ما مفهوم قاعدة "كل حيٍّ طاهر" عند السادة المالكية؟ وما ضابط الحياة المذكورة في القاعدة؟
كلُّ حيٍّ طاهر عند السادة المالكية بلا استثناء، وضابط طهارة هذا الحي عندهم هي الحياة مطلقًا، أما غير المالكية ممَّن استعملوا هذه القاعدة فلم يتركوها على إطلاقها، بل استثنوا من هذا الإطلاق: الكلب والخنزير وما تولد من أحدهما، وهو مذهب بعض السادة الشافعية.
المحتويات
الطهارة لغة: النظافة والنزاهة عن الأدناس، فهم قوم يتطهرون؛ أي: يتنزهون من الأدناس، والطهر بالضم ضد الحيض، والطهور بفتح الطاء ما يتطهر به. ينظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص: 193، ط. المكتبة العصرية).
وفي اصطلاح الفقهاء عرفها العلامة الجرجاني في "التعريفات" (ص: 142، ط. دار الكتب العلمية): أنها: [عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة بصفة مخصوصة] اهـ، وهو مفاد تعريفات الفقهاء في كتبهم. ينظر: "مراقي الفلاح" للشرنبلالي (ص: 18، ط. دار الكتب العلمية، ومعه "حاشية الطحطاوي")، و"مواهب الجليل" للحطاب (1/ 43، ط. دار الفكر) و"المجموع" للنووي (1/ 79، ط. دار الفكر) و"كشاف القناع" للبهوتي (1/ 24، ط. دار الكتب العلمية).
من القواعد المطردة عند المالكية قاعدة: "كلُّ حيٍّ طاهر" فربطوا الطهارة بالحياة، وهي في اللغة: نقيض الموت، فالحي من كل شيء: نقيض الميت، والجمع أحياء. ينظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1277، ط. مؤسسة الرسالة) "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (3/ 395، ط. دار الكتب العلمية)، "الصحاح" للجوهري (6/ 2323، ط. دار العلم).
ولم يخرج الفقهاء في استعمالها الاصطلاحي عن هذا المعنى اللغوي؛ حيث قال العلامة الجرجاني في "التعريفات" (ص: 94): [الحياة: هي صفة توجب للموصوف بها أن يعلم ويقدر] اهـ، وهو مفاد عبارات المناوي في "التوقيف"، وابن حجر في "تحفة المحتاج". ينظر: "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص: 150، ط. عالم الكتب)، و"تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (1/ 287، ط. المكتبة التجارية).
هذه القاعدة -كلُّ حيٍّ طاهر- مما يمتاز بها المذهب المالكي، غير أنه لا ينفرد بها، فتوارد ذكر هذه القاعدة في غير هذا المذهب، ولكن مما انفرد به المذهب المالكي، إطلاق هذه القاعدة بدون استثناء، أو تقييد، وهو المستفاد من نصوصهم.
قال العلامة أبو الوليد الباجي في "المنتقى" (1/ 62، ط. مطبعة السعادة): [فكل حي طاهر] اهـ.
وقال العلامة القرافي في "الذخيرة" (1/ 179، ط. دار الغرب الإسلامي): [وفي "الجواهر": الحي كله طاهر] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد" (1/ 34، ط. دار الحديث): [فكل حي طاهر العين] اهـ.
ومن النصوص التي بينت إطلاق هذه القاعدة عند السادة المالكية وعدم استثناء بعض الحيوانات منها ما يلي:
قال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 287، ط. دار الفكر): [(تنبيه): لا يتوهم من حرمة استعمال أجزاء الخنزير نجاسته حتى في حال الحياة؛ لأن كل حي طاهر ولو خنزيرًا أو شيطانًا، فمَن حمل خنزيرًا أو شيطانًا وصلى به لم تبطل صلاته] اهـ.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (3/ 443، ط. دار الكتب العلمية): [كل حيوان عند مالك طاهر العين حتى الخنزير] اهـ.
إلا أن بعض المالكية استثنى بعض الصور من هذه القاعدة مراعيًا الخلاف الوارد عليها؛ حيث قيد أن سبب الكراهة: تناول هؤلاء للنجاسات، وليس النجاسة العينية؛ قال العلامة البغدادي المالكي في "التلقين" (1/ 25، ط. دار الكتب العلمية): [والحيوان كله طاهر العين طاهر "السؤر" إلا ما لا يتوقى النجاسات غالباً؛ كالكلب، والخنزير.. فأسئارهم مكروهة وفي الحكم طاهرة؛ إلا ما تغير منها عند إصابتهم النجاسة] اهـ.
أما غير المالكية ممن استعملوا هذه القاعدة فلم يتركوها على إطلاقها، بل استثنوا من هذا الإطلاق: الكلب والخنزير وما تولد من أحدهما، وهو ما يتبين من نصوص بعض السادة الشافعية والحنابلة.
