قال السائل: إحدى قريباتي متزوجة، وبعد زواجها حدث لها خللٌ في عادتها الشهرية، فأحيانًا تزيد فترة الحيض وتارة تنقص، وأحيانًا تأتي الدورة مبكرًا بضعة أيام عن عادتها وتارة تتأخر عنها بضعة أيام؛ فكيف لها أنْ تتطهر لتصلي وتصوم؟
إذا رأت قريبتُك المذكورة الدمَ قبل مرور خمسة عشر يومًا على طهرها مِن حيضتها الماضية: فإن هذا الدم يكون استحاضة، أما إذا رأته وقد مَرَّ على طهرها خمسة عشر يومًا أو أكثر: فإنَّه دم حيض إن كان لثلاثة أيام بلياليها أو أكثر ما دام لم يجاوز العشرة أيام ولم يكن لها عادة، فإذا نقص عن ثلاثة أيام بلياليها: فهو استحاضة، وإذا جاوز عشرة أيام؛ فإن كانت لها عادة معروفة دون العشرة: فتُرَدُّ إلى عادتها، ويكون حيضها: قدر عادتها، وما زاد: فهو استحاضة، ويلزمها حينئذٍ قضاء ما فاتها من الصلاة فيما زاد على عادتها، وإن لم تكن لها عادة معروفة: فَتُردُّ إلى أكثر الحيض وهو عشرة أيام؛ فتكون حيضتها: قدر عشرة أيام، وما زاد عليها: فهو استحاضة، وتغتسل بعد مرور العشرة أيام، أما إذا استمر نزول الدم عليها؛ فإنها تحسب عادتها كل شهر وتكون هي حيضها، وما بقي من الشهر فهو طهر، ما دام أنها تعرف عادتها وعدد أيامها، وتعرف أولها وآخرها، فإن لم تكن لها عادة: رُدَّت إلى أكثر الحيض وهو العشرة أيام؛ فتكون حيضتها قدر العشرة أيام، وما زاد عليها فهو: استحاضة، ومتى ثبت أنها مستحاضة: يحلّ لها كلُّ ما حرم عليها بسبب الحيض مِن صلاة وصوم ونحوهما بعد أن تغتسل من الحيض، علمًا بأن هذا التقدير خاص بأحكام العبادات من الصلاة والصوم ونحوهما، لا بأحكام العدة.
المحتويات
الحيض في اللغة: السيلان، يقال: حاضت الأرنب: إذا سال منها الدم، وحاضت الشجرة: إذا سال منها الصمغ.
وفي الشرع: سيلانُ دمٍ مخصوصٍ مِن موضع مخصوص في وقت معلوم؛ كما قال مجد الدين الموصلي في "الاختيار" (1/ 26، ط. الحلبي).
الحيض: حدثٌ تختص به النساء، ويحرم به عليهنَّ ما يحرم بالجنابة مِن: الصلاةِ -ولا يجب عليهنَّ أنْ يقضين ما فاتهنَّ بسبب ذلك-، وقراءةِ القرآن، ومسِّ المصحف وحملِه، والطوافِ، واللبثِ في المسجد، والجماعِ، والصومِ -ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة-، والمرورِ مِن المسجد إلا إذا أُمِنَ التلويث؛ كما قال الإمام أبو شجاع في متنه المسمى بـ"الغاية والتقريب" (ص: 6، ط. عالم الكتب)، والإمام النووي في "منهاج الطالبين" (ص: 19، ط. دار الفكر).
ليس كلُّ دمٍ يخرج مِن رحم المرأة يُسَمَّى حيضًا؛ فقد يخرج مِن رحم المرأة الدم، ولكن لا على سبيل الصحة؛ بل لاعتلالها ومرضها، وهو ما يُسَمَّى بدم الاستحاضة، وقد يخرج الدم بعد فراغ الرحم مِن الحمل، وهو دم النفاس.
والمقرر في مذهب السادة الحنفية بشأن مدة الحيض وهو المختار للفتوى: أنَّ أقلَّ مدة الحيض: ثلاثة أيام بلياليهن، وأكثره: عشرة أيام بلياليها، وما نقص عن أقله فهو: استحاضة، وهو المروي عن: واثلة بن الأسقع، وأبي أمامة، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، والحسن البصري، وسفيان الثوري.
فَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَكْثَرَهُ: عَشَرَةُ أَيَّامٍ».
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَلُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيْضِ لِلْجَارِيَةِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ: ثَلَاثٌ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَحِيضِ: عَشَرَةُ أَيَّامٍ، فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ: فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ؛ تَقْضِي مَا زَادَ عَلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا» أخرجهما الدارقطني في "السنن".
