سائل يقول: نرجو منكم بيان أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع دم الحيض عنها؛ فإن زوجتي طَهُرَت من الحيض بانقطاعه عنها لستة أيام، وكان ذلك قبل خروج وقت صلاة الظهر بقليل فاغتسلت وأدركت ركعة من الصلاة، فأذن العصر أثناء قيامها للركعة الثانية.
فنرجو منكم الإفادة عن ذلك.
أقلُّ ما تُدرَك به الصلاةُ في حق المرأة المكلَّفة حال انقطاع الحيض عنها، ويَتعلَّق به وجوبُها عليها، هو مقدار ما يَسَع تكبيرة الإحرام؛ لأنها بإدراكها تكبيرةَ الإحرام تكون قد أدركَت جزءًا مِن الصلاة، ومَن أدرك جزءًا مِن الصلاة فكأنما أدرك الصلاة، وهذا مذهب الحنفية، وهو المختار للفتوى؛ لتعلُّقه بما عليه العمل في أقلِّ مدةِ الحيض وأكثرها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» متفقٌ عليه.
قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (5/ 49، ط. إحياء التراث العربي) في بيان أحكام هذا الحديث: [مِن الأحكام: أن أبا حنيفة ومَن تبعه استدلوا بالحديث المذكور أنَّ آخِر وقت العصر هو غروب الشمس، لأنَّ مَن أدرك منه ركعة أو ركعتين مُدْرِكٌ له، فإذا كان مدركًا يكون ذلك الوقت من وقت العصر؛ لأن معنى قوله: «فَقَدْ أَدْرَكَ» أدرك وجوبها، حتى إذا أدرك الصبي قبل غروب الشمس، أو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو طهرت الحائض: تجب عليه صلاة العصر ولو كان الوقت الذي أدركه جزءًا يسيرًا لا يسع فيه الأداء.. فإن قُلْتَ: قيد في الحديث بركعة فينبغي ألَّا يعتبر أقل منها؟ قُلْتُ: قيد الركعة فيه خرج مخرج الغالب؛ فإنَّ غالب ما يُمْكِنُ معرفةُ الإدراك به ركعةٌ أو نحوُها، حتى قال بعض الشافعية: إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر الركعة البعضَ مِنَ الصلاة؛ لأنه روي عنه: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنَ الْعَصْرِ»، فأشار إلى بعض الصلاة مرة بركعة، ومرة بركعتين، ومرة بسجدة، والتكبيرةُ في حكم الركعة؛ لأنها بعض الصلاة، فمَن أدركها فكأنه أدرك ركعة] اهـ.
والمرأة إذا انقطع دم الحيض عنها فلا يخلو حالها مِن أحد أمرين:
الأول: أن ينقطع عنها الحيض وتتيقن النقاء من الدم قبل مضي عشرة أيام -وهي أكثر مدة الحيض-؛ سواء وافق ذلك عادتها أو لم يوافقها، ويشترط لوجوب الصلاة عليها حينئذٍ أن يكون الوقت المتبقي بعد انقطاع الدم يكفي للاغتسال وأداء تكبيرة الإحرام، فإن كان لا يكفي لاغتسال المرأة من الحيض وأدائها تكبيرة الإحرام -بمعنى أن هذا الوقت المتبقي لا يكفي إلا للغسل فقط أو هو دون ذلك-؛ فلا يجب عليها صلاة هذا الوقت حينئذٍ.
