سائل يسأل عن حكم الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وما أهم ضوابطه ودرجاته ومراتبه؟
الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فرضُ كفاية؛ إذا قام به بعض النَّاس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم الكُلُّ ممن تمكَّن منه بلا عذرٍ ولا خوف؛ ويكون باليد للجهات المختصة بهذا الأمر، ويكون باللسان، ويكون بالقلب.
والتغيير في أيَّةِ مرتبة من مراتبه لا بد أن يكون بالحكمة، حتى لا يكون فيه ضررٌ على الشخص المنكِر ولا يؤدي إلى منكَر أشد أو فتنة تزيد بها المنكرات ولا تزول؛ فالحكمة والبصيرة ركني النجاح عند القيام بذلك قيامًا يُرضي الله تعالى، ويحقق الهدف والغايَة من التَّكليفِ به.
المحتويات
وجود المنكر أمرٌ لا يخلو منه مجتمع في أيِّ حِقبة من حِقب الزمان، ولكن الذي ليس من الطبيعي أن يرى أبناء المجتمع المنكر فلا يسعون إلى تغييره بضوابطه، وفي التغيير بقاءُ الحياة على النحو الذي يحبه الله عزَّ وعَلَا؛ قال الإمام النَّوويُّ رحمه الله في "المنهاج شرح صحيح مسلم" (2/ 24، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت) : [اعلم أنَّ الأَمْرَ بالمعروف والنَّهيَ عن المنكر قد ضُيِّع أكثره من أَزْمَانٍ متطاولة، ولم يَبْقَ منه في هذه الأزمان إلا رسومٌ قليلةٌ جدًّا، وهو بابٌ عظيمٌ، به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عمَّ العقابُ الصَّالحَ والطَّالحَ، وإذا لم يأخذوا على يَدِ الظَّالِم أَوْشَكَ أَنْ يعمَّهُم الله تعالى بعقابه؛ قال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
فينبغي لطالب الآخرة والسَّاعي في تحصيل رضا الله عزَّ وجلَّ أن يعتني بهذا الباب؛ فإنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ، لا سيما وقد ذهب معظمه] اهـ.
والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فرضُ كفاية؛ إذا قام به بعض النَّاس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم الكُلُّ ممن تمكَّن منه بلا عذرٍ ولا خوف؛ وقد أمر القرآن الكريم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: 110].
قد وضعت الشريعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مجموعةً من الضوابط تجب مراعاتها عند القيام بهذه المهمة الجليلة؛ قال الإمام النَّوويُّ رحمه الله في "المنهاج شرح صحيح مسلم" (2/ 24): [وعلى الآمر بالمعروف أن يخلص نيَّته ولا يَهَابَنَّ مَنْ ينكر عليه لارتفاع مرتبته؛ لأنَّ الله تعالى قال: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ [الحج: 40]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: 101]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا﴾ [العنكبوت: 69]، وقال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ۞ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 2-3]،.. وينبغي للآمر بالمعروف والنَّاهي عن المنكر أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب؛ فقد قال الإمام الشَّافعيُّ رضي الله عنه: "مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ"] اهـ.
ولـمَّا كانت غايةُ تغيير المنكر عظيمة، وكان فريضةً وضرورة حياة؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بيَّن منهاج التغيير وآلياته ووسائله، والضوابط والمراتب والآداب، حتى لا تضلَّ الأمة في قيامها بتلك الفريضة، فتسلك بها غير السبيل القويم، أو تتخذ وسيلة غير التي تكون لها.
روى الإمام مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه"، وأبو داود في "سننه"، وابن ماجه في "سننه"، والنسائي.
وذكر الإمام النووي في كتاب "شرح النووي على صحيح مسلم" (2/ 25) في شرح الحديث: أن القاضي عياضًا رحمه الله قال: [هذا الحديث أصل في صفة التغيير، فحقُّ الـمُغَيِّر أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به، قولًا كان أو فِعْلًا، فيكسر آلات الباطل، ويريق الـمُسْكِر بنفسه أو يأمر مَنْ يفعله، وينزع الغصوب ويردها إلى أصحابها بنفسه، أو بأمره إذا أمكنه، ويرفق في التغيير جهده بالجاهل وبذي العِزَّة الظالم المخُوف شرُّه؛ إذ ذلك أدعى إلى قبول قوله، كما يستحب أن يكون متولِّي ذلك من أهل الصلاح والفضل لهذا المعنى، ويغلظ على المتمادي في غَيِّه والمسرف في بطالته، إذا أمِن أن يؤثر إغلاظه منكرًا أشد مما غيَّره؛ لكون جانبه محميًّا عن سطوة الظالم، فإن غلب على ظنه أن تغييره بيده يسبب مُنْكَرًا أشد منه من قتله أو قتل غيره بسببه كفَّ يده واقتصر على القول باللسان والوعظ والتخويف، فإن خاف أن يُسَبِّبَ قولُهُ مثل ذلك غيَّر بقلبه وكان في سعة، وهذا هو المراد بالحديث إن شاء الله تعالى.
