حكم القنوت في صلاة الفجر

تاريخ الفتوى: 04 مارس 2018 م
رقم الفتوى: 6282
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم القنوت في صلاة الفجر

ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟ حيث يوجد بجوارنا مسجدٌ والقائمون على شؤونه يمنعون قنوت الفجر؛ فما حكم الشرع في ذلك؟

القُنُوتُ في صلاة الفجر سُنَّةٌ نبويّةٌ ماضيةٌ قال بها أكثر السلف الصالح مِن الصحابة والتابعين، والعلماء اختلفوا في مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير النوازل، أمَّا في النوازل فقد اتفق العلماء على مشروعية القنوت واستحبابه في صلاة الفجر، وإذا أخذ المسلم بقول مَن قَصَر القنوت على النوازل فقط فليس له أن يُبَدِّع غيره مِمَّن يقنت في الفجر على كلّ حال؛ لأنَّه "لا يُنكَر المختلف فيه"، ولأنه "لا يُنقَض الاجتهاد بالاجتهاد".

المحتويات

حكم القنوت في صلاة الفجر

القُنُوتُ في صلاة الفجر سُنَّةٌ نبويّةٌ ماضيةٌ قال بها أكثر السلف الصالح مِن الصحابة والتابعين فَمَن بعدهم مِن علماء الأمصار، وجاء فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ ثُمَّ تَرَكَهُ، وَأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا"؛ وهو حديثٌ صحيحٌ رواه جماعةٌ مِن الحُفَّاظ وصَحَّحُوه –كما قال الإمام النووي وغيره– وبه أخذ الشَّافِعيَّة والمَالِكيَّة في المشهور عنهم؛ فيُستَحَبُّ عندهم القنوتُ في الفجر مُطلَقًا، وحَمَلُوا ما رُويَ في نَسْخِ القنوت أو النَّهي عنه على أنَّ المتروك منه هو الدعاء على أقوامٍ بأعيانهم لا مطلق القنوت.

قال الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي في كتابه "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ مِن الآثار" (3/ 90-91، ط. دائرة المعارف العثمانية): [وقد اختلف الناس في القنوت في صلاة الصبح؛ فذهب أكثر الناس مِن الصحابة والتابعين فَمَن بعدهم مِن علماء الأمصار إلى إثبات القنوت:

فَمِمَّن روينا ذلك عنه مِن الصحابة: الخلفاء الراشدون؛ أبو بكرٍ وعمر وعثمان وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ومِن الصحابة أيضًا: عمار بن ياسر، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الرحمن بن أبي بكرٍ الصديق، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو حليمة معاذ بن الحارث الأنصاري، وخفاف بن إيماء بن رحضة، وأهبان بن صيفي، وسهل بن سعد الساعدي، وعرفجة بن شريح الأشجعي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعائشة الصدِّيقة رضي الله عنهم.

ومِن المخضرمين: أبو رجاء العطاردي، وسويد بن غفلة، وأبو عثمان النهدي، وأبو رافع الصائغ.

ومِن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن بن أبي الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبان بن عثمان، وقتادة، وطاوس، وعبيد بن عمير، والربيع بن خثيم، وأيوب السختياني، وعبيدة السلماني، وعروة بن الزبير، وزياد بن عثمان، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمر بن عبد العزيز، وحميد الطويل.

ومِن الأئمة والفقهاء: أبو إسحاق، وأبو بكر بن محمد، والحكم بن عتيبة، وحماد، ومالك بن أنس، وأهل الحجاز، والأوزاعي، وأكثر أهل الشام، والشافعي وأصحابه، وعن الثوري روايتان، وغير هؤلاء خلقٌ كثير.

وخالفهم في ذلك نَفَرٌ مِن أهل العلم ومنعوا مِن شرعية القنوت في الصبح، وزعم نَفَرٌ منهم أنه كان مشروعًا ثم نُسِخ، وتمسَّكوا في ذلك بأحاديث تُوهِم النَّسخ] اهـ.

والفريق الآخر مِن العلماء يرى أنَّ القنوت في صلاة الفجر إنَّما يكون في النوازل التي تقع بالمسلمين، فإذا لم تكن هناك نازلة تستدعي القنوت فإنَّه لا يكون حينئذٍ مشروعًا، وهذا مذهب الحَنفِيَّة والحنابلة.