والثاني: أن ينقطع عنها الحيض لتمام عشرة أيام، وفي هذه الحالة يكون الطهر مُتَيقَّنًا في حقها بمجرد هذا الانقطاع؛ لأن عَشرةَ الأيامِ هي أكثرُ مدة الحيض، ويجب عليها حينئذٍ أداءُ الصلاة إذا بقي مِن الوقت مقدار ما يسع أداءها تكبيرة الإحرام، فإذا لم يبق من الوقت زمنٌ يسع تكبيرة الإحرام فلا يجب عليها حينئذٍ فرض هذا الوقت، لا أداءً، ولا قضاءً.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (2/ 15، ط. دار المعرفة): [وإذا طَهُرَت مِن الحيض وعليها مِن الوقت مقدار ما تغتسل فيه فعليها قضاء تلك الصلاة، وإن كان عليها من الوقت مقدار ما لا تستطيع أن تغتسل فيه فليس عليها قضاء تلك الصلاة، قال: وهذا إذا كانت أيامُها دون العشرة، فأما إذا كانت أيامُها عشرةً فانقطع الدم وقد مر عليها من الوقت شيءٌ قليلٌ أو كثيرٌ فعليها قضاء تلك الصلاة.. لأنه إذا كانت أَيامُها عشرةً فبمجرد انقطاع الدم تَيَقَّنَّا خروجَها من الحيض؛ لأن الحيض لا يكون أكثر من ذلك، فإذا أدركت جزءًا من الوقت لزمها قضاء تلك الصلاة، سواءٌ تَمَكَّنَت فيه مِن الاغتسال أو لم تَتَمَكَّن] اهـ.
وقال كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (1/ 171، ط. دار الفكر): [واعلم أنَّ مدةَ الاغتسال معتبرةٌ مِن الحيض في الانقطاع لأقلَّ مِن العشرة وإن كان تَمَام عادتها، بخلاف الانقطاع للعشرة، حتى لو طَهُرَت في الأوَّل والباقي قَدْرُ الغُسل والتحريمة فعليها قضاءُ تلك الصلاة. وفي "النوادر": إن كان أيامُها عشرة فطَهُرَت وبَقِيَ قَدْرُ ما تَتَحَرَّمُ لَزِمَهَا الفرضُ، ولا يُشترط إمكانُ الاغتسال، وأجمَعُوا أنها لو طَهُرَت وقد بَقِيَ ما لا يَسَعُ التحريمة لا يلزمها] اهـ.
وقال العلامة شَيْخِي زَادَه في "مجمع الأنهر" (1/ 53، ط. دار إحياء التراث العربي): [المعتبر آخِر الوقت عندنا.. وإن طَهُرَتْ فيه وَجَبَت، فإذا كانت طهارتها لعَشرةٍ وَجَبَت الصلاةُ وإن كان الباقي لَمْحَةً، وإن كانت لأقلَّ منها وذلك عادتُها: فإن كان الباقي مِن الوقت مقدار ما يسع الغسل والتحريمة وَجَبَت، وإلَّا فلا؛ لأنه مدة الاغتسال من الحيض] اهـ. وممَّا ذُكِر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قطع صلاة الفريضة لأمر مهم؟ فإذا رن التليفون أثناء تأدية المرء إحدى الصلوات الخمس وكان منتظرًا مكالمة مهمة جدًّا، فهل يُسمح له بقطع الصلاة ويرد على الهاتف ثم يبدأ بعد ذلك صلاته من جديد؟ وهل يوجد رأي لهذا السؤال في المذاهب الفقهية الإسلامية؟
الصور الشخصية لفتاة غير محجبة توفاها الله هل تعتبر سيئة جاريةً لها؟ وما حكمها إذا عُلِّقت في مدخل المنزل؟ وهل رؤية غير المحارم للصورة يجعل هناك إثمًا على الفتاة؟
هل الملابس الخارجية التي ترتديها المرأة أثناء الدورة الشهرية -الحيض- تعتبر نجسة على الرغم من أنها لم تُمَس بدم الحيض؟
خطبة العيد؛ هل تكون خطبتين بينهما استراحة كخطبة الجمعة، أم تكون خطبة واحدة؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي.
ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب أمراض النساء والتوليد؟
نرجو منكم بيان ما يُقال عند العجز عن قول التشهد في الصلاة؟ فإن والدتي لا تحفظ التشهد، ولا تستطيع قراءته من ورقة، فما الواجب عليها أن تفعل حتى تكون صلاتها صحيحة؟ وهل يجوز لي أن أجلس بجانبها أثناء الصلاة، وإذا حان وقت التشهد أقرأه عليها وتردد وراءي حتى يتيسر لها حفظه؟