حكم قراءة المأموم آية فيها سجدة في الصلاة السرية

تاريخ الفتوى: 05 سبتمبر 2023 م
رقم الفتوى: 7928
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم قراءة المأموم آية فيها سجدة في الصلاة السرية

رجلٌ يصلي مع الجماعة في المسجد مأمومًا، ويسأل: ما حكم قراءته آيةً فيها سجدةٌ، وذلك في صلاته السرية خلف الإمام؟ وهل يلزمه بذلك سجود التلاوة؟

لا مانع شرعًا مِن قراءة المأموم آيةً فيها سجدةُ تلاوةٍ في صلاته السِّرِّيَّةِ خَلْفَ الإمام، لكن لا يُشرَع في حقِّه السجود لها حينئذٍ، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.

المحتويات

 

بيان حكم سجود التلاوة

مِن المقرر شرعًا أنَّ السجود للتلاوة سُنَّةٌ في حق القارئ والمستَمِع؛ لما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل، فسَجد وسَجد الناسُ، حتى إذا كانت الجمعةُ القابِلَةُ قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»، ولَم يَسجد عمر رضي الله عنه. وزاد نافعٌ عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ، إِلَّا أَنْ نَشَاءَ".

والقول بأنَّ السجود للتلاوة سُنَّةٌ هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، وهو المختار للفتوى. ينظر: "التاج والإكليل لمختصر خليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (2/ 361، ط. دار الكتب العلمية)، و"فتح العزيز بشرح الوجيز" للإمام الرافعي الشافعي (4/ 185، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (1/ 446، ط. مكتبة القاهرة).

حكم قراءة المأموم آية فيها سجدة في الصلاة السرية

اختلف الفقهاء في حكم قراءة المأموم آيةً فيها سجدةُ تلاوةٍ في الصلاة السِّرِّيَّةِ -كما هي مسألتنا-، والمختار للفتوى: أنَّ ذلك جائزٌ شرعًا مِن غير كراهة، وهو مذهب المالكية، ومقتضى مذهب الحنفية والحنابلة.

فأما المالكية: فقد نصوا على كراهة قراءة الإمام أو المنفرد آيةً فيها سجدة تلاوة في صلاة الفريضة؛ لأنه إذا سجد للتلاوة ترتب على ذلك زيادة عدد السجدات في الصلاة، وإذا لم يسجد دخل في الوعيد الوارد في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾ [الانشقاق: 21]، واستَثْنَوا مِن الكراهة: قراءةَ المأموم لها، إلا أنه لا يُشرَع في حقه السجودُ لها.

قال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير في "الشرح الكبير" (1/ 310، ط. دار الفكر، مع "حاشية الدسوقي"): [(و) كُرِهَ (تَعَمُّدُها) أي: السجدة، أي: قراءة آيَتِهَا (بفريضةٍ) ولو صُبْحِ جُمُعَةٍ (أو خُطبةٍ) لإخلاله بنِظامها] اهـ.

قال العلامة الدسوقي مُحَشِّيًا عليه: [واعلم أنَّ كراهةَ تَعَمُّدِ قراءةِ آيَتِهَا في الفريضة بالنسبة لِلْفَذِّ والإمام، وأما المأموم فلا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهُ لقراءتها وإن كان لا يسجد.. (قوله: لإخلاله بنظامها) أي: إن سجد، وإن لَم يسجد دَخَل في الوعيد] اهـ.

وأما الحنفية والحنابلة: فقد نصوا على كراهة قراءة الإمام آيةً فيها سجدة، ولم ينصوا على كراهتها في حق المأموم، غير أنهم نصوا على عدم سجوده لها إذا قرأها، وعلَّلوا كراهتها في حق الإمام بأن سجودَه يؤدي إلى الخلط على المأمومين، مما قد يترتب عليه فتنة بين المُصَلِّين، وأنَّ عدمَ سجوده مخالفٌ للسُّنَّة أو تَرْكٌ لفِعل واجبٍ عند مَن يَرَى وجوب السجود، وأما المأموم فقراءته لها لا تؤدي إلى شيءٍ مِن ذلك، باعتبار أنه لا يسجد لها، وذلك لانشغاله باتِّباع الإمام، واتِّباع الإمام مقدَّم على السجود للتلاوة، فأفاد ذلك أنها غير مكروهة في حقه، ويُستَحَب له أن يسجد للتلاوة بعد فراغه من الصلاة؛ خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه بعد الصلاة.

قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (2/ 10، ط. دار المعرفة): [ولا ينبغي للإمام أن يقرأ سورة فيها سجدة في صلاة لا يجهر فيها بالقرآن؛ لأنَّه لو فعل ذلك وسجد لها اشتبه على القوم، فيظنون أنَّه غلط فقدَّم السجود على الركوع، وفيه مِن الفتنة ما لا يخفى.. رجلٌ قرأ آيةَ السجدة خَلْف الإمام، فسَمِعَها الإمامُ والقومُ، فليس على أحدٍ منهم أن يسجدها في الحال، ولا بعد الفراغ مِن الصلاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى، وقال محمد رحمه الله تعالى: يسجدون إذا فرغوا مِن صلاتهم، أما في الصلاة لا يسجدون؛ لأنه لو سجدها التالي وتابعه الإمام انقَلَبَ المتبوعُ تابعًا، وإن لَم يتابعه الإمام كان هو مخالِفًا لإمامه] اهـ.

وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (1/ 588، ط. المكتب الإسلامي): [(وكُرِهَ قراءةُ إمامٍ) آية (سجدة بصلاةِ سِرٍّ) كظهرٍ وعَصْرٍ؛ لأنَّه إنْ سَجَدَ لها خَلَطَ على المأمومين، وإلا تَرَكَ السُّنَّة] اهـ.

وقال أيضًا (1/ 586-587): [و (لا) يسجد مأموم (لقراءة نفسه)؛ لأنه اختلافٌ على الإمام، وهو منهيٌّ عنه] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا مانع شرعًا مِن قراءة المأموم آيةً فيها سجدةُ تلاوةٍ في صلاته السِّرِّيَّةِ خَلْفَ الإمام، لكن لا يُشرَع في حقِّه السجود لها حينئذٍ، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تسويد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان والتشهد والإقامة؟ وما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان؟


ما الكيفية الصحيحة لترديد الأذان عند سماعه؟ وماذا أقول عند سماع قول المؤذن "حي على الصلاة"، "حي على الفلاح"؟


ما حكم عدم القدرة على الوضوء؟ حيث يوجد شاب يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، ويسأل عن كيفية الوضوء والطهارة؛ لوجود أسباب صحية وهي عدم قدرته على الحركة؛ وذلك بسبب وجود عجز في القدم اليمنى واليسرى، وكذلك في اليد اليمنى وقليل في اليسرى، وهو يقيم في دولة أجنبية من أسرة مكونة من تسعة أفراد منهم الأب، وهذا الشاب لا يملك من المال أو العقار ما يدفعه لمن يساعده في عمليتي الوضوء والطهارة.


ما حكم الحج عن الابن المتوفى وهبة أعمال البر له؟ لأن امرأة تريدُ أن تَحُجَّ عن ابنها المُتَوفَّى في حادث، وكان قد سبق لها الحج، وتبرع والد المُتوفّى بنفقة الحج؛ لأنه كان طالبًا ولم يكن له مال خاص، كما تريد هذه المرأة أن تصطحب معها ابنتها البالغة من العمر ستة عشر عامًا، وقد تبرع لها والدها بنفقات الحج أيضًا؛ لأنها ما زالت طالبة، فهل يصحُّ حجّهما؟ وإذا كُتِبَ لها الحج عن ابنها، فما الذي يجب عليها عمله اعتبارًا من نية الحج إلى الانتهاء منه؟ وهل إذا صلَّت في الحرمين الشريفين بمكة والمدينة المنورة أن تُصَلي لابنها الصلوات المفروضة؟ وهل يجوز أن تؤدي العمرة عن نفسها بعد أداء الحج عن الابن المتوفى؟


ما حكم من يترك صلاة التراويح مضطرًّا بسبب ظروف العمل؟ وهل عليه وزر؟


ما حكم الترتيب بين الصلاة الحاضرة والفائتة عند اتساع الوقت لصلاتهما؟ فأنا أحيانًا تفوتني صلاة العصر بسبب عذر طارئ حتى يؤذّن لصلاة المغرب، وعند قضائها منفردًا وأنا في البيت يكون وقت المغرب متسعًا ويسمح بأداء الفريضتين؛ فهل أبدأ بصلاة العصر الفائتة، أو بصلاة المغرب الحاضرة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 18 أبريل 2025 م
الفجر
3 :53
الشروق
5 :25
الظهر
11 : 54
العصر
3:30
المغرب
6 : 24
العشاء
7 :46