قال الإمام النووي في "المجموع" (1/ 572): [وأما الحيوان فكله طاهر إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما] اهـ.
وقال العلامة السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 431، ط. دار الكتب العلمية): [الحيوان طاهر إلا الكلب والخنزير وفروعهما] اهـ.
وقال العلامة الحصني الشافعي في "كفاية الأخيار" (ص: 69، ط. دار الخير): [الأصل في الحيوانات الطهارة؛ لأنها مخلوقة لمنافع العباد، ولا يحصل الانتفاع الكامل إلا بالطهارة، واستمر مالك رضي الله تعالى عنه على ذلك، واستثنى الشافعي ومن نحا نحوه الكلب والخنزير وفرع أحدهما] اهـ.
وقال العلامة الزركشي في "المنثور في القواعد الفقهية" (2/ 112، ط. وزارة الأوقاف الكويتية) عند كلامه على بعض الأمور التي تتعلق بالحيوان: [الأول: كله طاهر في حال حياته، إلَّا الكلب والخنزير والمتولد منهما] اهـ.
مدرك السادة المالكية في تعميم القاعدة -كل حي طاهر- أنَّ الحياة علة الطهارة، تدور معها وجودًا وعدمًا؛ كما في الأنعام فهي طاهرة حال حياتها نجسة حال موتها، والعلة يجب اضطرادها، فكان واجبًا اشتمالها لكل الحيوانات دون استثناء، فكانت كل الحيوانات طاهرة حال حياتها بلا استثناء. ينظر: "شرح التلقين" للمازري (1/ 230، ط. دار الغرب الإسلامي) و"الذخيرة" للقرافي (1/ 179).
وقال العلامة ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (1/ 34) في بيان مدرك القاعدة عندهم من القياس: [أنه لما كان الموت من غير ذكاة هو سبب نجاسة عين الحيوان بالشرع، وجب أن تكون الحياة هي سبب طهارة عين الحيوان، وإذا كان ذلك كذلك فكل حي طاهر العين] اهـ.
ومن ثَمَّ فامتياز المذهب المالكي في هذه القاعدة -كل حي طاهر- إطلاقهم لها بدون استثناء عليها، إضافةً إلى ربطهم الطهارة بالحياة وجودًا وعدمًا.
بناءً على ما سبق: فكلُّ حيٍّ طاهر عند السادة المالكية بلا استثناء، وضابط طهارة هذا الحي عندهم هي الحياة مطلقًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ذبح ولد الأضحية؟ فنحن اشترينا بقرة لتسمينها وذبحها في عيد الأضحى، وبعد فترة تبين لنا أنها حامل، وقد وضعت الحمل وأنجبت عجلًا، ومضى عليه فترة، فما التصرف الشرعي في هذا العجل حين التضحية بأمه؟
ما حكم طهارة من وجد الماء بعد التيمم؟ فقد انقطعت المياه في قريتنا كلِّها للصيانة مدةً طويلة بحيث لا يمكنني الحصول على ماءٍ للوضوء، وحضَرَت صلاةُ الظهر، وانتظرتُ حتى قَرُب موعدُ صلاة العصر، ولم تأتِ المياه، ولا يمكنني الوصول إلى مكان قريبٍ فيه ماءٌ لأتوضأ، فتيممتُ بالتراب لصلاة الظهر، وبعد الفراغ مِن الصلاة مباشرةً سمعتُ صوت الماء في الصنبور، فهل يجب عليَّ الوضوء وإعادة الصلاة؟ وما الحكم إن وجدتُ المياه بعد التيمم قبل الصلاة أو في أثنائها؟
ما حكم لمس الممرضة للمريض ولمس الممرض والطبيب للمريضة؛ فممرضة تعطي رجلًا حقنة في العضل وهو متوضئ، وممرّض يعطي حقنة في العضل لامرأة متوضئة، وطبيب يكشف على امرأة ويلمس جسدها بيديه أثناء الكشف وهو متوضئ. ويطلب السائل الإفادة عما إذا كان ينتقض وضوء هؤلاء بهذا اللمس، أم لا.
ما مفهوم قاعدة "كل حيٍّ طاهر" عند السادة المالكية؟ وما ضابط الحياة المذكورة في القاعدة؟
ما حكم المسح على الجبيرة عند تعذر غسل العضو المصاب؟ انكسر يد أحد الأشخاص فذهب إلى الطبيب فقام بوضع جبيرة عليها ويتعذر عليه غسلها في الوضوء.
في ظل ما حدث في الكون من تغيرات في المناخ ومنها التغيير الحاصل في المياه، كيف اهتمت الشريعة الإسلامية بالمياه ونبهت على ضرورة المحافظة عليها؟