سائل يقول: اعتاد بعض الناس الاحتفال بمولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمديح، ويصاحب المدح الضربُ بالدف؛ فهل في هذا حرجٌ شرعًا؟
كرَّم الله تعالى أيام مواليد الأنبياء عليهم السلام وجعلها أيام سلام؛ فقال سبحانه: ﴿وسَلَامٌ عليه يَومَ وُلِدَ﴾ [مريم: 15]، وفي يوم الميلاد نعمةُ الإيجاد، وهي سبب كل نعمة بعدها، ويومُ ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم سببُ كلِّ نعمة في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58]، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الرحمةُ العظمى إلى الخلق كلهم؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "فضلُ الله: العلمُ. ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين﴾ [الأنبياء: 107]" أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره".
وممَّا يُعبّر الناسُ به عن فرحهم بمولده صلى الله عليه وآله وسلم اجتماعهم لمديحه وذكره صلى الله عليه وآله وسلم، والضرب على ذلك بالدفوف؛ وهذا لا حرج فيه شرعًا؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضْرِبِي، وَإِلَّا فَلَا» رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، والإمام أحمد في "المسند"، والترمذي في "الجامع" وصححه، وابن حبان في "صحيحه"، وصححه ابن القطان وابن الملقن في "البدر المنير" (9/ 546، ط. دار الهجرة).
فإذا جاز ضرب الدُّفِّ فرحًا بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سالِمًا، فجواز الضرب به عند المديح للاحتفال بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم للدنيا أولى.
وما هذا إلا دلالةٌ على حب الناس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإظهارهم للفرح والسرور بقدومه الشريف إلى هذه الدنيا؛ وهذا التعظيم والفرح هو ما جرى عليه عمل المسلمين في سائر الأقطار والأزمان؛ وهذا ثابت باتفاق علماء الأمة؛ وقد نقل هذا الاتفاق الحافظ السخاوي في "الأجوبة المرضية" (1/ 1116، ط. دار الراية) فقال: [ما زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن العظام يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وآله وسلم وشرَّف وكرَّم يعملون الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرّات، بل يعتنون بقراءة مولده الكريم، وتظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم، بحيث كان ممَّا جُرب] اهـ.
وكذلك قال الحافظ القسطلاني في "المواهب اللدنية" (1/ 89، ط. التوفيقية)، والعلامة الديار بكري في "تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس صلى الله عليه وسلم" (1/ 223، ط. دار صادر)، وغيرهم. وممَّا ذُكر يُعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي تمنيات فضيلتكم للأمة الإسلامية في ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
ما كيفية إحياء ليلة النصف من شعبان؟ وما الذي على المسلم فعله لإحياء هذه الليلة المباركة؟
ما حكم ذبح الأضحية أثناء خطبة العيد؟ فرجلٌ صلَّى صلاةَ عيد الأضحى مع الإمام، ثم انصرف عقب الصلاة مباشرة، وذبح أضحيتَه أثناء خطبة العيد، ويسأل: هل تجزئه هذه الأضحية شرعًا؟
ما مدي مشروعية شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين؟
ما حكم قضاء صلاة العيد لمن فاتته الصلاة؟ فأنا رجلٌ نومي ثقيل، وفاتتني صلاة العيد بسبب ذلك، وأنا أحزن كثيرًا لهذا؛ فهل يجوز لي قضاء صلاة العيد متى فاتتني، أم أنَّها لا تُقضى؟
ما حكم التهنئة بالعام الهجري؛ حيث يدعي البعض أن تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري من البدع؛ لأن بداية العام ليست من الأعياد التي يُهنَّأ بها، وإنما هو شيء ابتدعه الناس؟