سائل يسأل عن سبب تحريم الإسلام عمل الوشم (الدائم)؟
المحتويات
الوشم القديم (التاتو الثابت): هو الذي يتم عن طريق إحداثِ ثُقْب في الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملَأ هذه الفجوة بمادة صِبغية، فتُحدِث أشكالًا ورسوماتٍ على الجلد.
وقد اتفق الفقهاء على نجاسته ومن ثَم حكموا بحرمته؛ لما رواه الشيخانِ في "صحيحيهما" عَنْ علقمةَ، عن عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ». ففي هذا الحديث دليل على حرمة الوشم بالصورة السابقة؛ لأنَّ اللعن الوارد في الحديث لا يكون إلا على فعل يستوجب فاعلُه الذَّمَّ شرعًا؛ قال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 70، ط. مكتبة القاهرة) بعد ذكر حديث النهي: [فهذه الخصال محرمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن فاعلها، ولا يجوز لعن فاعل المباح] اهـ.
قد بيَّن الفقهاء علَّة تحريم الوشم القديم، وهي ترجع إلى أمور:
أولًا: ما يترتَّب على بقاء الوشم من التدليس والتغييرِ لخلق الله سبحانه وتعالى، كما جاء في نصِّ الحديث السَّابق ذِكْره: «الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ».
وما جاء في قول الله تعالى -على لسان الشيطان-: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: 119].
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [وهذه الأمورُ كلُّها قد شهدت الأحاديثُ بلَعْنِ فاعلِها وأنها من الكبائرِ، واختُلِف في المعنى الذي نهي لأجلها، فقيل: لأنّها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، وهو أصحُّ، وهو يتضمَّنُ المعنى الأول] اهـ.
ثانيًا: ما فيه من إيلام للجسد بغرز الإبرة. وغرزُ الإبرةِ ضررٌ بالإنسان من غير ضرورة؛ ومن المعلوم شرعًا حُرمة الإضرار بالنفس أو بالغير؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: 29]، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس، والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر والأضرار؛ فمن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس، ولهذا حرم الله تعالى كلَّ ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزءٍ منه.
ثالثًا: أنَّ الوشم فيه مشابهة لما يفعله الفُسَّاق والجُهَّال؛ قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 1895، ط. دار الفكر): [وإنما نهي عنه؛ لأنه مِن فِعل الفُسَّاق والجُهَّال، ولأنه تغيير خلق الله؛ وفي "الروضة": لو شق موضعًا من بدنه وجعل فيه وعاءً أو وشمَ يدَه أو غيَّرها، فإنه ينجس عند الغرز] اهـ.
رابعًا: ما يُحدِثه من نجاسةٍ للموضع الموشوم بسبب الدم المختلط بالصبغ؛ قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (14/ 106، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أصحابنا: هذا الموضع الذي وُشِم يصير نجسًا] اهـ.
وجاء في "اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح" (14/ 508، ط. دار النوادر): [قال الفقهاء: ما وُشِمَ يصير نجسًا، فإن أمكنَ إزالتُه وجبَتْ، وإن أَورَثَ ذلك شَينًا أو تَلفَ شيءٍ فلا] اهـ.
وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم حلق اللحية؟ فمن المعروف أن اللحية -أيْ: إعفاء اللحية- وقص الشارب وتقصير الثوب سنة مؤكدة، ولكن هل يأثم تاركها؟
ما هي الزينة التي لا حرج في أن تبديها النساء رغم أن البعض حرمها؟
ما حكم استخدام الصور التي لا تتفق مع الآداب العامة والتي تُثِير الفتنة في الدعاية والإعلانات التجارية للمنتجات المختلفة؟
هل لثياب المرأة دخل في نقض الصوم؟ وهل لهذه الثياب حدود معينة في رمضان؟
ما حكم زرع العدسات الملونة؟ حيث إنني جراح عيون؛ وردت لي الكثير من التساؤلات والطلبات من مرضى ومريضات يطلبون مني أن أقوم لهم بزرع عدسة داخل العين تؤدي إلى تغيير لون العين؛ هذه العدسة عبارة عن بلاستيكات طبية رقيقة السُّمْك، وقطرها يساوي قطر قزحية العين، والذي يحدد كثافة الصبغة بداخلها لونُ عيون الناس، هذه العدسة يمكن زرعها؛ أي: إدخالها داخل العين عن طريق عملية بسيطة يتم خلالها عمل جرح بسيط (حوالي 3 مم) تحت تأثير مخدر موضعي قطرة أو مرهم وبدون حقن، ويتم قبل العملية عمل فحوصات للعين للتأكد من صلاحيتها؛ مثل ضغط العين، وعدد خلايا بطانة القرنية، وعمق الخزانة الأمامية، وعدم وجود أمراض مثل السكر أو التهاب قزحي. هذه العملية لم يتم إجراؤها في مصر، لكن يتم إجراؤها في بعض الدل العربية وفي الدول الأجنبية. ويوجد أكثر من لون؛ يستطيع الإنسان قبل العملية اختيار اللون الذي يريده. ولقد قمت كثيرًا بزرع العدسات الشفافة المماثلة؛ للنظر، وليس لتغيير لون العين (ICL)، وامتعنت عن زرع العدسات الملونة خوفًا من أن يكون حرامًا، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لعن الله الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله».
وتذكرت من سنوات بعيدة أنني كنت أيضًا أرفض التعامل مع العدسات الملونة مخافة الحرام، حتى أتيح لي سؤال أحد المشايخ الأساتذة بجامعة الأزهر ولهم تفاسير مطبوعة باسمهم فأجاز أنها حلال، وكذلك سمعت فتوى أنها حلال ما دامت لم تستخدم في التدليس على الخاطب، وما دام أنها يمكن إزالتها وليست دائمة، وأنها تأخذ حكم ما يتم ارتداؤه.
وهذا النوع من العدسات التي تقوم بتغيير لون العيون يمكن إزالته من العين أيضًا بعملية جراحية بسيطة، لكن القيام بزرع العدسة أو إزالتها بعملية جراحية يمكن أن يحمل نسبة بسيطة من المخاطر، كما أن لبس العدسات الملونة الخارجية يمكن أن يحمل نسبة من المخاطر، ويتعامل بها ويستخدمها ملايين من الناس.
واليوم اتصلت بي سيدة تلح علىَّ أن أقوم لها بزرع هذه العدسات؛ لأن أمها سورية وأهلها كلهم عيونهم ملونة ما عدا هي، وحيث إن أباها مصري فعينها سوداء، وذلك يؤلمها نفسيًّا وتريد أن تكون مثل أهلها، قلت لها: أخاف الحرام، فجادلتني وأخبرتني أنها سألت فقيل لها: إنَّ ذلك حلالٌ؛ لأنه ليس تغييرًا دائمًا لخلق الله، وأنه مثل العدسات اللاصقة الملونة التي توضع على القرنية ويمكن خلعها في أي وقت؛ حيث إن العدسات التي يمكن أن تزرع يمكن أن تخلع من العين أيضًا إذا أراد الإنسان وبالتالي لها نفس حكم العدسات اللاصقة الواسعة الانتشار والاستخدام والتي أجاز استخدامها العلماء.
أيضًا جادلتني تلك السيدة وذكرتني بحالة نادرة أحيانًا تأتي إلينا وهم الناس الذين خلق الله لعيونهم أكثر من لون؛ فليست العينان شبيهتين في اللون بطريقة تشعر معها الإنسانة بأن شكلها قبيحٌ وغريبٌ، وفي ذلك ضرر نفسي كبير، وأصرت على أن زرع هذه العدسة لهؤلاء المرضى لا يمكن أن يكون حرامًا.
سائلة تقول: هل النقاب فرضٌ أو فضلٌ؟ وهل يترتب على ترك لُبسه إثم؟