سائل يقول: ورد في السنة النبوية المطهرة أن النبي عليه الصلاة والسلام: " نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا". فما معنى بدوِّ الصلاح الوارد في هذا الحديث؟ وما هو قول السادة الحنفية في حكم بيع الثمار قبل بدوِّ صلاحها؟
ما ورد في الشرع الشريف من النهي عن بيع الثمار قبل بُدُوِّ صلاحها هو ما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا"، والظاهر أن مقصوده أول ظهور الثَّمَرِ وبدايته، وأن تؤمن فيها من العاهة والفساد، وإن لم تطب الثمرة، وليس المراد كمال النضج؛ كما هو مذهب الحنفية، وهو ما يُفهم من لفظ الحديث: «حتى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا»، فلم يقل: "حتى يتم صلاحها".
قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 555، ط. دار الفكر): [بدو الصلاح عندنا: أن تؤمن العاهة والفساد] اهـ.
وحمل فقهاء الحنفية النهي عن بيع الثمار قبل بُدُوِّ صلاحها على ما قبل ظهور الثمر، بشرط الترك على الشجر -وهذا لا خلاف في منعه-، وعلى ما بعد ظهوره، بشرط القطع؛ وهذا لا خلاف في جوازه، وقد روى مسلم في "صحيحه" بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَتَذْهَبَ عَنْهُ الْآفَةُ»، ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن العلة التي علَّل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهيه عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها هي خوف الآفة على الثمر، ومع وجود القطع فإن هذه العلة غير متحققة، والأحكام تدور مع عللها وجودًا وعدمًا.
قال الإمام ابن الهُمَام في "فتح القدير" (6/ 287، ط. دار الفكر): [لا خلاف في عدم جواز بيع الثمار قبل أن تظهر، ولا في عدم جوازه بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط الترك، ولا في جوازه قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط القطع فيما ينتفع به، ولا في الجواز بعد بدو الصلاح، لكن بدو الصلاح عندنا أن تؤمن العاهة والفساد] اهـ.
وقال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (5/ 325، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وأجاب عنه -أي عن الحديث الوارد بالنهي- الإمامُ الحلواني كما في الخانية: أنه محمولٌ على ما قبل الظهور، وغيره على ما إذا كان بشرط الترك، فإنهم -أي الجمهور- تركوا ظاهره -أي الحديث-؛ فأجازوا البيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع، وهي معارضةٌ صريحةٌ لمنطوقه؛ فقد اتفقنا -أي الحنفية والجمهور- على أنه متروكُ الظاهر، وهو لا يحل إن لم يكن لموجب، وهو عندهم: تعليله عليه الصلاة والسلام بقوله: «أرأيتَ إن منع اللهُ الثمرةَ؛ فيما يَستَحِلُّ أحدُكُم مالَ أخيه»، فإنه يستلزم أن معناه أنه نهى عن بيعها مدركةً -أي على أنها قد أدركت الصلاح- قبل الإدراك -أي قبل أن تدركه حقيقةً-؛ لأن العادة أن الناس يبيعون الثمار قبل أن تقطع، فنهى عن هذا البيع قبل أن توجد الصفة المذكورة، فصار محل النهي بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط الترك إلى أن يبدو الصلاح، والبيع بشرط القطع لا يُتَوَهَّمُ فيه ذلك، فلم يكن متناولًا للنهي، وإذا صار محله بيعها بشرط تركها إلى أن تصلح فقد قضينا عهدة هذا النهي؛ فإنا قد قُلنا بفساد هذا البيع، فبقي بيعُها مطلقًا غيرَ متناولٍ للنهي بوجهٍ من الوجوه] اهـ.
أما البيع بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بغير شرط -أي بيعًا مطلقًا- فقد اشترط الحنفية لجواز هذا الصورة شرطين:
أحدهما: أن يكون البيع مطلقًا بلا شرط؛ فلا يشترط البائعُ على المشتري قطع الثمار في الحال عند الشراء، ولا يشترط المشتري على البائع ترك الثمار في الأشجار إلى تمام النضج.