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "أَدْنَى الْحَيْضِ: ثَلَاثَةٌ، وَأَقْصَاهُ: عَشَرَةٌ".
قَالَ وَكِيعٌ: الْحَيْضُ ثَلَاثٌ إِلَى عَشْرٍ، فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ. أخرجه الدارمي والدارقطني في "السنن".
قال الإمام الترمذي في "السنن" (1/ 221، ط. مطبعة الحلبي) بعد ذكر حديث المستحاضة: [واختلف أهل العلم في أقل الحيض وأكثره؛ فقال بعض أهل العلم: أقل الحيض: ثلاثة، وأكثره: عشرة؛ وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وبه يأخذ ابن المبارك] اهـ.
وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" (2/ 135، ط. المكتب الإسلامي) في أقل الحيض وأكثره: [وذهب جماعة إلى أنَّ أقله: ثلاثة، وأكثره: عشرة أيام؛ يروى ذلك عن أنس رضي الله عنه، وبه قال الحسن، وهو قول الثوري، وأصحاب الرأي] اهـ.
قال فخر الدين الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 55، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [قال رحمه الله: (وأقله: ثلاثة أيام) أي: وأَقَلُّ الحيض ثلاثة أيام؛ لحديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه.. ثم هو في رواية الحسن عن أبي حنيفة: ثلاثة أيام وما يتخللها مِن الليالي وهو ليلتان، وفي ظاهر الرواية: ثلاثة أيام وثلاث ليال. قال رحمه الله: (وأكثره: عشرة) لما روينا.. قال رحمه الله: (وما نقص) مِن ذلك (أو زاد: استحاضة) لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه.. ولأن تقدير الشرع يمنع إلحاق غيره به] اهـ.
وقال علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" (1/ 283-285، ط. دار الفكر): [و(أقله: ثلاثة بلياليها) الثلاث، فالإضافة لبيان العدد المقدر بالساعات الفلكية لا للاختصاص، فلا يلزم كونها ليالي تلك الأيام؛ وكذا قوله: (وأكثره: عشرة) بعشر ليال؛ كذا رواه الدارقطني وغيره، (والناقص) عن أقله، (والزائد) على أكثره أو أكثر النفاس أو على العادة وجاوز أكثرهما، (وما تراه) صغيرة دون تسع على المعتمد، وآيسة على ظاهر المذهب (حامل) ولو قبل خروج أكثر الولد (استحاضة)] اهـ.
أما ما زاد على أكثره وهو: عشرة أيام؛ فإن كان للمرأة عادة معروفة دون العشرة: رُدَّت إلى أيام عادتها، فيكون حيضها أيام عادتها، وما زاد عليها إلى ما فوق العشرة: فهو استحاضة، وإن لم تكن لها عادة: رُدَّت إلى أكثر الحيض وهو العشرة أيام؛ فتكون حيضتها قدر العشرة أيام، وما زاد عليها فهو: استحاضة.
فعَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن". فأفاد أنَّ على المرأة ترك الصلاة فيما اعتادت من أيام حيضها، وما زاد عليها فهو استحاضة، وهذا ما جاءت به الآثار عن بعض فقهاء الصحابة رضي الله عنهم.
وعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: «تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ مَرَّةً، ثُمَّ تَتَوَضَّأُ إِلَى مِثْلِ أَيَّامِ أَقْرَائِهَا» أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" بلفظه، والبيهقي في "السنن".
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قَال فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: "تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، ثُمَّ تَحْتَشِي وَتَسْتَثْفِرُ، ثُمَّ تُصَلِّي". فَقَالَ الرَّجُلُ: وَإِنْ كَانَتْ تَسِيلُ؟ قَالَ: "وَإِنْ كَانَتْ تَسِيلُ مِثْلَ هَذَا الْمَثْعَبِ" أخرجه الدارمي في "السنن". والاستثفار: أن تتخذ المرأة ما يقيها أذى الدم النازل عليها.
قال برهان الدين المرغيناني في "الهداية" (1/ 34، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولو زاد الدم على عشرة أيام ولها عادة معروفة دونها: رُدَّت إلى أيام عادتها، والذي زاد: استحاضة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا»، ولأنَّ الزائدَ على العادة يجانس ما زاد على العشرة فيلحق به] اهـ.
