ما حكم التسمية بالاسم المتضمن تزكية أو مدحًا؟
الأصل هو جواز التسمية بأيِّ اسمٍ، إلَّا ما وردَ النهيُ عنه أو عن جنسه في الشرع؛ كأنْ يكون مختصًّا بالله تعالى بحيث لا يُطْلَق إلا عليه سبحانه؛ كاسم الله، والرحمن، أَمَّا الأسماءُ التي لا ينفرد بها الله سبحانه وتعالى، بل يمكن أن يتصف بها بعض البشر، فلا مانع من التسمية بها؛ لأنه بمجرد إطلاق الاسم على أحد الأشخاص ينفصل عن معناه، كما أنَّ التَّسمِّيةَ بأسماء التزكية والمدح الأصل فيها الجواز من غير كراهةٍ، إلَّا إذا قُصِد التبرك بها والتفاؤل بحُسْن ألفاظها، فيكرهُ التسميةُ بها حينئذٍ.
المحتويات
التسمية: مصدر للفعل سمَّى، وسمَّاه بكذا: جعل له اسمًا، وسمَّيتُ فلانًا زيدًا، وسمَّيتُهُ بِزيدٍ: بِمعنًى. وأسْمَيْتُهُ: مِثْلُهُ، وهو سَمِيُّ فُلانٍ: إذا وافق اسمُه اسمَ فُلانٍ. يُنظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص: 155، ط. المكتبة العصرية)، و"المعجم الوسيط" لمجمع اللغة العربية بمصر (ص: 452، ط. مكتبة الشروق الدولية).
والاسم لغة: ما دلَّ على مسمى، وهو عند البصريين: مشتق من السمو، وهو العلو؛ لأنه يُعلي مسماه ويُظهره، وعند الكوفيين: مشتق من وَسَم، بمعنى عَلَّم بعلامة؛ لأنه علامة على مسماه. ينظر: "الإنصاف" للإمام أبي البركات الأنباري (1/ 8، ط. المكتبة العصرية)، و"الرسالة الكبرى على البسملة" للشيخ الصبان (ص: 66، ط. دار الكتاب العربي).
والتسمية تكريم للإنسان؛ لأنه يُعْرَف بالاسم ويُمَيَّز به عن غيره، فهي مطلوب شرعي يدخل في جملة التكريم الوارد في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، وقد حكى الإمام ابن حزم الاتفاق على فرضيتها؛ فقال في "مراتب الإجماع" (ص: 154، ط. دار الكتب العلمية): [اتَّفقوا أنَّ التسمية للرجال والنساء فرض] اهـ.
الأصل هو جواز التسمية بأيِّ اسمٍ، إلَّا ما وردَ الشرعُ بالنهي عنه أو عن جنسه؛ فإطلاق القول بأنَّ أيّ اسم للهِ تعالى لا يجوز التسمية به غير دقيق؛ وذلك لأنَّ الاسم قد يكون مختصًّا بالله تعالى بحيث لا يُطْلَق إلَّا عليه سبحانه؛ كاسم الله، والرحمن، أمَّا الأسماء التي لا ينفرد بها الله سبحانه وتعالى، بل يمكن أن يتصف بها بعض البشر، كاسم كريم فالله تعالى هو الكريم، ولكن لا مانع من اتصاف بعض الأشخاص بالكرم، وكذلك عزيز ورؤوف وغيرهما، فلا مانع من التسمية به، لأنه بمجرد إطلاق الاسم على أحد الأشخاص ينفصل عن معناه.
ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: 65].
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (11/ 130، ط. دار الكتب المصرية): [قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: يريد: هل تعلم له ولدًا؛ أيْ: نظيرًا، أو مثلًا، أو شبيهًا؛ يستحق مِثلَ اسمه الذي هو الرحمن، وقاله مجاهد؛ مأخوذٌ من المسَامَاة. وروى إسرائيل عن سمَّاكَ عن عِكْرمَةَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هل تعلم له أحدًا سُمِّيَ الرحمن، قال النحاس: وهذا أَجَلُّ إسنادٍ عَلِمْتُهُ رُويَ في هذا الحرف، وهو قولٌ صحيحٌ، ولا يقال (الرحمن) إلَّا لله، وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ قال: مثلًا، ابن المسيب: عدلًا، قتادة والكلبي: هل تعلم أحدًا يُسَمَّى (الله) تعالى غير الله، أو يقال له: (الله) إلَّا الله، وهل: بمعنى لا؛ أي: لا تعلم. والله تعالى أعلم] اهـ.
