حكم إزالة المحرم الزوائد الجلدية من جسده

تاريخ الفتوى: 26 أغسطس 2021 م
رقم الفتوى: 7142
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم إزالة المحرم الزوائد الجلدية من جسده

ما حكم إزالة الزوائد الجلدية للمحرم من جسده؟ فإن بعض الناس يسأل أنه قد أزال شيئًا من الجلد الزائد في يده وهو محرم في الحج، وهو ما يسميه العامة بـ "الودنة" ومثلها قشرة الشفاه الجافة، فهل في إزالة ذلك شيء يلزمه شرعًا؟

لا حرج على المحرم في إزالة الجلد الزائد من جسده، ولا فدية عليه، ولا يلزمه شيء شرعًا؛ لأن الأصل براءة الذمة، ولم يرد في الشرع ما يدل على منع ذلك أو ترتيب شيء عليه من فدية ونحوها.

المحتويات

 

المقصود بالإحرام وحكمه

الإحرام ركن من أركان الحج والعمرة، والمقصود به: هو نية الدخول في النسك؛ بأن ينوي بقلبه الدخول في الحج أو العمرة، أو الحج والعمرة معًا إن كان يريد القِران. ينظر: "عمدة السالك" للعلامة شهاب الدين ابن النقيب (ص: 147، ط. شركة القدس) و"حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم" (1/ 312، ط. دار إحياء الكتب العربية).

وسُمي الدخول في النسك إحرامًا؛ لأنَّ المحرم بإحرامه قد حَرَّم على نفسه أشياء كانت مباحة له قبل الدخول في النسك. ينظر: "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (1/ 132، ط. المكتبة العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام البهوتي (2/ 406، ط. دار الكتب العلمية).

وأصل ذلك: ما رواه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».

وما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ». والإهلال: رفع الصوت. ينظر: "المصباح المنير" (2/ 639).

وما روي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى".

حكم إزالة المحرم الزوائد الجلدية من جسمه

من الأشياء التي تَحْرُم على المحرم بالدخول في النسك: حلق الشعر وتقليم الأظافر، وذلك عند فقهاء المذاهب الأربعة. ينظر: "البحر الرائق" للعلامة ابن نجيم الحنفي (2/ 332، ط. دار الكتاب الإسلامي) و"الكافي في فقه أهل المدينة" للإمام ابن عبد البر المالكي (1/ 358، ط. مكتبة الرياض الحديثة) و"حاشية الباجوري الفقهية" (1/ 312) و"الروض المربع" للإمام البهوتي الحنبلي (ص: 256، ط. دار المؤيد ومؤسسة الرسالة).

وقد حكي الإجماع على ذلك؛ فقال الإمام ابنُ المُنْذِر في كتابه "الإجماع" (ص: 62، ط. دار الآثار): [وأجمعوا على أن المُحرِم ممنوع من الجماع، وقتل الصيد، والطيب، وبعض اللباس، وأخذ الشعر، وتقليم الأظفار] اهـ.

وأصل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: 196]؛ ففي الآية نهي عن الحلق قبل نحر الهدي. ينظر: "الحاوي الكبير" (4/ 186، ط. دار الكتب العلمية).

وقولُه تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحَجُّ: 29].

أمَّا قضاء التفث فجاء معناه في تفسير الإمام الطبري "جامع البيان" (18/ 613، ط. مؤسسة الرسالة): [عن مجاهد وغيره أنه حلق الرأس، وحلق العانة، وقصر الأظفار، وقصّ الشارب، ورمي الجمار، وقص اللحية] اهـ.

وقد رتَّبَ اللهُ تعالى قضاءَ التَّفَثِ على الذَّبْحِ؛ لأنَّه ذَكَرَه بكلمة ﴿ثُمَّ﴾ الموضوعة للترتيب مع التَّراخي؛ مِمَّا يدُلُّ على كَوْنِ قَصِّ الأظفارِ ونحوه ينبغي أن يكونَ بعد النَّحْرِ. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني (2/ 194، ط. دار الكتب العلمية).