والآخر: أن يكون الثمر منتفعًا به في الحال أو المآل؛ سواء في الأكل أو علف الدواب أو غير ذلك، حتى يصدق عليه أنه مالٌ متقوَّم.
قال الإمام ابن عابدين في "رد المحتار" (4/ 555]: (والخلاف إنما هو في بيعها قبل بُدُوِّ الصلاح على الخلاف في معناه لا بشرط القطع: فعند الشافعي ومالكٍ وأحمد: لا يجوز. وعندنا: إن كان بحالٍ لا ينتفع به في الأكل ولا في علف الدواب؛ فيه خلافٌ بين المشايخ، قيل: لا يجوز، ونسبه قاضي خان لعامة مشايخنا. والصحيح: أنه يجوز؛ لأنه مالٌ منتفعٌ به في ثاني الحال إن لم يكن منتفعًا به في الحال -بمعنى أنه مالٌ متقوَّم-] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟
هل يجوز للمشتري أن يطلب من الشفيع ثمنًا زائدًا عما دفعه؟ حيث باع شخص شقته لشخص آخر، وعندما علم جاره بذلك أخبره أنه كان يرغب في شرائها توسعة على أولاده، فطلب من البائع أن يستردها، فأخبر المشتري برغبة الجار في أخذ الشقة لنفسه، فرفض إلا بإعطائها له بمبلغ أكبر من المبلغ الذي اشتراها به، فهل من حقِّ الجار أن يطلب أخذ الشقة لنفسه؟ وهل يحِقُّ للمشتري أن يطلب ثمنًا زائدًا عما دفعه؟
سائل يقول: بعتُ ثمار مزرعتي المثمرة مِن فاكهة المانجو، وذلك بمبلغٍ مِن المال لمدة عامين، وبعد أن اتفقنا على ذلك، أفادني أحد الناس أنَّ هذا العقد حرام؛ بحُجة أنني بعتُ ثمار العام الثاني، علمًا بأن المشتري متكفل بجميع المصاريف طول هذه المدة، فما حكم هذا البيع؟
ما حكم التجارة في الملابس النسائية؟ فأنا أتاجر في الملابس النسائية (بناطيل جينز)، واعترض عليّ بعض الناس أنَّ ما أتاجر فيه حرامٌ شرعًا، فهل المتاجرة في الملابس النسائية كلها حرامٌ شرعًا أو لا؟
يشتري شخصٌ أشياءَ متنوعةً فيبيعها في بلدٍ آخر، فهل له حدٌّ لا يتعداه في كسب الأرباح، أم له البيع كيفما تطاوعه نفسُه طمعًا في استرجاع مؤنِ الرحلة ما دام المشتري راضيًا بذلك؟
سأل أحد المحضرين بمحكمة مصر الأهلية في رجل وصِيّ على ابن أخيه القاصر، بلغ ابن الأخ المذكور سفيهًا، ثم بعد ما بلغ عمره ثماني عشرة سنة ذهب إلى المجلس الحسبي وادَّعى أنه رشيد، وأتى بشاهدين شهدا له بحسن السير واستقامته، فبناءً على ذلك أثبت المجلس الحسبي رشده -على خلاف الواقع- بشهادة الشاهدين المذكورين، ثم إن الوصيّ المذكور اشترى منه ثمانية أفدنة وكسورًا بملبغ مائتي جنيه إنكليزي باسم ولده المراهق بغبن فاحش بالنسبة لثمن مثل الأطيان المذكورة، مع غروره لابن أخيه المذكور بقوله له: إن تلك الأطيان لا تساوي أكثر من ذلك، ولم يعطه من الثمن المذكور إلا خمسة عشر جنيهًا، ثم لمَّا علم بعض أقاربه بحالته التي اتصف بها ذهب إلى المجلس الحسبيّ وأوقع الحجر عليه رسميًّا، فهل هذا البيع الصادر من الولد المذكور يكون فاسدًا ويجب فسخه حيث كان بغبن فاحش مع التغرير، خصوصًا وقد أثبت بعض أقاربه الحجر عليه بعد ذلك؟ وهل إذا علم الوصي قبل الحجر عليه بسفهه لا يجوز تسليمه أمواله؟ أفيدوا الجواب ولفضيلتكم الأجر والثواب. أفندم.