وإن وجد مَنْ يستعين به على ذلك استعان، ما لم يؤدِّ ذلك إلى إظهار سلاح وحرب، وليرفع ذلك إلى مَنْ له الأمر إن كان المنكر من غيره، أو يقتصر على تغييره بقلبه، هذا هو فقه المسألة، وصواب العمل فيها عند العلماء والمحققين، خلافًا لمن رأى الإنكار بالتصريح بكل حالٍ وإن قُتِل ونِيل منه كل أذى. هذا آخر كلام القاضي رحمه الله] اهـ.
والتغيير في أيَّةِ مرتبة من مراتبه لا بد أن يكون بالحكمة، حتى لا يكون فيه ضررٌ على الشخص المنكِر ولا يؤدي إلى منكَر أشد أو فتنة تزيد بها المنكرات ولا تزول؛ قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108].
فالحكمة والبصيرة دعامتا النجاح في القيام بتغيير المنكر قيامًا يرضي الله عزَّ وعلا، ويحقق الغايَة من التَّكليفِ به.
بناءً على ذلك: فالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فرضُ كفاية؛ إذا قام به بعض النَّاس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم مَنْ تمكَّن منه بلا عذرٍ ولا خوف؛ ويكون باليد للجهات المختصة بهذا الأمر، ويكون باللسان، ويكون بالقلب.
والتغيير في أيَّةِ مرتبة من مراتبه لا بد أن يكون بالحكمة، حتى لا يكون فيه ضررٌ على الشخص المنكِر ولا يؤدي إلى منكَر أشد أو فتنة تزيد بها المنكرات ولا تزول؛ فالحكمة والبصيرة دُعامتا النجاح في القيام بتغيير المنكر قيامًا يرضي الله عزَّ وعلا، ويحقق الغايَة من التَّكليفِ به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الستر على العصاة؟ حيث رأيت أحد الناس يرتكب معصيةً؛ فماذا أفعل؟ هل أخبر الناس بهذا الفعل وأقوم بنشره في وسائل التواصل الاجتماعي أو أن الستر عليه أولى؟
ما هو السلوك القويم الذي يجب على المسلم أن يحافظ عليه في المسجد الحرام؟
ما حكم التدليس بإخفاء العيب ومدى صحة البيع وثبوت الخيار للمشتري؟ فهناك رجلٌ يَعْمَلُ في تِجَارة السيارات المستعملة، وقد اشترى سيارةً مستعملةً مِن آخَر، وأخبره هذا البائعُ أنَّ هذه السيارة أُصيبت بحادث خلفي، وفي الإصلاح تم تغيير النصف الخلفي للسيارة بقطع غيار (استيراد)، وقد اشتراها منه ذلك التاجرُ على ذلك بأقلَّ مِن ثمنها الشائع في السوق، وقام بعد ذلك ببيعها دون أن يُخبِر المشتريَ بما هو حاصلٌ فيها، وفي نفس الأسبوع تبيَّن ما فيها للمُشْتَري، ويريد أن يردَّها، والسؤال: هل على التاجر المذكور ذَنْبٌ فيما فعل؟ وهل يحق للمشتري ردُّ السيارة؟ وإن كان يحقُّ له الردُّ فهل له أن يأخذَ قيمة العيب فقط ويَحتفظ بالسيارة؟
ما كيفية التوبة من الغيبة؟ فقد وقعت عدة مرات في الغيبة ثم ينتابني بعدها شعور بالندم والرغبة في التوبة، فكيف لي أن أتوب من الغيبة، وهل يشترط للتوبة منها التحلل ممَّن اغتبت بإخباره وطلب المسامحة؟
ما حكم حمل الناس في سيارة لزيارة قبر السيدة آمنة وأخذ الأجرة على ذلك؟ حيث إن زوجي يملك سيارة أجرة، ويقوم بحمل الزوَّار لزيارة قبر السيدة آمنة بنت وهب أم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويأخذ مقابل ذلك أجرة مالية يشترطها قبل إركاب الزائرين والحجاج والعمَّار معه، أو يتفق مع المسؤول عن حَمْلَةِ من يقومون بالمناسك على ذلك، فهل عمله ذلك جائز شرعًا؟ وهل ما يأخذه من أجرة تجوز له؟
ما حكم قيام بعض الناس بشراء السلع المحتكرة من التاجر المحتكر دون حاجة لذلك، مما يساعد التجار على الاحتكار؟