ما حكم قراءة الفاتحة في بداية مجالس الصلح ومجالس العلم والفتوى؟ حيث جرت العادة والعرف على قراءة سورة الفاتحة في بداية مجالس الصلح أو مجالس العلم والفتوى من باب التبرك بها، وعلى نية تيسير الأمور وحصول الفتوح؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
قراءة سورة الفاتحة في بداية مجالس الصلح، أو مجالس العلم والفتوى أو غير ذلك من الأمور المهمة- أمرٌ جائز شرعًا، ويُعدُّ من جملة فضائل الأمور وأحسنها؛ وعلى ذلك جرى عمل سلف الأمة وخلفها من غير نكير؛ فكانوا يقرؤونها لقضاء الحاجات وحصول المهمات.
قراءة الفاتحة في بداية مجالس الصلح، أو مجالس العلم والفتوى، أو غير ذلك من مهمات الناس- هو أمرٌ مشروعٌ بعموم الأدلة الشرعية المتكاثرة التي تدلُّ على خصوصية الفاتحة في إنجاح المقاصد وتيسير الأمور، وقضاء الحوائج وإجابة الدعاء؛ فقد دلت الأدلة الشرعية على أنَّ فيها من الخصوصية ما ليس في غيرها؛ فمن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلمٌ وغيره، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ؛ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي -وَقَالَ مَـرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي-، فَإِذَا قَالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ».
فإعطاء الله تعالى للعبد سؤله عام في هذا الموضع، كما أنَّ متعلَّق الاستعانة محذوف، وهذا يقتضي الإطلاق، فيدلُّ على مشروعية نية الاستعانة بالله في كل شيء بقراءة الفاتحة.
قال الشيخ ابن عبد الهادي الحنبلي في رسالته التي سمّاها "الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور" -في "جمهرة الأجزاء الحديثية" (ص: 372، ط. مكتبة العبيكان)-: [احتج بعضهم من هذا الحديث على أنه ما قرأ أحدٌ الفاتحةَ لقضاء حاجة وسأل حاجته إلا قُضِيَتْ] اهـ.
وقال العلامة محمد بن علان الصديقي الشافعي في كتابه "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (6/ 200، ط. دار الكتاب العربي): [يجوز كونُها للاستعانة؛ أي: «لن تقرأ» مستعينًا «بحرف» أي جملة «منهما» على قضاء غرض لك «إلا أُعطِيتَه» كيف لا والفاتحة هي الكافية؟] اهـ.
وعلى ذلك جرى فعل السلف الصالح من غير نكير؛ فأخرج أبو الشيخ في "الثواب" عن عطاءٍ رحمه الله تعالى أنه قال: "إذا أردتَ حاجةً فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختمها تُقْضَى إن شاء الله".
قال العلاّمة مُلَّا علي القاري الحنفي في "الأسرار المرفوعة" (ص: 253، ط. مؤسسة الرسالة): [وهذا أصلٌ لِمَا تعارف الناس عليه مِن قراءة الفـاتحة لقضاء الحاجات وحصول المهمات] اهـ.
وكان الشيخ ابن القيم الحنبلي يستحسن قراءة الفاتحة للمفتي عند الإفتاء، ويَنقل ذلك عن بعض السلف، مع عدم ورود شيءٍ من ذلك بخصوصه في السنة؛ فيقول في كتابه "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (4/ 198، ط. دار الكتب العلمية): [حقيق بالمفتي أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح: «اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السمواتِ والأرضِ، عالِمَ الغيبِ والشهادة، أنت تَحكُمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لِمَا اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».. وكان بعض السلف يقول عند الإفتاء: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم.. وكان بعضهم يقرأ الفاتحة، وجربنا نحن ذلك فرأيناه أقوى أسباب الإصابة] اهـ.