وقال العلامة الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (16/ 143، ط. الدار التونسية): [أي: لا مُسَامِيَ لله تعالى؛ أي: ليس مَن يُساميه؛ أي: يُضاهيه موجودًا، وقيل السَّمِيُّ: المماثل في الاسم؛ كقوله تعالى في ذِكْر يحيى عليه السلام: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾. والمعنى: لا تعلم له مماثلًا في اسمه (الله)] اهـ.
وقد روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ» ومعنى أخنى: أوضع وأحط.
قال الإمام وليّ الدين العراقي في "طرح التثريب" (8/ 151، ط. دار إحياء الكتب العربية): [فيه تحريم التسمي بهذا الاسم، سواء كان بالعربية أو بالعجمية؛ لترتيب هذا الوعيد الشديد عليه، ودلالته على أنَّ غضب الله تعالى على المُسَمَّى به أشد من غضبه على غيره.. ويلحق به التسمي بأسماء الله تعالى المختصة به؛ كالرحمن، والقدوس، والمهيمن، وخالق الخلق، ونحوها] اهـ.
رَغَّب الشرع الشريف في تحسين الأسماء، وألَّا يكون في الاسم قبحُ معنًى أو ذمٌّ أو سَبٌ؛ فروى أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح" عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ».
يقول الإمام الطبري: "لا تنبغي التسمية باسمٍ قبيحِ المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسمٍ معناه السبُّ.. ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص لا يقصد بها حقيقة الصفة، لكن وجه الكراهة: أن يسمع سامع بالاسم فيظن أنَّه صفة للمسمى؛ فلذلك كان صلى الله عليه وآله وسلم يحوِّل الاسم إلى ما إذا دُعِيَ به صاحبه كان صدقًا.. وقد غيَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدة أسماء" اهـ. نقلًا مِن "فتح الباري" (10/ 577، ط. دار المعرفة).
وقد روى الإمام أحمد في "مسنده " وأبو داود والنسائي في "سننيهما" مِن حديث أبي وهب الجُشَمي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ».
يقول العلَّامة الخطابي في "معالم السنن" (4 / 126، 127، ط. المطبعة العلمية): [وأقبحها حربٌ؛ لِمَا في الحرب مِن المَكارِه، وفي مُرَّة مِن البشاعة والمرارة، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يُحِبُّ الفَأْل الحَسَن والِاسم الحَسَن] اهـ.
وقال الإمام الماوردي رحمه الله في "نصيحة الملوك" (ص: 167، ط. مكتبة الفلاح) عند ذكره صفات الاسم الحسن: [أن يكون الاسم مأخوذًا من أسماء أهل الدين، من الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، ينوي بذلك التقرب إلى الله جل اسمه بمحبتهم وإحياء أساميهم، والاقتداء بالله جل اسمه في اختيار تلك الأسماء لأوليائه، وما جاء به الدين، كما قد روينا عنه في أنَّ أحب الأسماء إلى الله عبد الله وأمثاله] اهـ.
التَّسمِّي بالأسماء التي فيها تزكية للنفس أو مدح، أو تلك التي يتطير بنفيها؛ فمكروه؛ لما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنَّ زينب كان اسمها بَرَّة، فقيل: تزكِّي نفسها، فسمَّاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب".
وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا».
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (14/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أصحابنا: يُكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة في الحديث وما في معناها، ولا تختص الكراهة بها وحدها، وهي كراهة تنزيه، لا تحريم، والعلة في الكراهة ما بَيَّنه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَيَقُولُ: لَا» فكُرِه؛ لبشاعة الجواب، وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطِّيَرة] اهـ.
وقال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (4/ 128): [بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المعنى في ذلك، وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها؛ وذلك أنَّهم كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها: إمَّا التبرك بها، أو التفاؤل بحسن ألفاظها، فحذَّرهم أن يفعلوه؛ لئلَّا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد؛ وذلك إذا سألوا، فقالوا: أثم يسار؟ أثم رباح؟ فإذا قيل: لا؛ تطيروا بذلك، وتشاءموا به، وأضمروا على الإياس من اليسر والرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه، ويورثهم الإياس من خيره] اهـ.
