ما حكم الزكاة في نباتات الزينة؟ يقوم أحد الأشخاص بزراعة زهرة البنفسج، وهي تباع بأسعار غالية، فهل عليه زكاة فيها أو عليه زكاة عروض تجارة فيما يبيع؟ وعلى كلِّ حالٍ كيف يحدد مقدار الزكاة؟
الزكاة الواجبة في زهرة البنَفْسَج هي زكاة الزروع والثمار لا زكاة عروض التجارة، ومقدار الزكاة الواجبة فيها العُشْر مِن مجموع نتاجها إذا لم يُسْقَ بآلةٍ، أما إذا سُقيَ بآلة ففيه نصف العشر، ويجوز إخراج الزكاة نقدًا بقيمة السعر يوم الحصاد، ولا يشترط في ذلك بلوغ نصاب.
المحتويات
من الأموال التي أوجب الشرع فيها الزكاة "الزروع والثمار"؛ حيث قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ﴾ [البقرة: 267]، وقال تعالى: ﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141].
وروى ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ» أخرجه البخاري في "صحيحه"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن".
زهرة البنَفْسَج -بفتح السين- من جنس النباتات المزهرة، فهو "نبات كالحشيش، طيب الريح، له زهر أحمر، يضرب إلى السواد، وهو تعريب "بنفشة"؛ كما في "النظم المستعذب" للعلامة أبي عبد الله الركبي (ت: 633هـ) (1/ 194، ط. المكتبة التجارية)، وجاء في "المعجم الوسيط" (باب الباء- ص: 71، ط. دار الدعوة) أنه: [نبات زهري من جنس (فيولا) من الفصيلة البنفسجية يزرع للزينة، ولزهوره عطر الرائحة] اهـ.
كون السائل يزرع زهرة البنفسج ثم يبيعها -يجعل النظر الشرعي في بحث مدى وجوب الزكاة فيها ينبني على ما قرره الفقهاء في أحكام زكاة الزروع والثمار على اختلاف وتفصيل بينهم فيما يندرج تحتها وما لا يندرج، لا على زكاة عروض التجارة، والفرق بينهما: أن التجارة هي أن تشتري لتبيع لتربح، من غير أن يتخلل ذلك عنصر الزراعة أو الصناعة أو الإنتاج أو الاستغلال، كما أفاده العلَّامة أبو محمد بن شاس في "عقد الجواهر الثمينة" (3/ 901، ط. دار الغرب الإسلامي)، والإمام النووي في "المجموع" (6/ 48، ط. دار الفكر)، والعلَّامة الحجاوي في "الإقناع" (1/ 275، ط. دار المعرفة).
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة ومَن وافقه من العلماء إلى أن الزكاة واجبة في كُلِّ ما يخرج من الأرض مما يقصد به الاستنبات، من الثمار التي ينتفع بها الإنسان، سواء أكان انتفاعه بها في المأكول الذي لا غنى عنه، أم كان من الفواكه والزهور التي يحتاج لها للترفه والترويح عن النفس؛ وذلك لأنه يُقصد بهذه الأنواع كلها استِنماءُ الأرض، فخرج بذلك عنده ما لا يُقصَد به ذلك عادةً: كالحَطَب، والحشيش، والتبن، وشجر القطن، وغيرها.
قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في "الأصل" (2/ 162، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية-كراتشي): [قلت: أَرَأَيْت الرياحين كلهَا والبقول والرطاب الْقَلِيل من ذَلِك وَالْكثير فِيهِ الْعشْر وَنصف الْعشْر؟ قَالَ: نعم فِي قَول أبي حنيفَة.
قلت: أَرَأَيْت الوسمة هَل فِيهَا عشر إِذا كَانَت فِي أَرض الْعشْر؟ قَالَ: نعم فِي قَول أبي حنيفَة.
قلت: وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَان والورد؟ قَالَ: نعم] اهـ.
