ما حكم زواج ذوي الهمم من أصحاب القصور الذهني، وإنجابهم بعد ذلك؟
يجوز للمعاق ذهنيًّا أن يتزوج؛ فالزواج حق من حقوقه، فهو إنسان مُرَكَّبٌ فيه العاطفةُ والشهوةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، ولا يجوز له أن يباشر عقد الزواج بنفسه، بل وليُّ أمره هو من يُزوِّجه.
أما مسألة الإنجاب فيُرجَع في ذلك إلى أهل الاختصاص لتحديد ما يترتب على الإنجاب أو عدمه أو تأخيره أو تحديده من مصالح ومفاسد.
المحتويات
الزواج حق من حُقوقِ المعاق ذهنيًّا؛ ثابت له بمقتضى الجِبِلَّة والبشريَّة والطَّبع؛ لأنه إنسان مُرَكَّبٌ فيه الشهوةُ والعاطفةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، شأنه شأن بقية بني جنسه، مع زيادته عليهم باحتياجه لرعاية زائدة فيما يرجع إلى حالته الخاصة.
وكما أن ذلك الحق ثابت له طبعًا، فهو ثابت له شرعًا؛ فإذا كانت الشريعة قد أجازت للمجنون جنونًا مُطبقًا أن يتزوج، فإن من كان في مرتبةٍ دون هذه المرتبة -كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة- يكون زواجه جائزًا من باب أولى، ولا حرج في ذلك، ما دام المعاق مَحُوطًا بالعنايةِ وَالرعايةِ اللازمتين.
الزواج عقدٌ من العقود، متى توفرت فيه أركانه وشرائطه صَحَّ وترتبت عليه آثارُه.
ومن شروط صِحَّة العقود: أهليةُ المتعاقدَين، فإذا اختَلَّت هذه الأهلية بعارِضِ الجنون أو العَتَه: لم يَصِح للمجنون -ونحوه- أن يُباشِر الزواجَ بنفسه، ولو فَعَله لم يَنعَقد العقد؛ وذلك لأن النكاح تَصَرّفٌ مُتَوقِّف على القصد الصحيح، وهو لا يوجد إلا مع العَقل.
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 232، ط. دار الكتب العلمية): [لا يَنعقد نكاح المجنون والصبي الذي لا يَعقل؛ لأن العقل من شرائط أهلية التصرف] اهـ.
وبسبب هذا الاختلال في الأهلية، فإن الشَّرعَ قد أثبت سلطة ولاية أمر المجنون للغير؛ لأجل تحقيق الحفظ والصيانة له، وبموجب هذه السُّلطة يقوم الوليُّ برعاية شؤون المُولى عليه المتعلقة بشخصه.
ومن التصرفات التي يجوز للولي إيقاعها: تزويج المجنون الذي تحت ولايته؛ لمصلحة إعفافه أو إيوائه وحفظه وصيانته.
قال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (7/ 94، ط. المكتب الإسلامي) : [إن كان المجنون كبيرًا لم يُزَوَّج لغير حاجة، ويُزَوَّج للحاجة، وذلك بأن تظهر رغبته فيهن؛ بدورانه حولهن، وتعلقه بهن، ونحو ذلك، أو بأن يحتاج إلى مَن يخدمه ويتعهده ولا يجد في محارِمه من يُحَصِّل هذا.. أو بأن يتوقع شفاؤه بالنكاح، وإذا جاز تزويجه تولاه الأب، ثم الجد، ثم السلطان، دون سائر العصبات، كولاية المال، وإن كان المجنون صغيرًا لم يصح تزويجه على الصحيح] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 635، ط. عالم الكتب): [أمَّا المجنونة: فلجميع الأولياء تزويجها إذا ظهر منها الميل للرجال؛ لأن لها حاجة إلى النكاح لدفع ضرر الشهوة عنها، وصيانتها من الفجور، وتحصيل المهر والنفقة والعفاف، وصيانة العرض، ولا سبيل إلى إذنها، فأبيح تزويجها، ويُعْرَفُ ميلُها إلى الرجال مِن كلامها، وتتبع الرجال، وميلها إليهم ونحوه من قرائن الأحوال، وكذا إن قال ثقة من أهل الطب -إن تعذر غيره، وإلَّا فاثنان-: إنَّ علتها تزول بتزويجها، فلكل وليٍّ تزويجها؛ لأن ذلك من أعظم مصالحها؛ كالمداواة، ولو لم يكن للمجنونةِ ذات الشهوة ونحوها وليٌّ إلا الحاكم زَوَّجَها] اهـ. بتصرف.
غنيٌّ عن البيانِ أن المقصودَ من هيمنة الأولياء والأوصياء والكُفلاء هو محض المصلحة للمُولَى عليه والمُـوصَى عليه والمكفول، لا أن يتحوَّلَ الأمرُ إلى تجارةٍ للرقيقِ الأبيض في صُورةِ استخدام هؤلاء المعاقين استخدامًا غير آدمي وغير أخلاقي.