فالعلة إذن في النهي عن التَّسمِّي بالاسم المتضمِّن تزكية أو مدحًا قصد التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها مع الركون إليها وترك حسن الظن بالله، فإذا ما انتفت تلك العلة فلا بأس ولا حرج من التسمي بها حينئذٍ؛ وتكون من تحسين الأسماء المأمور به شرعًا كما ذكرنا؛ ولما تقرر من أن الكراهة تزول لأدنى حاجة؛ كما قال العلامة السفاريني في "غذاء الألباب" (1 /323، ط. مؤسسة قرطبة).
بناءً على ذلك: فالأصل هو جواز التسمية بأيِّ اسمٍ، إلَّا ما وردَ الشرعُ بالنهي عنه أو عن جنسه؛ كأنْ يكون مختصًّا بالله تعالى بحيث لا يُطْلَق إلا عليه سبحانه؛ كاسم الله، والرحمن، أَمَّا الأسماءُ التي لا ينفرد بها الله سبحانه وتعالى، بل يمكن أن يتصف بها بعض البشر، فلا مانع من التسمية بها؛ لأنه بمجرد إطلاق الاسم على أحد الأشخاص ينفصل عن معناه، كما أنَّ التَّسمِّيةَ بأسماء التزكية والمدح الأصل فيها الجواز من غير كراهةٍ، إلَّا إذا قُصِد التبرك بها والتفاؤل بحُسْن ألفاظها، فيكرهُ التسميةُ بها حينئذٍ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
رجل يعامل إحدى بناته المتزوجة معاملة سيئة جدًّا بلا سبب، لدرجة أنَّه لا يذهب لزيارتها، وعندما تأتي لزيارة أسرتها يقوم ببعض التصرفات التي تبين غضبه من وجودها، وعندما تمتنع عن زيارتها لبيت أبيها تقوم والدتها وإخوتها بزيارتها فيعترض الأب على زيارتهم لها ويمنعهم من زيارتها مرة أخرى؛ فما رأي الدين في تلك التصرفات والمعاملة التي يعامل بها الأب بنته؟
ما مدى ترتب أثر الطلاق الشفوي حال إقرار الطرفين به من غير تلفظ؟ فقد اتفقت أنا وزوجتي على إنهاء الزوجية بيننا بالتراضي، ولم أتلفظ بلفظ الطلاق، ثم كتبتُ إقرارًا في ورقةٍ عُرفية يفيد أني قد طلقت زوجتي، وأنها قد استلمت حقوقها، فهل هذا الإقرار المكتوب يقع به الطلاق دون أن أنطق به؟
ما حكم تحمل الزوج مصاريف ولادة زوجته؛ فأنا أعيش مع زوجي في محافظة بعيدة عن المحافظة التي يقيم فيها كلٌّ من أسرتي وأسرة زوجي، وأردت الذهاب للولادة في المحافظة التي تقيم فيها الأسرتان، فأخبرني زوجي أن تكاليف ولادتي ستكون على والدي لأني سوف أقوم بالوضع في بيته، ولن يتحمل الزوج مصاريف الولادة، فهل هذا الكلام صحيح شرعًا؟
هل تسقط الحضانة لامرأة مطلقةٌ تعمل في مكانين مختلفين، وهي حاضنة لطفلها، ولا تذهب إلى البيت إلا في وقت متأخر من الليل، حيث تمكث طوال النهار وجزءًا كبيرًا مِن الليل في العمل؟
ما حكم إجبار الزوج زوجته على قطع الرحم؟ فقد تزوجت ابنتي المهندسة منذ حوالي سنة، وزوجها يمنعها عن أسرتها -أبيها وأمها وإخوتها- ويمنعها عن خالاتها وأخوالها وعماتها وأعمامها وجدتها، وأيضًا عن العالم الخارجي من زميلات وصديقات، ولا يسمح لها أن ترد علينا في التليفون، وفي المرات البسيطة التي كلمناها فيها يكون هو معنا على السماعة يسمع كل الكلام أو يسجله؛ كما يقول لنا، وأيضًا هو لا يسمح لها بزيارة أسرتها ولا يسمح لأسرتها بزيارتها أو التحدث معها هاتفيًّا. فهل يجوز له أن يدفعها إلى عقوق والديها وقطع رحمها؟ وهل يجوز لها أن تعقَّ والديها وتقطع رحمها طاعة له؟
ما حكم الشرع في قيام بعض الإخوة بحِرمان أخيهم رؤيةَ أبيه المسن الذي يعيش معهم في مكان منفصلٍ عن مكان أخيهم؟