الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم الصيام والصدقة شكرا لله تعالى

تاريخ الفتوى: 25 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8188
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم الصيام والصدقة شكرا لله تعالى

ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.

صيام الشكر وصدقة الشُّكر، وكذلك سائر القُرَب العملية: مندوبٌ إليها؛ فالشُّكر لا يقتصر على قول اللسان، بل يَشمل عمل الجوارح والأركان، من صلاةٍ وصدقةٍ وصيامٍ، وغيرها من سائر القُرَب والطاعات، وهو أحد درجات الشُّكر.

المحتويات

 

بيان مفهوم الشكر وحكمه وجزاء الشاكرين

الشُّكْرُ: ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافًا، وعلى قلبه شهودًا ومحبَّةً، وعلى جوارحه انقيادًا وطاعةً. ينظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 234، ط. دار الكتاب العربي). أو هو: مقابلة النعمة قولًا وعملًا واعتقادًا. ينظر: "تحفة الأبرار" للبيضاوي (2/ 65، ط. أوقاف الكويت).

وقد أوجب الله تعالى على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وقرن سبحانه الذكر بالشكر في كتابه الكريم حيث قال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، مع علو مكانة الذكر التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45].

ووعد الله تعالى بنجاة الشاكرين من المؤمنين وجزائهم خير الجزاء؛ حيث قال: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ [النساء: 147]، وقال تعالى: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]، وقال عز من قائل: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (9/ 343، ط. دار الكتب المصرية): [﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ أي: لئن شكرتم إنعامي لأزيدنَّكم من فضلي] اهـ.

بيان حكم الصلاة والصيام والصدقة لشكر الله تعالى

الشُّكر كما يكون باللسان يكون بفعل قُربَةٍ من القُرَب، كأن يُصَلِّي أو يصوم أو يتصدَّق، ولا يقتصر الفعل على سجدة الشُّكْر.

قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 325، ط. المكتب الإسلامي): [قال في "التهذيب": لو تصدَّق صاحب هذه النعمة أو صلَّى شُكرًا، فحَسَنٌ] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 448، ط. دار الكتب العلمية): [يُسنُّ مع سجدة الشُّكْر كما في "المجموع": الصدقة والصلاة للشكر، وقال الخوارزمي: لو أقام التَّصَدُّق أو صلاة ركعتين مقام السجود كان حَسَنًا] اهـ.

وممَّا يُستدَلُّ به على ذلك: قول الله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: 13].

وعن مِسْعَرٍ، قال: «لمَّا قيل لهم: اعملوا آل داود شكرًا، قال: لم تأتِ على القوم إلَّا وفيهم مُصَلٍّ» أخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر".

قال الإمام البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 73، ط. دار إحياء التراث العربي): [يعني: اعملوا الأعمال لأجل الشكر] اهـ.

وقال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (6/ 500، ط. دار طيبة): [فيه دلالةٌ على أنَّ الشُّكْرَ يكون بالفعل كما يكون بالقول وبالنية] اهـ.

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا صلَّى قام حتى تَفَطَّر رجلاه، قالت عائشة: يا رسول الله أتصنع هذا، وقد غُفِرَ لك ما تَقَدَّم من ذنبك وما تَأَخَّر؟ فقال: «يا عائشة أفلا أكونُ عبدًا شكورًا» أخرجه الشيخان.

قال الإمام ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 15، ط. دار المعرفة): [وفيه مشروعية الصلاة للشُّكْرِ، وفيه أنَّ الشُّكْرَ يكون بالعمل كما يكون باللسان] اهـ.

وقال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 130، ط. مكتبة الرشد): [فكان اجتهاده في الدعاء، والاعتراف بالزلل والتقصير، والإعواز والافتقار إلى الله تعالى شكرًا لربه، كما كان اجتهاده في الصلاة حتى ترم قدماه شكرًا لربه] اهـ.

ويُستَدَلُّ على ذلك أيضًا بما رواه ابن عباسٍ رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قَدِم المدينة فوجد اليهود صيامًا، يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما هذا اليوم الذي تصومونه؟» فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شُكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فنحن أحقُّ وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر بصيامه» أخرجه مسلم.

قال ابن القيم في "زاد المعاد" (2/ 67، ط. مؤسسة الرسالة): [فصامه وأمر بصيامه تقريرًا لتعظيمه وتأكيدًا، وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه وأمَّته أحقُّ بموسى من اليهود، فإذا صامه موسى شُكرًا لله كُنَّا أحق أن نقتدي به من اليهود، لا سِيَّما إذا قلنا: شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يخالفه شرعنا] اهـ.

