معنى الاستطاعة في الحج والعمرة

تاريخ الفتوى: 25 يوليو 2023 م
رقم الفتوى: 7826
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
معنى الاستطاعة في الحج والعمرة

ما معنى الاستطاعة في الحج والعمرة؟

الاستطاعة المشروطة للحج والعمرة تتحقق بقوَّةِ البدنِ وتحمُّلِ مشقة السفر وأداء المناسك، وبأمن الطريق، وبأن يملك نفقة زاده من طعامٍ وشرابٍ ومبيتٍ ونفقةِ المواصلات التي توصله إلى البلاد المقدسة ذهابًا وتحمله إلى بلاده إيابًا دون تقتيرٍ أو إسرافٍ، وأن تكون هذه النفقة زائدة عن احتياجاته الأصلية واحتياجات مَن يعول مدة غيابه من مسكنٍ، وثيابٍ، وأثاثٍ، ونفقةِ عياله، وكسوتهم، وقضاء ديونه.

المحتويات

بيان فضل الحج والعمرة وأنهما من شعائر الإسلام

الحج والعمرة من شعائر الإسلام، وهما يجمعان معاني العبادات كلها؛ لاشتمالهما على العبادة البدنيَّة والماليَّة، فمن حَجَّ أو اعتمر فكأنَّما صام وصلَّى واعتكف وزكَّى ورابط في سبيل الله، ولذلك أثبت الشرع لهما الفضل العظيم والثواب الجزيل؛ حيث روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ».

وروى النسائي والترمذي في "سننيهما" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ».

بيان أن الاستطاعة شرط لوجوب الحج والعمرة ودليل ذلك

اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنَّ الاستطاعة شرطٌ لوجوب الحج، فلا حَجَّ لغير المستطيع، وذهب الشافعيَّة والحنابلة إلى أنَّها شرط لوجوب العمرة أيضًا؛ لأنَّ العمرة عندهما واجبة، أمَّا الحنفيَّة والمالكيَّة فالعمرة عندهما سنة مؤكدة. ينظر: "حاشية ابن عابدين الحنفي" (2/ 472، ط. دار الفكر)، و"الشرح الصغير" للإمام الدردير المالكي (2/ 4، ط. دار المعارف)، و"إرشاد السالك إلى أفعال المناسك" للإمام ابن فرحون المالكي (2/ 499، ط. مكتبة العبيكان)، و"مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني الشافعي (2/ 210، ط. دار الكتب العلميَّة)، و"الروض المربع" للإمام البهوتي (ص: 246، ط. دار المؤيد).

واستدلوا على أنَّ الاستطاعة شرطٌ لوجوب الحج والعمرة بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (4/ 142-147، ط. دار الكتب المصرية): [أي: مَن استطاع إليه سبيلًا فعليه الحج.. ولا خلاف في فريضته] اهـ.

أراء المذاهب الفقهية في معنى الاستطاعة في الحج والعمرة

الاستطاعة في اللُّغة: هي الطاقة والقدرة على الشيء. يُنظر: "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (2/ 380، ط. المكتبة العلمية).

أمَّا الاستطاعة الشرعيَّة فقد اختلف الفقهاء في تفسيرها، فذهب الحنفيَّة إلى أنَّها القدرة على الزاد والراحلة على أن يكونا زائدين عن حاجياته الأصلية وحاجة مَن تلزمه نفقته مدة غيابه مع أمن الطريق.

قال العلَّامة المرغيناني الحنفي في "الهداية" (2/ 410، ط. دار الفكر، ومعه "فتح القدير" للكمال ابن الهمام): [الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد والراحلة، فاضلًا عن المسكن وما لا بد منه، وعن نفقة عياله إلى حين عوده، وكان الطريق آمنًا] اهـ.

قال العلَّامة الكمال ابن الهمام الحنفي شارحًا: [(قوله: إذا قدروا على الزاد) بنفقة وسط لا إسراف فيها ولا تقتير] اهـ.

وذهب المالكيَّة إلى أنَّ الاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك ولو ماشيًا بلا مشقة فادحة مع الأمن على النفس والمال، فالاستطاعة لا تتوقف عندهم على زاد ولا مركوب.

قال العلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (2/ 10-11): [(والاستطاعة) -التي هي أحد شروط الوجوب- أمران: الأول: (إمكان الوصول) لمكة إمكانًا عاديًّا بمشي أو ركوب ببر أو بحر (بلا مشقة فادحة) أي: عظيمة خارجة عن العادة، وإلا فالمشقة لا بدّ منها؛ إذ السفر قطعة من العذاب، (و) الثاني: (أمن على نفس ومال).. فإذا أمن على نفسه وجب الحج (ولو بلا زاد و) بلا (راحلة) يركبها (لذي صنعة تقوم به وقدر على المشي)] اهـ.

وذهب الشافعيَّة إلى أنَّ الاستطاعة نوعان: استطاعة مباشرة بالنفس واستطاعة تحصيله بغيره، أمَّا الاستطاعة المباشرة بالنفس فتتحقق بشروطٍ، منها: وجود الزاد وأوعيته ومؤنة ذهابه وإيابه، ووجود الراحلة لمَن بينه وبين مكة مرحلتان، أمَّا القريب من مكة وهو مَن يبعد عنها دون مرحلتين فيلزمه الحج إن قوي على المشي لعدم المشقة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة، وإن ضعف عن المشي بأن عجز أو لحقه ضرر ظاهر فكالبعيد عن مكة.