أما إزالة المحرم للجلد الزائد بأصابعه أو شفاهه ونحو ذلك من أجزاء البدن فهو من جملة ما يباح للمحرم ولا فدية فيه عليه، ولا يلزمه شيء بذلك؛ لأن الأصل براءة الذمة ولم يرد ما يدل على شغلها هنا بشيء، حتى إن فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة قد نصوا على أن المحرم لو أزال شيئًا من الجلد وكان هذا الجلد عليه شيء من الشعر فإنه لا يلزمه شيء بذلك؛ لأن الشعر حينئذٍ يكون غير مقصود بالذات في الإزالة؛ فهو تابع، والتابع لا يفرد بالحكم كما هو مقرر في قواعد الفقه. ينظر: "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 117، ط. دار الكتب العلمية).

قال الشيخ أبو بكر الحدادي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 170، ط. المطبعة الخيرية): [ولو قطع كفه وفيه أظفاره، أو خلع جلدة من رأسه بشعرها فلا شيء عليه] اهـ.

وقال العلَّامة الجمل الشافعي في "فتوحات الوهاب" (2/ 512، ط. دار الفكر): [ولو كشط جلد رأسه أو قطع يده أو بعض أصابعه وعليه شعر وظفر فلا فدية عليه؛ لأنهما تابعان غير مقصودين] اهـ.

وقال العلَّامة ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 497، ط. دار الكتب العلمية): [وإن كشط من جلده قطعة عليها شعر، أو قطع إصبعًا عليها ظفر، فلا فدية عليه؛ لأنَّه زال تبعًا لغيره] اهـ.

الخلاصة

عليه: فإن إزالة المحرم للجلد الزائد ببدنه جائز، ولا يلزمه شيء به شرعًا من فدية أو غيرها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل لصلاة العيد سُنة قَبلية؟ حيث نجدُ بعضَ الناس يُنكرون على بعض المصلين صلاتهم قبل صلاة العيد عندما يحضرون للمُصلَّى قبل الشروع في الصلاة مع الإمام، وما مدى صحة صلاة ركعتين قبل صلاة العيد؟


ما حكم إهداء ثواب الأعمال الصالحة للأحياء والأموات؟ وهل ذلك يجوز شرعًا؟


ما حكم الهدي لمن صام ثلاثة أيام في الحج ثم قدر عليه؟ فهناك رجلٌ أحرم بالحج متمتعًا، ولم تكن لديه القدرة المالية على شراء الهدي، فصام ثلاثة أيامٍ في الحج، ثم تيسَّرت حالُه، فهل يجب عليه الهدي؟


ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟ حيث سألت سيدةٌ وقالت:
أولًا: كانت والدتي رحمها الله تعتزم الحج، إلا أن الأجل وافاها قبل أن تتمكن من تأدية هذه الفريضة، فهل من الممكن -والحالة هذه- أن أقوم أنا بدلًا منها بإتمام الحج على أن يحتسب للمرحومة؟ علمًا بأن ظروفي العملية تمنعني أنا شخصيًّا من تأدية هذه الفريضة لنفسي.
ثانيًا: إن ما ورثته عن المرحومة أمي لا يكفي كل مصاريف الحج وعليه، فهل يجوز لي أن أكمل هذه المصاريف مما ادخرته لمستقبل ابنتي الطفلة ولمستقبلي كأرملة؟


ما حكم شراء الأضحية بالتقسيط؟ فإنَّ رجلًا يرغب في الأضحية، ولا يملك كامل ثمنها نقدًا، فما حكم شرائها بالتقسيط مِن أحد التجار أو عن طريق الصك؟ وهل يتوقف تَمَلُّك المضحي للأضحية على سداد آخِر قسطٍ مِن ثَمنها، بحيث يتنافى هذا الشراء بالتقسيط مع اشتراط مِلْكِ المضحي للأضحية قبل الذبح؟


 ما حكم مَنْ ترك السعي في الحج أو العمرة، سواء كان الترك بعذرٍ أو بغير عذرٍ؟