كما يُستدَلُّ على جواز صدقة الشكر بما رواه أبو ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: «يصبح على كل سُلَامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» أخرجه مسلم.

قال الإمام البيضاوي في "تحفة الأبرار" (1/ 377): [والمراد بالصدقة: الشكر والقيام بحق المنعم، بدليل قوله: «وكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة» إلى آخره، والمعنى: أنَّ كل عظم من عظام ابن آدم يصبح سليمًا عن الآفات، باقيًا على الهيئة التي تتمُّ بها منافعه وأفعاله فعليه صدقة، شُكرًا لمن صوَّرَه ووقاه عمَّا يغيره ويؤذيه] اهـ.

فعُلِم ممَّا تقرَّر أنَّ الشُّكر لا يقتصر على قول اللسان، بل يَشمل عمل الجوارح والأركان، من صلاةٍ وصدقةٍ وصيامٍ، وغيرها من سائر القُرَب والطاعات، وهو أحد درجات الشُّكر.

قال الإمام ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" (2/ 85، ط. مؤسسة الرسالة): [الدرجة الثانية من الشكر: الشكر المستحب، وهو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل الطاعات، وهذه درجة السابقين المقرَّبين، وهي التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فصيام الشكر وصدقة الشُّكر، وكذلك سائر القُرَب العملية: مندوبٌ إليها، وهي إحدى درجات الشُّكر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكم فيمَن أكل أو شرب ناسيًا في رمضان أو في صيام التطوع؟ هل يكمل الصوم؟


ما حكم ما يعرف في بعض بلاد غير المسلمين بالقتل الرحيم أو الموت الرحيم للآدمي المريض عند اشتداد المرض عليه والألم، وذلك بطلب منه، أو من قريبه المسؤول عنه، أو بقرار الطبيب باعتباره المشرف المسؤول عنه؟


ما مقدار المباعدة بين القدمين أثناء الوقوف في الصلاة؟ وما حكم الصلاة إذا وقف المصلي والمسافة التي بين قدميه أكثر من أربعة قراريط أو شبر أثناء الصلاة؟


انتشرت في هذه الأيام ظاهرة الغش في الامتحانات. فما هو حكم الشريعة الإسلامية فيما يلي:

1- ما حكم الغش في لجان الامتحانات؟

2- توجد بعض المواد تكميلية بالنسبة للطالب لا ينتفع بدرجاتها أو لن تعود عليه بالنفع في المستقبل؛ فهل يجوز فيها الغش مثل الإنجليزية وما شابه في بعض المراحل؟

3- هل الغش في امتحانات القدرات للالتحاق بالكليات مقبول؟

4- هل يُعدّ الغش من التعاون على الإثم والعدوان؟

5- حكم المراقب الذي يتهاون في أداء عمله ويعطي فرصة للطلبة بالغش؟ أو يتجاهل الأمر فيترتب عليه غش الطلبة؟

6- هل يجوز الغش البسيط الذي يحتاج الطالب فيه لمن يذكره بالمعلومة فقط؟ أم أن الأمور تستوي؛ بمعنى من يحتاج إلى التذكير أو من يأخذ المعلومات كلها وينقلها من زملائه؟


ما حكم الرجوع في الهبة بعد سنوات من تمليك الواهب للموهوب له العين الموهوبة؟ فهناك صديقان أهدى أحدهما للآخر مبلغًا كبيرًا من المال اشترى به الآخر وحدة سكنية، ثم حدث بينهما شجارٌ كبير وخلافٌ أدَّى إلى تعكير صفو ما بينهما من مودَّة، فجاء الصديق الأول "الواهب" -بعد سنوات- من استقرار صديقه الآخر "الموهوب له" في البيت الذي اشتراه بمال الهبة والذي رتَّب حياته عليه، وطالبه بأن يخرج من البيت ويعيده إليه بدعوى أنَّه قد بَذَلَ هذا المال لرجلٍ كان يظنه محبًّا مخلصًا، وبعد الشجار ظهر له خلاف ما كان يأمله فيه، لذلك هو يعتبر نفسه أنه قد بذل هذا المال منخدعًا، ويحق له أن يسترجعه،  فهل يجوز له أن يرجع في هبته تمسُّكًا بأنَّ السادة الحنفية يجيزون الرجوع في الهبة؟ وهل نسبةُ ذلك للحنفية صحيحة أو لا؟


هل يجب على المرأة لبس شراب في الرجل ثقيل عند الصلاة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20