ويشترط كون الزاد والراحلة فاضلَين عن دَيْنِه ومؤنة من عليه نفقتهم مدة ذهابه وإيابه وحاجته الأصلية، مع أمن الطريق.

قال العلَّامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 210-216): [(وهي) أي: الاستطاعة (نوعان: أحدهما: استطاعة مباشرة) لحج أو عمرة بنفسه (ولها شروط) سبعة.. (أحدها: وجود الزاد) الذي يكفيه (وأوعيته) حتى السفرة (ومؤنة)، أي: كلفة (ذهابه) لمكة (وإيابه)، أي: رجوعه منها إلى بلده، وإن لم يكن له فيها أهل وعشيرة.. (الثالث) من شروط الاستطاعة (أمن الطريق).. (ويشترط) في وجوب النسك (وجود الماء والزاد في المواضع المعتاد حمله منها بثمن المثل).. (و) يشترط (في) وجوب نسك (المرأة) زائدًا على ما تقدم في الرجل (أن يخرج معها زوج أو محرم) لها بنسب أو غيره (أو نسوة) بكسر النون وضمها: جمع امرأة من غير لفظها (ثقات)] اهـ.

وذهب الحنابلة إلى أنَّ الاستطاعة هي القدرة على الزاد والراحلة المناسبة لحاله، على أن يكونا زائدين عن حاجياته الأصلية وحاجة من تلزمه نفقته مدة غيابه، ومن شروط وجوب الحج عندهم أمن الطريق على النفس والمال والعرض.

قال العلَّامة البُهُوتِي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 247-248): [(والقادر) المراد فيما سبق -[أي: المستطيع]- (من أمكنه الركوب ووجد زادًا وراحلة) بآلتهما (صالحين لمثله)؛ لما روى الدارقطني بإسناده عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  في قوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ قال: «قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة» وكذا لو وجد ما يحصل به ذلك (بعد قضاء الواجبات) من الديون حالة أو مؤجلة والزكاة والكفارات والنذور، (و) بعد (النفقات الشرعية) له ولعياله على الدوام من عقار أو بضاعة أو صناعة، (و) بعد (الحوائج الأصلية) من كتب ومسكن وخادم ولباس مثله وغطاء ووطاء ونحوها، ولا يصير مستطيعًا ببذل غيره له، ويعتبر أمن الطريق بلا خِفارة، يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد، وسعة وقت يمكن السير فيه على العادة] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فإنَّ الاستطاعة المشروطة لوجوب الحج تتحقق بقوَّةِ البدنِ وتحمُّلِ مشقة السفر وأداء المناسك، وبأمن الطريق، وبأن يملك نفقة زاده من طعامٍ وشرابٍ ومبيتٍ ونفقةِ المواصلات التي توصله إلى البلاد المقدسة ذهابًا وتحمله إلى بلاده إيابًا دون تقتيرٍ أو إسرافٍ، وأن تكون هذه النفقة زائدة عن احتياجاته الأصلية واحتياجات مَن يعول مدة غيابه من مسكنٍ، وثيابٍ، وأثاثٍ، ونفقةِ عياله، وكسوتهم، وقضاء ديونه.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ما حكم الشك في عدد مرات الطواف لمن عادته الشك؟ فقد حجَّ رجلٌ، وهو دائم الشك، وأثناء طوافه بالبيت الحرام شَكَّ في عدد ما أدَّى مِن أشواط الطواف هل طاف ثلاثًا أو أربعًا، فماذا عليه أن يفعل لتكملة أشواط الطواف سبعًا؟


ما حكم ترك التروية في مِنًى ليلة عرفة؟ وهل الوقوف بها سُنَّةٌ، أو واجبٌ، أو رُكنٌ، أو مَندوبٌ؟ وما حكم مَن تركها بدون عذر؟


ما حكم ركعتي الطواف؟ فهناك رجلٌ أكرمه الله تعالى بالعمرة، وبعد الانتهاء من الطواف أخبره أحد الأشخاص بأنَّ عليه أنْ يصلي ركعتين مخصوصتين للطواف. فما حكم هاتين الركعتين؟


ما حكم ترك طواف الوداع للمرأة الحامل؟ فقد قامت زوجتي بالحج معي، وقبل قيامنا بطواف الوداع انتابها دوار شديد فأُغمي عليها؛ لأنها حامل في الشهر السادس، فلما أفاقت حاولَتِ الإتيان بالطواف فلم تستطع، ورجعنا دون أن تطوف طواف الوداع، فهل عليها شيء؟


ما حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وبعد أن انتهى مِن طوافه صلى ركعتي الطواف في مكانٍ مِن المسجد الحرام بعيدًا عن زحام الطائفين، وأكمل عمرته إلى أن انتهى منها، ثم أخبره أحد الأشخاص بأنه كان ينبغي عليه أن يصلي الركعتين في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام. فهل تجزئ صلاة الركعتين في المسجد الحرام بعيدًا عن المقام؟


ما حكم الإحرام من التنعيم للعمرة الثانية؟ حيث إنه قد عزم رجلٌ على السفر لأداء العمرة، وحسب برنامج الرحلة ستكون إقامته في مكة لمدة أسبوع، ويريد أن يعتمر أكثر مِن مرة خلال هذا الأسبوع، فهل يجوز له أن يُحرِم للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، أو يجب عليه الرجوع لميقات بلده؟