حكم استعمال المحرم بالحج أو العمرة للشمسية

تاريخ الفتوى: 31 يوليو 2022 م
رقم الفتوى: 6868
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم استعمال المحرم بالحج أو العمرة للشمسية

ما حكم استعمال المحرم للشمسية؟ فقد كنت محرمًا، ومن شدة الحرِّ كنت استخدم شمسية أثناء المناسك، فاعترض عليَّ أحد الأشخاص بقوله: إن ذلك لا يجوز؛ لأن فيه تغطية للرأس، وهو ممَّا لا ينبغي للمُحرم فعله. فما صحّة هذا الكلام؟

لا مانعَ شرعًا من استظلال المحرم بمظلة الرأس (الشمسية) توقّيًا من أشعة الشمس وحرارتها ما دام أنها لا تلامس الرأس، ولا حرج عليه في ذلك، ولا تلزمه الفدية، ولا يدخل ذلك في النهي الوارد عن تغطية الرجل رأسه وهو مُحْرِمٌ؛ وأمَّا قول المعترض على ذلك؛ فهو موافق لما ذهب إليه بعض الفقهاء، ومع ذلك لا يجوز له الاعتراض على أمرٍ قد ورد فيه اختلاف؛ لما تقرَّر في قواعد الفقه من أنه "لا إنكار في المختلف فيه، وإنما الإنكار في المُجمَع عليه"؛ وحيث لم يرد إجماع في المسألة فإنَّ الإنكار يُعدُّ تضييقًا لما فيه توسعة في الشرع.

المحتويات

 

حكم استعمال المحرم للشمسية

المُحرِم: هو مَن أهَّل بالحج أو العمرة، وعلى المُحرم محظوراتٌ عليه ألَّا يفعلها، ومن هذه المحظورات: أن يسترَ المُحرمُ رأسه أو بعضه؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لبس العمائم والبرانس، وذلك فيما رواه الإمامان البخاري ومسلم في "الصحيحين" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، ما يلبس المُحْرِم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ».

والاستظلال من الشمس للمُحرم توقّيًا من أشعةِ الشمس وحرارتها بشيء يتبع المُحرم؛ كالتظلّل بنحو شيء يرفعه على رأسه كما في مسألتنا: أمرٌ اختلف في حكمه الفقهاء؛ حيث ذهب إلى جوازه الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة في إحدى الروايتين اختارها الإمام الخرقي، ووافقهم في ذلك بعض المحققين من المالكية؛ كالشيخ العلامة خليل بن إسحاق، وهو المختار للفتوى.

قال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 349، ط. دار الكتاب الإسلامي) في ذكر محظورات الإحرام: [(قوله: وستر الوجه والرأس) أي: وَاجْتَنِبْ تَغْطِيَتَهُمَا.. والمراد بستر الرأس: تغطيتها بما يُغطى به عادة؛ كالثوب، احترازًا عن شيء لا يغطى به عادةً؛ كالعدل، وَالطَّبَقِ، وَالْإِجَّانَةِ] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 547، ط. دار الفكر) فيما يحظر على المحرم فِعلُه: [(أو ستر رأسه) بمعتاد: إما بحمل إجانة أو عدل فلا شيء عليه] اهـ.

وقال الشيخ خليل المالكي في "التوضيح" (3/ 75، ط. مركز نجيبويه) فيما يُباح للمحرم: [وله أن يرفع فوق رأسه شيئًا يقيه من المطر.. وليس له أن يضعه على رأسه من شدة الحر انتهى. والأقرب: جواز ذلك؛ لما في مسلم وأبي داود والنسائي عن أم الحصين رضي الله عنها قالت: "حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا، وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرُ رَفعَ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ"] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 267-268، ط. دار الفكر): [مذهبنا: أنه يجوز للمحرم أن يستظل في المحمل بما شاء راكبًا ونازلًا، وبه قال أبو حنيفة.. دليلنا: حديث أم الحصين رضي الله عنها.. ولأنه لا يُسَمَّى لِبْسًا] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 490، ط. دار الكتب العلمية): [وفي تظليل المحمل روايتان.. الثانية: له أن يتظلل؛ لأنه ليس بمباشرٍ للرأسِ، أشبَهَ الخيمة، وله أن يتظلل بثوب على عود؛ لما رَوَت أمُّ الحصين رضي الله عنها.. ولا بأس بالتظلل بالخيمة والسقف والشجرة وأشباه ذلك؛ لأنه لا يلازمه، أشبَهَ ظل الجبال والحيطان] اهـ.

وقال أيضًا في "المغني" (3/ 287، ط. مكتبة القاهرة) معلّلًا الرواية المُجَوّزة للاستظلال: [لأنَّ ما حَلَّ للحَلالِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ، إلا ما قامَ على تحريمهِ دليلٌ.. وظاهر كلام أحمد: أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه؛ لوقوع الخلاف فيه، وقول ابن عمر رضي الله عنهما، ولم ير ذلك حرامًا، ولا موجبًا لفدية.. وهو اختيار الخرقي؛ لأنه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالبًا، فأشبه ما لو ستره بشيءٍ يلاقيه] اهـ.

