التحايل على الشرع والقانون تهربًا من العقوبة

تاريخ الفتوى: 12 سبتمبر 2019 م
رقم الفتوى: 6542
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
التحايل على الشرع والقانون تهربًا من العقوبة

سائل يطلب بيان الحكم الشرعي في مَن يتحايل على الأحكام الشرعية والقانونية بقصد التهرب من العقوبة؟

لقد سبق التشريع الإسلامي جميع القوانين الوضعية في تحريم الحِيَل التي يحاول أصحابها إبداء الشيء المُحَرَّم في صورة المباح المشروع؛ تهربًا من العقوبة.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» أخرجه ابن بطة في "إبطال الحِيل"، وقال الحافظ ابن كثير: "إسناده جيد".

قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (4/ 43، ط. مكتبة القاهرة): [والحِيَل كلّها محرمة، غير جائزة في شيء من الدين، وهو أن يظهر عقدًا مباحًا يريد به محرمًا، مخادعة وتوسلًا إلى فعل ما حرم الله، واستباحة محظوراته، أو إسقاط واجب، أو دفع حق] اهـ.
وبيَّن الإمام الشاطبي حقيقة الحِيَل المحرمة في "الموافقات" (5/ 187، ط. دار ابن عفان): فقال: [هي تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي، وتحويله في الظاهر إلى حكمٍ آخر] اهـ.

ومن الأمثلة على تحريم الحِيَل لتجاوز حدود الله تعالى من السنة النبوية: نصّه صلى الله عليه وآله وسلم على حرمة التحايل على تحريم الميتة، بإذابة زيوتها أو شحومها لاستخدامها أو بيعها، وكذلك تغيير اسم الخمر إلى أسماء أخرى لاستحلالها.

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ»، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة؛ فإنها تُطْلَى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لَا، هُوَ حَرَامٌ»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ؛ إِنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهَا، ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ فلانًا باع خمرًا، فقال: قاتل الله فلانًا، ألم يعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا، فَبَاعُوهَا» متفق عليه. أي: أذابُوهَا بالنار ليزول عنها اسم الشحم.

قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (3/ 133، ط. المطبعة العلمية): [وفي هذا بيان بطلان كل حيلة يحتال بها توصل إلى مُحَرَّم، وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه] اهـ.
وعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يَكْفَأُ النَّاسُ الدِّينَ كَمَا يُكْفَأُ الْإِنَاءُ: فِي الْخَمْرِ؛ يَشْرَبُونَهَا وَيُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» رواه الدارمي في "السنن"، وابن بشران في "الأمالي" واللفظ له، ولفظ الدارمي: «يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا فَيَسْتَحِلُّونَهَا».
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (8/ 3375، ط. دار الفكر): [قال الطيبي: "والمعنى: أن أول ما يشرب من المحرمات ويجترأ على شربه في الإسلام كما يشرب الماء ويجترأ عليه الخمر، ويؤولون في تحليلها بأن يسمونها بغير اسمها: كالنبيذ والمثلث" انتهى. فيفيد أن النبيذ والمثلَّث حلالان، وأنَّ حقيقة الشيء لا يتغير بتغير اسم شيء عليه، كما يسمى الزنجي بالكافور] اهـ.

وعلى ذلك: فإن التحايل على الشرع والقانون باستخدام وسائل غير شرعية أو قانونية أمرٌ محرمٌ شرعًا، وذلك لا يرفع عنه المساءلة الشرعية ولا القانونية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: ورد في الشرع الشريف أنه يجب على الوالدين أن يعلموا أولادهم أداء العبادات الواجبة عليهم من صيام وصلاة وغيرها تدريبًا لهم على العبادة، وتعويدًا لهم على أدائها؛ فما مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم في ذلك؟


سائل يسأل عن: حال النبي عليه الصلاة والسلام في التعامل مع غير المسلمين؛ وكيف يكون التوجيه الشرعي في ذلك؟


قال السائل: بعض الناس إذا أرادوا شيئًا من غيرهم يقولون: "والنبي افعل كذا أو لا تفعل كذا" بقصد الترجي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهل هذا يُعدُّ من الحلف به؟ نرجو الإفادة.


ما معنى وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأمي؟ وكيف يكون ذلك معجزة في حق مقامه الشريف؟


ما حكم الزواج في شوال؟ حيث قال لي بعض الناس: يُكره الزواج في شهر شوال؛ فما سبب ذلك؟ وهل هذا الكلام صحيح؟


ما حكم الشراكة بين شخصين أحدهما بالمال والآخر بمنصبه الوظيفي ونفوذه؟ فهناك رجلٌ ذو مال يَتَّجِرُ في مواد البناء، ويريد إبرام اتفاقِ شراكةٍ مع صَاحبٍ لا مال له، غير أن هذا الصاحب ذو مَنْصِبٍ وظيفيٍّ ومكانةٍ ونفوذ، مما يُمكِّنه مِن تسهيل وتيسير الصفقات وإسنادها بيعًا وشراءً، بالآجل أو نقدًا، في حين أن التاجر صاحب المال هو مَن يقوم بالتعاقد مع الجهات (بنفوذ هذا الصاحب ومَنصِبِه الوظيفي) ودفع الأثمان (لأجَلٍ كانت أو حالَّةً)، وما ينشأ بعد ذلك مِن مصاريفٍ ونحوها، وعلى هذا الاتفاق تكون الشراكةُ مِن أحدهما بالمال، ومِن الثاني بالمَنصِب الوظيفي والنفوذ وما يترتب على ذلك مِن تسهيل الصفقات وإسنادها إلى الأول (التاجر)، ثم بعد البيع وخصم المصروفات تقسم الأرباح بين الشريكين بالتساوي، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54