المسح على الجورب الأعلى الملبوس بعد نقض الوضوء

تاريخ الفتوى: 31 يوليو 2023 م
رقم الفتوى: 7784
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
المسح على الجورب الأعلى الملبوس بعد نقض الوضوء

ما حكم المسح على الجورب الأعلى الملبوس بعد نقض الوضوء؟ فقد توضأَت امرأةٌ ولبِسَت الجورب، ثم انتُقِض وضوؤها، وبسبب شعورها بالبَردِ ارتدت عليه جوربًا آخَر قبل أن تتوضأ، فهل يَصِحُّ مسحُها على الجورب الثاني في هذه الحالة لأداء الصلاة؟

ما دامت المرأةُ المذكورةُ قد ارْتَدَتِ الجَوْرَب الثاني بعد انتقاض وضوئها وقبل أن تتوضأ مرةً أخرى، فإنه لا يجوز لها المسح عليه، وإنما يَلزمُها نَزْعُهُ والمسح على الجَوْرَب الأسفل ليَتِمَّ بذلك وُضوؤها.

المحتويات

رخصة المسح على الخفين وما في حكمهما

رخَّص الشرعُ الشريفُ في المسح على الخُفَّيْن وما في حكمهما كالجَوْرَبَيْن -على اختلافٍ بين الفقهاء وتفصيلٍ في شروط المسح عليهما، سواء في الخُفَّيْن أو الجَوْرَبَيْن-، وذلك بدلًا عن غسل الرِّجلين في الوضوء؛ فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما قال: كنتُ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ»، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وعنه أيضًا رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» أخرجه الأئمة: أصحاب السنن الأربعة، وأحمد في "المسند" واللفظ له.

المقصود بالمسح

والمقصود بالمسح: إمرار اليد المبتلَّة بالماء على الشيء دون تسييل للماء؛ كما في "التعريفات" للشريف الجُرْجَانِي (ص: 212، ط. دار الكتب العلمية).

الفرق بين الخف والجورب

والفرق بين الخُفِّ والجَوْرَب: أن الخُفَّ هو مَا يُلبَسُ فِي الرِّجْلِ مِن جلدٍ رَقِيقٍ؛ كما في "المعجم الوسيط" لمجْمَع اللغة العربية بالقاهرة (1/ 247، ط. دار الدعوة).

أما الجَوْرّب: فهو ما يرتديه الإنسان في قَدَميهِ للدفء أو نحوه مِن غير الجلد كالكتان والصوف والقطن وغير ذلك؛ كما في "تاج العروس" للإمام الزَّبِيدِي (2/ 156، ط. دار الهداية).

شروط جواز المسح على الجورب

ولَمَّا كان للجَوْرَب في المسح حكم الخُفِّ، فإنَّ مِن جملة الشروط التي نص عليها الفقهاء لجواز المسح عليه: "أن يُلبَس بعد كمال طُهْرٍ، ساترًا محل فرضه، طاهرًا"؛ كما قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين" (ص: 14، ط. دار الفكر).

فإذا لبس المكلَّف جَوْرَبَيْن ثم لبس عليهما جَوْرَبَيْن آخَرَين، فإنه يجوز له المسح على الظاهرَين (الأعلَيَيْن أو الفَوْقَانِيَّيْن) منها إذا كان قد لَبِسَها معًا، أو لَبِسَ الظاهرَين بعد الأسفَلَيْن عَقِبَ طهارةٍ كاملةٍ وقبل أن يَنتقض وضوؤه، قياسًا على ما نص عليه الفقهاء مِن جواز المسح على الجُرْمُوقَيْن.

والجُرْمُوق: "خُفٌّ صغيرٌ، وقيل: خُفٌّ صغير يُلْبَسُ فوق الخُفِّ"؛ كما قال جمال الدين ابن منظور في "لسان العرب" (10/ 35، ط. دار صادر).

أما إذا لبس الجَوْرَبَيْن الآخَرَين على غير طهارة، أو بعد انتقاض الطهارة التي لَبِس فيها الجَوْرَبَيْن الأسفَلَيْن -كما هي مسألتنا-، فإنه لا يجوز له أن يمسح على الجوربين اللَّذَيْن لَبِسَهُمَا آخِرًا، بل ينزعهما ويمسح على اللَّذَيْن لَبِسَهُمَا أَوَّلًا على طهارة، وذلك باتفاق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

قال علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 11، ط. دار الكتب العلمية): [إنما يجوز المسح على الجُرْمُوقَيْن عندنا إذا لَبِسَهُمَا على الخُفَّيْن قبل أن يُحدِثَ، فإن أحدَثَ ثم لَبِس الجُرْمُوقَيْن لا يجوز المسح عليهما] اهـ.