وقال بدر الدين العيني في "البناية" (1/ 664، ط. دار الكتب العلمية): [م: (ولو زاد الدم على عشرة أيام) ش: التي أكثر الحيض، فالمرأة لا تخلو إما أن تكون معتادة أو مبتدأة أو مختلفة العادة، وأشار إلى القسم الأول بقوله: (ولها عادة معروفة دونها) ش: أي دون العشرة بأنْ كانت عادتها ستة أيام أو سبعة أيام أو ثمانية أيام أو تسعة أيام، فزاد الدم على عادتها وعلى العشرة أيضًا م: (رُدَّت إلى أيام عادتها) ش: باتفاق أصحابنا، فيكون الحيض أيام عادتها، وما زاد على عادتها المعروفة إلى ما فوق العشرة إلى أن ينتهي يكون: استحاضة، وهو معنى قوله: م: (والذي زاد) ش: يعني على العادة المعروفة م: (استحاضة) ش: فيصير حكمها حكم المستحاضات] اهـ.
وقال العلَّامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 285، ط. دار الفكر): [(قوله: والزائد على أكثره) أي: في حق المبتدأة، أما المعتادة فما زاد على عادتها ويجاوز العشرة في الحيض والأربعين في النفاس: يكون استحاضة؛ كما أشار إليه بقوله أو على العادة إلخ. أما إذا لم يتجاوز الأكثر فيهما، فهو انتقال للعادة فيهما؛ فيكون حيضًا ونفاسًا] اهـ.
أما ما يتعلق بتقدم الحيضة بضعة أيام أو تأخرها عن موعدها بضعة أيام: فقد نص فقهاء الحنفية على أنَّ أقلَّ مدة الطهر بين الحيضتين: خمسة عشر يومًا كاملة تَرى فيها المرأةُ نقاءً تامًّا؛ لما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثٌ، وأَكْثَرُهُ: عَشْرٌ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» أخرجه أبو يوسف الفسوي في "المعرفة والتاريخ"، والبيهقي في "الخلافيات"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" من حديث الإمام عليّ وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.
قال كمال الدين بن الهمام في "فتح القدير" (1/ 174، ط. دار الفكر): [(قوله: وأقل الطهر خمسة عشر يومًا)؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثَةٌ، وَأَكْثَرُهُ: عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» ذكره في "الغاية"، وعزاه قاضي القضاة أبو العباس إلى الإمام، وتقدم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في "العلل المتناهية"، قيل: وأجمعت الصحابة عليه، ولأنه مدة اللزوم فكان كمدة الإقامة] اهـ.
وقال علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" (1/ 285): [(وأقل الطهر) بين الحيضتين أو النفاس والحيض (خمسة عشر يومًا) ولياليها إجماعًا (ولا حد لأكثره).. وعَمَّ كلامُه: المبتدأة، والمعتادة، ومَن نسيت عادتها؛ وتُسمَّى المحيرة والمضلة، وإضلالها: إما بعدد، أو بمكان، أو بهما] اهـ.
فإذا نقصت مدة الطهر عن خمسة عشر يومًا بأن رأت دمًا قبل تمامها بعد حيضة كاملة وكانت قد تجاوزت أكثر مدة الحيض؛ فإنَّ هذا الدم لا يكون دم حيض؛ وذلك لعدم مرور أقل مدة للطهر بين الحيضتين، ويكون استحاضة.
قال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (3/ 186، ط. دار المعرفة): [فالطهر الصحيح على الإطلاق: ألا ينتقص عن أدنى مُدَّته وألا تصلِّي المرأة في شيء منه بالدم، فإن صلَّت في أول يوم منه بالدم ثم كان الطهر بعده خمسة عشر أو أكثر: فهذا صالحٌ لِجَعْلِ ما بعده مِن الدم حيضًا غير صالح لنصب العادة به، وإن صلَّت في شيء منه بالدم ثم كان الطهر بعده دون خمسة عشر: فهو غير صالح لنصب العادة ولا يجعل ما بعده حيضًا] اهـ.
فإذا استمرَّ الدم ولم يكن لها عادة، أو كان لها عادة لكنها نسيت عدد أيامها وأولها وآخرها؛ فيُقَدَّر حينئذ حيضها بعشرة أيام من كل شهر، وباقيه طهر، ويُقَدَّر بالشهر القمري (الهجري) لا الشمسي (الميلادي)؛ بحيث يكون الطهر في شهرٍ عشرون يومًا، وفي شهر تسعة عشر؛ وذلك على حسب عدد أيام الشهر ثلاثين يومًا أو تسعة وعشرين يومًا، أما إذا كانت لها عادة تعرف عدد أيامها، وتعرف أولها وآخرها؛ فإنها تحسب عادتها كل شهر، وما بقي منه فهو طهر.