الدليل على جواز استعمال المحرم للشمسية

واستدلوا على ذلك: بحديث أُمِّ الْحُصَيْنِ رضي الله عنها قَالَتْ: "حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ" رواه الإمام مسلم في "الصحيح".

فدلالة الحديث واضحة في أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد اطَّلَع على فعلِ بلالٍ رضي الله عنه وهو يستتر من حرِّ الشَّمسِ بثوبهِ ولم ينهه، ولم يأمره بالفدية، فدلَّ على جواز الاستظلال بالمظلة (الشمسية) التي لا تلامس الرأس، وما في معناها ممَّا هو من قبيل المنفصل التابع الذي يستظل به المحرم من الحر؛ كالثوب إذا رفعه فوق رأسه، وكالمحمل.

قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (9/ 46، ط. دار إحياء التراث العربي): [فِيهِ جَوَازُ تَظْلِيلِ الْمُحْرِمِ عَلَى رَأْسِهِ بِثَوْبٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ؛ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ نَازِلًا] اهـ.

وقال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/ 12، ط. دار الحديث): [قَوْلُهُ: (يَسْتُرُهُ مِنْ الْحَرِّ)، وَكَذَا قَوْلُهُ: (يُظِلُّهُ مِنْ الشَّمْسِ)؛ فِيهِ جَوَازُ تَظْلِيلِ الْمُحْرِمِ عَلَى رَأْسِهِ بِثَوْبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ مَحْمِلٍ وَغَيْرِهِ] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا مانعَ شرعًا من استظلال المُحرِم بمظلة الرأس (الشمسية) توقّيًا من أشعة الشمس وحرارتها، ولا حرج عليه في ذلك، ولا تلزمه الفدية، ولا يدخل ذلك في النهي الوارد عن تغطية الرجل رأسه وهو مُحْرِمٌ؛ وأما قول المعترض عليك في ذلك فهو موافق لما ذهب إليه بعض الفقهاء، ومع ذلك لا يجوز له الاعتراض على أمرٍ قد ورد فيه اختلاف؛ لما تقرّر في قواعد الفقه من أنه "لا إنكار في المختلف فيه، وإنما الإنكار في المُجمَع عليه"؛ وحيث لم يرد إجماع في المسألة فإنَّ الإنكار يُعدُّ تضييقًا لا وجه له.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نرجو منكم بيان الحكمة من تحديد السعي بين الصفا والمروة بسبعة أشواط. ولماذا لا يكون أكثر من ذلك أو أقل؟ خاصة لمن يحب السعي ويريد أن يُكثر، ومن كان مريضًا ويودُّ أن يقلل من عدد الأشواط. وهل صحة العمرة أو الحج تتعلق فيهما بالعدد المذكور؟


ما حكم أداء طواف الإفاضة وطواف العمرة للحائض؟ فإذا سافرت المرأة للحج أو العمرة، وجاءتها الدورة الشهرية قبل أداء طواف الإفاضة بالنسبة للحج أو طواف العمرة بالنسبة للعمرة فما الحكم في ذلك؟ وما الحل لو جاءتها الدورة الشهرية قبل ذلك؛ يوم السفر وقبل الإحرام، أو بعد الإحرام بقليل؟ علمًا بأنها يتعذر عليها الانتظار حتى تطهر؛ لأنها مرتبطة بمواعيد السفر والفوج الذين معها.


أُشكِل علينا حد الصفا والمروة اللذين يجب أن يكون السعي بينهما، فكان بعضنا يحسب السياج المضروب لمجرى عربات المقعدين والممتد بين الصفا والمروة هو الحد فكان إذا وصل لآخر السياج ظنه القدر الواجب من الشوط فيستدير مستأنفًا الشوط التالي، علمًا بأن السياج ينتهي عند بداية الإصعاد مع المرتفع قبل الوصول لحجارة الجبل.
فهل ذلك الجزء المرتفع المبلط بالرخام والسابق للجبل هو بداية الجبل بحيث إن من بلغ في كل شوط ما يبلغه السياج المذكور يكون قد استوفى ما بين الصفا والمروة سعيًا أم إن الأمر ليس كذلك؟


ما حكم الحجّ لمن أحرم ثم مات قبل أداء المناسك؟ فقد أحرَم شخصٌ بفريضة الحج، ثم توفي قبل أداء شيءٍ مِن المناسك، فما حكم حَجِّهِ شرعًا؟ وهل على ورثته أن يُكمِلوا الحجَّ عنه؟


ما حكم الصعود على جبلي الصفا والمروة في أداء المناسك في الحج والعمرة؟ وبيان القدر الواجب في السعي بين االصفا والمروة في كل شوط؟


ما حكم الإحرام قبل الميقات؟ فأنا سافرت إلى الحجّ هذا العام، وخَشيتُ أن لا أنتَبِهَ للميقات أو يفوتني وأنا في الطائرة، فأَحْرَمْتُ من المطار، فهل إحرامي هذا صحيحٌ؟