ما حكم قيام الصيدلي بعمل خصم على سعر الأدوية بقصد الترويج؟ حيث يقوم بعض الصيادلة ببيع الأدوية بخصمٍ مُعَيَّنٍ أقلَّ مِمَّا هو مكتوبٌ ومُسَعَّرٌ جَبْرِيًّا مِن قِبَلِ وزارة الصحة؛ وذلك حتى يُرَوِّجَ لصيدليته الخاصة، وذلك على حساب زملائه الصيادلة، فهذا الصيدلي يَنْفَعُ المريضَ بِبَيْعِ الدواء بأقل مِن سعره الأصلي لكنه قد يَضُرُّ زملاءه الصيادلة الملتزمين بالتسعير الجبري والربح الجبري. فما الحكم الشرعي في ذلك؟
ما يقوم به بعض الصيادلة بِعَمَلِ خصوماتٍ على الأدوية هو أمرٌ جائز شرعًا، وفاعِلُها مُثابٌ على فِعلِهِ شرعًا، داخِلٌ في رحمة الله تعالى بتيسيره على المرضى؛ وذلك بشرط ألَّا يخالف تعليمات الجهات المختصة، ولا يضرّ بسوق الدواء، ولا يدخل في حد الإغراق الممنوع، فإذا أدَّى ذلك إلى الضرر رُفع الأمر إلى الجهات المختصة المسؤولة عن هذا الأمر لكي يُنَظِّمُوهُ بِمَا يُحَقِّقُ التوازن.
هناك فرقٌ بين تقليل الربح في البيع والتجارة من أجل المنافسة، أو حتى التيسير على الناس، وهو أمر محرّك لعجلة الإنتاج ويستفيد منه الجمهور، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَأَحَلَّ ٱللهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْ﴾ [البقرة: 275]، وبيَّن ما يُسَمَّى في الاقتصاد بـالإغراق (Dumping)، وهو مصطلح اقتصادي يقصد به بيع السلعة بثمن بخسٍ وكميات كبيرة لإخراج المنافسين والاستيلاء على السوق، وهذا الأخير مُضِرٌّ بالسوق في كثيرٍ مِن صُوَرِهِ وأشكاله، ومُخِلٌّ بقانون العَرْضِ والطَّلَبِ، ومُضْعِفٌ للاقتصاد الوطني، بما يُؤَثِّرُ على أمن الدول واستقرارها، كما يؤثر على العمالة الوطنية؛ ولذلك كان الإغراقُ مُجَرَّمًا على المستوى الدولي، وقد تَفَطَّنَ المسلمون لذلك قديمًا: فروى الإمام مالك في "الموطأ" أنَّ عمر بن الخطابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بنِ أبي بَلْتَعَةَ رضي الله عنهما وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "إِمَّا أَنْ تَزِيدَ في السِّعْرِ وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا".
وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى" مِن طريق الإمام الشافعي عن عمر رضي الله عنه "أنّه مَرَّ بِحَاطِبٍ بِسُوقِ الْمُصَلَّى، وَبَيْنَ يَدَيْهِ غَرَارَتَانِ فِيهِمَا زَبِيبٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِعْرِهِمَا، فَسَعَّرَ لَهُ مُدَّيْنِ لِكُلِّ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَدْ حُدِّثْتُ بِعِيرٍ مُقْبِلَةٍ مِنَ الطَّائِفِ تَحْمِلُ زَبِيبًا، وَهُمْ يَعْتَبِرُونَ بِسِعْرِكَ، فَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تُدْخِلَ زَبِيبَكَ الْبَيْتَ فَتَبِيعَهُ كَيْفَ شِئْتَ. فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ حَاسَبَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَتَى حَاطِبًا فِي دَارِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَيْسَ بِعَزْمَةٍ مِنِّي، وَلَا قَضَاءٍ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَرَدْتُ بِهِ الْخَيْرَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ، فَحَيْثُ شِئْتَ فَبِعْ، وَكَيْفَ شِئْتَ فَبِعْ".
