شخص قام بإجراء عملية جراحية ويتعذر عليه غسل بعض أعضاء الوضوء، ويصعب عليه أن يضع على جرحه حائلًا ليمسح عليه. فما حكم الوضوء في هذه الحالة؟
إن تَعَذَّر على صاحب الجرح أن يضع على جرحه حائلًا ليمسح عليه، جاز له ترك غسل ذلك الموضع من العضو وتصح بذلك طهارته على ما توارد عليه ظاهر النصوص والآثار، وهو مذهب الحنفية.
ففي رواية ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا أصابه جرح في رأسه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم أصابه احتلام فأُمِرَ بالاغتسال، فاغتسلَ، فَكُزَّ فمات، فبلَغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمُ اللهُ،أَوَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ»! قَالَ عَطَاءٌ: وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ، وَتَرَكَ رَأْسَهُ حَيْثُ أَصَابَهُ الْجِرَاحُ» أخرجه الأئمة: أبو داود وابن ماجه في "السنن" واللفظ له، وأحمد وأبو يعلى الموصلي في "المسند"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "السنن الصغرى"، والحاكم في "المستدرك"، وأخرجه أيضًا أبو داود في "السنن"، والبيهقي في "الكبرى" مِن رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يقول: "إِذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْجُرْحِ عَصَائِبُ غَسَلَ مَا حَوْلَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، وذكره الكرماني في "مسائله"، وابن المنذر في "الوسط".
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 13، ط. دار الكتب العلمية): [ولا خلاف في أنه إذا كان المسح على الجبائر يضره أنه يسقط عنه المسح؛ لأن الغسل يسقط بالعذر، فالمسح أولى] اهـ.
وقد قرر ذلك الحكم في هذه الحالة العلَّامة الشرنبلالي الحنفي، حيث قال في "نور الإيضاح" (ص: 37، ط. المكتبة العصرية): [وإذا رمد وأُمِر أن لا يغسل عينه.. جاز له المسح، وإن ضره المسح تركه] اهـ.
ثم قال في "مراقي الفلاح" (ص: 60، ط. المكتبة العصرية) شارحًا عليه: ["وإن ضره المسح تركه"؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها] اهـ.
ووافق الحنفيةَ فقهاءُ المالكيةِ في خصوص ما إذا تَعَذَّر المسح على العضو المصاب وكان ذلك العضو من أعضاء التيمم، كأشفار العين، لأن تَعَذُر المسح عليه حاصلٌ في التيمم كما هو في الوضوء فلا ينتقل إليه، لوقوعهما في هذه الحالة ناقصين، والوضوء الناقص خيرٌ من التيمم الناقص.
قال العلامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 363، ط. دار الفكر) (1/ 363): [وقال ابن فرحون عند قول ابن الحاجب: وإن كان يتضرر بمسحها، أو لا تثبت، أو لا يمكن وهي في أعضاء التيمم تركها وغسل ما سواها، قال ابن راشد: يعني أنه يتضرر إذا وضع يده على الجبيرة للمسح بأن تزول مثلًا كما لو كانت في أشفار العين، وفي "التوضيح": الضمير في مسها عائد إلى الجراح، أي: يتضرر بمسها بالماء، وأخذه من قول ابن شاس: لو كان الموضع لا يمكن وضع شيء عليه ولا ملاقاته بالماء، وقوله: "أو لا يثبت" إذا كانت الجبيرة إذا ربطت لا تثبت كما لو كانت تحت المارن، أو لا يمكن ربط الجرح كما لو كانت في أشفار العين، وهي يعني القرحة في أعضاء التيمم كما مثلنا به في الوجه -تركها وغَسَل ما سواها وكانت كعضو قُطِعَ، وفائدة قوله: "وهي بأعضاء التيمم" ولم يقل "وهي في أعضاء الوضوء" أنه لو أمكنه مسحها بالتراب انتقل عن الوضوء إلى التيمم، قاله ابن شاس؛ لأنه انتقل إلى طهارةٍ كاملةٍ، فإن لم يمكنه المسح بالتراب تركها بلا مسحٍ ولا غسلٍ؛ لأنه إذا لم يمكن إلا وضوء ناقص أو تيمم ناقص؛ فالوضوء الناقص أولى من التيمم الناقص] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على بعض النجاسات؛ بغرض إعادة استخدامها والانتفاع بها مرة أخرى؟
ما حكم صلاة الجنازة على الجثث المفقود بعض أجزائها في الكوارث والنوازل؟ فقد حدث إعصارٌ في إحدى البلاد الإسلامية، وعلى إثره مات الكثير، وقد أسرعَت الجهاتُ المعنية في انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض، فبعض الجثث انتُشِلَت كاملةً، وبعض الجثث عُثِر على أجزاء منها ولم يُعثَر على باقيها، فهل يُغَسَّل ما عُثر عليه من أجزاء الجثث التي لم يُعثَر على باقيها، ويُصلَّى عليه؟
بخصوص الشخص الذي له رخصة التيمم بسبب عدم توفر الماء أو بسبب مرض يمنعه من استعمال الماء؛ هل يُشْتَرَطُ في حقه تَكرار التيمم لكل فريضة، أو يجوز له أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة كما هو الحال في الوضوء؟
ما حكم المسح على الأكمام في الوضوء بدلًا من غَسْل اليدين؟
ما حكم مصافحة الرجل للمرأة باليد؟ وهل ذلك ينقض الوضوء؟ وما حكم النظر إلى وجه المرأة؟
ما كيفية الوضوء بعد عمليات الليزر وجراحات العيون؟ حيث إني قد قمتُ بإجراء عملية في العين بالليزر لتصحيح الإبصار، وقد منعني الطبيب المختص من وصول الماء إلى داخل العين وظاهرها لعدة أيام، فأرجو الإفادة بالرأي الشرعي عن كيفية الطهارة في هذه الحالة.