وقال الإمام الجصاص في "شرح مختصر الطحاوي" (2/ 288، ط. دار البشائر الإسلامية): [الحجة لأبي حنيفة في إيجاب الحقِّ في جميع الأصناف خلا ما ذكرنا، قول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ﴾، وعمومه يوجب الحق في كل خارج إلا ما قام دليله.
ويدل عليه أيضًا قوله تعالى: ﴿وَٱلنَّخۡلَ وَٱلزَّرۡعَ مُخۡتَلِفًا أُكُلُهُۥ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهًا وَغَيۡرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]، وذلك عام في كلِّ ثمرة في جميع ما يقع فيه الحصاد] اهـ.
وقال العلامة السرخسي في "المبسوط" (3/ 2، ط. دار المعرفة): [ثم الأصل عند أبي حنيفة أن كلَّ ما يستنبت في الجنان، ويقصد به استغلال الأراضي، ففيه العشر، الحبوب والبقول والرطاب والرياحين والوسمة والزعفران والورد والورس في ذلك سواء] اهـ.
ووافق القاضي ابن العربي المالكي ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة وأيَّده ودافع عنه؛ فقال في "أحكام القرآن" (2/ 284، وما بعدها، ط. دار الكتب العلمية): [فالذي لاح بعد التردد في مسالكه أن الله سبحانه لما ذكَّر الإنسان بنعَمِه في المأكولات التي هي قوام الأبدان وأصل اللذات في الإنسان، عليها تنبني الحياة، وبها يتم طيب المعيشة، عدَّد أصولها تنبيهًا على توابعها، فذكر منها خمسة: الكَرْم، والنخل، والزرع، والزيتون، والرمان، فالكرم والنخل يؤكل في حالين: فاكهةً وقوتًا، والزرع يؤكل في نوعين: فاكهةً وقوتًا، والزيت يؤكل قوتًا واستصباحًا، والرمان يؤكل فاكهةً محضة، وما لم يذكر مما يؤكل لا يخرج عن هذه الأقسام الخمسة. فقال تعالى: هذه نعمتي فكلوها طَيِّبةً شرعًا بالحل، طَيِّبةً حِسًّا باللذة، وآتوا الحق منها يوم الحصاد، وكان ذلك بيانًا لوقت الإخراج، وجعل -كما أشرنا إليه- الحق الواجب مختلفًا بكثرة المؤنة وقلتها، فما كان خفيف المؤنة قد تولى الله سقيه ففيه العشر، وما عظمت مؤنته بالسقي الذي هو أصل الإتيان ففيه نصف العشر] اهـ.
وقال في "عارضة الأحوذي" (3/ 219، ط. دار الكتب العلمية): "وأقوى المذاهب في المسألة مذهب أبي حنيفة دليلًا، وأحوطها للمساكين، وأولاها قيامًا بشكر النعمة، وعليه يدل عموم الآية والحديث" اهـ.
وهو ما مال إليه الإمام الرازي بقوله في "مفاتيح الغيب" (13/ 164، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله تعالى: ﴿وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِ﴾ بعد ذكر الأنواع الخمسة وهو العنب والنخل والزيتون والرمان -يدل على وجوب الزكاة في الكلِّ، وهذا يقتضي وجوب الزكاة في الثمار كما كان يقوله أبو حنيفة رحمه الله. فإن قالوا: لفظ الحصاد مخصوص بالزرع، فنقول: لفظ الحصد في أصل اللغة غير مخصوص بالزرع، والدليل عليه أن الحصد في اللغة عبارة عن القطع، وذلك يتناول الكلَّ، وأيضًا الضمير في قوله: ﴿حَصَادِهِ﴾ يجب عوده إلى أقرب المذكورات، وذلك هو الزيتون والرمان، فوجب أن يكون الضمير عائدًا إليه] اهـ.
وهذا المذهب هو المختار للفتوى لقوةِ مَسْلَكه وموافقته لعموم الأدلة، واتِّساقه مع الحكمة من مشروعية الزكاة ورعاية مصلحة الفقير وشكر المَوْلى جلَّ شأنه.