فلَم يأذن عمر رضي الله عنه بِبَيْعِ حاطبٍ بسعرٍ أقلَّ مِن السعر المُتَدَاول به في السوق إلَّا بَعْدَ أن تَبَيَّنَ له بَعْدَ النَّظَرِ أنَّ ذلك لا يَضُرُّ بمَصلَحَةِ التُّجَّارِ، وإلَّا لَم يُخَيِّرْه.
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (6/ 413، ط. دار الكتب العلمية): [قال الليث: وقال ربيعة: السُّوقُ موضع عصمة ومنفعة للمسلمين؛ فلا ينبغي للوالي أن يتركَ أهل الأسواق وما أرادوه مِن أنفسهم إذا كان في ذلك فسادٌ لغيرهم، ولو كان في ذلك إخراجهم مِن السُّوق وإدخال غيرهم فيه] اهـ.
أما مُجَرَّدُ إرخاص السلع وتقليل الربح فيها تيسيرًا على الناس في شرائها أو جَذْبًا للمشترين وتنافُسًا في استقطاب الجمهور فهو أمرٌ محمودٌ شرعًا وعُرفًا، والضابط فيما بين ذلك وبين الإغراق الممنوع هو الإضرار بالسوق، وقد حَدَّدَت القراراتُ واللوائحُ الاقتصاديةُ صُوَرَ الإغراق المـُجَرَّم.
والشرعُ وإنْ كان وَسَّعَ التنافُسَ في التجارة وإثراء الاقتصاد بتقليل الربح والتيسير على الناس إلَّا أنَّ ذلك مَشرُوطٌ بعدم الضرر العامِّ؛ ولذلك جُعِلَ للحاكم تقييدُ المباح بما يراه محققًا للمصلحة العامة، وهذه اللوائح ما هي إلَّا ترجمةٌ للتجارب الاقتصادية في حياة الأفراد والمجتمعات، وأما الضَّررُ الظَّنِّيُّ المُدَّعَى غيرُ متحقّق الوقوع والذي لا يتساوى فيه أفراد التُّجَّار ولا يضرّ بالسوق العام الذي يؤثر في الاقتصاد الوطني فإنه لا يترتب عليه تحريمٌ، ولا يجب على الحاكم المَنْعُ منه؛ إذْ إنَّ الضررَ المتحققَ الوقوعِ يُحَدِّدُهُ الخبراءُ الاقتصاديون دُونَ غيرهم، وهو الذي حَدَّدَتْهُ اللوائح والقوانين التي أشرنا إليها.
والغرض مِن تسعير الأدوية الذي قامت به وزارة الصحة وألزمت به التجار هو عدم زيادة سعر الدواء على المريض وضمان سلامة الدواء، فإذا كان الدواء صحيحًا مطابقًا للمواصفات القياسية الموضوعة للأدوية؛ مِن سَرَيَان صلاحيتها، وعدم فسادها بتعرضها للأجواء غير المناسبة لها أو تخزينها بطرقٍ غير صحيحة، وعدم الغش فيها: فإن إنقاص سعره بمجرده لا يترتب عليه حكمٌ شرعيٌّ بالحُرمة؛ بل إن صاحبه يُثاب على نيته وقصده إذا قصد بذلك التخفيف على المحتاجين والمرضى والتيسير على الناس، ومِثل هذا التصرف قد دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصاحبه بالرحمة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والبخاري في "الصحيح" مِن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، واللفظ له.
إلَّا أنْ يَتَّخِذَ هذا الإنقاصُ شَكْلًا مِن الأشكال الممنوعة التي تَضُرُّ بالاقتصاد أو بقطاع الصيادلة.
