حكم صلاة من يصلي منفردًا خلف الصفوف

تاريخ الفتوى: 29 ديسمبر 2021 م
رقم الفتوى: 5883
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة من يصلي منفردًا خلف الصفوف

ما حكم صلاة من يقف وحده منفردًا خلف الصفوف ولا يقف في صفوف الجماعة أثناء الصلاة؟

صلاةُ المنفرد خلف الصف الذي لم يكتمل لعذر صحيحة شرعًا، فإن كان لغير عذر صحّت مع الكراهة، مع حصول ثواب الجماعة للمصلّي على كل حال، ويستحب له أن يدخل في الصف خروجًا من خلاف فقهاء الحنابلة الذين يرون بطلان صلاته.

المحتويات

 

بيان فضل صلاة الجماعة وكيفية إتمام الصفوف فيها

صلاة الجماعة لها فضل عظيم؛ فهي أفضل من صلاة الفرد كما ورد في "صحيح البخاري": عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صلاة الجماعة تَفْضُل صلاة الفَذِّ بخمس وعشرين درجة»، وفي روايةٍ له أيضًا بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجة»، والفَّذُّ، أي: الفرد. ينظر: "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني (2/ 131، ط. دار المعرفة).

وقد ذَكَر العلماء أَنَّ صلاة الجماعة هي شعار الإسلام؛ قال أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل" (2/ 396، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن العربي: الصلاة في الجماعة معنى الدين، وشِعَار الإسلام] اهـ.

وقال العلامة الدمياطي الشافعي في "إعانة الطالبين" (2/ 13، ط. دار الفكر): [الجماعة أولى؛ لأنها أكثر منه –الانفراد-.. وشِعَار الإسلام قائم بها] اهـ.

والأصل في صلاة الجماعة أن يكون المأمومون صفوفًا متراصة تامة غير منقوصةٍ، وأَنْ لا يُشرع في صفٍّ حتى يَتم الذي قبله، فيبدأ بالصف الأول ثم الذي يليه، وهكذا إلى آخر الصفوف؛ فقد روى الإمام أبو داود في "سننه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَتِمُّوا الصفَّ الـمُقدَّم، ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِن نَقْصٍ فَليكُن فِي الصفِّ المؤخَّرِ».

فالمفهوم من الحديث أنَّه لا يُشرع في إنشاء صَفٍّ حتى يُتِمَّ ما قبله، فَيَبْدَأُ بإتمام الصَّفِّ الأول ثم الذي يَلِيهِ، وهكذا إلى آخر الصُّفُوفِ؛ قال البدر العيني في "شرحه على سنن أبي داود" (3/ 220-221، ط. مكتبة الرشد): [قوله: «فما كان من نقص»، يعني: فالذي كان من الصف من نقصٍ فليكن ذلك النقص في الصف الأخير، والقصدُ من ذلك: أن لا يخلى موضع من الصف الأول مهما أمكن، وكذلك من الثاني والثالث وهلم جرا إلى أن ينتهي وتتكمل الصفوف] اهـ.

أقوال الفقهاء في حكم صلاة من يصلي منفردًا خلف الصفوف

اختلف الفقهاء في صحة صلاة المنفرد خلف الصف؛ فذهب فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلى أَنَّ المصليَ إذا انفرد خلف الصف لتَعذُّر الدخول فيه؛ صَحَّت صلاته بغير كراهةٍ، وإذا انفرد خلف الصف مع تَمكُّنه من الدخول فيه صحت صلاته مع الكراهة، ويحصل له ثواب الجماعة على كل حالٍ.

قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (1/ 192-193، ط. دار المعرفة): [وإذا انفرد المصلي خلف الإمام عن الصف لم تفسد صلاته.. ولنا: حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: «فأقامني واليتيم من ورائي وأمي أم سليم وراءنا»؛ فقد جَوَّز اقتداءها وهي منفردة خلف الصف.. وأنَّ أبا بكرة رضي الله عنه، دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راكع فكبر وركع ثم دَبَّ حتى لصق بالصف، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من صلاته قال: «زَادَكَ الله حِرْصًا ولا تَعُدْ»، أو قال: «لا تُعِدْ».. ولكن الأولى عندنا أن يختلط بالصف إن وجد فرجة] اهـ.