ومقتضى ذلك أن الواجب في زكاة الزرع والثمار -ومن ذلك زهرة البنفسج كما هي مسألتنا- العُشْر إذا كانت خارجة من أرضٍ تُسقى بالمطر أو ما يُسمى في العرف بـ"الراحة" ونحوها، ونصف العُشْر إذا كانت خارجة من أرض تسقى بآلات كالآلات الميكانيكية أو البخارية ونحوها، سواء كان الخارج من الأرض قليلًا أو كثيرًا؛ فتجب الزكاة من كلِّ الخارج عند الحصاد دون اشتراط نصابٍ ولا حولان حول.
بِناءً على ما سبق: فإن الزكاة الواجبة في زهرة البنَفْسَج هي زكاة الزروع والثمار لا زكاة عروض التجارة، ومقدار الزكاة الواجبة فيها العُشْر مِن مجموع نتاجها إذا لم يُسْقَ بآلةٍ، أما إذا سُقيَ بآلة ففيه نصف العشر، ويجوز إخراج الزكاة نقدًا بقيمة السعر يوم الحصاد، ولا يشترط في ذلك بلوغ نصاب كما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هو حكم إخراج الزكاة مُبكِّرًا عن وقت وجوبها بأكثر من سنتين؟ وهل هناك خلافٌ بين العلماء في ذلك؟ وما الحكمة في منع ذلك إن كان هناك منع؟
السؤال الأول: هل على أنواع المحاصيل الآتية زكاة: محاصيل الخضر، محاصيل الفاكهة، محاصيل اللب بأنواعه: اللب السوبر، لب القرع، لب الخشابي، لب دوار الشمس؟
السؤال الثاني: إذا كنتُ مستأجرًا لأرض وأقوم بزراعتها، فهل لي أن أخصم قيمة الإيجار من المحصول الناتج قبل إخراج الزكاة، أم أُخرج الزكاة من كامل المحصول دون خصم قيمة الإيجار؟
السؤال الثالث: أقوم باستثمار أموالي في المشاركة على الماشية -بقر كبير وجاموس كبير وكذلك عجل جاموس وبقر وجميع أنواع الماشية- وتكون المشاركة كالآتي:
أقوم بشراء الماشية من السوق وأعطيها للفلاح كطرف ثانٍ، حيث يقوم بجميع تكاليف التغذية والخدمة ويكون هو المستفيد الوحيد بإنتاجها من اللبن ولا أستفيد أنا إلا من نصف الربح من نتاجها كعجول أو عند بيعها، فآخذ نصف الربح الزائد على ثمنها الأصلي، وقد يدفع الطرف الثاني -الفلاح- قدرًا ولو ضئيلًا من ثمنها عند شرائي لهذه الماشية، وقد يكون الربع أو الثلث من ثمنها، أو قد لا يدفع شيئًا قط، وذلك هو الغالب. فهل في ذلك زكاة؟
ما حكم ضمان الوكيل مال الزكاة إذا تلف المال في يده؟ فهناك رجلٌ وكَّلَتْه أختُه في توزيع مال زكاتها، وفي اليوم الذي قَبَضَ فيه المال سُرِقَ منزلُه في ليلته، ومِن جملة المسروقات هذا المبلغُ، فهل يضمنه شرعًا، وفي حالة عدم ضمانه هو، هل يجب على هذه الأخت أن تُخرج زكاة مالها مرة أخرى؟ علمًا بأنها قد سلَّمت إليه المال عند تمام الحول ولم تتأخر في إخراجه.
ما القدر الذي يجوز للعامل على الزكاة أن يأخذَهُ نظيرَ عمله؟
ما حكم خصم الأموال المقترضة -وهي الديون- من زكاة المال؟
ما حكم تزويج الشباب غير القادرين من مال الزكاة؟ حيث توجد لجنة تجمع أموال الزكاة والصدقات والتبرعات، وتصرفها على المستحقين، ويتقدم إليها بعضُ الشباب من غير القادرين لمساعدتهم في إتمام زيجاتهم وتقديم إعانات مادية ونقدية لزواجهم. فهل يجوز أن يكون هذا من الأموال المخصصة للزكاة؟