وبِناءً على ما سَبَقَ: فإنَّ قيامَ بعض الصيادلة بِعَمَلِ خصوماتٍ على ما يبيعونه مِن أدويةٍ هو أمرٌ لا حرج فيه شرعًا، بل هو مِن الممارَسات الاقتصادية التي تُسْهِمُ في تحريك عَجَلَةِ الإنتاج، وتُيَسِّرُ على كثيرٍ مِن الناس أمورَ معيشتهم وعلاجهم، وفاعِلُها مُثابٌ على فِعلِهِ شرعًا، داخِلٌ في رحمة الله تعالى بتيسيره على المُشتَرِين؛ وذلك بشرط ألَّا يخالف تعليمات الجهات المختصة، ولا يضرّ بسوق الدواء، ولا يدخل في حد الإغراق الممنوع، فإذا أدَّى ذلك إلى الضرر كان للقائمين على قطاع الأدوية أنْ يُنَظِّمُوهُ بِمَا يُحَقِّقُ التوازن ويُقَلِّلُ الخسائر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم القيام بعملية تجميل في الأنف؟ وذلك لكبر حجمها بما يتسبب في حرج معنوي اجتماعي. وهل هذا من تبديل خلق الله؟
ما حكم استخدام الإنسان كأداة لإجراء التجارب على بعض العقاقير التي يروجها غير المتخصصين؟ فقد انتشرت مؤخرًا لدينا ظاهرة استخدام البشر كأدوات للتجارب لبعض العقاقير التي يعلن مروِّجوها أنها ذات خصائص تعالج الأمراض الخبيثة مثل السرطان والإيدز في جوٍّ من السرية والكتمان ودون أي إشراف من أي جهة مع ملاحظة:
1- لا يعلم أحد مصدر أو تركيبات أو مكونات هذه العقاقير فيما عدا أنها أعشاب.
2- لا يعلن مستخدموها عن نتائجها علميًّا، وليسوا من أهل الاختصاص في الطب أو الصيدلة.
فما رأي الشرع فيمن يقومون بإجراء التجارب في البشر كعينات تجارب؟ وكذا فيمن تُجْرى فيهم هذه التجارب كعينات تجارب؟
ما حكم تناول الأدوية التي يدخل في تركيبها مادة الجيلاتين؟ فنحن شركة تعمل في مجال الأدوية والمستحضرات الطبية تنتج أدوية مغلفة بكبسولات مصنوعة من مادة الجيلاتين، وهذه المادة تصنع من بعض أجزاء الحيوانات؛ كالدهون والغضاريف والعظام وغيرها، وقد يكون الخنزير من ضمن تلك الحيوانات، فما حكم تناول هذه الأدوية شرعًا؟
ما حكم التداوي بمستخلص من دم الخنزير؛ حيث توجد شركة أدوية متخصصة تنتج دواءً مُسْتَخْلَصًا من دم الخنزير، ويستعمل لعلاج مرض سيولة الدم -نزيف الدم-، والدواء الـمُسْتَخْلَصُ من دم الإنسان في كثير من الأحيان يسبّب مضاعفات للمريض، ولا يوجد له بديل مستخلص من حيوان طاهر حتى الآن.
فهل يجوز تصنيع هذا الدواء الـمُسْتَخْلَص من دم الخنزير؟
ما حكم تشريح الحيوانات بغرض الدراسة العلمية؟ ففي بعض الجامعات والمدارس يتم تشريح الحيوانات الحية بغرض الدراسة العملية مما يعرضها لمعاناة، وقد يودي بحياة بعضها في النهاية، مع العلم أنه قد وُجد الآن بدائل تؤدي نفس الغرض وقد ثبتت فاعليتها عمليًّا: كنماذج المحاكاة، أو برامج الحاسب الآلي المتطورة، أو الأفلام التعليمية، أو حتى الحيوانات الميتة، أو عن طريق الممارسة الواقعية مع المرضى من البشر أو الحيوانات، وغير ذلك من البدائل. فما الحكم الشرعي في ذلك في ضوء ما ذكرناه؟
ما حكم الشرع في نقل الأعضاء البشرية، والتبرع بها؟