فقراءة الفاتحة في بداية مجالس الصلح أو مجالس العلم والفتوى أو غيرها على نية التيسير أمرٌ مستحسنٌ شرعًا؛ وعلى ذلك جرى عمل السلف والخلف؛ حتى صنف الشيخ يوسف بن عبد الهادي الحنبلي الشهير بابن المِبْرَد رسالةً في ذلك سمّاها "الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور" -وقد طبعت ضمن "جمهرة الأجزاء الحديثية" (من ص: 371 إلى ص: 375، ط. مكتبة العبيكان)- نقل فيها كلام العلامة ابن القيم السابق إيراده من كتابه "زاد المعاد"، ثم يقول معقبًا عليه (ص: 374-375): [وقد شاهَدْتُ أنا من نجاح الأمور بها أمرًا عظيمًا؛ فقَلَّ حاجةٌ من الحوائج تَعْرِضُ لي -من الحوائج الدنيوية والأخروية- فأقرؤها عليها إلا قُضِيَتْ ونجح أمرُها، وكم من حاجةٍ تعسَّرَتْ، واسْتَدَّتْ طُرُقُها، وحال دونها الموانعُ، فقرأتُها لنجاحها فقُضِيَـتْ وعادت أَتَمَّ ما كانت، وكم مِنْ أمرٍ تعسَّر فقرأْتُها له فتقشَّعَتْ غيومُه، وزالت سُحُبه، وأنارت شموسُه.. وهي سورة عظيمة؛ فعليك –رَحِمَكَ اللهُ- بالإكثار منها على أمورك وحوائجك وأدوائك ومهماتك وكل ما عَرَض لك، وتأمَّلْ ذلك تَجدْ منه ما يظهر لك. وهي سورةٌ فضائلُها كثيرةٌ، وأسرارُها لا تُحصَى، وإنما يَعْرِفُ الجوهَر أربابُه، والمَسْكَنَ أصحابُه، والمعلِّمَ طُلاَّبُه، وبالله الاستعانة، وهو ولي التوفيق] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد؟ فأنا أتقنت حفظ كتاب الله تعالى، وأملك مركزًا لتحفيظ القرآن الكريم، وممَّا سلكته من طرق التحفيظ للأطفال أن أقوم بتحديد بعض الآيات لهم بحيث يردّدونها في جماعة بصوت واحد؛ إذ هو أبعث للهمَّة وأدعى للحفظ، كما أنني أنوي تجويد هذه الطريقة على نمط قراءة مشاهير القراء، ولكن نهاني أحد أصدقائي عن ذلك بدعوى أنَّه بدعة؛ فما حكم ما أقوم به؟
هناك دعاء منتشر بين الناس في أول العام ودعاء آخر في آخره؛ يسأل المسلم فيه ربه إعانته على العام الجديد، ومغفرتَه للعام الماضي، فما حكم هذين الدعاءين؛ حيث انتشرت بعض الفتاوى التي ينتسب أصحابها للمذهب الحنبلي وتدَّعي أن الدعاء بهذين الدعاءين بدعة منكرة، وأن تحديد آخر العام أو وقت معيّن من السنة بالاستغفار أو الدعاء أو العبادة لا أصل له في الشرع؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، ويدَّعون أن الكتب التي ورد فيها هذان الدعاءان -مثل "حاشية الشيخ كنون على البناني"- ليست معتمدة ولا تهتم بتصحيح الحديث، وأن الصواب الابتعاد عنه؛ لأن كل بدعة ضلالة. فهل هذا الكلام صحيح؟ وهل الدعاء بهذين الدعاءين حرام شرعًا؟
ما حكم تشغيل القرآن الكريم وعدم الاستماع إليه؟ حيث نجد بعض أصحاب المحلات التجارية يقومون بفتح المذياع على إذاعة القرآن الكريم لساعات طويلة طوال النهار، بل وحتى بعد غلق محلاتهم يتركون المذياع مفتوحًا طوال الليل، وغالبًا ما يكون الصوت مرتفعًا مما يسبب الضرر والأذى لجيرانهم، مع العلم أنهم أثناء ذلك يكونون في لهو ولعب وفرح ولا يستمعون إلى ما قاموا بفتحه وتشغيله، سواء للقرآن أو غيره.
أرجو من فضيلتكم إفادتنا عن شرعية الصيغة الواردة بتكبير العيدين وهي: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا؛ حيث إن البعض يدعي أنها بدعة وحرام.
ما حكم الجهر بالصلاة على سيدنا النبي عليه السلام في هيئة جماعية؟
هل يجب على الإمام أن يسكت قليلًا بعد قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية ليتمكن المأموم من قراءتها؟