والأصل أن القَيِّم والوالدَين أو أحدهما تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة، دائرة معها؛ فإن كان في مصلحته من الناحية النفسيَّة أو الصحيَّة أو حتى الماديَّة الزواج فلا يجوز له الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو القريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات الموثوقة والروابط التي تنتظم أمثالَ هؤلاء المعاقين ذهنيًّا، ويكون تأخير القائمين على هؤلاء في جلب مصلحة لهم -حيث توفرت مقدماتها- فيه تقصيرٌ وإثمٌ بقدر تحقُّقِ تخلُّفهم عن توصيل هذا الخير الذي يغلب على الظن حصوله للمعاقين.
أما بخصوص الإنجاب فيما بعد: فمرجعُ ذلك إلى الخبراء وأهل الاختصاص، وهم من يُعرَف من خلالهم درجة المصلحة والمفسدة فيما يترتب على الإنجاب أو عدمه أو تأخيره أو تحديده بحسب المصلحة لكل حالة على حِدَتها، وهؤلاء هم الذين يستطيعون الحكم على قدرة المعاق ذهنيًّا على رعاية الأولاد في المراحل العمرية المختلفة من عدمها، وهل فرص حدوث توريث للمرض الذهني والعقلي قائمة؟ وما نسبة ذلك؟ وهل هذا الإنجاب يؤثر سلبًا على حالة الأب أو الأم؟ وغيرها من النظرات الاختصاصية التي يترجح معها الإنجاب أو عدمه، ويكون ذلك تحت رعاية وعناية وليِّ المعاق، وقد يحتاج الأمر للقاضي عند اللزوم أو التنازع.
بناء على ما سبق فيمكننا أن نستفيد ما يلي:
1- الزواج حق من حقوق المعاق ذهنيًّا؛ لأنه إنسان مُرَكَّبٌ فيه الشهوةُ والعاطفةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، شأنه شأن بقية بني جنسه.
2- أجاز الشرع الشريف للمجنون جنونًا مُطبقًا أن يتزوج، فإن من كان في مرتبةٍ دون هذه المرتبة -كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة- يكون زواجه جائزًا من باب أولى، ولا حرج في ذلك ما دام المعاق مَحُوطًا بِالعنايةِ والرعاية اللازمتين.
3- لا يجوز للمُعاقِ إعاقة ذهنية أن يُباشِر عقد الزواجَ بنفسه، ولو فَعَله لم يَنعَقد العقد؛ وذلك لأن النكاح تَصَرّفٌ مُتَوقِّف على القصد الصحيح، وهو لا يوجد إلا مع العَقل، لذلك فإن وليَّ أمرِ المعاق هو مَن يزوِّجُه.
4- إنجابُ المعاقين بعد الزواج أمرٌ يُرجَع فيه إلى أهل الاختصاص لتحديد ما يترتب على الإنجاب أو عدمه أو تأخيره أو تحديده من مصالح ومفاسد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
تقوم بعض المؤسسات بعمل دورات تأهيلية لتوعية الشباب والفتيات المقبلين على الزواج؛ فنرجو منكم بيان أهمية هذا الأمر شرعًا.
ما حكم الشرع في إثبات واقعة السب والقذف من زوج لزوجته أو العكس؟ وهل تصلح شهادة النساء في إثبات السب والقذف؟ وما هو نصاب الشهادة لإثبات هذه الواقعة؟ وما هي شروط أداء الشهادة؟ وهل تصلح شهادة ثلاث نساء مجتمعات، والشاهدة الثانية والثالثة لم يشهدا غير بقول: "كما قالت الشاهدة الأولى"؟ وهل تصلح الشهادة بدون حلف اليمين؟ وإذا لم تصلح شهادة هؤلاء النسوة ولم يوجد غيرهن يشهد بنفس الشهادة فما حكم الدين فيهن؟
ما حكم زواج الشاب ممن يرغب فيها دون رغبة والده؟ حيث يرغب السائل في الزواج من فتاة رأى فيها الأخلاق الحميدة والتمسك بمبادئ الدين الحنيف إلا أن والده يعترض اعتراضًا شديدًا على هذه الزيجة دون سبب معقول أو مبرر شرعي. ويطلب السائل رأي الشرع في ذلك، وهل إذا خالف والده وتزوجها يكون عاقًّا لوالديه؟
سائل يقول: رجلٌ وكَّل صديقًا له في دولة أخرى ليعقد قرانه على امرأة بعينها، فعقد قرانه على امرأة خلافها. فهل هذا العقد صحيح؟
ما حكم زواج الرجل بابنة مطلقته ؟ فالرجل طلق امرأته منذ عشرين سنة، ثم تزوجت هذه المطلقة بآخر، وأنجبت منه بنتًا، ويرغب زوجها الأول -مطلقها- أن يتزوج بنتها من زوجها الثاني.
وطلب السائل بيان هل يحل هذا الزواج شرعًا؟