قال كمال الدين بن الهمام في "فتح القدير" (1/ 174): [(قوله: لأنه قد يمتد سنة وسنتين) وقد لا تحيض أصلًا فلا يمكن تقديره إلا إذا استمر بها الدم واحتيج إلى نصب العادة؛ إما بأن بلغت مستحاضة، وإما بأن بلغت برؤية عشرة مثلًا دمًا وستة طهرًا ثم استمر بها الدم، أو كانت صاحبة عادة فاستمر بها الدم ونسيت عدد أيامها وأولها وآخرها ودورها، أما الأولى: فيقدر حيضها بعشرة من كل شهر، وباقيه طهر، فشهر عشرون وشهر تسعة عشر وهي التي ستأتي، وأما الثانية: فقال أبو عصمة والقاضي أبو حازم: حيضها ما رأت، وطهرها ما رأت] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "منحة الخالق" المطبوع مع "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (1/ 219، ط. دار الكتاب الإسلامي) نقلًا عن "السراج": [وعند عامة العلماء: تدع في الاستمرار عشرة وتصلي عشرين كما لو ابتدأت مع البلوغ مستحاضة؛ فقدَّروا الطهر بعشرين] اهـ.
ثم قال (1/ 219): [ما مشى عليه هنا مِن قول أبي عصمة مشى العلامة البركوي في "رسالته في الحيض" على خلافه؛ فقال: (الفصل الرابع في الاستمرار): إن وقع في المعتادة فطهرها وحيضها ما اعتادت في جميع الأحكام إن كان طهرها أقل من ستة أشهر، وإلا فيرد إلى ستة أشهر إلا ساعة، وحيضها بحاله اهـ. وقال في "حواشيه" التي كتبها على تلك الرسالة: هذا قول محمد بن إبراهيم الميداني. قال في "العناية" وغيره: وعليه الأكثر. وفي "التتارخانية": وعليه الاعتماد اهـ] اهـ.
أما إذا تأخرت الحيضة عن موعدها المعتاد لها: فإنها متى رأت الدم، وكان قد مر على طهرها أكثر مِن خمسة عشر يومًا وهي أقل مدة الطهر بين الحيضتين: فإنَّ هذا يكون دم حيض تترتب عليه أحكام الحائض مِن ترك الصلاة والصوم والاعتكاف وقراءة القرآن وعدم الوطء ونحو ذلك ممَّا يحرُم على الحائض.
وهذا التقدير إنما هو في مسائل العبادات؛ كالصلاة والصوم ونحوهما لا في الأحكام المتعلقة بالعدة، وقد اتجه الأخذ فيها بمذهب الحنفية لأنه الأيسر على المفتين والنساء؛ قال العلامة ابن عابدين في "منحة الخالق" (1/ 219): [وهذا الاختلاف في التقدير للصلاة، وهو غير العدة] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا رأت قريبتُك المذكورة الدمَ قبل مرور خمسة عشر يومًا على طهرها مِن حيضتها الماضية: فإن هذا الدم يكون استحاضة، أما إذا رأته وقد مَرَّ على طهرها خمسة عشر يومًا أو أكثر: فإنَّه دم حيض إن كان لثلاثة أيام بلياليها أو أكثر ما دام لم يجاوز العشرة أيام ولم يكن لها عادة، فإذا نقص عن ثلاثة أيام بلياليها: فهو استحاضة، وإذا جاوز عشرة أيام؛ فإن كانت لها عادة معروفة دون العشرة: فتُرَدُّ إلى عادتها، ويكون حيضها: قدر عادتها، وما زاد: فهو استحاضة، ويلزمها حينئذ قضاء ما فاتها من الصلاة فيما زاد على عادتها. وإن لم تكن لها عادة معروفة: فَتُردُّ إلى أكثر الحيض وهو عشرة أيام كما سبق بيانه؛ فتكون حيضتها: قدر عشرة أيام، وما زاد عليها: فهو استحاضة، وتغتسل بعد مرور العشرة أيام، أما إذا استمر نزول الدم عليها؛ فإنها تحسب عادتها كل شهر وتكون هي حيضها، وما بقي من الشهر فهو طهر، ما دام أنها تعرف عادتها وعدد أيامها، وتعرف أولها وآخرها، فإن لم تكن لها عادة: رُدَّت إلى أكثر الحيض وهو العشرة أيام؛ فتكون حيضتها قدر العشرة أيام، وما زاد عليها فهو: استحاضة، ومتى ثبت أنها مستحاضة: يحل لها كلُّ ما حرم عليها بسبب الحيض مِن صلاة وصوم ونحوهما بعد أن تغتسل من الحيض، علمًا بأن هذا التقدير خاص بأحكام العبادات من الصلاة والصوم ونحوهما، لا بأحكام العدة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج؟ فهناك امرأة تمت خطبتها مُدَّة قصيرة مِنَ الزمن، وتمَّ الزواج، وبعد الزواج بوقتٍ قليل ظهر أنَّ الزوجَ يُدمن المخدرات مما أثَّر على المعيشة، وتدخَّل الأهل، وقاموا بمحاولة علاجه في مصحة متخصصة، وتحسنت حالته بعد الخروج منها لمُدة قصيرة، ثُمَّ عَاد لما كان عليه مرة أخرى، ولم يحدث حمل حتى الآن، وتخشى الزوجة من الحمل خوفًا على ولدها؛ فهل يجوز لها شرعًا أن تنفرد بقرار منع الإنجاب؟
ما حكم تكرار صلاة الجنازة على الميت؟ حيث توفي شخص، وقام أهله على تكفينه وتغسيله وصلوا عليه في المسجد المجاور لهم، ثم سافروا بالميت إلى مكان آخر حيث مقابر العائلة ووجدوا في انتظاره أهل القرية فأرادوا الصلاة عليه ثانية حيث العدد الأكبر، فهل يجوز لمَن صلى أولًا أن يصلي عليه مرة أخرى؟
سائل يسأل ويقول: هل يجوز القيام بالبيع والشراء لجسد الإنسان أو شيء من أعضائه؟
ما حكم الصلاة في الأماكن المخصصة للألعاب والاستحمام وغرف تغيير الملابس؟ فبعض أعضاء أحد الأندية الرياضية يقومون بأداء صلاة الجماعة في بعض الأماكن المخصصة للألعاب والاستحمام وغرف تغيير الملابس، مما دفع البعض للسؤال عن جواز صلاة الجماعة في هذه الأماكن، علمًا بأن مرتادي هذه الأماكن يقومون بارتداء الملابس الرياضية وملابس الاستحمام، ويقوم البعض الآخر بالثرثرة وتبادل الأحاديث غير الملائمة لجلال الصلاة، علمًا بأن للنادي مسجدًا كبيرًا للصلاة وزاويتين مجهزتين على مستوًى عالٍ، ولا تبعد أي منهما عن أي مكان في النادي سوى القليل من الأمتار.
برجاء الإفادة عن جواز صلاة الجماعة في هذه الأماكن درءًا للخلافات ونبذًا للفتنة داخل النادي.
ما حكم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟
ما الفرق بين المفقود من أفراد القوات المسلحة والمفقود من غيرهم؟ فقد تضمن السؤال أن السائلة تزوجت بمدرس بمحافظة سوهاج، وأن زوجها جند بالقوات المسلحة، وأنه فقد في العمليات الحربية بجهة سيناء بتاريخ 8/ 6/ 1967م بمقتضى شهادة دالة على فقده وصلت إلى مديرية التربية والتعليم بسوهاج من وزارة الحربية، وأن مديرية التربية والتعليم المذكورة كانت تصرف للسائلة مرتب زوجها شهريًّا حتى أوقف الصرف بمقتضى حكم صدر ضدها من المحكمة الحسبية ببندر سوهاج في قضية رفعها والد الزوج ضدها، وأنه قد ورد إليها كتاب من وزارة الحربية يفيد بأنه بموجب القرار رقم 72 لسنة 1969م باعتبار الغائبين بالعمليات الحربية بسيناء مفقودين وتسوية حالاتهم وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم، وأن الزوجة -السائلة- لا تجد من يعولها وليس لها مصدر رزق بعد قطع راتب زوجها عنها اعتبارًا من نوفمبر سنة 1969م للآن. وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعي فيما إذا كان يحق لها شرعًا أن تتزوج بآخر استنادًا إلى:
أ- القرار السالف الذكر رقم 72 سنة 1969م الخاص باعتبار الغائبين مفقودين وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم.
ب- خطاب ورد إلى والد زوجها من قلم خسائر الحرب يقضي باعتبار الغائبين مفقودين.
ج- أنه مضى على عقد زواجها بالمفقود المذكور خمس سنوات وهي معلقة بين السماء والأرض.
د- أن زوجها المفقود من قبل يونيه سنة 1967م حتى اليوم لم تصل أنباء أو معلومات تفيد بأنه موجود على قيد الحياة.
هـ- أن غياب الزوج المذكور كان غيابًا متصلًا من قبل يونيه سنة 1967م إلى الآن، ولم ينقطع هذا الغياب خلال تلك المدة الطويلة.