ما حكم تكفين الجزء المأخوذ من الميت لدفنه؟ فإنَّ ابني كان طالبًا في كلية الطب، وأحضرنا له بعض العظام البشرية للتعليم عليها، وقد أنهى دراسته الجامعية، فماذا أفعل في هذه العظام؟ هل أعطيها لغيره من الطلبة ليتعلم عليها، أو يجب عليَّ دفنُها صيانةً لحرمة هذا الميت؟
إذا انتهى طالب الطب من الدراسة، وكان قد حصل على عظام بشرية بالطرق التي تبيح له ذلك، فإنه يجب عليه حينئذٍ تكفينها ودفنها، فإذا استأذنه أحد الطلبة في هذه العظام للدراسة عليها جاز له أن يعطيها له على أن يوصيه بدفنها فور الانتهاء من المذاكرة عليها، ويُشترط في كلِّ ذلك التعامل مع هذه العظام بإكرام، وألَّا يكون تناقلها بين الطلبة بالبيع والشراء، ومراعاة الابتعاد عن التَّلَاعُبِ والاتجار بالأعضاء والأنسجة الآدمية، ولا تُحَوِّلُهُ إلى قِطَعِ غِيَارٍ تُباعُ وتُشتَرَى، بل يَكونُ المَقصِدُ منها التعاونَ على البِرِّ والتقوى.
ويجب أن يقتصر ذلك على ما تقضي به الضرورة القصوى، مع المحافظة على الجثة بعد تشريحها بحيث تُجمَع أجزاؤها وتُدفَن في المقابر كما تُدفَن الجثث قبل التشريح.
المحتويات
علم الطب مِنْ أشرف وأهم العلوم التي لا تستقيم حياة الناس إلا بوجود مَن يتعلمه ويتقنه؛ إذ به يتحقق مقصد حفظ النفس وصيانتها من المهلكات، ولأجل ذلك نصَّ الفقهاء على أنَّ تعلُّم الطبِّ من فروض الكفاية التي إن تركها الجميع أثموا.
وقد روى الربيع بن سليمان عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: "العلم علمان: علم الأبدان، وعلم الأديان".
وعنه أيضًا رحمه الله تعالى أنه قال: "لا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام أنبل من الطب"، ينظر: "سير أعلام النبلاء" للإمام شمس الدين الذهبي (10/ 57، ط. الرسالة).
قال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (10/ 223، ط. المكتب الإسلامي): [وأما العلوم العقلية، فمنها ما هو فرض كفاية، كالطب والحساب المحتاج إليه] اهـ.
لأهمية علم الطب وشدة حاجة الناس إليه، أُبيح -لأجل تحصيله وإتقان علومه وفروعه- ما هو محظور في أصله، كتشريح جثث الموتى، أو الاحتفاظ بأجزاء من أبدانهم أو عظامهم، بشروط وضوابط شرعية وقانونية وأخلاقية، حتى يُستعان بذلك على فهم حقيقة الجسم الإنساني ووظيفة كلِّ عضو من أعضائه وعمله الفسيولوجي، وتشخيص عِلَلِه وأَدْوائه، وتوصيف أدويته، وطرق الشفاء وقايةً وعلاجًا، وذلك لما تقرر أنَّ "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، كما في "المحصول" للإمام الرازي (6/ 24، ط. مؤسسة الرسالة).
إذا تَحتَّم على طالب الطب المذاكرة على عظام بشرية، وتَمَكَّن من الحصول عليها بالأساليب المباحة لذلك، كاستعارتها من كليات الطب، أو من إحدى المستشفيات التعليمية، ولم يُلزَم من قِبَلهم بإعادة هذه العظام إليهم مرة أخرى، فإنه يجب عليه حينئذٍ إكرامها ودفنها فور الانتهاء من تحقق المقصود منها مِن المذاكرة والدراسة عليها، ذلك لأنَّ "مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا"، كما في "الأشباه والنظائر" للحافظ السيوطي (ص: 84، ط. دار الكتب العلمية).
ممَّا يجدر التنبيه إليه في هذا السياق الضوابطُ الآتية:
منها: يجب أن يتعامل الطالب مع هذه العظام في جميع مراحل تعامله معها بأقصى درجات الاحترام والتقدير والإكرام.
ومنها: يجب أن يكونَ ذلك في حدود الضرورة القصوى التي يقدرها الأطباء الثقات، بمعنى أنه إذا كانت جثة واحدة تكفي لتعليم الطلاب، فلا يصح أن يتعدى ذلك إلى جثةٍ أخرى.
ومنها: أنه لا يُلجأ إلى التعليم على الجثث أو العظام البشرية إلا حال الضرورة أو الحاجة الماسة إلى ذلك، كأن لا تُغنِي الصور أو المصنوعات البلاستيكية التي تضاهي الجسد البشري في تحصيل العلم؛ لقِلَّة جودتها أو سوء صناعتها.
