوقت معين؟ حيث عزم أحدُ الأشخاص على الحجِّ هذا العام، وسأل: إذا وجب عليه دمُ الفدية بسبب ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام، أو تَرْكِ واجب من واجبات الحج؛ فهل يجب عليه ذبحه بمجرد ارتكابه للمحظور، أو تَرْكِه للواجب، أو له أن يذبحه حسبما تيسر له فيما بعد؟
ما حكم ذبح دم الفدية خارج الحرم؟ حيث عزم أحدُ الأشخاص على الحجَّ هذا العام، والسؤال: إذا وجب عليه دمُ الفدية بسبب ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام، أو ترك واجب من واجبات الحج؛ هل يجوز ذبحه خارج الحرم، وفي بلده تحديدًا؟
ما حكم تلبية الدعوة إلى الوليمة للعائد من الحج؟ فأحد جيراني أنعم الله عليه بأداء فريضة الحج، وعاد إلى أرض الوطن بالسلامة، وعزم على إقامة وليمة في بيته بهذه المناسبة، ودعاني إليها. فما حكم إجابة تلك الدعوة؟ وهل عليَّ حرج إذا لم أحضر؟