ما حكم جمع الصلوات بسبب المطر؟
يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت الأُوْلَى منهما بسبب المطر الشديد؛ دفعًا للمشقة والحرج، مع مراعاة شروط الجمع في هذه الحالة، وهي: وجود المطر في أول الصلاتين مع استمراره إلى وقت الثانية، وأن يكون المطر بما يبلّ الثياب، بمعنى أنَّه يشق الذهاب إلى المسجد مع وجوده، وأن يكون الجمعُ في وقت الأُوْلَى منهما جمع تقديم لا تأخير، واستحضار نية الجمع خلال الصلاة الأولى، وعند بداية الصلاة الثانية، وأن تكون صلاة الجماعة في المسجد، مع الموالاة؛ بحيث لا يطول الفصل بينهما.
المحتويات
الأصل هو وجوب إقامة الصلاة في وقتها من غير تأخير ولا تقديم؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، والجمع بين الصلوات يكون استثناءً، ولا يكون إلَّا لعذرٍ.
وهو -أي: الجمع- إمَّا أن يكون جمع تقديم بين صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر، وبين صلاة المغرب والعشاء في وقت المغرب، أو يكون جمع تأخير بين صلاتي الظهر والعصر في وقت العصر، وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء.
ومن الأعذار التي يُرخَّص الجمع بين الصلاتين بسببها: شدَّة المطر التي تُسبِّب المشقة في الذهاب إلى المسجد مع وجودها، بحيث يصعب العودة إلى الصلاة في العصر وفي العشاء مرة أخرى؛ والفقهاء مختلفون في حكم الجمع ذلك.
فذهب المالكية والحنابلة إلى جواز الجمع بين العشاءين -المغرب والعشاء- جمع تقديم، دون الظهرين (الظهر والعصر) بسبب المطر.
قال العلامة الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 370، ط. دار الفكر): [(و) رُخِّصَ ندبًا لمزيد المشقة (في جمع العشاءين فقط) جمعَ تقديمٍ، لا الظهرين؛ لعدم المشقة فيهما غالبًا (بكلِّ مسجدٍ) ولو مسجد غير جمعة، خلافًا لمَن خصَّه بمسجد المدينة أو به وبمسجد مكة (لمطرٍ) واقع أو مُتوقَّع (أو طينٍ مع ظلمة) للشَّهرِ لا ظلمة غيمٍ لـ(طين) فقط على المشهور (أو ظلمة) فقط اتفاقًا] اهـ.
وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 7، ط. دار الكتب العلمية): [(ويجوز) الجمع (بين العشاءين لا الظهرين لمطرٍ يبل الثياب، زاد جمع: أو) يبل (النعل أو البدن، وتوجد معه مشقّة) روى البخاري بإسناده أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم "جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة"، وفعله أبو بكر وعمر وعثمان، و(لا) يباح الجمع لأجل (الظلّ) ولا لمطر خفيف لا يبلّ الثياب على المذهب؛ لعدم المشقة، (و) يجوز الجمع بين العشاءين دون الظهرين (لثلجٍ وبرد)؛ لأنهما في حكم المطر] اهـ.
وأجاز الشافعية في الأظهر الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت الأُوْلَى منهما، وهو قول عند الحنابلة، اختاره أبو الخَطَّاب منهم.
قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 399، ط. المكتب الإسلامي): [يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، بعذر المطر.. وسواء عندنا قويُّ المطر وضعيفه إذا بلَّ الثَّوب] اهـ.
ثُمَّ قال بعد ذلك في "روضة الطالبين" (1/ 399-400): [إِنْ أراد الجمع في وقت الأولى، فشروطه كما تقدمت في جمع السفر، وإن أراد تأخير الأولى إلى الثانية كالسفر: لم يجز على الأظهر الجديد، ويجوز على القديم؛ فإذا جوزناه، قال العراقيون: يصلي الأُوْلَى مع الثانية، سواء اتصل المطر أو انقطع، وقال في "التهذيب": إذا انقطع قبل دخول وقت الثانية لم يجز الجمع، ويصلّي الأُوْلَى في آخر وقتها كالمسافر إذا أخَّر بنية الجمع ثم أقام قبل دخول وقت الثانية] اهـ.