ومنها: على أهل الاختصاص في مجال الطب والتشريح البحث عن قوالب ونماذج جديدة تحاكي بدن الميت وأعضاءه، وتوفير هذه النماذج واستخدامها ما أمكن.
ومنها: أنه يحرم الحصول عليها بأيِّ طريقةٍ من الطرق التي يُحرِّمها الشرع ويُجرِّمها القانون كنبش القبور ونحو ذلك.
ومنها: اتخاذ كافة الإجراءات والضوابط التي تُبْعِدُ هذه العمليةَ مِن نِطَاقِ التَّلَاعُبِ بالإنسان ومن دائرة الاتجار بالأعضاء والأنسجة الآدمية، ولا تُحَوِّلُهُ إلى قِطَعِ غِيَارٍ تُباعُ وتُشتَرَى، بل يَكونُ المَقصِدُ منها التعاونَ على البِرِّ والتقوى.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا انتهى طالب الطب من الدراسة، وكان قد حصل على عظام بشرية بالطرق التي تبيح له ذلك، فإنه يجب عليه حينئذٍ تكفينها ودفنها، فإذا استأذنه أحد الطلبة في هذه العظام للدراسة عليها جاز له أن يعطيها له على أن يوصيه بدفنها فور الانتهاء من المذاكرة عليها، ويُشترط في كلِّ ذلك التعامل مع هذه العظام بإكرام، وألَّا يكون تناقلها بين الطلبة بالبيع والشراء، على أن يقتصر ذلك على ما تقضي به الضرورة القصوى، مع المحافظة على الجثة بعد تشريحها بحيث تُجمَع أجزاؤها وتُدفَن في المقابر كما تُدفَن الجثث قبل التشريح، وأن تُراعى في كلِّ الإجراءات والمراحل الضوابط السالف ذكرها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم السخرية من الأشخاص عن طريق الكوميكس؟ فقد انتشر في هذه الأوقات على مواقع التواصل الاجتماعي تصوير وبث فيديوهات وصور على شَكْل "كوميكس" تَسْخَر مِن الأشخاص الذين يتَصدَّرون لاحتواء الأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية في بلادنا، ويُعَلِّل مَنْ يفعل ذلك بأنَّ هذا جزءٌ من حرية التعبير؛ فهل هذا صحيح، وما الحكم الشرعي فيمَنْ يفعل ذلك؟
ما حكم المصافحة عقب الصلاة بين المصلين؟ حيث إن هناك بعض الناس يقول بأنها بدعة؛ بحجة أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا صحابته الكرام، وأنها تشغل المصلي عن أذكار ختام الصلاة؟
سائل يقول: كنت أتناقش مع صديق لي، فتطرقنا في حديثنا إلى الأدلة المعتبرة في الشرع، وأخبرني بأن القياس ليس من الأدلة المعتبرة على عكس ما أعلم، وأن الدليل إما كتاب أو سنة وحسب؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟ وهل القياس من الأدلة المعتبرة في الشرع الشريف؟
هل يعد غير الراغب في القطيعة من المشاحنين والمخاصمين الذين لا يغفر لهم في ليلة النصف من شعبان؟ حيث إنه قد حصل بين أحد الأشخاص وأخيه بعض الخلافات، حتى أدى ذلك إلى القطيعة التامة بينهما، ومرَّ على ذلك شهر أو أكثر، وبعد أن راجع نفسه قرر الصلح وعزم على وصله، لكنه يمتنع عن ذلك كلما يراد الكلام معه، ونحن الآن في أيام مباركة وليلة عظيمة؛ هي ليلة النصف من شعبان، وقد علمنا أن الله يغفر لكلِّ الناس فيها إلا المشاحن، وقد بيَّن هذا الشخص رغبته في وصل أخيه وامتناع الأخ عن ذلك، فهل يكون ممن لا يغفر الله له في هذه الليلة المباركة بسبب المشاحنة والمقاطعة الحاصلة بينه وبين أخيه؟
رجلٌ يُكرِمُه اللهُ تعالى بقيام الليل والصلاة فيه، فكيف يَعرف وقتَ نصف الليل، والثلث الأول والأخير، وكذلك الأَسْدَاس الرابع والخامس والسادس منه؟
ما كيفية التوبة من الغيبة؟ فقد وقعت عدة مرات في الغيبة ثم ينتابني بعدها شعور بالندم والرغبة في التوبة، فكيف لي أن أتوب من الغيبة، وهل يشترط للتوبة منها التحلل ممَّن اغتبت بإخباره وطلب المسامحة؟