وقال الشيخ الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 334، ط. دار الفكر): [(و) جاز (صلاة منفرد خلف صف) إن تَعسَّر عليه الدخول فيه، وإلَّا كُرِه، ويحصل له فضل الجماعة مطلقًا] اهـ.

وقال العلامة الدسوقي مُحَشِّيًا على كلام الشيخ الدردير السابق: [قوله: (ويحصل له)، أي: لمن صلى خلف الصف، وقوله: (مطلقًا)؛ أي: سواء صلى خلف الصف؛ لتعسر الدخول عليه فيه أو لا، وأَمَّا فضيلة الصف فلا تحصل له إلَّا إذا صلى خلفه لعدم فرجة فيه] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 298، ط. دار الفكر): [(فرعٌ) في مذاهب العلماء في صلاة المنفرد خلف الصف: قد ذكرنا أنها صحيحة عندنا مع الكراهة] اهـ.

مذهب الحنابلة في هذه المسألة

ذهب فقهاء الحنابلة إلى أَنَّ المنفرد خلف الصف إذا صَلَّى ركعة كاملة على هذه الحالة لم تصح صلاته.

قال العلامة ابن قدامة في "المغني" (2/ 155، ط. مكتبة القاهرة): [(ومن صلَّى خلف الصف وَحْدَهُ، أو قام بجنب الإمام عن يساره، أعاد الصلاة) وجملته: أَنَّ من صلى وَحْدَهُ ركعة كاملة لم تصح صلاته، وهذا قول النخعي، والحكم، والحسن بن صالح، وإسحاق، وابن المنذر] اهـ.

وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (1/ 490، ط. دار الكتب العلمية) عن كلامه عن الاقتداء في الجماعة: [(فإن صلى فَذًّا ركعة ولو امرأة خلف امرأة) لم تصح] اهـ.

واستدل الحنابلة على قولهم بحديث وابصة بن معبد رضي الله عنه "أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد" رواه أحمد وأبو داود.

وفي لفظٍ: سُئِل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن رجل صَلَّى وراء الصفوف وحده، قال: «يُعِيدُ الصلاة» رواه أحمد.

وعن علي بن شيبان رضي الله عنه: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف فوقف حتى انصرف الرجل، فقال له: «اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ، فَلَا صَلَاةَ لمنفَرِدٍ خَلْفَ الصَفِّ» رواه أحمد وابن ماجه.

فالأحاديث تدل بظاهر نصها على بطلان صلاة المنفرد خلف الصف في الجماعة، لكن أجاب مَن صحَّح صلاة المنفرد خلف الصف لغير عذر على استدلال الحنابلة بهذه الأحاديث بأنَّ المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَفِّ»، المراد به نفي الكمال لا نفي الصحة؛ كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا صَلَاةَ لجَارِ المَسْجِدِ إِلَّا ِفي المَسْجِدِ» رواه الحاكم في "المستدرك".

وأَنَّ الأمر بالإعادة في حديث وابصة رضي الله عنه شاذ، ولو ثَبت؛ فيحمل على أنه كان بينه وبين الإمام ما يمنع الاقتداء، أو يحمل على الاستحباب؛ جمعًا بين هذا الحديث وحديث أبي بكرة رضي الله عنه.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (1/ 192-193): [وتأويل الحديث نفي الكمال لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا صَلَاةَ لِجارِ المَسْجِدِ إِلَّا ِفي المَسْجِدِ»، والأمر بالإعادة شاذ، ولو ثبت فيحتمل أنه كان بينه وبين الإمام ما يمنع الاقتداء، وفي الحديث ما يدل عليه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فصلاة المنفرد خلف الصف الذي فيه فُرْجة، صحيحة مع الكراهة، ولا يمنعه ذلك من ثواب الجماعة، ويستحب له أن يدخل في الصف خروجًا من خلاف فقهاء الحنابلة الذين يرون بطلان صلاته.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل تجزئ الصلاة المكتوبة عن ركعتي الطواف؟ بحيث إنه بعد الانتهاء من الطواف أقيمت الصلاة المكتوبة فصلَّاها من قام بالطواف؛ فهل يلزمه أن يصلي ركعتين مخصوصتين للطواف أو أن الصلاة المكتوبة التي صلَّاها تكفيه عن هاتين الركعتين؟