ومَنَعَ الحنفية الجمع بين الصلوات تقديمًا أو تأخيرًا في المطر والبرد، وقصروا الجمع على موطنين فقط هما: مزدلفة وعرفة.
قال الإمام الحصكفي في "الدر المختار" (ص: 55، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا جمع بين فرضين في وقت بعذر) سفر ومطر.. (إلَّا لحاجٍّ بعرفة ومزدلفة)] اهـ.
الذي نختاره للفتوى: هو ما ذهب إليه الشافعية ومَنْ وافقهم من جواز الجمع في حال المطر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت الأُوْلَى منهما؛ لما في "الصحيحين" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا"، وزاد مسلم: "في غير خوفٍ ولا سفر"، قال مالك والشافعي رحمهما الله: [أرى أنَّ ذلك كان بعذر المطر]. ينظر: "شرح التلقين" للمازري (1/ 838، ط. دار الغرب)، و"كفاية النبيه" لابن الرفعة (4/ 189، ط. دار الكتب العلمية).
وثبت أيضًا أنَّ ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم كانا يجمعان بسبب المطر؛ ولأنَّ العلة هي وجود المطر سواء أكان ذلك في الليل أم في النهار؛ لكن لابد من مراعاة شروط الجمع في هذه الحالة كما نصَّ عليها الشافعية، وهي: وجود المطر في أول الصلاتين مع استمراره إلى وقت الثانية، وأن يكون المطر بما يبلّ الثياب، بمعنى أنَّه يشق الذهاب إلى المسجد مع وجوده، وأن يكون الجمع في وقت الأُوْلَى منهما جمع تقديم لا تأخير، واستحضار نية الجمع خلال الصلاة الأولى، وعند بداية الصلاة الثانية، وأن تكون صلاة الجماعة في المسجد، والموالاة؛ بألَّا يطول الفصل بينهما. ينظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 529-533، ط. دار الكتب العلمية).
بناءً على ما سبق: فيجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في وقت الأُوْلَى منهما بسبب المطر الشديد؛ دفعًا للمشقة والحرج، مع مراعاة الشروط السابق بيانها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان؟
ما حكم صلاة المأمومين في طابق في المسجد غير الطابق الذي يصلي فيه الإمام؟ حيث يوجد مسجد مكون من طابقين، وتؤدى جميع الصلوات في الطابق الثاني، ولكن لظروف سن أو مرض عند بعض المصلين نقوم بفتح الدور الأول لهم لأداء الصلاة فيه، ويقوم بعض المصلين بأداء الصلاة معهم في الدور الأول في صفوف منتظمة رغم عدم اكتمال الصفوف بالدور الثاني. فهل تصح صلاتهم؟
ماذا يعني حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للرجل الضرير الذي كان معتادًا الصلاة في المسجد بحجة أنه لا يملك أحدًا يوصله إلى المسجد فرخص له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبعدما خطا خطوات ناداه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسأله «أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ»، فقال: نعم، قال: «فأجب»؟
وطلب السائل بيان قصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من كلمة: «فَأَجِبْ»، وهل تعتبر هذه الكلمة أمرًا من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرجل الضرير بالحضور إلى المسجد، أم قصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الكلمة شيئًا آخر؟
ما حكم الشرع فيمَن ليس لديه القدرة على قراءة شيءٍ من القرآن أو الذِّكْر في الصلاة؟
إمامٌ يصلّي بالناس جماعة فيقرأ الفاتحة في الصلوات السرية متعمدًا أكثر من مرة بحجة أنَّه سريع في قراءتها؛ حتى يتسنَّى للمأمومين أن يقرؤوها، وآخر لا يحفظ غيرها فإذا صلَّى إمامًا قرأها أكثر من مرة، وكثير من المصلين إذا أطال الإمام في وقوفه قرؤوها خلفه أكثر من مرة بدلًا من وقوفهم صامتين؛ فما حكم الشرع في ذلك؟
سائل يقول: توضأت للصلاة، ثم سقط على ثوبي وبدني نجاسة ولا أدري مكانها. فماذا أفعل؟