وقال الإمام ابن يونس الصِّقِلِّي المالكي في "الجامع لمسائل المدونة" (1/ 303، ط. دار الفكر) نقلًا عن الإمام مالك: [قال: وإن أحدَث فلم يتوضأ حتى لبس الأَعْلَيَيْن فلا يمسح عليهما] اهـ.

قال شمس الدين الحَطَّاب في "مواهب الجليل" (1/ 319، ط. دار الفكر): [لو لَبِس الأسفَلَيْن على طُهرٍ، ثم أحدَثَ، ثم لَبِس الأعلَيَيْن قَبل أن يتوضأ ويَمسحَ على الأسفَلَيْن، لم يَمسَح على الأعلَيَيْن، ذكره ابن فرحون، وأصلُه لابن يونس، وهو ظاهر] اهـ.

وقال الإمام أبو إسحاق الشِّيرَازِي الشافعي في "المهذب" (1/ 47، ط. دار الكتب العلمية): [فإن لَبِس الخفين على طهارةٍ، ثم أحدَثَ، ثم لبس الجُرْمُوقَيْن، لَم يَجُز المسح عليه قولًا واحدًا؛ لأنه لبس الجُرْمُوقَيْن على غير طهارة] اهـ.

قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (1/ 506): [إذا قلنا: يجوز المسح على الجُرْمُوقَيْن، فينبغي أن يلبس الخفين والجُرْمُوقَيْن جميعًا على طهارةِ غَسل الرجلين، فإن لَبِس الخفين على طهارة ثم لبس الجُرْمُوقَيْن على حَدَث، لَم يَجُز المسح عليهما على المذهب، وبه قطع العراقيُّون، وصححه الخراسانيُّون؛ لأنه لَبِس ما يُمسَح عليه على حَدَث] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (1/ 208، ط. مكتبة القاهرة): [إذا لَبِس خُفَّيْن، ثم أحدَث، ثم لبس فوقهما خُفَّيْن أو جُرْمُوقَيْن، لَم يَجُز المسح عليهما بغير خلاف؛ لأنه لَبِسَهُمَا على حَدَث] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه يُشترط لجواز المسح على الجَوْرَبَيْن الظاهرَين (الأعلَيَيْن أو الفَوْقَانِيَّيْن) أن يُلبَسَا على طهارةٍ، فإن لُبِسَا بعد انتقاض الوضوء وقَبل إعادة الطهارة والمسح على الجَوْرَبَيْن الأسفَلَيْن، لم يَجُزْ المسح على الجَوْرَبَيْن الظاهرَين باتفاق الفقهاء، ويبقى جواز المسح ثابتًا للجَوْرَبَيْن الأسفَلَيْن مدَّة المسح.

وفي واقعة السؤال: ما دامت المرأةُ المذكورةُ قد ارْتَدَتِ الجَوْرَب الثاني بعد انتقاض وضوئها وقبل أن تتوضأ مرةً أخرى، فإنه لا يجوز لها المسح عليه، وإنما يَلزمُها نَزْعُهُ والمسح على الجَوْرَب الأسفل ليَتِمَّ بذلك وُضوؤها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل الملابس الخارجية التي ترتديها المرأة أثناء الدورة الشهرية -الحيض- تعتبر نجسة على الرغم من أنها لم تُمَس بدم الحيض؟


ما حكم الطواف إذا خرج الدم من المحرم وأصاب ملابس الإحرام حال الطواف؟ حيث أُصِبْتُ في قَدَمِي بـجُرْحٍ، وأثناء الطواف خَرَج دم قليل مِن هذا الجُرْح وأصاب ثيابي، فهل طوافي صحيحٌ أم لا؟


ما حكم إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على بعض النجاسات؛ بغرض إعادة استخدامها والانتفاع بها مرة أخرى؟


ما حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟ فوالد صديقي مريضٌ بالعناية المركزة في المستشفى، وأحيانًا يكون على بَدَنه وثَوبه نجاسة، والأطباء حفاظًا على صحته يمنعون عنه استعمال الماء، فهل يمكنه الصلاة بدون طهارة بدنه؟ وماذا يفعل في الطهارة من الأحداث لتصح صلاته؟


ما حكم تيمم الجنب عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله؟ فقد كنت جنبًا، وكانت المياه مقطوعة، ومع أنه يوجد ماء مخزن، إلا أنَّني لا أستطيع استعمال الطرق القديمة في الاغتسال.


ما حكم الشك في خروج البول بعد الطهارة؟ فأنا أعاني عند خروجي من الحمام -بعد التبول- من الشك بنزول نقطة من البول على ملابسي، ولا أدري هل نزلت فعلًا أو لم يحدث شيء، وذلك يسبب لي بعض القلق عند الوضوء للصلاة، فبماذا تنصحني أن أفعل لكي أتخلص من هذا الشك؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 أبريل 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :36
الظهر
11 : 57
العصر
3:30
المغرب
6 : 18
العشاء
7 :38