حكم القنوت في الصلاة عند حدوث النوازل

إذا أَلَمَّتْ بالمسلمين نازلةٌ فلا خلاف في مشروعية القنوت في الفجر عند الجميع، وإنَّما الخلاف في القنوت للنازلة في غير الفجر مِن الصلوات المكتوبة؛ فمِن العلماء مَن رأى الاقتصار في القنوت على صلاة الفجر؛ كالمالكية، ومنهم مَن عَدَّى ذلك إلى بقية الصلوات الجهرية؛ وهم الحنفية، والصحيح عند الشَّافِعيَّة تعميم القنوت حينئذٍ في جميع الصلوات المكتوبة، ومثَّلوا النازلة بوباءٍ أو قحطٍ أو مطَرٍ يَضُرُّ بالعُمران أو الزرع أو خوف عدُوٍّ أو أَسْرِ عالِمٍ.

فالحاصلُ أنَّ العلماء إنَّما اختلفوا في مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير النوازل، أمَّا في النوازل فقد اتفق العلماء على مشروعية القنوت واستحبابه في صلاة الفجر واختلفوا في غيرها مِن الصلوات المكتوبة، ولا يخفى على الناظر ما تعيشه الأمة الإسلامية مِن النوازل والنكبات والأوبئة وتداعي الأمم عليها مِن كل جانبٍ وما يستوجبه ذلك مِن كثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.

ومِن العلماء مَن قال بتواصل النوازل وعدم محدوديتها؛ وهذا يقتضي مشروعية قنوت الفجر في هذا العصر، ولا يتأتَّى عدم القنوت حينئذٍ إلَّا على قول مَن قال بمحدودية النازلة ووَقَّتَها بما لا يزيد عن شهرٍ أو أربعين يومًا.

الرد على من أنكر القنوت في صلاة الفجر في غير النوازل

إذا أخذ المسلم بقول مَن قَصَر القنوت على النوازل فقط فليس له أن يُبَدِّع غيره مِمَّن يقنت في الفجر على كلّ حال، ولذلك فعندما ارتضى ابن القيم الحنبلي القولَ بِقَصْرِ القنوت على النوازل فقط وَصَفَ القائلين بذلك في "زاد المعاد" (1/ 226، ط. مؤسسة الرسالة) بأنهم: [لا يُنكِرون على مَن داوم عليه، ولا يَكرَهون فعلَه، ولا يَرَوْنه بدعةً، ولا فاعله مخالفًا لِلسُّنَّة. كما لا يُنكِرون على مَن أنكره عند النوازل، ولا يرون تَركَه بدعة، ولا تاركَه مخالفًا لِلسُّنَّة. بل مَن قَنَتَ فقد أحسن، ومَن تَرَكَه فقد أحسن] اهـ.

فالأمر مبنِيٌّ على أنَّ مَنْ قنت في الفجر فقد قلَّد مذهب أحد الأئمة المجتهدين المتبوعين الذين أُمرنا باتِّباعهم في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، ومَن كان مُقلِّدًا لمذهب إمامٍ آخر يرى صوابه في هذه المسألة فلا يحقّ له الإنكار على مَن يقنت؛ لأنَّه "لا يُنكَر المختلف فيه"، ولأنه "لا يُنقَض الاجتهاد بالاجتهاد".

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجب على الإمام أن يسكت قليلًا بعد قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية ليتمكن المأموم من قراءتها؟


ما حكم من يشوش على قراءة القرآن ومن يعرض عن سماعه ويشرب السجائر ويلغو بالكلام الفارغ وقت القراءة؟ وما جزاء كل؟


ما رأيكم دام فضلكم في حكم المصافحة بعد الصلاة مباشرة، وقول المصلي للمصلي الذي بجواره: "حَرَمًا"، أو "تَقَبَّلَ اللهُ"؟ وجزاكم الله خيرًا.


ما الذي يُستحب من الأقوال والأفعال عند حدوث الزلزال؟ حيث إنه قد وقع زلزالٌ؛ ولم أعرف ما الدعاء الذي يستحب أن أقوله، وهل يجوز أن أُصلِّي ركعتين كما يُصلَّى لصلاة الكسوف والخسوف؟


سأل شخص قال: إن مصلحة السكة الحديد أنشأت بقليوب زاوية للصلاة، وإن خطيب هذا المسجد منع المصلين يوم الجمعة من صلاة سنَّة الجمعة القبلية مستدلًّا بأحاديث رواها السائل محتجًّا بأن الإمام إذا صعد على المنبر يحرم على المصلين القيام للصلاة وهو يصعد على المنبر قبل الأذان. وإن إمام مسجد آخر بالبلدة المذكورة قال إن سنة الجمعة سنَّة مؤكدة، ولا يصح لأحد أن يتركها واحتج بأحاديث رواها السائل أيضًا عنه. وطلب بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة عند الحنفية والشافعية والمالكية حتى يكون الناس على بيِّنة من أمور دينهم.


ما حكم صلاة ركعتين عند الإحرام؟ وما الحكم لو أحرم المسلم من دون أن يصليها؟