 


ما حكم الدعاء بعد الإقامة للصلاة؟ حيث يوجد بجوار سكني بعاصمة المحافَظَة زاويةٌ صغيرةٌ أقوم في بعض الأحيان بإلقاء خُطبة الجمعة فيها عند غياب الإمام، أو أتولى إمامة الصلاة في بعض الفروض عند غياب مقيم الشعائر، ولا يتم ذلك إلا إذا قدمني المُصَلُّون للإمامة بحكم سِنِّي وثقافتي المتواضعة، وهذا الوضع متكررٌ منذ سنوات، وقد تعودت أن أتلو دعاءً قبل أن أرفع تكبيرة الإحرام للدخول في الصلاة أي بعد أذان الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام، والدعاء كما يلي: "اللهم آت سيدنا محمدًا الوسيلة والفضيلة، والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه اللهم مقامًا محمودًا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد، اللهم أقِمها وأدِمها ما دامت السماواتُ والأرضُ". وقد قَصَدْتُ بهذا الدعاء أن أدعو ربي أوَّلًا، وأن أُمَكِّنَ بعضَ المصلين الذين لم يفرغوا من صلاة السنة بعد أن يلحقوا بصلاة الجماعة من أولها، وأن يُدرك بعض المصلين الذين يتوضؤون الصلاةَ أيضًا، إلا أنني فوجئت بأحد المصلين يقول لي: إن ما تلوته من دعاءٍ بدعةٌ ولا يجوز، لأنك تزيد في الدِّين ما لم يَرِد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنك بهذا الدعاء تُشابِه اليهودَ والنصارى الذين زادوا في دِينهم، وأنَّ دعاءك: "اللهم أقِمها وأدِمها ما دامت السماواتُ والأرضُ" مُخالِفٌ لِنَصِّ القرآن، فما كان مِنَّي إلا أن صَمَتُّ حتى لا تَحدُثَ بَلْبَلَة بين المُصَلِّين، ودَعَوْتُ له بالهداية. لذا أرجو التفضل بالإفادة بالرأي الشرعي في هذه المسألة.


ماذا يعني حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للرجل الضرير الذي كان معتادًا الصلاة في المسجد بحجة أنه لا يملك أحدًا يوصله إلى المسجد فرخص له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبعدما خطا خطوات ناداه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسأله «أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ»، فقال: نعم، قال: «فأجب»؟
وطلب السائل بيان قصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من كلمة: «فَأَجِبْ»، وهل تعتبر هذه الكلمة أمرًا من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرجل الضرير بالحضور إلى المسجد، أم قصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الكلمة شيئًا آخر؟


ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان؟


ما حكم الالتزام بمواقيت الصلاة التي تصدرها هيئة المساحة فنحن في قرانا بإدارة أوقاف إسنا التابعة لمديرية أوقاف الأقصر بعض المساجد تتفاوت في توقيت الأذان، فبعضها إلى الآن ما زال على التوقيت القديم بحساب فرق التوقيت بالزائد والناقص؛ بمعنى أنهم يأخذون معرفة الأذان من توقيت النتيجة، ثم لهم ورق بحساب فرق التوقيت بالزائد والناقص، ثم يكون الأذان.
وبعضها يأخذ توقيت الأذان من موقع الهيئة العامة المصرية للمساحة، ونحن فى حيرة من أمرنا، ولكن يا معالي مفتي الديار المصرية أليس هناك موقع للهيئة العامة المصرية للمساحة وهي التي تحدد التوقيت بالدقيقة مع هؤلاء الذين يأخذون بالتوقيت القديم فينظرون أولًا في النتيجة ثم يأخذون بحساب فرق التوقيت بالزائد والناقص، وتوقيت النتيجة هو نفسه مأخوذ من موقع الهيئة العامة المصرية للمساحة؟ ولكن المشكلة في حساب فرق التوقيت بالزائد والناقص أنه يفرق عن توقيت المساحة بدقيقتين أو ثلاث دقائق. فيا معالي مفتي الديار المصرية لا ندري أيُّ التوقيتين أصحُّ؟


ما الذي يجب على ما فاته أداء الصلاة مدة طويلة من الزمن؟