آداب اتباع الجنائز وحكم الظهور فيها بمظاهر السعادة

تاريخ الفتوى: 24 أغسطس 2022 م
رقم الفتوى: 6908
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الجنائز
آداب اتباع الجنائز وحكم الظهور فيها بمظاهر السعادة

سائل يقول: ما هي آداب الجنازة، وهل يُشْرَع فيها الظهور بمظاهر الابتهاج والسعادة اللذين هما شأن الأفراح؟  

كان من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم الصَّمت والتَّفكُّر والاعتبار والذِّكْر والدعاء وقراءة القرآن في النَّفْس أثناء السير مع الجنازة، وعليه عمل الأئمة الأربعة، وأَمَّا الظهور بمظاهر الفرح والابتهاج من رفع الصوت بالصياح والتهليل والضحك وانشغال المُشيعين بالكلام الدنيوي ونحو ذلك؛ فهو من المحظورات التي ينبغي للمسلم الابتعاد عنها، فالمقام مقام "عظة واعتبار". 

المحتويات

بيان ثواب اتباع الجنائز

أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتِّبَاعِ الجنائز، وأخبر أنَّ فاعل ذلك له مثل جبل أُحُد من الأجر؛ ترغيبًا في اتِّباعها، وبيانًا لعظيم فضلها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» رواه البخاري.

وفي روايةٍ أخرى لمسلم: قال سالم بن عبد الله بن عمر: وكان ابن عمر رضي الله عنهما يُصلِّي عليها ثم ينصرف، فلمَّا بلغه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لقَد ضَيَّعنا قَرَارِيط كثيرة".

كما جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اتِّبَاعَ الجنائز من حقوق المسلم على المسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ» رواه الشيخان.

وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنَّه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبعٍ: بعيادة المريض، واتِّباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المُقْسِم" متفق عليه.

آداب اتباع الجنائز وحكم الظهور فيها بمظاهر السعادة

من هَدْي النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم أثناء السير مع الجنازة: الصمت، والتَّفَكُّر في حال الميت ومآله؛ لحصول المقصود من الأمر باتباع الجنائز، وهو الاعتبار والاتّعاظ به؛ فقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ».

وعن قيس بن عَبَّاد رضي الله عنه قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكرهون رفع الصَّوت عند ثلاث: عند القتال، وفي الجنائز، وفي الذكر" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".

وروى ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" عن المغيرة رضي الله عنه قال: "كان رجلٌ يمشي خلف الجنازة، ويقرأ سورة الواقعة فسُئل إبراهيم عن ذلك فكرهه".

يقول الإمام النووي في "الأذكار" (1/ 160، ط. دار الفكر): مُبيِّنًا الحكمة من مراعاة الصمت أثناء السَّير مع الجنازة: [والحكمة فيه ظاهرة؛ وهي أنَّه أسكنُ لخاطره، وأجمعُ لفكره فيما يتعلَّق بالجنازة، وهو المطلوبُ في هذا الحال] اهـ.

وقد نصَّ الأئمة الأربعة على أنَّ هناك آدابًا ينبغي مراعاتها أثناء السير مع الجنازة؛ منها: الصمت، والتَّفكُّر والاعتبار؛ وكراهة الصِّياح والتهليل ورفع الصوت، ولو بالذكر، أو قراءة القُرآن.

قال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 207، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وينبغي لمَن تبع جنازة أن يُطيل الصمت وَيُكره رفع الصوت بالذكر وقراءة القُرآن وغيرهما في الجنازة، والكراهة فيها كراهة تحريم] اهـ.

وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 133، ط. دار الفكر): [.. أمَّا ما يفعله النساء من الزغريت عند حمل جنازة الصالح، أو فرح يكون فإنَّه من معنى رفع الصوت، وإنه بدعة يجب النهي عنها] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 48، ط. دار الكتب العلمية): [قال في "المجموع": والمختار بل الصواب ما كان عليه السلف من السكوت في حال السير مع الجنازة، ولا يرفع صوته بقراءة ولا ذكر ولا غيرهما، بل يشتغل بالتفكر في الموت وَمَا يُتعلّق به... وكره الحسن وغيره قولهم: استغفروا لأخيكم، وسمع ابن عُمر رضي الله عنهما قائلًا يقول: استغفروا له غفر الله لكم فقال: "لا غفر الله لك"] اهـ.

وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 354، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحبُّ لمتبع الجنازة أن يكون متخشِّعًا، متفكِّرًا في مآله، متَّعظًا بالموت، وبما يصير إليه الميت، ولا يتحدَّث بأحاديث الدنيا، ولا يضحك، قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: ما تبعت جنازة فحدَّثت نفسي بغير ما هو مفعول بها. ورأى بعض السلف رجلًا يضحك في جنازة، فقال: أتضحك وأنت تتبع الجنازة؟ لا كلَّمتك أبدًا] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 130، ط. دار الكتب العلمية): [(ويكره الصوت والضجة عند رفعها)؛ لأنَّه محدث (وكذا) رفع الصوت (معها) أي: مع الجنازة (ولو بقراءة وذكر)؛ لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تتبع الجنازة بصوت أو نار؛ رواه أبو داود، (بل يُسنُّ) القراءة والذكر (سرًّا) وإلَّا الصمت. (ويسنُّ) لمتبع الجنازة (أن يكون متخشِّعًا متفكِّرًا في مآله) أي: أمره الذي يئول إليه ويرجع (متَّعظًا بالموت وبما يصير إليه الميت)، قال سعيد بن معاذ: "ما تبعت جنازة فحدَّثت نفسي بغير ما هو مفعول بها"، (ويكره) لمتبع الجنازة (التبسم، والضحك أشد) منه، (والتحدُّث في أمر الدنيا)] اهـ.

ومقتضى ذلك أنَّ مظاهر الفرح من الزغاريد ونحوها آكد في المنع، لما فيها من منافاة للحال والمناسبة، فقد وصف الله تعالى الموت بأنه مصيبة فقال تعالى: ﴿فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: 106].

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فالصَّمت والتَّفكُّر والاعتبار والذِّكْر والدعاء وقراءة القرآن في النَّفْس أثناء السير مع الجنازة من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم، وعليه عمل الأئمة الأربعة، وأَمَّا رفع الصوت بالصياح والتهليل والضحك وانشغال المُشيعين بالكلام الدنيوي ونحو ذلك؛ فهو من المحظورات التي ينبغي للمسلم الابتعاد عنها، فالمقام مقام "عظة واعتبار".

والله سبحانه وتعالى أعلم.

خرج زوج شقيقتي واستقل سيارته ربع نقل مع رفيقه -متوكلًا على الله- لينقل بعض الأثاث مقابل أجر، وبعد خروجه بنصف ساعة انقلبت السيارة ووافته المنية وهو في السيارة.
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في زوج شقيقته الذي خرج -متوكلًا على الله- ساعيًا على رزق بيته وأولاده ووافته المنية في سيارته بسبب الحادث؛ هل يعتبر شهيدًا؟ وما هي درجته؟


ما حكم الشرع في تكفين الميت في الملابس العادية؟


توجد دورة مياه وسط المدافن بالقرية، وأصبحت الآن تلك الدورة محاطة بالمقابر حتى إن هناك مقبرة مشتركة معها في الحائط.

والسؤال: هل من الشرع أن تستمر هذه الدورة وسط المقابر؟ علمًا بأنَّه من الممكن أن تصلَ مياهها للمدافن المجاورة، ومع العلم أيضًا بأنّه يوجد دورة أخرى ملحقة بالمسجد الخاص بالجبانة.

وهل يجوز شرعًا أن يُنَظَّف مكان دورة المياه التي توجد وسط الجبانة وتُردَم ويتم إنشاء مقبرة مكانها؟


من أحق بصلاة الجنازة على الميت؛ إمام المسجد أم أقرباء الميت؟


ما الفضل الوارد في الشرع بخصوص الصلاة على الجنازة واتباعها؟ وما ثواب ذلك؟


ما حكم الشرع الشريف فيما يقوم به بعض الناس أثناء دفن الميت من قراءة سورة يس، وبعد الانتهاء من الدفن يتم الذكر بقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، والدعاء للميت، ويتم بعد ذلك قراءة سورة الواقعة بصوتٍ واحدٍ، ثم الدعاء وقراءة سورة الفاتحة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54